تقارير

الغضب الشعبي يربك الحوثيين.. هل ينجح الشعب في تحقيق ما عجزت عنه الشرعية؟

02/10/2023, 08:32:17

رغم حالة السعار لدى مليشيا الحوثي تجاه المواطنين في مناطق سيطرتها عقب خروج الآلاف من المواطنين للاحتفاء بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، إلا أنها تعيش حالة من القلق والرعب، حيث تشهد العاصمة صنعاء حالة طوارئ حوثية غير مُعلنة، تُنتهك فيها حرية وكرامة الإنسان بمبرر أنهم طابور خامس، وأدوات العدوان.

ومنذ نحو أسبوع، تواصل مليشيا الحوثي اختطاف المئات من اليمنيين، الذين خرجوا للاحتفاء بالذكرى الـ61 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر في مناطق سيطرتها، لا سيما في العاصمة صنعاء.

هذا التطور الخطير دعا نقابات وهيئات، من ضمنها نادي النقابات المهنية، إلى إصدار بيانات تؤكد وقوفها إلى جانب الشباب المحتجين، واستنكارها للاعتداءات التي تعرَّضوا لها من قِبل مليشيا الحوثي.

- مشروع إمامي

يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان: "إن الأهداف الإستراتيجية الحوثية هي عبارة عن ثورة مضادة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وعملية استعادة السلطة بتفويض إلهي، ولهذا تم اختيار يوم 21 سبتمبر للانقلاب على الدولة؛ ليتوافق مع شهر الثورة، التي أنهت الحكم الإمامي، كما تم الدخول إلى صنعاء في 2014م من همدان، وهي المنطقة التي هرب منها البدر".

وأوضح: "هذه العمليات لها أبعاد رسمية ورمزية تدخل في إستراتيجية مليشيا الحوثي لخلق تداخل في التواريخ الوطنية، والأحداث ذات العلاقة الرمزية بالمليشيا".

وأضاف: "مشروع مليشيا الحوثي كثورة مضادة لثورة 26 سبتمبر بدأ بتغيير المناهج المدرسية، تغيير الذاكرة الوطنية، ومحاولة إنهاء ما يسمى بمفهوم المواطنة والإرادة العامة، التي هي أهم عنصر في النظام الجمهوري، الذي يعني أن الشعب هو صاحب الإرادة العامة، وأن الشعب هو من يفوِّض الحاكم لفترة محددة، وله الحق في محاسبة الحاكم".

 وتابع: "نحن اليوم نتحدث عن تفويض إلهي، بمعنى أن الذي مفوض بإرادة وحكم الشعب هو زعيم المليشيا عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي تحاول هذه المليشيا أن تجعله سيدا، وصاحب التفويض الإلهي".

وأردف: "هذا المشروع الحوثي تزامن مع تشكيل جماعات عقائدية، ومناهج مدرسية، وعمليات قمع وترويع، وإنهاء الرموز الوطنية من حيث الشوارع والمسميات، واستخدام الاحتفال بالمولد النبوي ذي البُعد الديني كمدخل له بُعد مرتبط بانتماء السلالة الوهمي إلى الرسول".

 وزاد: "مشروع المليشيا هو استعادة دولة في الجغرافية الشمالية، يقوم نظامها على النموذج الإيراني، أو حتى النموذج الإمامي السابق، الذي كان قبل ثورة 26 سبتمبر".

 وقال: "مليشيا الحوثي بعد تسع سنوات من القمع والقتل والترويع والسيطرة والتجويع وعدم دفع المرتبات، والتنكيل بالقبائل، وفي المقابل هناك تحالف قد أنهك السلطة الشرعية وخلق انقلابا آخر، وهناك مدن محاصرة، كانت تعتقد أنها قد تمكنت".

وأضاف: "الكثير من اليمنيين تحت الضغوط والتهديد كانوا يخرجون أحيانا للاحتفال مع المليشيا، لكن كانت هناك احتقانات، وعلى الرغم من أنهم صمتوا عن مرتباتهم، وعن سلوكيات المليشيا طيلة 9 سنوات، لكنهم بدأوا يشعرون بالخطر، جمهوريتهم مهددة، ووحدتهم مهددة، وحياتهم مهددة، وأن هناك جماعات ليس لها مشروع، وأفعالها مشاهدة من القمع والترويع".

ولفت إلى أن "ارتباك مليشيا الحوثي جاء من كونها كانت تعتقد أن الترويع والترهيب والتجويع قد مكنتها من السيطرة، لتتفاجأ بأن هناك احتجاجات ورفضا مجتمعيا لمشروعها، وأن هناك حاملا جمهوريا للمشروع الجمهوري، الأمر الذي أربك مخططها". 

وأفاد بأن "مخطط مليشيا الحوثي كان يتمثل في أن هناك حلفا وتنسيقا بينها وبين المجلس الانتقالي، على أن يتم الحوار بين الطرفين لتجزئة اليمن إلى شطرين".

وأشار إلى أن "القلق الحوثي جاء بعد أن كانت المليشيا تعطي صورة للخارج وللسلطة الشرعية بأن لديها جماهير مؤيدة، وأنها مسيطرة على الوضع، وأن هناك رفضا للعدوان، ولهذا حشدت جمعا جماهيريا جبرا وترهيبا في المولد النبوي؛ لمحاولة إثبات أنها تمتلك رصيدا جماهيريا، وهو الأمر الذي أجَّل إعلان أي مشروع أو كيان بديلا عن الجمهورية اليمنية من قِبل المليشيا".

وقال: "نتمنى ألا يحدث لهؤلاء الشباب، الذين خرجوا في صنعاء، كما حدث مع تلك القبيلة التي واجهت مليشيا الحوثي وتُركت وحيدة، لذا على الداخل اليمني أن ينتظم، وكما قاد ثوارنا في الستينات ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، تستطيع القيادات الوطنية التنسيق مع هذه النخب الوطنية لأن تقوم بتنظيم ذلك".

وأضاف: "علينا أن نستفيد من هذا الاحتجاج، وتحويله من احتجاج إلى اقتراح، والتحول إلى اقتراح يحتاج إلى إستراتيجية عقلانية".

 - المليشيا تفقد صوابها

 يقول المحامي والناشط الحقوقي عمر الحميري: "إن ما يتم تداوله في وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، من صور وفيديوهات، يعكس مدى خوف وقلق مليشيا الحوثي من ردة الفعل الشعبية في المحافظات، التي تسيطر عليها المليشيا، منذ تسع سنوات، بالحديد والنار والقمع".

وأوضح: "المليشيا كانت تتوقَّع بأنه لن يكون هناك صوت يخالف إرادتها، بعد أن كرَّست مناهجها الطائفية لطمس الهوية الوطنية لدى جيل بأكمله، ومحاولة حرفه عن التربية الوطنية السليمة، إلا أن هذا الجيل خرج يعبِّر عن رفضه للمساس بالثوابت الوطنية، ولتكميم الأفواه، ولإهانة العلم الوطني، ويعبِّر عن رفضه لهذه المليشيا بشكل عام، لذا كانت عمليات الاعتقال والاختطاف، التي شنتها المليشيا، ناتجة عن الخوف والقلق من تنامي مثل هذه الاحتجاجات السلمية". 

وأضاف: "تتوارد الأخبار بأن داخل معظم أقسام شرطة صنعاء هناك ما لا يقل عن عشرين إلى ثلاثين شخصا ممن تم اعتقالهم واختطافهم على خلفية خروجهم للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، بعضهم أعمارهم 14 سنة، ويصنفوا وفقا للقانون اليمني بأنهم أطفال، والكثير منهم أحداث، لا يجوز اعتقالهم وفقا للقانون اليمني إلا بظروف معينة، وبجرائم جسيمة، وبإجراءات مشددة".

وتابع: "مليشيا الحوثي اليوم فقدت صوابها، وتقول للأهالي في صنعاء اليوم إنها مستعدة لاعتقال مئات الآلاف وليس الآلاف فقط، إذا أرادوا التعبير عن إرادتهم"، مؤكدا أنها "سوف تعجز وتفشل في تكميم أفواه الناس وقمعهم، فهذه إرادة شعبية".

وأردف: "الإجراءات، التي تمارسها مليشيا الحوثي، إجراءات إرهابية، وليست قانونية البتة، ونسمع الكثير من الأخبار من محامين، وناشطين، يخفون أسماءهم، ولا يستطيعون التعبير بصراحة؛ لأن هناك تهديدات، واعتقالات تنتظرهم".

 وزاد: "المحامي عبدالمجيد صبرة، الذي يقوم بالدفاع عن المعتقلين، بأمر من المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء، وعرّف بذلك، هو اليوم مهدد وملاحق على ذمّة كتابته منشورات بسيطة في صفحته على فيسبوك، بقوله: إن هناك ألف معتقل داخل سجون الشرطة بصنعاء، وأن هناك قمعا وتهديدا وإجراءات غير قانونية أو دستورية، وتم نزع جوالاتهم وإجبارهم على إلغاء رموز حماية الجوال".

وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي ستعمل على تلفيق التهم للمختطفين، وستقول فيهم ما لم يقله مالك في الخمر، فهي تحاول إرهاب الآخرين".

وبيّن: "وفقا للقانون اليمني، يعتبر إهانة العلم اليمني جريمة يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة، ويعتبر المساس بالثوابت الوطنية خرقا دستوريا، خصوصا عندما تقوم به قوى تتبع سلطة معينة، ومليشيا الحوثي تقدم نفسها أنها سلطة أمر واقع، وهي أول من ينتهك ويخرق الدستور، وبدلا من اعتقال الجنود الذين أهانوا العلم والزج بهم في السجون ومحاكمتهم، ذهبت لاعتقال المواطن، الذي يقوم برفع العلم".

 واستطرد: "مليشيا الحوثي اليوم كشفت نفسها بأنها إمامية، وتعود إلى المملكة المتوكلية، بثقافتها ورأيها وانتمائها، وتريد أن تفرض على اليمنيين هذا الخيار، بينما اليمنيون قد اختاروا خيار الجمهورية، ووجدوا في ذكرى الثورة فرصة ومتنفسا للتعبير عن وجودهم ورأيهم وحضورهم في المشهد". 

ولفت إلى أن "المواطنين في مناطق سيطرة الحوثي أدركوا أن المليشيا تنتهز الفرص لضرب وقمع كل من يواجه مشروعها أو فكرها، لذا اختاروا التعبير عن جمهوريتهم ووطنيتهم وانتمائهم لليمن الجمهوري بالاحتفال برفع العلم، بحيث لا يمكن لأحد أن يدين هذا الفعل، لكن مليشيا الحوثي تريد أن تحاكمهم على هذا الفعل، وأن تنسب إليهم جرائم".

وتابع: "زعيم المليشيا عندما قام بالإعلان عن تغييرات جذرية، وإيقاف الحكومة، هو يريد أن يشتت الأنظار، وليس هناك أي سياق بين ما يحدث وبين هذا الموقف".

تقارير

"قصر حبشوش".. أبرز مَعَالم الحيَّ اليهودي في صنعاء يتحوّل إلى خرابة

على مقربة من البوابة الشرقية لحيّ اليهود، تظل مظاهر الخراب شاهدةً على انهيار وزوال قصر المؤرخ اليهودي اليمني "حاييم" حبشوش، تاجر الذهب والفضة الشهير، الذي عاش في الفترة ما بين 1833 ـ 1899م، وباعتباره شخصية مثقفة ومقرباً من السلطة آنذاك.

تقارير

كيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها؟

منذ ليلة السابع من أبريل من العام 2022م، لم يعد المشهد السياسي اليمني واضح المعالم، بل تدرّج نحو اندثار الصَّف الوطني، وخفوت صوت السيادة اليمنية، وذلك عبر وثيقة صدرت في القصر الملكي السعودي، مُبطلة معها عمل الدستور اليمني، ومشكلة مجلس العَار -كما يسميه الشعب اليمني هذه الأيام.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.