تقارير
إلى متى ستظل الأزمة اليمنية معلقة ومعها حياة الناس ومعيشتهم؟
خمسة أشهر من انتظار الرّواتب، يعيشها موظفو الدولة في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية، فيما القاطنون في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي حُرموا من رواتبهم منذ قرابة عقد من الزمن.
واقع مرير يعيشه اليمنيون، حيث تتوالد الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وتغيب الحلول، خاصة بعد تعثر تنفيذ الخارطة الأممية التي تضم في بنودها الجوانب الإنسانية والاقتصادية.
الحكومة الشرعية تُطلق الوعود بين الحين والآخر، لكنها لا تزال عاجزة عن بسط سيطرتها على موارد الدولة.
وفي آخر التطورات، غادر رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، العاصمة المؤقتة عدن بعد عشرة أيام من وصوله، متوجهاً إلى الرياض.
وبحسب الإعلام الرسمي، فإن المغادرة تأتي لإجراء مشاورات مع الشركاء الإقليميين والدوليين حول الأوضاع الراهنة والدعم المطلوب لخطة التعافي الاقتصادي.
-البقاء خارج الوطن
يقول رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية عبدالحميد المساجدي: "اليمن من الناحية الاقتصادية يواجه تحدّيات وصعوبات كبيرة جداً قد تعصف بالمكاسب الأخيرة جراء تحسن سعر الريال".
وأضاف: "خبر سفر الرئيس العليمي إلى الرياض بغرض إجراء مباحثات اقتصادية هو عادة إعلان شكلي، ولكن في الأول والأخير هناك أزمة لا بُد لها من حل".
وتابع: "الطبيعي أن يظل الرئيس العليمي في العاصمة عدن، وهذا من حيث المبدأ للإشراف على تنفيذ الخطة الاقتصادية أو حتى الإشراف على العمل التنفيذي للحكومة ولكافة مؤسسات الدولة:.
وأردف: "لا أعرف مبررات سفر رئيس مجلس القيادة، وهل إذا ما كان على خلفية الخلافات الحاصلة مع رئيس مجلس الانتقالي والقرارات المعلقة بين الخطين، أو أنها على خلفية إجراء مباحثات اقتصادية والحصول على دعم جديد".
وزاد: "يغادرون إلى خارج الوطن وكأن وطنهم ليس اليمن، إنما يأتون زيارة وكأنه فندق يقضون فيه إجازات ثم يغادرون، لكن لم نجد على أرض الواقع أي خطط للتعافي الاقتصادي جاءوا بها عندما كانوا في الخارج، وهذه هي إحدى الحقائق المأساوية لإدارة البلاد في الفترة الحالية، سواء من قِبل مجلس القيادة الرئاسي أو الحكومة الشرعية".
وقال: "الغالب على المسؤولين أنهم يقضون أوقاتاً في الخارج أكثر مما يكونون في الداخل على مؤسسات الدولة، أو حتى الإحساس بمعاناة الناس وتلمس أوجاعهم والعمل على حل مشاكلهم، وبالتالي الحالة أصبحت حالة سائدة لوضع غير طبيعي".
-اليمن تعاني منذ عقود
تقول الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية بلقيس اللهبي: "إن الأزمة اليمنية متعددة الأوجه، أول وجه فيها هو وجه الحرب، وهشاشة الدولة التي كان إعلان الجوع فيها يفترض أن يُعلن عام 2009".
وأضافت: "مرت اليمن بأحداث جسام طويلة، دولة هشة محكومة بشبكة مصالح، وكلما قلت الإيرادات ضاقت تلك الشبكة وسقطت الدولة".
وتابعت: "الدولة، منذ عقود، تعاني من الفشل، وظهر الفشل بوجه الحرب، والحرب أكبر فشل في تاريخ الإنسانية بشكل عام".
وأردفت: "اليمن لم تتحصل على أي قيادات حكيمة أو قيادات وطنية، وما زالت الخلافات دون وطنية؛ لأنها لو كانت وطنية لتمَّ حلها".
وزادت: "كل الظروف الدولية والإقليمية، التي تؤجل حل هذه الكارثة، تعود لمصالح إما إقليمية أو دولية أو مصالح طارئة، واليمن بين اهتمامات العالم، وللأسف بين اهتمامات قياداتها، ولذلك محكوم على اليمنيين أن تنتج الحالة اليمنية قيادة حقيقية تستطيع أن تصل بها إلى صناعة الدولة على الأقل".
وقالت: "كلما قلنا إن هذه أوج ما يمكن أن تصل إليه الأزمة الإنسانية والاقتصادية وأزمة إدارة الدولة والخدمات، نجد أن القاع ما زال بعيداً".
وأضافت: "يبدو أن اليمنيين سيظلون يعانون من هذه الحالة إلى أن ينبذ الجميع كل ولاءاتهم الدون وطنية، ويلتفتوا من أجل مطالبهم فقط، وهذا الأمر ما زال بعيداً نوعاً ما، والناس أُجهدت جداً، وأصبح الأمل الوحيد هو الشعب".
وتابعت: "الشعب مُجهَد إلى أبعد حد، مُشتَّت ما بين قياداته، ومحكوم بالحالة الأمنية والاستخباراتية والبوليسية".