تقارير

بعد عقد من الحرب.. يعاني الملايين من أزمة إنسانية في اليمن

28/03/2025, 14:51:56
المصدر : لجنة الإنقاذ الدولية - ترجمة خاصة

بعد عشر سنوات من الحرب، لا يعيش اليمنيون أزمة إنسانية فحسب، بل أصبحوا يجاهدون من أجل البقاء.

فمع انهيار الاقتصاد ونزوح الملايين وبقاء نظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار، يكافح أكثر من 19 مليون شخص لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

ومع نقص التمويل الإنساني، تتعرض عائلات لا حصر لها لخطر فقدان حصولها على الدعم الحيوي.  

إن تقليص تمويل المساعدات ليس مجرد نقصان أرقام على الورق، بل يعني تقليل توزيع الغذاء، وتقليص المعروض من الأدوية، وتضاؤل الفرص المتاحة للعائلات لكسب الدخل.

كما يعني قيام مزيد من الأشخاص المضطرين برحلات محفوفة بالمخاطر عبر مناطق النزاع، لمجرد جلب المياه النظيفة، وارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا، وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وتفاقم أزمة التغذية.

سوف يواجه الملايين ظروفا سيئة أكثر فأكثر دون دعم مستدام، خاصة في مناطق الخطوط الأمامية للصراع حيث ظلت الاحتياجات كثيرة ومتزايدة مسبقا.  

فيما يلي أدناه، عشر قصص من اليمن، يرويها الأشخاص الذين يعانون من الأزمة وأولئك الذين يعملون على مساعدتهم، حيث تقدّم إطلالة على الخسائر البشرية لهذا الصراع المستمر منذ عقد من الزمن.

 - ملازمة الخوف

تقول نرمين صالح سالم: "تغيرت حياتنا كلية عندما أصبحنا نازحين، انتقلنا من امتلاكنا لمنزل مستقر إلى العيش في مخيم غير آمن.

وأضافت: "لقد فقدت إحساسي بالأمان، ليس لنفسي فقط، بل وعائلتي بأكملها. الخوف الذي نعيش فيه مستمر".

منذ نزوحها، تقيم نرمين في مخيم القطيش، حيث تلقت عائلتها الدعم من لجنة الإنقاذ الدولية.  

وتابعت بالقول: "المساعدة التي تلقيناها خففت من بعض الصعوبات، لكن بدونها، لا أعرف بصراحة كيف سنعيش! من المحتمل أن نضطر إلى اللجوء إلى التسول، أو غيره من التصرفات اليائسة".

فبعد أن عاشت عشر سنوات من الصراع، تتمنى نرمين أن يفهم العالم الشعور بالعيش بدون ضروريات أساسية وبدون شعور بالأمان.

إن أملها الأكبر هو أن تنتهي الحرب قريبا، حتى تتمكن عائلتها من العودة إلى منزلها بسلام.  

- ثمن الاستقرار المسروق

يقول عبد الناصر عبده عبد الله: "قبل الحرب، كان لدي وظيفة تدعم عائلتي، لكن بعد الصراع وتهجيرنا، ولى كل ذلك".

وأضاف: "أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها أصوات الحرب، شعرت بخوف لم أعرفه من قبل. لقد فقدنا منزلنا ومصدر رزقنا، والأهم من ذلك، إحساسنا بالأمان".

وبدعم من خدمات الرعاية الصحية التابعة للجنة الإنقاذ الدولية، تمكن عبد الناصر من الحصول على العلاج الأساسي لعائلته في ظل تدهور ظروفهم.  

وأوضح: "العيش في هذا المخيم هو صراع يومي، وهو عيش بلا خصوصية ولا أمان"، بالرغم من الاختلاف الكبير الذي أحدثه الدعم له.

وقال: "أريد فقط أن أشعر بالأمان لمرة ثانية. لقد سرقت هذه الحرب استقرارنا وحياتنا. ومن أجل أطفالي، آمل أن تنتهي الحرب قريبا ".

- أمل يتجاوز البقاء على قيد الحياة

تتذكر هيفاء منصور قائلة: "لم أتخيل أبدا أن النزوح سيستمر طويلا".

وأضافت: "تركنا وراءنا منزلنا وماشيتنا، كل ما عملنا من أجله، معتقدين أننا سنعود قريبا. لكن مرت سنوات، ولم نفقد منزلنا فحسب، بل فقدنا أيضا إمكانياتنا لكسب عيشنا".

في الضالع، انضمت هيفاء إلى برنامج النقد مقابل العمل التابع للجنة الإنقاذ الدولية الذي يساعد اليمنيين النازحين على كسب الدخل وإعادة بناء حياتهم.

وتشرح قائلة: "انضممت إلى المشروع على أمل إعادة بناء حياتي، ليس فقط جسمانيا، بل و عاطفيا".

وضافت: "إن تعلم مهارة جديدة أعطاني الأمل، كما وجدت فرصة لزوجي ليعثر له على عمل أيضا".

كان هذا الدعم للاكتفاء الذاتي مرة أخرى أمرا بالغ الأهمية لعائلة هيفاء، وتؤكد على الحاجة إلى إيجاد فرص كهذه أكثر وأكثر للآخرين.

وتابعت بالقول عن آمالها المستقبلية: "أعظم أمنية لي هي توفير مستقبل أفضل لأطفالي".

واستطردت: "نحن بحاجة إلى السلام حتى تتمكن عائلات مثل عائلاتي من العيش بكرامة والبدء من جديد".  

- خوض معركة غير مرئية

يقول محمد سالم: "قبل الحرب، كانت لدي حياة مستقرة، ولكن عندما بدأ النزاع، بدأت أعاني من تحديات صحية عقلية شديدة، غير قادر على العمل أو الاعتناء بنفسي".

وأضاف: "تدهورت حالتي من جراء صعوبة حصولي على الدواء الخاص بي".

محمد هو واحد من آلاف اليمنيين الذين يعانون من الآثار النفسية للحرب الطويلة.

ومن خلال الدعم النفسي والاجتماعي المدعوم من لجنة الإنقاذ الدولية والحصول على الأدوية الأساسية، بدأ في إعادة بناء حياته.

وتابع بالقول: "دعم الصحة العقلية الذي تلقيته من لجنة الإنقاذ الدولية كان بمثابة تغيير لحياتي. الآن، أنا قادر على العمل مرة أخرى وقادر على المساعدة في إعالة عائلتي".

وزاد: "ولكن إذا جف التمويل، فسوف أنتكس أنا وآخرون مثلي، يمكن لخدمات الصحة النفسية أن تنقذ الأرواح، ينبغي عليهم أن يستمروا".

- الدروس المستفادة من الحرب

وتتذكر الدكتورة مرام الجفري، التي تعمل طبيبة نفسية في لجنة الإنقاذ الدولية، بداية الحرب في اليمن: "لقد غيّرت الغارة الجوية الأولى كل شيء، كنت في الحافلة، كان الناس يشعرون بالذعر ويركضون، حملت والدتي وبكيت في تلك الليلة".  

وأضافت بالقول: "بمرور السنوات، رأيت الحرب تسبب فجوة عميقة بين الأغنياء والفقراء، ذات مرة كنت أعتني برجل يعيش في الشارع، يبحث عن وجبات الطعام في القمامة، ومع توفير العلاج والأدوية له، أعاد الاتصال بعائلته ووجد طريقه للعودة إلى الحياة".

وتابعت: "لكن هذه الخدمات الحيوية معرضة الآن للخطر بسبب انقطاع التمويل، يحتاج اليمن إلى بنية تحتية قوية للرعاية الصحية وموظفين ماهرين وسلام مستدام".

   - عقد ضائع من عمر الشباب

يمثل عمرو صالح جيلا من الشباب اليمني، الذين قلبت الحرب مستقبلهم رأسا على عقب، إذ يشرح قائلا: "لقد سلبتني الحرب أحلامي الأكاديمية، مازلت أتذكر عندما قالت لي عائلتي لأول مرة إن الصراع قد بدأ، لم أكن أتخيل أنه سيستمر كل هذا الوقت، كل عام أتمنى شيئا أفضل في العام المقبل".

وفي عام 2020، دخل عمرو غمار العمل الإنساني، وقدم الخدمات الصحية الأساسية مع لجنة الإنقاذ الدولية.

يضيف عمرو: "أجد غايتي في لحظات مثل رؤية أب يخرج من عيادتنا بعد حصوله على دواء مجاني لطفله".

وتابع: "لكن التقليص في التمويل يعني أن الكثيرين لن يحصلوا على العلاج الذي يحتاجون إليه، فبعد 10 سنوات، نحتاج إلى الانتقال من المساعدات الطارئة إلى الحلول المستدامة، وخاصة في التعليم، لتجنب ضياع جيل كامل".

- الطب والحرب

تقول الصيدلانية والأم إيناس ردمان، البالغة من العمر 49 عاما: "عندما اندلعت الحرب، قمت بإيواء ثلاث عائلات نازحة في منزلنا الصغير".

وأضافت: "كان الحصول على الطعام والغاز كابوسا. سألني طفلي، لماذا يموت الناس؟، ولم يكن لدي إجابة!".

أمضت إيناس سنوات في تأمين حصول العائلات التي تمر بأزمات على الأدوية المنقذة للحياة.

تقول: "أتذكر أن إحدى الأمهات تمشي لساعات لمجرد الحصول على بعض الأدوية لطفلها، إذا تم تقليص التمويل فإن خدمات صحة الأم والطفل ستنخفض أكثر، يجب أن نتحرك الآن لمنع انهيار النظام الصحي في اليمن".

- رحلة البحث عن أمل

يوضح عبد الملك ياسين قائلا أن "عشر سنوات من الحرب قد سلبت التقدم من حياتنا، ما زلت أتذكر عندما اندلع القتال في عدن، عندما أصبح منزلنا الصغير ملجأ للأقارب النازحين، أصبح العثور على الدقيق أو الغاز يتطلب كفاحا ليوم كامل".  

ومن خلال دوره كمدير عام للمياه والصرف الصحي والنظافة، يشهد عبد الملك عن كثب كيف يؤثر سوء التغذية والفيضانات على المجتمعات الواقعة في الخطوط الأمامية للصراع.  

ويؤكد قائلا: "أستمر لأنني أرى الفرح على وجوه الناس عندما نأتي بالمياه النظيفة، لكن تقليص التمويل يمكن أن يتسبب في انهيار الخدمات الحيوية مثل الصرف الصحي، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض".

وأشار إلى أن "ما يحتاجه اليمن هو البنية التحتية والتعليم والسلام للتعافي".

- من اليأس إلى الأمل

يقول محمد أسعد: "عندما بدأت الحرب، فقدت تسعة أصدقاء كانوا يحاولون الفرار، نزحت عائلتي، وكنت وحدي، بلا مأوى، ولم يكن لدي ما أتناوله".  

وأضاف: "الآن، ومن خلال العمل في الاستجابة للطوارئ، أرى نفس الكفاح لدى الآخرين، انضم شاب، أصيب بالاكتئاب الشديد بعد أن فقد وظيفته، إلى تدريبنا المهني، واليوم يمتلك شركة ناجحة".

وتابع: "هذه البرامج تغير الحياة. إن قطع المساعدات الإنسانية سيكون بمثابة كارثة".

- كارثة تتكشف أمام أعيننا

يقول سعد أحمد ناجي، الذي يقود إحدى الفرق الصحية المتنقلة التابعة للجنة الإنقاذ الدولية: "أصعب شيء شهدته هو العائلات التي تهرب من منازلها، مرعوبة من القنابل التي تنفجر في شوارعها".  

كما يضيف: "بالرغم من كل المصاعب، نواصل العمل وتقديم المساعدات الطبية لمن هم في أمسِّ الحاجة إليها. ومع ذلك، فمع نفاد المساعدات الإنسانية، أخشى أنه بدونها، سوف يجري فقدان العديد من الأرواح."

وتابع بالقول: "كل يوم، أرى هناك حاجة متزايدة لبرامج تنقذ الأرواح، سواء كانت في الصحة أو الغذاء أو بناء السلام. غير أننا نرى الآن تقليص هذه البرامج المهمة، وهذه كارثة تتكشف أمام أعيننا! يجب على العالم أن يواصل هذه البرامج الحيوية لمنع المزيد من المعاناة".

تقارير

"عاصفة الحزم" بعد 10 سنوات.. كيف أعادت تعريف النفوذ السعودي في المنطقة؟

عندما قادت السعودية تحالفا عسكريا وأطلقت عملية "عاصفة الحزم" في اليمن، في 26 مارس 2015، لم يكن هدفها يقتصر على دعم السلطة اليمنية الشرعية لإنهاء الانقلاب الحوثي والتصدي للنفوذ الإيراني، بل برز منذ اللحظة الأولى هدف إستراتيجي أوسع وهو إعادة تشكيل الدور السعودي في المنطقة

تقارير

المخلافي يكشف لـ"الشاهد" حجم الثروة المالية للحزب الاشتراكي والمتورطين في النهب

يستعرض برنامج "الشاهد"، في حلقته السادسة، مع نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، الدكتور محمد أحمد المخلافي، حجم الثروة المالية للحزب الاشتراكي والأشخاص المتورّطين بنهبها، وخيارات الحزب بعد حرب صيف 1994.

تقارير

القيادي الاشتراكي محمد المخلافي يروي لـ "الشاهد" الصراع على مشروع دستور الوحدة اليمنية

يستعرض برنامج الشاهد في حلقته الخامسة، مع نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، الدكتور محمد أحمد المخلافي، الصراع على مشروع دستور الوحدة، وموقف القوى الدولية من الحزب الاشتراكي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.