تقارير

ثورة 11 فبراير.. استعادة الحلم من وسط أمواج التغييب

12/02/2024, 08:54:53

أين هي ثورة فبراير اليوم؟.. سؤال يطرحه الشباب اليمني ممن خرجوا إلى الساحات متقلدين نضال أجدادهم ورغبتهم بالحرية، قبل غيرهم، بعد 13 عاما من الحلم وسط خذلان القريب قبل البعيد، واستحضار حدث يعيد ذكريات احتوت نهب أمجاد الثورة، وتسخيف أحلامهم.

ثورة فبراير، التي أثبتت عمق أصالة الشعب المتعطش للسلام، وما وُجد السلام بعد، وأظهرت طابع الكيانات الطامعة في البلاد، لكنها بصوت الشعب وحده؛ تقول "لن ترى الدنيا على أرضي وصيا"، حاملة الحلم محفوفا بالانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، غير أن القوى الإقليمية والكيانات المنقسمة، وسكوت النخبة في الداخل حولها لأزمة.

جاءت المبادرة الخليجية، فمنحت نظام صالح حينها نصف الحكومة، في المرحلة الانتقالية، وحصانة من أي مساءلة قانونية، فما الضربات التي تلقتها ثورة فبراير، وأفقدتها الفاعلية والتأثير؟ وكيف لحقت بها أعوام من التحول، وتدخل القوى الإقليمية والدولية؟ ولماذا برزت كيانات سياسية وعسكرية اليوم، وباتت تحتل مساحة مهمّة من المشهد، وتعبث فيه؟

- هزة معنوية حقيقية

يقول الكاتب محمد المياحي: "نحن نستحضر ذكرى ثورة 11 فبراير لأننا حالمون، وما نزال نحلم مرة ثانية، وليس في الأمر عيبا، نخجل منه".

وأضاف: "صحيح أن البلاد في مستنقع، ويكاد يدمّر فيها كل شيء، وهذا الواقع السيئ ليس مرجعية للحكم، ولا معيارا، فاليوم بعد 13 عاما، وحتى بعد 50 عاما، ستظل فبراير هي المثال والنموذج القيمي الأعلى الذي يحتكم إليه أنصار فبراير وخصومه".

وتابع: "هذا الواقع المدمر يؤكد مرة أخرى أن الأفق الأعلى هو الذي قدمته فبراير، واحتفالنا بها لأنها فكرة جمهورية بالمقام الأول، وحركة إصلاحية لم يحدث مثلها في التاريخ اليمني الحديث، منذ تأسيس الدولة اليمنية الحديثة في 26 سبتمبر 1962م".

وأردف: "كادت ثورة 26 سبتمبر المجيدة أن تتحول إلى ديكور فارغ، وكان اليمن بحاجة إلى هذه الدفعة المعنوية، التي أتت مع فبراير، وأقول هذا وأنا أدرك المآلات السيئة التي آلت إليه ثورة فبراير، والواقع المتردي، الانهيار الكبير على كل المستويات، فنحن ندرك كل ذلك، فلسنا رومانسيين نفتقد الواقعية السياسية، بل حالمون ندرك الواقع السياسي".

وزاد: "نحن واقعيون على المستوى السياسي، وحالمون على مستوى المثال، لذا فإن أعظم ما تمثله ثورة فبراير أنها بعثة المدني الأول للقيمة المدنية، وسط الشعب".

وقال: "ليس هناك حدث واحد على مستوى التاريخ السياسي اليمني، استيقظت فيه القيم المدنية؛ الحرية والكرامة والدستور والقانون، كما حدث في ثورة فبراير".

وأضاف: "كانت النخب السياسية اليمنية، قبل ثورة فبراير، قد انتهت إلى حالة من الاستخفاف بالشعب. جمهورية تستخف بالشعب، سياسيون لا يرون أي قيمة للشعب، وينظرون إلينا كمجموعة من الغوغائيين والبلهاء، ليس لنا أثر ولا حضور، حتى جاءت ثورة فبراير فشكلت هزة معنوية حقيقية".

وتابع: "القيمة المعنوية لفبراير كانت ولا تزال، بل أنه كلما ازداد الواقع ترديا والبلاد ارتدادا غرقنا في الظلام، على من يناهضون الثورة قبل المؤيدين لها أن يتذكروا بأن فبراير هي التي رفعت لهم مثالا، وهي التي تستحق أن تشكل مرجعية سياسية لهذا البلد".

وأردف: "ما حققته فبراير ليس على مستوى الإنجازات المادية، لكن تكاد تكون الكتلة المدنية، والتيار المدني الوحيد، الذي يوجد الآن في البلد، هم شباب فبراير، توزعوا وانتشروا وتعددت مآلاتهم، أي خرجنا بكتلة مدنية تُشكل أنبل ما في هذا البلد".

وزاد: "إذا كان هناك من قوة معنوية داخل اليمن، وإذا كان هناك من ضمير سياسي داخل البلد، ومن تيار يدافع عن القيم العليا وعن مصير الشعب، فهم شباب فبراير، بل إنها تشكل تيارا فاعلا على المستوى العسكري، فالشباب الذين خيبت آمالهم، ورأوا انهيار الدولة اليمنية، والتآمر الذي حدث، لم يقعدوا للتفرج أو للتباكي، بل انتشروا مباشرة".

وقال: "يبدو لي أن شباب فبراير، وهم ضحايا، أكثر مرونة من الجلادين، فنحن الضحايا الذين أسقطت الدولة على رؤوسنا، من المعيب أننا نتحول إلى مدافعين، أو نحتاج إلى التبرير، فالحوثي هو الطعنة الأولى لفبراير، والنظام الذي انتفضت ضده الثورة هو أيضا المتسبب الأكبر، لكننا نمتلك مرونة سياسية كبيرة، لنتجاوز هذا الاشتباك السيئ، فهم من يحتاجون إلى القليل من احترام الذات، ليتذكروا أن فبراير كانت المنقذ للنظام قبل الانقاذ للثوار أنفسهم".

- الثورة مستمرة

تقول داليا محمد - إحدى قيادات شباب الثورة -: "إن ثورة فبراير لا تزال تتجدد كلما مر الوقت والسنوات، فكل عام تظهر بحلتها المتجددة كما عهدنا ذلك من الشباب وكل الأطياف اليمنية المؤمنة بها".

وأضافت: "مع تعاقب السنوات، حيث مرت 13 سنة على ثورة 11 فبراير، في ظل الحرب التي تسبب بها الانقلاب الحوثي، هناك من يعتقد أن الثورة انتهت، لكن الشباب الأبطال المؤمنين بالثورة متواجدون في الساحات والجبهات، وفي كل مواقع القتال، ويؤكدون أن ثورة فبراير لا تزال حية ومستمرة".

وتابعت: "الكثير من الشباب لا زالوا مؤمنين بالثورة، ولو عاد بهم الزمن لخرجوا مجددا، وهذا يعود إلى الإيمان الحقيقي بالثورة، وبضرورتها وأهمية استمرارها، وتحقيق أهدافها".

وأردفت: "ثورة فبراير بالنسبة لنا كشباب شعرنا بأننا جيل له هدف، كنا نقرأ عن الثورات اليمنية في كتب التاريخ، وفي المدارس، وكيف عاش أجدادنا هذه الثورات، فجاءت فبراير وكان لهذا الجيل أيضا ثورة، قوية الأركان عالية الأهداف، وهو ما جعلنا -كشباب- أكثر إيمانا بها وتمسكا باستمراريتها، خصوصا بعد انقلاب مليشيا الحوثي، وتسببها بما نحن فيه اليوم من حرب".

وزادت: "من يهاجم ثورة فبراير هم من كانوا مستفيدين من النظام السابق وفساده، وضعف وهشاشة النظام السابق، لكن الشباب، الذي خرج وآمن بالثورة، وكان هدفه بناء دولة حقيقية، دولة تخدم المواطن، لا تستخدمه، فهم مؤمنون بالثورة".

وقالت: "هناك أصوات وصل بها الاستشفاء بأنهم يقولوا إن تعز تستحق ما يجري لها من حصار، لكن نحن لا نلتفت لمثل هذه الأصوات؛ لأن أهدافنا ثابتة وعظيمة، ولن يستطيع هؤلاء أن يغيروا أو يضعفوا عزيمتنا".

وأضافت: "لولا ثوار وشباب فبراير لما كانت هناك حكومة شرعية، فمن يدافعون عن الشرعية والدولة والجمهورية، اليوم، هم ثوار وشباب فبراير".

وتابعت: "ما وصلنا إليه اليوم من حرب وانقلاب وانهيار للدولة هو بسبب تحالف النظام السابق مع مليشيا الحوثي، وتسليم مؤسسات الدولة بأمنها وجيشها للمليشيا، بدعم وتآمر إقليمي -للأسف الشديد- وليس بسبب ثورة فبراير، والجميع يعرف ذلك جيدا، لكن هناك من يتناسون، ويتهم ثورة فبراير ظنا منهم بأنهم قادرون أن يؤثروا على حقيقة ونُبل ثورة فبراير".

وأردفت: "ما جرى لم يكن خفيا، بل إن رئيس النظام السابق وحزبه ظهروا على شاشة التلفاز، وأيد الانقلاب، وأعلن تحالفه مع مليشيا الحوثي، وكأن الأمر كان انتقاما من ثورة فبراير، التي أطاحت به وبمشروع التوريث، وكان يعتقد بأن المسألة مسألة وقت، وسينقلب على مليشيا الحوثي ويعيد ملكه، لكن - للأسف - انقلب السحر على الساحر، وقتل عفاش على يد المليشيا".

- أعظم فكرة

تقول رئيسة مؤسسة "أكون" للحقوق والحريات، لينا الحسني: "بقدر ما أنا كنت ولا أزال مؤمنة بفكرة أن الثورة أبدا لا تموت، ونحن كشباب ممن شاركنا بهذه الثورة، إذا عاد بنا الزمن مجددا سنعود مجددا؛ لإيماننا بهذه الفكرة، بالحماس والثبات ذاته، ولن نستسلم مهما حصل".

وأضافت: "رغم أن الكثير من الشباب أصابهم اليأس، بسبب الظروف والأوضاع، التي لحقت بالبلاد؛ نتيجة الانقلاب الحوثي، إلا أننا نشاهد، خلال هذا العام، والأعوام الأخيرة، كتابات وأصوات الشباب الذين كانوا قبل 13 عاما من الآن أطفالا، نجدهم مؤمنين بما كنا نحن مؤمنين به، وأنهم مستعدون للاستمرار بالثورة".

وتابعت: "ثورة فبراير كانت بالنسبة لي من أعظم الأشياء التي حصلت، رغم الخسارات التي منينا بها جميعا، لكنها فكرة، والفكرة يجب أن تستمر".

وأردفت: "ثورة فبراير أخرجت ما كان متخفيا، ويتربص باليمن، كشفت المليشيا التي كانت تعمل من خلف الستار، ولو كانت استمرت هذه المليشيا متخفية، وتستعد للانقضاض على الدولة لكان الوضع ربما أسوأ مما نحن عليه اليوم:.

وزادت: "الثورة قسمت الشباب إلى ثلاثة أصناف، الصنف الأول هم المستفيدون من الثورة، وفرحنا لهم عندما اعتلوا المناصب، على أمل بأنهم سيتحدثون عن أحلام الشباب وأوجاعهم وطموحاتهم، وهو ما لم يحصل مع الأسف، وهذا الأمر هو من جعل الصنف الثاني، الذي تضرر من الحرب نتيجة الانقلاب الحوثي، وخسر كل شيء، أن ينقم على الثورة، فيما الصنف الثالث الذين هم مشردون، شردوا مجبرين، ولا يعني خروجهم من اليمن أنهم مرتاحون، فهم بعيدون عن أسرهم وأهاليهم ووطنهم".

تقارير

كيف يمكن تفسير الصمت الدولي تجاه التهديدات الإسرائيلية بتدمير اليمن؟

توعد وزير دفاع الكيان الصهيوني، بشكل سافر، بتدمير صنعاء والحديدة، كما فعلوا في غزة ولبنان، ومر التهديد دون أي إدانة أو تنديد دولي، وبالمقابل تحاول ميليشيا الحوثي، تقديم نفسها كما لو كانت قوة إقليمية، بمواصلة هجماتها في البحر الأحمر غير آبهة بما قد يدفعه الشعب اليمني من ثمن نتيجة لهذا الجنون.

تقارير

قرار مختطف وأطراف قابلة للارتهان.. آفاق السلام أم الحرب؟

بات الحوثي لاعبا رئيسيا على المستويين المحلي والدولي، مستغلا هشاشة الأطراف المناوئة، وتعقيدات المشهد السياسي، فارضا حضوره كقوة مهيمنة في معادلة اليمن المعقّدة، فيما تتصاعد الأزمة ويسعى اليمنيون للحاق بتطورات اللحظة السورية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.