تقارير
الحوثيون على نهج داعش.. منع الغناء وتكفير المجتمع
ترسيخ للتطرّف وإنهاء لجميع مظاهر الحياة في البلاد، هكذا تصعّد مليشيا الحوثي انتهاكاتها ضد اليمنيين.
فالاحتفالات والتجمّعات الفنية أصبحت شيئاً محرماً بحسب توصيات زعيم المليشيا، ليأتي قرار الحوثيين بمنع الفنانين من المشاركة في الأعراس والغناء صادماً ومثيراً للاستياء والغضب الشعبي.
مراقبون اعتبروا أن استمرار مليشيا الحوثي في ممارسة هذه السلوكيات يُثبت الطبيعة المتطرّفة للجماعة على العكس مما تظهره، مشيرين إلى أنها لا تختلف عن سلوك المنظمات الإرهابية 'وداعش'.
تراث ثقافي
وعن اقتحام الحوثيين أماكن الأعراس، ومنعهم الأغاني، يقول الكاتب والباحث الحارث الثور: "إن الحوثيين لديهم تراث ثقافي وفكري يستمدونه منذ ألف سنة، ويريدون أن يُطبق على الناس ألف سنة مستقبلاً كذلك".
وأضاف الثور، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس: "إن الحوثيين يعملون على اختراق المجتمع على كافة الأصعدة، التي من بينها زواملهم التي يعملون على تعميمها، وجعلها ثقافة مجتمعية في كل مكان، وليس في جبهاتهم فقط".
وأوضح الثور أن "أسلوب القمع يأتي ضمن أساليب الاختراق التي يمارسها الحوثيون ضد المجتمع، كونهم يشعرون بأن هناك مقاومة ثقافية مجتمعية للثقافة التي يتبنونها".
ويشير الثور إلى أن الحوثيين "ينتقدون الشرعية المحلية، كما أن ترسيخهم للشرعية المجتمعية سيجعل شرعيتهم أقوى مما هي عليه".
ويلفت إلى أن "ثقافة الحوثي تعاني من رفض مجتمعي، ولذلك يحاول أن يفرضها على الناس بالقوّة، كما يعمل على تجنيد الأطفال حتى ينشأ جيل جديد يحمل هذه الثقافة".
وينوّه الثور أن "الفن في اليمن جزء من الثقافة اليمنية منذ القدم، كونه يدخل في الأعراس وفي حفلات التخرج الطلابية، وكذلك في المجالس".
تيار دِيني
من جهته، رئيس اتحاد الأُدباء والكُتاب اليمنيين، نبيل الحكيمي، يقول: "إن ما يجري من قِبل الحوثيين يعد خروجاً عن المألوف، كما أنه اجتراح على ثقافة شعب تجذّرت فيه الأغنية منذ ألفين عام".
ويضيف الحكيمي أن "الأغنية دخلت في النسيج الاجتماعي اليمني قديماً، كما أنها كانت رفيقة الإنسان وسلوته في كل أفراحه".
ويفيد الحكيمي أن "الأغنية جاءت لتلبِّي حاجة الإنسان في كل مكان في العالم، وليس في اليمن فقط، كما أنها كانت تعكس حديث الإنسان عن لواعجه ومشاكله وأفراحه، ولكن بصوت مُلحّن".
ويتوقّع نبيل رفع هذا القرار الحوثي بحظر الأغاني في أماكن الأعراس قريباً، "كونه يمثل تدخلاً في حياة الناس الخاصة".
وعن خلفية وأسباب منع الحوثيين الأغاني، يوضّح الحكيمي أن "الحوثي لديه تيار دِيني يتم من خلاله التأصيل لهذه الأفكار التي يريدون فرضها على الناس".
ويشير الحكيمي إلى أن "الحوثي يحرص على تعميم الزامل ورقصة البرع دون غيره من الرقص، كون ذلك يعمل على إثارة الناس نحو الحرب والقتال فحسب"، على حد قوله.
بدوره، يرى الباحث والناشط محمد المقبلي أن انزعاج الحوثيين من أفراح اليمنيين ومناسباتهم يمثل جوهرا مُهما من جوهر الصراع الجمهوري الإمامي اليمني الهاشمي، بالإضافة إلى كون الأغنية تحمل شيئاً من فلسفة الشخصية اليمنية.
ويضيف أن "الأغنية تدعو إلى الحياة والفرح والإحساس بالجمال"، مشيرا إلى أن "الأغنية أصبحت الحامل الوجداني للشخصية اليمنية، وبالتالي تسعى الإمامة إلى طمسها".
ويفيد المقبلي أن "الإمامة عبر التاريخ، بنسخها المتعددة، تكرِّس ثقافة الموت والدّعوة إليه، وتعارض وترفض كل ما يدعو إلى الثلاثية التي سارت عليها كل الحضارات الإنسانية (الخير والحب والجمال)".
ويرى أن "هدف الإمامة، بنسخها المتعددة، من وراء ذلك هو إحلال ثقافي، وطمس الأغنية، واستبدالها بأهازيج الموت، واستبدال الفن والمعزوفات بكل ما يمجد آل البيت، ويدعو إلى الموت".