تقارير

الخيام بدل الفصول.. أطفال اليمن يدفعون فاتورة الحرب الثقيلة من مستقبلهم

13/11/2025, 12:14:00
المصدر : فرانس برس

في خيمة تغطيها أقمشة مهترئة في فناء مدرسة حكومية في لحج قرب عدن، تشرح المدرّسة اليمنية سعاد صالح قواعد اللغة العربية لأكثر من 100 تلميذ اكتظ بهم المكان الضيق الخانق، غالبيتهم دون زيّ أو كُتب مدرسية.

ورغم الظروف القاسية، يُعد هؤلاء التلاميذ في هذه المدينة الجنوبية محظوظين مقارنة بحوالى 4,5 ملايين تلميذ، أي ربع عدد الأطفال في سن التعليم في اليمن، حرمتهم الحرب المستمرة في اليمن منذ أكثر من عشر سنوات من الذهاب إلى مدارسهم، بحسب منظمة اليونيسف.

ويواجه قطاع التعليم في اليمن البالغ عدد سكانه 40 مليون نسمة، عقبات عدة، من غياب المدرّسين الذين خاضوا في أيلول/سبتمبر 2024 إضرابا استمر تسعة أشهر بسبب تدنّي الرواتب وعدم استلامها، إلى تدمير قرابة ثلاثة آلاف مدرسة بشكل كلّي أو جزئي، بحسب أرقام اليونيسف في 2022، وصولا إلى غياب الكُتب المدرسية.

تعمل المدرّسة المنتقبة سعاد صالح (30 عاما) متطوعة في مدرسة “الرباط الغربي”، كغالبية المدرّسات، بعدما هجرها المدرّسون النظاميون بحثا عن فرصة عمل توفر دخلا منتظما.

وقالت صالح لوكالة فرانس برس “نعمل براتب ضئيل جدا، 50 ألف ريال يمني أي حوالى 30 دولارا. ماذا يفعل لنا في هذه الظروف؟”.

يدرس أكثر من 1300 تلميذ، معظمهم نازحون من خارج عدن، في هذه المدرسة التي تضم مبنى صغيرا متهالكا وثماني كرافانات تُستخدم كفصول حول ساحة ترابية يعلوها الغبار.

وأضافت صالح “الصف يتجاوز 105 أو 110 تلاميذ… في هذه الكثافة لن يعرف معظمهم أن يكتبوا أو يقرأوا. أحتاج إلى 10 دقائق لإسكاتهم”.

في كرافان معدني ملاصق، كان أكثر من 80 تلميذا يفترشون الأرض، بعضهم بلا أحذية، ومعظمهم يحملون حقائب تبرّعت بها جهات خيرية، ويتقاسمون الكتب.

ويدفع أولياء أمور هؤلاء التلاميذ ألفي ريال يمني شهريا (1,25 دولار) لتأمين رواتب المدرّسين المتطوعين.

وأدّت الحرب في اليمن إلى مقتل الآلاف منذ العام 2015، وأغرقت أفقر دول شبه الجزيرة العربية في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية خطورة في العالم. وقسّمت البلاد إلى مناطق خاضعة للمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران وأخرى للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

ويعيش اليمن في ظل هدنة بدأت في نيسان/أبريل 2022 وصمدت إلى حدّ كبير رغم انتهاء مدّتها في تشرين الأول/أكتوبر من العام ذاته.

ويعتمد التلاميذ، ومعظمهم يعانون بوضوح سوء التغذية، على عبوات بسكويت توفرها الأمم المتحدة صباحا لسدّ جوعهم.

واشتكى وكيل المدرسة محمد المردحي من افتقاد المؤسسة لأبسط “الأساسيات”.

وأفاد الرجل النحيل الذي يرتدي المعوز اليمني التقليدي، وهو قماش مزخرف يلف حول الخصر، “أبرز المشاكل عدم وجود الفصول الدراسية الملائمة، والكهرباء تكاد تكون معدومة، وعدم توفر المياه” كما أشار إلى “غياب المدرسين المدّربين”.

وتعتمد الكثير من المدارس اليمنية على مدرّسات متطوعات يحصلن على أجورهن من أولياء أمور التلاميذ وسط عجز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن دفع رواتب المدرّسين البالغة نحو 100 ألف ريال يمني (60 دولارا) منذ ثلاثة أشهر على الأقل.

وقال المردحي “هناك معلّمات متطوعات قليلات الخبرة والدورات يحتجن إلى تأهيل وتدريب”.

– مدارس “سعودية” –

بعد عشر سنوات من تشكيلها تحالفا لإسقاط الحوثيين وإعادة تثبيت الحكومة بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014، أطلقت الرياض “البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن” الذي يموّل مشاريع بمئات الملايين من الدولارات، بينما تدفع من أجل السلام في هذا البلد الفقير.

ومن ضمنها، عشرات المشاريع في قطاع التعليم شملت تأهيل مدرّسات للالتحاق بالعملية التعليمية وإعادة تأهيل وبناء 31 مدرسة من بينها مدرسة “الحرم الجامعي” في عدن التي شيدها البرنامج السعودي في العام 2023 والتي تضم 14 فصلا دراسيا وتعمل على فترتين صباحية ومسائية.

ويضم كل فصل مقاعد دراسية معدنية ملائمة ولوحا حديثا ومروحة وتقلّ فيه كثافة التلاميذ حيث يصل عددهم إلى 40.

وتخدم المدرسة، وهي الوحيدة في المنطقة، أبناء آلاف الأسر النازحة، وفق ما أفادت مديرتها فتحية العفيفي.

وقالت العفيفي من داخل مكتبها المؤثث جيدا “المدرسة التي موّلها البرنامج السعودي مكّنت (…) من استقبال عدد كثير من الطلاب من أماكن بعيدة وخففت الكثافة في مدارس أخرى”.

وتابعت “طلاب المنطقة كانوا يضطرون للذهاب إلى مدارس بعيدة ما كان يسبب عناء للطلاب وأولياء الامور”.

وتعاني المدارس في المناطق الخاضعة للحوثيين مشاكلات مماثلة، إذ لا يتقاضى المعلمون أجورهم، وتفتقر المدارس إلى الخدمات الأساسية.

– “التعليم محرك التنمية” –

واحتفى البرنامج السعودي نهاية تشرين الأول/أكتوبر بتخريج 150 فتاة مؤهلة للتدريس في المناطق الريفية في أربع محافظات يمنية.

وقال مدير مكتب البرنامج السعودي في عدن أحمد المداخلي في كلمته خلال المناسبة، إن السعودية ترى “التعليم محركا أساسيا” لتنمية المجتمع اليمني.

وأشار المحلل عمر كريم، الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام الإنكليزية، إلى تغيير في أسلوب المساعدات السعودية لجارتها الجنوبية التي تمزقها الحرب والفقر.

وأضاف لوكالة فرانس برس “هذا لم يكن الحال تقليديا، إذ كانت المساعدات تُخصص في المقام الأول لزعماء القبائل لكسب النفوذ السياسي، أو لمسؤولين حكوميين لأسباب مماثلة، أو للمساعدة في شراء الأسلحة. أما الآن، فمن الواضح أنها تركز على تحسين مؤشر التنمية البشرية” في اليمن.

وتابع “من المؤكد أن التركيز على التعليم مهم لأنه يمكن أن يحسّن مؤشر التنمية البشرية ويمكن أن يساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد اليمني، لكنه يساعد أيضا في إبعاد الشباب عن الحوثيين”.

وبالإضافة إلى المساعدات في قطاع التعليم، أعلن السعوديون توفير قرابة 12 مليار دولار منذ 2018 في شكل دعم نقدي للمصرف المركزي اليمني وعشرات المشاريع في قطاعات النقل والزراعة والصحة.

وحذّرت عفيفي من أثار “كارثية” لأزمة التعليم في اليمن، قائلة “التوقف عن الدراسة له اثر سلبي… جيل كامل لا يقرأ ولا يكتب. هذه كارثة. العالم يتقدّم للأمام ونحن نعود للخلف”.

تقارير

محاكمات الحوثيين.. القضاء كسلاح لتصفية الخصوم وتبرير الجريمة

بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، التابعة لمليشيا الحوثي، محاكمة 21 مدنيًا بتهم التخابر مع ما تصفه المليشيا بـ"دول العدوان"، في جلسات متتابعة وسريعة لم تتجاوز الفاصل الزمني المعتاد بين الجلسات القضائية.

تقارير

محاكمات بلا عدالة.. كيف تحوّل القضاء في صنعاء إلى وسيلة لغسل جرائم المليشيا وتبرير القتل؟

بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء التابعة لميليشيا الحوثي محاكمة 21 مدنيا، بتهم التخابر مع ما تصفه الميليشيا بدول العدوان في جلسات متتابعة وسريعة، لم تتجاوز الفاصل الزمني المعتاد بين الجلسات القضائية.

تقارير

هل تفتح تحركات المبعوث الأممي الأخيرة الطريق لعودة مسار السلام في اليمن؟

شدّد وزير الخارجية شائع الزنداني، خلال لقائه في الرياض، المبعوث الأممي إلى اليمن هانز جروندبرج، على ضرورة ممارسة المجتمع الدولي الضغط على ميليشيا الحوثي لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة اليمنية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.