تقارير
"الملابس المستخدمة".. ملاذ طلاب الجامعة للاحتماء من برد صنعاء
انتّقت الطالبة الجامعية "لينا محمد" معطفاً لتحتمي به من البرد من إحدى بسطات بيع الملابس المستخدمة، حيث ازدهر نشاطها بشكل لافت مؤخراً على بعض أرصفة الشوارع في صنعاء، نظراً للتردي الحاصل في الوضع المعيشي، خصوصاً عند طلاب وطالبات الجامعة.
تقول العشرينية لينا لموقع "بلقيس": "لم أستطع شراء معطف جديد أرتديه للبرد، لأن أسعارها مرتفعة، حالياً ظروفي صعبة، وأنا طالبة مضطرة إلى شراء ملابس البرد المستخدمة من هؤلاء البساطين".
إذ أجبرت ظروف العيش الصعبة كثيرا من طلاب وطالبات الجامعة على مواجهة طقس صنعاء البارد بملابس ثقيلة ومستعملة، يشترونها من البسطات المنتشرة على الرصيف، كونها أصبحت متوفّرة بكثرة ورخيصة السعر، ومناسبة لظروف الطلاب الذين يلوذون بالبحث بين أكوامها عمّا يحمي أجسادهم من الصقيع خلال أوقاتهم الدراسية.
يقول الطالب الجامعي "علي الحرورة" لموقع "بلقيس": "الفقر هو السبب الذي تركنا نشتري ملابس مستعملة للبرد من المفرِّشين هنا، نحن طلاب ظروف أسرنا سيّئة بسبب الحرب، ما نقدر نشتري ملابس جديدة، ما معنا فلوس".
إذ يتفق الجميع (باعة ومشترون) على أن الفقر، وتوقف مصادر الدخل وعدم توفر السيولة النقدية، أسباب أساسية أجبرت بعض الطلاب والطالبات على البحث عن حاجاتهم من الملابس الثقيلة بين أكوام الملابس المستخدمة التي نشطت تجارتها خلال سنوات الحرب.
"عبد العزيز المطحني" -أحد البساطين- يقول لموقع "بلقيس": "ظروف الطلاب في الحضيض، والفقر هو الذي تركهم يشترون ملابس مستخدمة".
- مُجبرون
لم تستثنِ الحرب أحدا، إلا وأصابته بشيء من تركتها السيّئة، وفرضت ظروفها المعقّدة أنواعا متعددة من وسائل العيش على كل شرائح المجتمع، بمن فيهم طلاب وطالبات الجامعة الذين يحتاجون إلى عدد من المتطلبات الضرورية.
وجعلت بعضاً منهم مجبرين على الاستمرار في دراستهم بكافة تفاصيل الوضع الحاصل في البلاد منذ سنوات.
كما أن التوافق الزمني لجزء من عامهم الجامعي مع موسم البرد، وتحديداً في ظل استمرار الوضع المعيشي المزرى، يُحتم عليهم ضرورة اللجوء إلى بسطات الملابس الثقيلة والمستخدمة، لشراء ملابس البرد ومواجهة عنف موجات الصقيع خلال صباحاتهم الدراسية.
"ياسمين إسماعيل" -طالبة جامعية- تقول لموقع بلقيس: "لا يوجد أي مكان بديل نشتري منه ملابس البرد، هذا كله بسبب حالتنا الماديّة، والمفرشين هؤلاء أنقذونا من البرد، ملابسهم مستخدمة لكن مناسبة لنا مع هذه الظروف المتدهورة".
وتتصدّر سوء الأوضاع، وعدم الاستقرار المعيشي لمعظم السكان، قائمة الأضرار التي خلفتها الحرب على كافة مظاهر الحياة بصورة عامة، الأمر الذي أكده بعض بائعي ملابس البرد المستخدمة بقولهم لموقع "بلقيس": "الذين يشتروا مننا ملابس مستخدمة، فرضت عليهم ظروف معيشتهم، لا معهم دخل ولا هم قادرون على شراء ملابس جديدة".
-لامبالاة
يحرص بعض طلاب وطالبات الجامعة على إتمام مراحل دراستهم الجامعية، غير أبهين بما فرضته ظروف الحياة عليهم من معاناة، نتيجة استمرار الوضع الحالي، ومنحتهم الصبر الكافي لمواصلة تعليمهم خلال سنوات الحرب الراهنة.
إذ يحدوهم الأمل في أن يأتي يوم وتنقشع هذه الغمّة، وتستقيم أمورهم الحياتية، ليعملوا على استعاضة ما فاتهم وما افتقدوه، جراء ما فرضت عليهم من معاناة.
تقول الطالبة الجامعية "سميرة مهيوب" لموقع "بلقيس": "الطلاب الذين ظروفهم سيّئة ما عاد يهمهم الأناقة والمنظر، أهم حاجة يلبسوا نظيف ويواصلوا دراستهم، أنا أتمنى إكمال دراستي الجامعية فقط".
وتضيف أنها لم تعد تبالي بأي شيء، سوى دراستها "اشتريت شال وجاكت مستخدم للبرد، أحمي نفسي من البرد". وضاعفت سوء الظروف من إحداث تدهور كبير في مستوى التعليم الجامعي، حيث مُنع بعض الطلاب من استكمال دراستهم نتيجة الوضع المعيشي الهش، إضافة إلى انعدام الاستقرار وغياب الفرص على طريق تحقيق الأماني.
يقول رشيد -طالب جامعي- لموقع "بلقيس": "نريد نتعلم، قد أنا راضي بهذا الوضع، لكنه يزداد سوءاً، صابر ومتحمّل كل الظروف، الملابس مستخدمة ليست مشكلة، لأنه ما معي إلا الحاصل".
-مصائب قوم
ازدهرت -خلال سنوات الحرب- تجارة الملابس المستعملة، وتضاعف نشاطها مع كل موسم للطقس البارد في صنعاء، الأمر الذي عاد بالفائدة والنفع على العاملين في هذا النشاط، حققوا من خلاله دخلاً جيّداً.
هذا الازدهار لم يكن سوى مصيبة بالنسبة لكل المتضررين من ظروف الحرب، الذين اضطروا إلى اللجوء إلى بسطات بيع الملابس المستعملة، ما يؤكد حقيقة ما يقال "مصائب قوم عند قوم فوائد".
خالد الحبيشي -أحد البساطين- يقول لموقع "بلقيس": "العمل انتعش في السنوات الأخيرة، خاصة في أيام البرد، نبيع ملابس البرد المستخدمة للجميع، لأنهم ما يقدروا يشتروا الملابس الجديدة من المعارض، بسبب الفقر، وغلاء والأسعار"