تقارير
تحت القصف الأمريكي .. المليشيا تخصص المستشفيات لعلاج أتباعها ومخاوف من انهيار القطاع الصحي
“أنا خايف.. ما عد في مستشفى نسعف إليه طفل لو مرض، ولا نلاقي حبة دواء لو احتجناها، فكيف نفعل إذا تعرض أحدنا للقصف أوغارات أين نذهب؟ بهذه الكلمات اختصر المواطن أحمد القاضي، أحد سكان حي شملان شمالي صنعاء، مشاعر الخوف والقلق التي تسيطر على كثير من السكان، في ظل التصعيد الأمريكي المستمر، واستمرار تدفق الضحايا إلى مستشفيات المدينة التي تُدار من قبل الحوثيين.
وفي ظل تصاعد الغارات الأمريكية على مواقع عسكرية تابعة للمليشيا خلال الأسابيع الأخيرة، باتت المستشفيات أشبه بثكنات مغلقة، تخضع لحراسة أمنية مشددة، فيما يتم إخلاءها من المرضى المدنيين لتُخصص بالكامل للجرحى والمصابين من صفوف الحوثيين.
ضغوطات متزايدة
وفقاً لمصادر طبية ، استقبلت مستشفيات مثل المستشفى العسكري، والشرطة، والمؤيد، والقدس، ومستشفى “48”، خلال الأيام الأخيرة عشرات القتلى والجرحى من المقاتلين الحوثيين، بعضهم في حالات حرجة، بعد استهدافهم في غارات جوية أمريكية تركزت على العاصمة ومحيطها ومحافظات أخرى كصعدة والحديدة وعمران وحجة.
وتشير المصادر إلى أن الجماعة قامت بإجلاء المرضى المدنيين من بعض هذه المستشفيات، ونقلهم إلى مراكز طبية أقل تجهيزاً، بهدف إفساح المجال لجرحاها.
كما نُقلت جثث القتلى إلى ثلاجات الموتى في أماكن مختلفة، تحت إجراءات أمنية صارمة وتكتم شديد على الأعداد والخسائر.
أطباء وممرضون يعملون في مستشفيات صنعاء أكدوا أنهم يعيشون حالة استنزاف قصوى، وبينهم محمد الأرحبي وهو أحد الممرضين في المستشفى العسكري يقول “نشتغل أربع شفتات في اليوم، ما عد معنا وقت نرجع نشوف أهلنا” يضيف:" بعض المصابين يصلون إلى المستشفى وقد فارقوا الحياة".
وتفيد المصادر بان الحوثيون قاموا بنقل أجهزة طبية ومعدات من مستشفيات كبرى مثل الثورة والجمهوري والكويت إلى المستشفيات العسكرية التي تستقبل عناصرهم، ما خلق فراغاً خطيراً في مراكز الطوارئ الأخرى، خصوصاً تلك التي كانت تخدم آلاف المرضى من عموم المواطنين.
وبحسب عاملين في القطاع الصحي، فإن الجماعة استدعت أطباءً من تخصصات مختلفة، بالإضافة إلى تجنيد عناصر طبية سبق أن خضعت لدورات طائفية، لتتولى العمل في وحدات العناية الفائقة والجراحة.
تكتم ومخاوف
على الرغم من تأكيدات رسمية من سلطات الحوثيين بأن الغارات الأمريكية أسفرت عن 61 قتيلاً وأكثر من 140 جريحاً، بينهم نساء وأطفال، إلا أن هذه الأرقام لم تُؤكَّد من مصادر مستقلة.
ويُرجَّح أن الأعداد الحقيقية أكبر بكثير، خصوصاً في ظل حظر النشر الذي فرضته الجماعة على الكوادر الطبية، وتحذيرهم من تسريب أي معلومات.
ويخشى المواطنون من أن استمرار الضغط على القطاع الصحي في العاصمة ومناطق سيطرة الجماعة، سيؤدي إلى انهيار شبه كامل في الخدمات الطبية، ما سيعرض حياة الآلاف للخطر، خصوصاً مع استمرار الحملة الجوية الأمريكية التي دخلت أسبوعها الرابع، مستهدفة مواقع في صنعاء، وصعدة، وحجة، والحديدة، وحتى تعز وإب.
يُذكر أن الحملة العسكرية بدأت في منتصف مارس الماضي بأوامر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كرد على تهديدات حوثية للملاحة الدولية، وتوعدت واشنطن بمواصلة عملياتها “دون سقف زمني”.