تقارير
ارتفاع أسعار البصل يثير جدلا.. غياب الحلول الحكومية أم جشع المزارعين؟
شهدت أسعار البصل في اليمن ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد في مناطق الحكومة، المعترف بها دوليا، إلى 2000 ريال يمني، وهو ما يعادل حوالي 1.25 دولار أمريكي مقارنة بـ500 ريال يمني فقط في نوفمبر الماضي.
أثارت أزمة البصل جدلا بين المزارعين والمستهلكين، فبينما يتهم مواطنون مزارعي البصل بالجشع، يقول المزارعون إن عوامل عدة لا علاقة لها بهم، من بينها الطقس البارد، وغياب التشجيع الحكومي، والطلب العالمي المتزايد على البصل، هي الأسباب وراء الأزمة.
وفي الثقافة الغذائية اليمنية، يعد البصل أحد أهم مكونات الأطباق اليمنية على اختلافها، وهو ما يجعله ذات قيمة مضاعفة بالنسبة لهم.
وكخطوة علاجية لم تظهر آثارها حتى الآن، أصدر وزير الزراعة اليمني، اللواء سالم عبدالله السقطري، قبل أيام، قراراً بمنع تصدير البصل اليمني إلى الخارج، وذلك للحد من ارتفاع أسعاره في الأسواق المحلية.
- القرار الحكومي
في تصريح لموقع "بلقيس"، قال مدير عام الإدارة العامة للتسويق والتجارة الزراعية في وزارة الزراعة، المهندس محمد ثابت النشيلي: "القرار يأتي بعد متابعة الإدارة للأسعار اليومية للخضار والفواكه في الأسواق المحررة، حيث تبين وجود قلة في كميات البصل في الأسواق المحلية، وارتفاع سعر الكيلو بشكل غير مسبوق".
وأضاف النشيلي: "القرار يشمل كافة المصدِّرين، سواء كان إنتاجهم موجوداً في المنافذ أو في مخازنهم، على أن يتم تصديره خلال أسبوع".
وأوضح: "القرار يأتي أيضاً بهدف وضع آليات صحيحة للتصدير، تراعي احتياجات السوق المحلية، وتضمن تحقيق المصلحة العامة للمزارعين والمستهلكين".
وأشار النشيلي إلى أن "الإدارة بدأت ببعض الإجراءات، منها معرفة كمية إنتاج الفدان من البصل والعائد منه، ومعرفة المساحة الزراعية لكل محافظة من البصل".
ولفت إلى أن "الإدارة ستدعو المصدرين وممثلين عن المزارعين إلى عقد لقاء يناقش مشكلة البصل وتصديره، وآلية تنظيم التصدير، وحل مشكلة عدم توفره في السوق المحلية".
وذكر المسؤول الحكومي أن "الإدارة تدرس إنشاء مؤسسات تسويقية، ومركز إعداد الصادرات للمنتجات الزراعية، بهدف تنظيم عملية التسويق والتصدير، وتحقيق مزيد من الاستفادة من المنتجات الزراعية اليمنية".
من جانبه، قال وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية لقطاع الري المهندس، أحمد ناصر الزامكي، لموقع "بلقيس": "سبب ارتفاع أسعار البصل في الأسواق جاء نتيجة ارتفاع الطلب على البصل عالمياً ومحلياً بعد انتشار جائحة كورونا، لما يمثله البصل من أهمية في علاج فيروسات الإنفلونزا، وكذا نقص الصادرات من الدول المنتجة للبصل مثل الهند وتركيا، ورغبة المزارعين في الحصول على أسعار أفضل من البيع محلياً، وخاصة مع تدهور العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية".
وأوضح الزامكي أن "الوزارة اتخذت قراراً بمنع تصدير البصل لمدة أسبوع، وذلك بهدف استقرار الأسعار في الأسواق المحلية، وضمان توفير البصل للمستهلكين بأسعار مناسبة".
وأضاف: "القرار يأتي في إطار حرص الوزارة على تحقيق المصلحة العامة للمزارعين والمستهلكين، وبما يضمن الاكتفاء الذاتي من محصول البصل".
وتابع: "الوزارة ستتابع تنفيذ القرار، وتقييم آثاره، لاتخاذ الإجراءات اللازمة حسب النتائج بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في وزارة الصناعة والتجارة والسلطات المحلية بالمحافظات والقطاع الخاص والشركات والمؤسسات المصدرة".
- ماذا يقول المزارعون؟
حسين الفقهي، وهو مالك مزرعة بصل في محافظة شبوة، قال لموقع "بلقيس": "ارتفاع أسعار البصل في اليمن جاء نتيجة نقص الإنتاج في مصر، بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، بسبب ارتفاع الطلب".
وأضاف الفقهي: "ارتفاع أسعار العملة الأجنبية في اليمن جعل المزارعين يفضلون التصدير إلى الخارج، كما أن عدم وجود قيود على تصدير البصل من اليمن أدى إلى زيادة العرض في الأسواق العالمية وانخفاض الأسعار في اليمن، وجودة البصل اليمني العالية أدت إلى زيادة الطلب عليه في الأسواق العالمية".
وأكد المزارع اليمني أن "اليمن صدر كميات كبيرة من البصل إلى عدة دول في الفترة الأخيرة، منها جيبوتي وعُمان، مما أدى إلى زيادة ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية".
وأشار الفقهي إلى أن "اليمن لم يستورد أي بصل من الخارج في الفترة الأخيرة، مما زاد من ارتفاع الأسعار أيضا".
وأوضح الفقهي أن "نقص الإنتاج في فصل الشتاء الماضي بسبب شح المياه أدى إلى انخفاض الإنتاج في هذا الموسم".
وطالب الحكومة اليمنية باتخاذ إجراءات لخفض أسعار البصل، مثل فرض قيود على تصدير البصل أو دعم المزارعين.
من جهته، يطالب يوسف بن مفلح، وهو مزارع بصل في محافظة حضرموت، الحكومة بدعم زراعتهم؛ نظرا لارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات، وفواتير الكهرباء، ونقص المياه.
وأضاف بن مفلح في حديثه لموقع "بلقيس": "إن مزارعي البصل تمكنوا من تعويض خسائرهم في السنوات الماضية؛ بسبب ارتفاع أسعار البصل في الأسواق المحلية والعالمية، بعد توقف الصادرات من الهند ومصر".
وانتقد بن مفلح قرار الحكومة بمنع تصدير البصل، وقال إنه "جاء بشكل مفاجئ، ودون أي دعم للمزارعين".
وطالب الحكومة بإعادة النظر في قرارها، ودعم مزارعي البصل، من خلال توفير الأسمدة والمبيدات، وتخفيض فواتير الكهرباء، ودعم الطاقة الشمسية.