تقارير

تطبِّع العنف في نفوس الأطفال دون رقابة.. ألعاب الحرب تغزو أسواق اليمن قُبيل عِيد الأضحى

14/06/2024, 10:06:47
المصدر : قناة بلقيس – خاص

يبدع الشاب اليمني جمال الحنش -من خلال مخلّفات كرتونية- في صناعة أسلحة تحاكي تفاصيل دقيقة لأسلحة واقعية؛ ليكسب من خلالها رزقه البسيط، بفكرة أيضا تحاكي واقع الطفل اليمني وهُويته وهِوايته التي كبُرت بين الحرب والأسلحة حتى حوّلت ألعابها إلى أشكال مصغَّرة من أدوات يراها في يومه مراتٍ على أكتاف أهله وجيرانه، وباتت ألعابا تستقطب إليها وتُوطن ضرورة استخدامها في حياته الطفولية والمستقبلية.

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تُزهر أسواق اليمن بألوان زاهية من الألعاب والهدايا، تعبيراً عن بهجة العيد وفرحته. لكن، بين هذه الألعاب، تلوح ظاهرة مقلقة تُثير الحزن والأسى، معبِّرة عن الواقع الذي يعيشه أطفال اليمن، وهي انتشار ألعاب الحرب التي تُقلّد أدوات القتل والدّمار، لتُصبح رفيقاً لهم في عيدهم، كما هي واقع ترافق حياة أهاليهم منذ نحو عشر سنوات.

إقبال الأطفال على تلك الألعاب البلاستيكية، بتشكيلات أدوات الحرب من الكلاشنكوف وغيرها من الأسلحة، دفع سلمان إلى صناعة أسلحة كرتونية من صنع يديه؛ لبيعها لأبناء جلدته في الأسواق المحلية.

- الحاجة أُم الاختراع

اضطر الحنش إلى ابتكار عمل يدوي يجني من ورائه المال ليعيش مع أطفاله، بعد سنوات من الغربة والعمل خارج الوطن.

وبعد عودته إلى محافظة إب، خلال السنوات الماضية، وبعد اندلاع الحرب، التي تشهدها اليمن منذ تسع سنوات، وجد الحنش نفسه عاطلا عن العمل؛ بسبب غياب وتوقف الأعمال، وارتفاع معدل البطالة وسط الشباب.

يقول جمال الحنش إنه لم يجد أي عمل يمكن أن يعيش عليه مع أطفاله الثلاثة مما اضطره إلى ابتكار ألعاب متعددة؛ نجحت من بينها لعبة الأسلحة الكرتونية، وزادت الطلبات عليها، وبِيعت بأسعار مُربحة، وانتشرت بشكل واسع في محافظة إب، وفي محافظات أخرى، حيث إن منتجاته بيعت لتجار آخرين أيضا.

بعد نزوح الحنش من محافظة إب، الخاضعة حاليا لسيطرة مليشيا الحوثي، إلى محافظة مأرب، الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، عاد إلى ممارسة حِرفته المفضَّلة في صناعة الأسلحة الكرتونية، وبيعها بنفسه في شوارع المدينة (قيمة القطعة الواحدة ثلاثة آلاف ريال يمني، فيما تكلف صناعة القطعة الواحدة مبلغ سبعمئة ريال يمني مقابل شراء لواصق وغراء شمعي وأقمشة أخرى).

يشير الحنش إلى أن ازدهار تجارته تزداد خلال أيام الأعياد، حيث يبيع كميات كبيرة، فيما تنحسر تجارته قليلا خلال أيام السنة.

- زيادة الطلب

فيما يرى تاجر الألعاب المستوردة، أحمد النهاري، أنه بسبب ارتفاع أسعار الألعاب الأخرى؛ مثل السيارات اللاسلكية وألعاب التعليم  وغيرها من الألعاب الكهربائية، بالإضافة إلى غياب البدائل المتعددة للأطفال، يدفعهم إلى شراء الألعاب المتاحة، وهي أغلبها ألعاب حرب متنوعة، تشمل أسلحة مختلفة، مثل: البنادق الرشاشة، والمسدسات، والقنابل، إضافة إلى نماذج مصغَّرة لدبابات وطائرات حربية وغيرها، وبذلك يندفع إليها الأطفال بكثرة، ويقبل بها الآباء؛ كونها أقل تكلفة من غيرها من الألعاب.

ويقول الهلالي إن "السوق هو من يفرض نوع السلع التي يستوردها التجار أيا كانت، حيث إن الطلب المتزايد على السلعة المعيّنة سيعمل على استيرادها وتوفيرها، والتخلي عن السلع التي لم تجد لها إقبالا".

ويضيف: "ألعاب الحرب هي المطلوبة في السوق، بينما الألعاب الأخرى تشهد إقبالا ضعيفا جدا؛ مثل ألعاب التعليم، أو ألعاب الفن، أو غيرها، وذلك بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة بأسعار ألعاب الحرب؛ مثل: المسدسات المائية، أو الأسلحة البلاستيكية الأخرى".

وأوضح أن "موضوع تنظيم الاستيراد، ومراقبة السوق؛ للحفاظ على نمو الأطفال وإبعادهم عن استخدام أدوات الحرب، أمر يحتاج إلى دولة بقراراتها، ومراقبة الأسواق، وتحديد قوائم بسلع الاستيراد، وذلك بالتوازي مع رفع أساليب التعليم، ودمج الألعاب في التعليم حتى يتعلم الطفل كيف يلعب تلك اللعبة ببساطة".

- دوافع متعددة

من جهتها، تقول الأخصائية الاجتماعية ابتهال السموعي إن "هناك ازديادا ملحوظا في عرض ألعاب الحرب في أسواق اليمن، خاصة قبيل الأعياد، بأشكال غريبة وواقعية تحاكي واقع أسلحة الحرب".

وأضافت: "دوافع انتشار ألعاب الحرب في اليمن تعود إلى عدة عوامل، منها ما بات يُعرف بالتطبيع مع العنف وسط الأطفال، وذلك بفعل ما تعرَّض له الأطفال اليمنيون من حرب طاحنة منذ تسع سنوات، مما أدى إلى تطبيع العنف في حياتهم، وجعلهم يرون أدوات الحرب بشكل متكرر في حياتهم اليومية".

وتابعت: "بل إن الكثير منهم شاركوا في حمل تلك الأسلحة الحقيقية، أو استمعوا إلى أصوات إطلاقها، مما يقلّل من شعورهم بوحشيتها".

وزادت: "بالإضافة إلى عامل الفقر، الذي ساهم في الانتشار والإقبال على ألعاب الحرب من قِبل أطفال اليمن، حيث يعاني الكثير من اليمنيين من الفقر المدقع بفعل الحرب، مما يجعلهم عاجزين عن شراء ألعاب أخرى لأطفالهم بأسعار تزيد عن قدراتهم المالية".

وأوضحت: "ألعاب الحرب تعد رخيصة الثمن نسبيا، مما يجعلها خيارا متاحا للكثيرين".

وأشارت السموعي إلى أن "غياب الوعي أيضا يعد عاملا مساهما في انتشار ألعاب الحرب في اليمن".

وأكدت أن "الكثير من الآباء والأمهات لا يدركون خطورة ألعاب الحرب على أطفالهم، ويعتقدون أنها تساعدهم على تفريغ طاقاتهم السلبية، بينما هي في الواقع تعزز لديهم سلوكيات العنف".

- آثار سلبية

تقول السموعي إن "ألعاب الحرب تتسبب بالعديد من الآثار السلبية على أطفال اليمن، حيث تشجّعهم على سلوكيات العنف العدوانية".

وتضيف: "كما أن تلك الألعاب

تقلل من قدرتهم على التحكّم بمشاعرهم، وتزيد من ميولهم إلى العدوانية، بالإضافة إلى أنها تثير مشاعر الخوف والقلق لديهم، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها، إضافة إلى الكوابيس المخيفة والتأثير على نموهم، ولو على المدى البعيد".

وترى السموعي أن "ذلك يتطلب حلولا متعددة ومتكاملة بين الأسرة والمجتمع والدولة".

وزادت: "نشر الوعي بين الآباء والأمهات، حول مخاطر ألعاب الحرب على أطفالهم، أمر في غاية الأهمية؛ وذلك من خلال حملات توعوية منتظمة عبر وسائل الإعلام، وورش عمل في المدارس، وإدماج ألعاب بديلة ضمن دروس الأطفال في الصفوف الأولى".

وقالت: "ومن الأهمية أيضا، فرض قيود على استيراد وبيع ألعاب الحرب في الأسواق اليمنية، ومراكز التسوّق داخل اليمن بشكل عام، من خلال فرض وصياغة وتطبيق قوانين صارمة تنظِّم بيع وشراء ألعاب الأطفال في البلاد، بالتوازي مع توفير بدائل إيجابية لألعاب الحرب، مثل الألعاب التعليمية والرياضية والفنية".

تقارير

ما تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على الشرق الأوسط؟

بعد أكثر من 11 يوم على الحرب الإسرائيلية الإيرانية، بات واضحاً أن معادلة النصر والهزيمة معقدة كثيراً، وباتت إسرائيل لا تستطيع وحدها تحقيق الأهداف المعلنة من حربها على إيران، وأنه لا يمكن إنهاء البرنامج النووي الإيراني دون إسقاط النظام في طهران.

تقارير

الغاز يختفي من منازل اليمنيين.. ويشتعل في أسواق التهريب

رغم توقف صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي عن استلام الغاز المنزلي من شركة صافر في مأرب منذ أكثر من عام، لا تزال أزمة الغاز تطارد ملايين اليمنيين في مناطق الحكومة الشرعية، من عدن إلى تعز، وسط اختناقات حادة وأسعار متصاعدة، وغياب أي مؤشرات على انفراج قريب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.