تقارير

تحديات ومخاوف.. هل يكون إيقاف المساعدات الأمريكية حكمًا بالإعدام على الفئات المحتاجة في اليمن؟

09/04/2025, 13:05:00
المصدر : قناة بلقيس - عبدالله عبد الباري

وسط مخاوف جديدة من تفاقم المأساة الإنسانية في اليمن، أعلنت الحكومة الأمريكية عن قرار مفاجئ بإيقاف المساعدات الغذائية الطارئة التي كانت تقدمها إلى 14 دولة من بينها اليمن، في خطوة وصفها كثيرون بأنها ستفاقم الوضع الإنساني في اليمن الذي يعاني من أزمات متعددة نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من 10 سنوات.

ويتخوف اليمنيون ومنظمات الإغاثة من حدوث نقص حاد في مخزون السلع والمواد الغذائية فيما يعاني ملايين السكان من سوء التغذية وارتفاع أسعار الغذاء وتدني الخدمات، جراء الصراع المستمر منذ 10 سنوات والذي تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم حسب الأمم المتحدة.

وخلال السنوات الماضية، مثلت المساعدات الغذائية الطارئة جزءًا أساسيًا من دعم العديد من الفئات في اليمن، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في تصريحات سابقة إن حجم المساعدات الأمريكية لليمن منذ بدء الصراع هناك عبر الوكالة الأمريكية للتنمية ومكتب السكان واللاجئين والهجرة بلغ أكثر من 5.4 مليار دولار.

وتستفيد من هذه المساعدات غالبية الأسر التي تواجه صعوبة في توفير احتياجاتها الغذائية الأساسية، خاصة في المناطق التي تواجه مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي وترتفع فيها معدلات المجاعة.

الآثار المباشرة

ومن بين تلك الآثار المباشرة للقرار الأمريكي الأخير، وفق مراقبين، هو زيادة معدلات الجوع والمجاعة. إذ توقعت منظمات إنسانية أن يؤدي هذا القرار إلى زيادة أعداد الأشخاص الذين يواجهون المجاعة من 2 مليون إلى 3.5 مليون شخص، إلى جانب تفشي الأمراض في ظل نقص الغذاء، وهو ما قد يزيد من انتشار الأمراض مثل سوء التغذية الحاد بين الأطفال والنساء، وكذلك زيادة الضغط على نظام الرعاية الصحية في ظل قلة الغذاء، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدهور صحة ملايين الأشخاص، وهو ما يزيد الضغط على النظام الصحي الهش.

ولا يقتصر تأثير إيقاف المساعدات الأمريكية عند هذا الحد فقط، ولكنه قد ينعكس بشكل واضح على حياة الناس في مختلف أنحاء اليمن.

في تعز، المدينة التي شهدت واحدة من أطول فترات الحصار في الحرب، يقول علي سعيد، وهو أب لخمسة أطفال: “لقد كانت المساعدات الغذائية التي نتحصل عليها من بعض المنظمات الوحيدة التي نعيش عليها، خاصة في الفترات التي لا يمكن فيها توفير قيمة أبسط الاحتياجات من الأسواق، ولكننا مؤخرًا أصبحنا نعيش في خوف من أن الجوع قد يخطف أبنائي قبل أن أتمكن من إيجاد حل.”

أما فاطمة محمد، وهي أم لطفلين، فتوضح بشكل أليم: “كنا ننتظر وصول الدعم من المنظمات لنتمكن من إطعام أطفالنا، الآن ومنذ أشهر، وبعد أن توقف ذلك الدعم، أصبحنا نبحث في كل مكان للحصول على طعام. نعيش في ظروف لا يمكن وصفها، وهو ما يزيد معاناتنا.”

محمود سعيد، وهو خريج جامعة يبحث عن عمل، يعلق قائلاً: “إذا كانت الحكومة عاجزة عن توفير بدائل ممكنة لحماية الناس من الجوع وإنهاء هذه الأزمات المركبة، والمساعدات الخارجية توقفت، فما هي الخيارات المتاحة أمامنا؟ كنا نأمل أن تساعدنا المساعدات الغذائية في تخفيف بعض العبء، لكن الآن نحن نفقد كل شيء.”

هذه الشهادات السريعة تكشف مدى اليأس والخوف الذي يشعر به المواطنون بالتزامن مع قرار إيقاف المساعدات. وأكثر ما قد يزيد قسوة الوضع هو أن الكثيرين يعتمدون على تلك المساعدات في تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء.

تحذيرات ومخاوف

منظمة “برنامج الغذاء العالمي” التابعة للأمم المتحدة عبرت عن قلقها الشديد من القرار الأمريكي، حيث وصف المسؤولون في البرنامج هذا التوقف بأنه “حكم بالإعدام” على ملايين الأشخاص في اليمن.

وبحسب سيندي ماكين، المديرة العامة للبرنامج: “إذا لم تستمر المساعدات الأمريكية، فإن ذلك يعني أن الآلاف من العائلات قد تجد نفسها مجبرة على مواجهة المجاعة، وهو أمر لا يمكن تحمله في بلد يعاني أصلاً من تداعيات الحرب.”

من جانبها، قالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة، ليز غراند: “القرار الأمريكي يعني المزيد من المعاناة للملايين في اليمن. الوضع أصبح أسوأ من أي وقت مضى، والتحدي الأكبر الآن هو كيف يمكن توفير البدائل للمساعدات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة.”

إلى جانب الأبعاد الإنسانية، هناك آثار سلبية على القطاع الاقتصادي. إيقاف المساعدات يعني تقليص حجم الأموال التي كانت تصل عبر المنظمات الدولية إلى الأسواق المحلية، مما يساهم في تفاقم التضخم وارتفاع الأسعار.

وفي وقتٍ كان فيه اليمن يواجه بطالة قياسية بلغت حوالي 60% من الشباب في المناطق المتأثرة بالصراع، فإن فقدان هذه المساعدات يزيد من أعداد العاطلين عن العمل ويعمق الأزمة الاقتصادية.

وفي مواجهة هذا الوضع المأساوي، تتزايد الدعوات إلى زيادة الضغط على المجتمع الدولي والجهات المانحة لتعويض نقص المساعدات الأمريكية.

وتبرز حاجة ملحة لتعزيز التمويل من دول أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي والدول العربية، بالإضافة إلى تحفيز مبادرات محلية للتعاون مع المنظمات غير الحكومية لتوفير الدعم الغذائي للأسر المتضررة.

ويقول حسام أحمد، وهو عامل في أحد برامج الأمم المتحدة: “بغض النظر عن العقوبات الأمريكية بإدراج مليشيا الحوثي في قائمة الإرهاب، يبقى قرار إيقاف المساعدات الأمريكية أحد العوامل التي قد تمثل تهديدًا حقيقيًا على حياة اليمنيين الذين يعتمدون على هذه المساعدات للبقاء على قيد الحياة. في ظل غياب البدائل الفعالة، إذ يصبح من الضروري تكاتف الجهود المحلية والدولية لتخفيف آثار هذا القرار وضمان استمرار الدعم للفئات الأكثر حاجة.”

تقارير

"دعم جماعات طائفية".. الحوثيون يحرِمون فقراء اليمن من أموال الزكاة

لم تتوقف مليشيا الحوثي، منذ انقلابها، عن ارتكاب جرائم الفساد والنهب، بل سعت إلى تكريس معاناة اليمنيين، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث يعيش الملايين واقعا مأساويا ممزوجا بالفقر والمجاعة، وسط حرمان متعمد من أبسط المساعدات، بما في ذلك أموال الزكاة التي يُفترض أن تُوجّه إلى المحتاجين.

تقارير

العملية البرية المرتقبة.. هل ستقضي على الحوثيين أم تعيد رسم الجغرافيا وتوزيع النفوذ؟

تعكس التسريبات الإعلامية والجدل الدائر بشأن العملية العسكرية المرتقبة ضد الحوثيين تعقيدات المشهد اليمني، فمن الحديث عن عملية برية من جميع المحاور، ثم الحديث عن عملية برية تقتصر على الساحل الغربي، سارعت كل من السعودية والإمارات إلى نفي ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال بشأن ترتيبات عملية برية وشيكة في اليمن بدعم أمريكي والإشارة إلى دور لهما فيها، وهو نفي لا يمكن فصله عن هواجس أمنية متصاعدة لدى الرياض وأبوظبي من احتمال تعرضهما لضربات حوثية أو حتى انتقام إيراني في حال شنت واشنطن عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.