تقارير
"جواسيس وعملاء".. ما الذي يريده الحوثيون من نشر اعترافات المختطفين؟
منذ انقلاب مليشيا الحوثي وسيطرتها على العاصمة صنعاء، قسّمت اليمنيين بين جواسيس وعملاء ومرتزقة، وباتوا يعاملونهم على هذا الأساس، حتى فاضت السجون من المظلومين اليمنيين.
لا تزال مليشيا الحوثي مستمرة في نشر اعترافات تحت الضغط والترهيب والتعذيب، لتربويين وأكاديميين، مختطفين لديها، بأنهم يعملون مع كيانات خارجية لتدمير التعليم في اليمن، زاعمة أن ما قبل انقلابها كان تعليما مفروضا من الخارج، وأن ما تقوم به من تحريف وتغيير للمناهج وفق عقيدتها وأفكارها الدخيلة على المجتمع اليمني، هو تصحيح لمسار التعليم.
هذه الممارسات هي خطوة في طريق طويل انتهجته مليشيا الحوثي لتدمير العملية التعليمية، وإحداث تغييرات خطيرة على المناهج التعليمية، فخلال 10 سنوات من الانقلاب، اتخذت مليشيا الحوثي سياسة التجهيل وسيلة لفرض مشروعها وإحكام قبضتها على البلاد، وقد بدأت مبكرا في استهداف المدارس وتدميرها، وتحويل البعض منها إلى ثكنات عسكرية.
- تُهم العمالة والارتزاق
يقول أمين عام نقابة المعلمين في تعز، عبدالرحمن المقطري: "لا غرابة أن توجِّه مليشيا الحوثي تُهم العمالة والارتزاق لكل حُر وشريف، فكل شخص يخالف فكرتهم سيكون متهما بهذه التهمة".
وأضاف: "ما تقوم به المليشيا ليس مقتصرا على المعلمين، وإن كان المعلمون أكثر شريحة تعرّضت لهذا الانتهاك، وهناك أساتذة جامعات وأطباء ومحامون وناشطون، وجميعهم تعرضوا لتُهم التجسس".
وتابع: "مليشيا الحوثي مارست شتّى صنوف التنكيل والتعذيب بحق المختطفين، وعلى رأسهم المعلمون، ولا يزال البعض منهم مختطفا لديها منذ العام 2015م".
وأردف: "هؤلاء المعتقلون، الذين تمت محاكمتهم محاكمات صُورية، لا تتوفر فيها أي أسس من أسس العدالة، والدليل على ذلك أنهم لا يستطيعون رؤية أهاليهم، أو التواصل معهم".
وقال: "من بين المعتقلين الدكتور سعد النزيلي في أمانة العاصمة، والأستاذ خالد النهاري، وآخرون ممن اتهموا بالتخابر، بينما كانوا يؤدون مهاما تعليمية".
وأضاف: "تم تصفية الأستاذ التربوي القدير صبري الحكيمي وهو ذاهب إلى دورة تدريبية، وكان مديرا لإدارة التدريب في وزارة التربية والتعليم بصنعاء، فقط لأنه لم يوافق المليشيا على تغيير المناهج".
وتابع: "مليشيا الحوثي تريد أن تجعل المناهج سلالية على خلاف المناهج الأصلية التي عملها الكثير من الخبراء اليمنيين المشهود لهم، والتي كانت محل إجماع، وتمثل فلسفة المجتمع اليمني، وأهداف الثورة ومبادئها والوحدة اليمنية، والقيم الإسلامية والعربية الأصيلة".
وأردف: "مليشيا الحوثي؛ لأنها عصابات، استمرت على هذا النهج، وكثير من المعلمين قضوا في أكثر من محافظة تحت التعذيب، بهذه التهم، في تعز مثلا: الأستاذ صادق قائد العديني، استشهد في سجن الحوثي عام 2018م، وكذلك الأستاذ نجيب حسان العنيني، كان مخفيا قسرا منذ العام 2017م، وتفاجأت أسرته بخبر وفاته من الصليب الأحمر، في منتصف شهر 5 من العام 2024".
- حكم القانون
يقول المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة، عبدالرحمن برمان: "لا يجوز تصوير الأشخاص المحكوم عليهم، ولو فرضنا حتى إن مليشيا الحوثي سلطة شرعية، وأنها تمتلك شرعية قانونية باعتبارها تسيطر على مؤسسات الدولة وعدد من المحافظات، ففي هذه الحالة هي ملزمة بتنفيذ القوانين المحلية والدولية".
وأضاف: "مليشيا الحوثي أعلنت، عقب سيطرتها على العاصمة صنعاء، بأنها ستلتزم بكافة القوانين، وكذلك قالت للمجتمع الدولي، إنها ستلتزم بكل الاتفاقيات التي صادقت عليها اليمن".
وتابع: "مأمورو الضبط القضائي، في القانون، لا يجوز لهم فتح تحقيقات مع المقبوض عليهم، وكل ما تقوم به هذه الجهات هو تسجيل معلومات الشخص، والأسباب التي دفعت لاعتقاله، ثم يحال إلى النيابة العامة".
وأردف: "في النيابة العامة، لا يجوز تسجيل هذه الاعترافات أو تصويرها بالفيديو، أو تصوير فوتوغرافي، ولا حتى داخل جلسات المحاكمة، ما لم يأذن هو بذلك".
وزاد: "مليشيا الحوثي الآن تدين هؤلاء قبل أن يحالوا إلى القضاء، ويتم تشويههم وإدانتهم، ويحرضون المجتمع ضدهم، بأنهم مجموعة من الخونة والعملاء، ثم يحيلونهم بعد ذلك إلى القضاء".