تقارير
حادثة مقتل جنديين سعوديين في حضرموت.. هل تكشف عن وجود ثغرات أمنية في المنطقة؟
حادثة مقتل جنديين سعوديين وإصابة ثالث داخل مقر المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، برصاص جندي يمني في اللواء 135 يُدعى "محمد صالح العروسي"؛ أثارت قلق الناس في المنطقة وسط مطالباتهم المتزايدة بتعزيز الأمن وضمان الاستقرار في المدينة، التي شهدت مؤخرا العديد من الاختلالات الأمنية.
قيادة قوات درع الوطن قالت إنها أرسلت عددا من أفرادها إلى سيئون للتعاون مع الجهات المختصة للقبض على قاتل الجنود السعوديين، وفتح تحقيق واسع للكشف عن ملابسات الحادثة، وتحديد المسؤولين عنها.
إدارة الأمن والشرطة في محافظة حضرموت الوادي والصحراء رصدت مكافأة مالية قدرها 30 مليون ريال يمني لمن يدلي بأي معلومات عن مكان المدعو "محمد العروسي"، فيما وجّه محافظ حضرموت، "مبخوت بن ماضي"، قائد المنطقة العسكرية الأولى وقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظة بتتبع الجناة، والقبض عليهم لينالوا جزاءهم الرادع.
- أبعاد كثيرة
يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي: "حادثة مقتل جنديين سعوديين في حضرموت أخذت أبعادا كبيرة، وارتقت إلى مستوى قضية رأي عام، وتركت الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، وأطلقت الخيال والعنان للناس لكي يفسروا هذه الحادثة، وينشروا سيناريوهات عن الواقعة، كيف تمت؟ وعلى إثر ماذا تمت؟ إلى آخره".
وأضاف: "يؤخذ على هذه الحادثة أنها كشفت عن مدى استهتار السلطات الرسمية في كلا البلدين (في بلدنا اليمن وفي المملكة العربية السعودية) بالرأي العام".
وتابع: "يفترض أن تؤطر هذه الحادثة رسميا، فالناس بحاجة إلى أن يتعاملوا مع هذا الحدث ضمن إطار رسمي، وبلاغ صحفي يحدد ما الذي حدث، ملابسات هذا الحادث، ونتائجه، وما الإجراءات التي ستتخذ إزاءه؟ ولا ينبغي أن يترك الناس يفسروا هذه الحادثة بطريقة تخرجها عن سياقها الطبيعي".
وأردف: "أنا -في تقديري- أن الأمر طالما وأن الجهتين الرسميتين في البلدين لم تبادرا إلى تفسير هذه الحادثة، فربما تكون حادثة عرضية، وربما تكون حادثة مدبّرة، وربما يكون قتلا سياسيا، وربما يكون اختراقا من طرف ثالث، إلى آخره".
وأوضح: "الحادثة ربما تكون حادثة عرضية لسبب عادي جدا، قد تكون لأسباب مالية، أو لأسباب أخرى من هذا القبيل".
وأشار إلى أن "التناولات الإعلامية، منذ وقوع الحدث، تأخذ مسارات مختلفة، فهناك من يريد أن يضعها في سياق الحدث العام على مستوى المنطقة، أي العدوان الإسرائيلي على غزة، ونشر سيناريوهات، والسبب هو أن هناك من ترك الفراغ، ولم يملأ هذا الفراغ برواية رسمية".
وقال: "كان يمكن إشباع فضول الناس، ويتم التعامل مع الحادثة بشكل طبيعي".
وأضاف: "هناك من يعتبرها فرصة للتحريض على المنطقة العسكرية الأولى، وفي تقديري أن هذا الأمر لا ينبغي التعامل معه بهذه السطحية، ولا ينبغي التعامل معه استنادا إلى الدوافع السياسية، لهذا الطرف أو ذاك".
ويرى أن "يُحصر هذا الحادث، ويُنظر ما دوافعه، إن كانت سياسية يتم التعاطي معه ضمن هذا المستوى، وإن كان جريمة جنائية ينبغي التعاطي معها على هذا المستوى".
وتابع: "جائزة 30 مليونا مبكّرة، يعني -للأسف الشديد- أعتقد أن الحادثة غير مسيطرة عليها، ويبدو أنها تمت بطريقة غير متوقعة".
وتساءل: "كيف يحدث هذا في مقر المنطقة العسكرية الأولى ولم يتم احتواؤه، ولم يتم السيطرة عليه، ولم يكن هناك حرس يتعاطون مع القاتل؟".
وأردف: "المفترض أن لا يسمح للقاتل على الأقل بترك مسرح الجريمة، والاختفاء بهذه السهولة".
- حادث عرضي
يقول المحلل العسكري، العميد عبد الرحمن الربيعي: "الحادث هو حادث عرضي مؤسف لنا جميعا، والأشقاء في المملكة العربية السعودية ليسوا في حضرموت فقط بل يتواجدون منذ أن اختطفت الدولة، ومنذ أن بدأ يتشكل جيشنا الوطني وقواتنا المسلحة، لاسترداد واستعادة الدولة والجمهورية".
وأضاف: "المملكة العربية السعودية حاضرة بجيشها وإمكانياتها على اعتبار أن اليمن جارة للمملكة، وهذا شيء مرحب به جدا".
وتابع: "قوات التحالف لم تأتِ اعتباطا، إنما أتت وفق دعوة رسمية من حكومة شرعية معترف بها دوليا، ومرحب بها أيضا، وقدّمت التضحيات إلى جانب قواتنا المسلحة في أكثر من معركة وأكثر من حدث".
وأردف: "ليس هناك أي قواعد عسكرية لدول التحالف إطلاقا؛ بدليل أن الإخوة الشهداء (الضابطين السعوديين والجريح الثالث)، لم يكونوا داخل قاعدة عسكرية سعودية بحتة، لكنهم كانوا داخل المنطقة العسكرية الأولى في مقر المنطقة، وهذا الأمر يعتبر عاديا، بمعنى قد يكونوا موجودين كما هم موجودون في أكثر من مكان لتقديم المساعدة والمشورة ليس إلا".
وزاد: "في الوقت نفسه، ليس هناك احتكاك ما بين اليمنيين والسعوديين على الإطلاق، الكل موجود كأننا زملاء، وتجمعنا القضية والهدف والمصير المشترك الواحد بين جيشنا وجيش المملكة العربية السعودية، فكانوا طبعا حاضرين منذ بداية التحالف في تقديم العون للحكومة والشعب والجيش اليمني".
وقال: "كانوا حاضرين وموجودين معنا في أكثر من معركة، وأكثر من مكان، ولا زالت تتواجد هناك عناصر ليست على شكل هيئات أو قواعد، لكن عناصر لتقديم مساعدة قد تكون في الجانب اللوجستي، أو حتى في الجانب التكتيكي، أو التدريبي، أو شيء من هذا القبيل".