تقارير
تكريم علي المقري هل سيساهم في التعريف بالرواية اليمنية عالميا؟
حصل الروائي علي المقري، أحد تجليات المشهد الثقافي اليمني والشخصية الجدلية الناقدة، على وسام الفنون والآداب بدرجة "فارس" من الدرجة الأولى، من قِبل وزارة الثقافة الفرنسية، تكريماً لعطائه الأدبي في مجال الكتابة السردية والقصصية.
عُرفت إنجازات المقري الروائية بمتانتها الأدبية، ومقاربتها الواقعية لقضايا اجتماعية لا يتم الاقتراب منها عادةً، وقدّمت للقارئ لغة جديدة منفلتة من هيمنة السلطة وسطوة التقليد، فترجمت أعماله، التي تتجاوز العشر، إلى لغات عدّة.
تكريم المقري يُعيد تجربة السرد اليمنية إلى الواجهة، ويفتح الباب للنقاش حول ما شهدته الرواية اليمنية من تطوّرات على المستويَين الكمي والنوعي، خلال العقود الأخيرة.
-تعريف بالرواية اليمنية
وفي السياق، يقول الكاتب والروائي علي المقري إنه تفاجأ بإبلاغه بهذا الوسام عبر رسالة عبر الإيميل، ولم يعرف سبب ذلك.
وأضاف المقري، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، أنه "تلقى رسالة عبر الإيميل من وزيرة الثقافة الفرنسية تحمل ثلاث وثائق، الأولى رسالة من الوزيرة، والثانية قرار الوسام، والثالثة تتحدث حول مزايا الوسام".
ويعتقد المقري أن "هذا التكريم سيساهم في التعريف بالرواية اليمنية، وتقديم الروائيين اليمنيين إلى الواجهة على المستوى العربي والعالمي، كون الأدباء في اليمن يعيشون في ظروف سيئة خاصة مع الحرب".
ويضيف أن "الجوائز أو الأوسمة في العادة تلقي الضوء على ثقافة بلدان وشعوب ما، وتكون حافزا، ليس فقط للكاتب المُكرم، وإنما لجيله وشباب بلده الذين يطمحون للإبداع، بعيدا عن هيمنة أو أطر محددة".
وتحدث المقري عن تجربته وبداياته في الرواية والتحدّيات التي واجهها، موضحاً أن بداياته كانت في كتابة القصة القصيرة عام 1985، وحصل حينها على تشجيع عبدالعزيز المقالح.
ويضيف: "بعد ذلك كنت أكتب محاولات شعرية، ووجدت أنه من الأفضل أن أنشر مجموعة شعرية، وليس مجموعة قصصية، ونشرت ثلاث مجموعات شعرية، وكتابا بحثيا".
-إنجاز وفخر
من جهتها، تقول الباحثة في اللغويات ندى قنبر: "إن الجائزة، التي حصل عليها المقري، تعتبر إنجازا كبيرا، كما أن هذا الوسام يعد مفخرة لليمن، كونه يعتبر اعترافا بالقيمة الفنية والإبداعية لكاتب يمني".
وترى قنبر أن "هذا التكريم يعتبر حافزا لكثير من الشباب الذين تتميّز أعمالهم بالأصالة والتجديد، كون الجوائز تشكل حوافز أدبية خاصة للمبدعين وتدفعهم للاستمرار، خصوصا في اليمن التي تعيش ظروفا خاصة".
وحول الطابع الذي تتميّز فيه كتابات المقري، توضح قنبر أن "الذي يميّز كتابات المقري هو غوصه في التاريخ، وفي الهم اليمني بشكل عام، كما أن المقري استطاع بكتاباته أن يبرز الخصوصية المحلية المتشعبة، وكذلك نقلها للقارئ العربي والأجنبي كذلك".
وتفيد قنبر أن "المقري خاض في المسكوت عنه من حيث تصوره للمجتمع والمرأة، كما في روايته لليهودي الحالي، التي صوّر فيها حياة اليهود التي لا يُعرف منها إلا القليل".
وتنوّه قنبر أن "المقري ناقش بذكاء في كتاباته الصراع الديني بين ديانتين تعيشان في محيط واحد، كما تناول قضية المهمشين المسكوت عنها، كما في رواية طعم أسود ورائحة سوداء، التي غاص فيها في أعماق المدينة الطافحة بالبؤس".
وتلفت قنبر إلى أن "المقري كتب عن التعايش الديني بين المسلمين واليهود وغيرها من الديانات، كما كتب عن التسامح كما في رواية بخور عدني، التي ذكر فيها تفاصيل مدينة عدن المتسامحة رغم تعدد أعراقها".
وحول مستقبل الرواية اليمنية، تقول قنبر: "إن الرواية اليمنية لا زالت في طور النمو ولا زال عودها يشتد".
وتحدثت قنبر عن مراحل الرواية اليمنية، موضحة أن "الرواية اليمنية مرت بأربع مراحلة، أولها مرحلة الريادة، وهي مرحلة البداية التي بدأ فيها الكاتب محمد علي لقمان في عام 1939".
وتضيف: "المرحلة الثانية، التي مرت بها الرواية اليمنية، هي مرحلة التأسيس التي بدأت في ستينيات القرن العشرين، التي كان أبرز كتابها محمد محمود الزبيري ومحمد عبدالولي".
فيما ترى قنبر أن "المرحلة الثالثة لتطور الرواية اليمنية تسمى مرحلة التجهيز في جيل السبعينات والثمانينات، التي أزدهر فيها العمل الروائي، كما استقرت فيها الرؤية الفنية، وكان من أبرز كتابها الكاتب الكبير زيد مطيع دماج".
وتختتم قنبر حديثها بالقول "إن المرحلة الرابعة من مراحل الرواية اليمنية كانت مرحلة التجديد، وفيها أصبح كاتب الرواية يمتلك أدوات الرواية كالبناء الفني والمعالجة السردية، وكذلك الوعي بطبيعة الرواية، ويمثلها كل من حبيب سروري، ووجدي الأهدل، ونبيل الزبير وغيرهم".
وتتابع: "المرحلة الأخيرة أخذت فيها الرواية شكلا مغايرا من حيث الموضوعات والمعالجات السردية وتوظيف الرمزية، كما أن هناك تغيرا ملحوظا في الأسلوب".