تقارير

دكاكين الحارات.. مساكن للفقراء في شوارع صنعاء

02/08/2021, 14:03:11
المصدر : قناة بلقيس - كريم حسن

اضطر المواطن الأربعيني عبدالقوي وعائلته المكوَّنة من 5 أفراد، للسكن والعيش داخل دكان صغير مخصص لعمل تجاري بسيط، لا مسكناً لأسرة بجميع أفرادها طبقاً لأبسط قواعد مساكن الإنسان المناسبة.

يقول عبدالقوي لبلقيس: "لجأت للسكن هنا مع أسرتي بعد أن طردني المؤجر من الشقة التي كُنا فيها بسبب عجزي عن دفع الإيجار".

تحشر الأسرة نفسها للعيش والسكن وسط هذا المخزن، الذي تبلغ مساحته 4م طولاً ومثلها في العرض. 

دون تهوية جيّدة أو إضاءة مناسبة ناهيك عن افتقاده لأي مُلحق تتنفس عبره الأسرة سوى حمام صغير بداخله تم اجتزاؤه من المساحة الضيّقة للمخزن.

لكنّ قصة تحويل دكاكين البضائع إلى مساكن لمئات الأسر الفقيرة في العاصمة صنعاء، انتشرت مؤخراً بصورة كبيرة في كافة أحياء وأزقة العاصمة المحتلة. 

تأتي الحرب الممتدة في البلاد مُذ أكثر من 7 أعوام، سبباً أساسياً في خلق النتائج الكارثية والمدمّرة لحياة ومعيشة المواطنين. إذ أصبحت الدكاكين والمخازن الخاصة بالبضائع مساكن الأُسر العاجزة عن دفع مبالغ كبيرة مقابل السكن المناسب. 

هذا لا يعني أن تلك الدكاكين مجانية لكنّها بمقابل إيجار أقلّ من البيوت والشقق السكنية. إضافة لافتقارها أبسط مقوّمات المسكن المناسب. محمد ذهبان نازح مع أسرته من منطقة اشتباكات، يبلغ من العمر 48 عاماً، يقول لبلقيس: "أسكن في دكان مع أسرتي، لأنِّي غير قادر على استئجار شقة، وأدفع 30 ألف ريال إيجار هذا الدّكان"، (50 دولار سعر الصرف في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية). 

توطين المليشيات لعناصرها

يعيش ملايين الفقراء اليمنيين ظروفاً معيشية شاقة واستثنائية، جعلتهم أكثر عجزاً من أي وقتٍ مضى عن توفير المساكن الآمنة والمناسبة لأسرهم، تحديداً فترة سنين الحرب. حيث تضاعفت إيجارات المساكن بصورة مفزعة، مما كانت عليه سابقاً في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية. 

نصر الجماعي، البالغ من العمر 50 عاماً، ومالك مكتب خاص بتأجير العقارات في صنعاء.

يقول لبلقيس: "هناك مشكلتان تواجه المستأجر، الأولى ارتفاع إيجار العقارات السكنية بشكل كبير، والثانية أزمة المساكن بسبب نازحي الحرب". 

إذْ شهدت إيجار البيوت والشقق السكنية ارتفاعاً كبيراً، تحت تأثير العديد من العوامل، لعلَّ أبرزها سعي مليشيات الحوثي الانقلابية لتوطين غالبية عناصرها الذين جلبتهم من مناطق كثيرة إلى العاصمة صنعاء، كحماية وتأمين لنفوذهم، وِفقاً للناشط التجاري في مجال العقارات في معرض حديثه لبلقيس.

وشكا مواطنون هُجّروا من مساكنهم في صنعاء، بسبب موجة ارتفاع الإيجارات، وعجزهم عن الدّفع، إضافة إلى عملية الاستيطان التي تقوم بها مليشيات الحوثي لعناصرها، الأمر الذي اضطر المواطنين إلى اللجوء إلى البحث عن دكاكين أو مخازن بضائع واستئجارها للسكن فيها، تحت ضغط قسوة الظروف وأزمة المساكن. 

عوامل حرب المساكن

تزايد، في السنوات الأخيرة، لجوء آلاف المواطنين إلى استئجار دكاكين ومخازن، خاصة بالعمل التجاري، للسكن والمعيشة فيها، نتيجة تكالب عدة عوامل نشبت عنها حرب وأزمة المساكن في صنعاء. 

محمد السريحي، مواطن أربعيني، يسكن في دكان مع أسرته، يقول لبلقيس: "ما قدرت أدفع إيجار المنزل الذي كنت أعيش فيه مع أسرتي، بسبب ظروفي الصعبة، رجعت استأجرت هذا الدّكان لما يفرجها الله". 

ويعتبر غالبية المواطنين أن الحوثيين هم المشكلة الأساسية في ارتفاع أسعار الإيجارات، بسبب توطين عناصرهم في صنعاء، وقدرتهم المالية على الدّفع، عكسْ الآخرين الذين فقدوا مصادر دخلهم المعيشي، وأصبحوا عاجزين عن تسديد الإيجارات. إضافة إلى ذلك، يأتي عامل النزوح الذي دفع بملاك العقارات إلى رفع الإيجارات بصورة كبيرة. 

إحدى النازحات من محافظة حجة إلى صنعاء، تقول لبلقيس: "استأجرت دكان أعيش فيه مع عيالي 3 بنات وولد، نعمل كلنا متسولين، وزوجي مات في الجبهة". 

كما أن انقطاع عملية صرف مرتبات موظفي الدولة في صنعاء، فاقمت الأمر سوءاً على الموظفين، وعملت على تشريدهم من مساكنهم السابقة بالإيجار.

الموظف حسين الشوافي، البالغ من العمر 42 عاماً، يقول لبلقيس: "تشرّدت من مسكني الأول، ما قدرت أدفع الإيجار، بسبب انقطاع المرتّب، خرجت واستأجرت دكان نسكن فيه، أنا وأسرتي". 

خصوصيات معدومة

بحسب غرض إنشاء تلك الدكاكين أو المخازن، فإنها غير صالحة للعيش الأدمي لفقدانها تفاصيل البيوت المعيشية الآمنة والمناسبة. 

المهندس نجيب حسن، يقول لبلقيس: "هذه الدكاكين مخصصة فقط للبضائع، ما ينفع تعيش أسرة بكامل أفرادها داخل دكان بلا تهوية ولا إضاءة مناسبة، ولا يوجد فيه ملاحق للعيش". 

إذْ تعاني الأُسر التي تعيش في هذه الدّكاكين من أمور كثيرة تفتقدها في حياتها البسيطة. 

سيدة أربعينية تسكن مع أسرتها دكان ضيّق، تشتكي لبلقيس بؤسها: "كلنا نعيش وننام داخل هذا الدكان، ما فيه إلا الحمام بس، والله ما أحصل فين أنشر ثياب الغسيل".

تلك أبسط الوسائل المعدومة لفاقدي مساكنهم، في بلد تخلّت كل السلطات عن توفير أبسط الخدمات المعيشية لمواطنيها الذين يكابدون ظروف الحياة بقسوة.

كريم بن حسن

تقارير

من صعدة إلى المهرة.. ما تداعيات انتشار القوات السلفية المدعومة سعودياً على سيادة اليمن؟

من محافظة صعدة شمالا إلى المهرة شرقا، تتشكل قوات بقرار سعودي وخلفية سلفية، خارج البزة العسكرية، وخارج مؤسسة الجيش الرسمية، حيث ظهر وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن الداعري، في محوري كتاف والبقع، بجوار اللواء رداد الهاشمي، المعين من قبل السعودية بزي مدني، والذي تخضع وحداته لقرار سعودي تمويلا وتسليحا بعيدا عن مؤسسات الجيش اليمني.

تقارير

الخوف من الداخل.. هل تهدد الجماهير سلطة الحوثيين أكثر من الخارج؟

تعكس حملات القمع والاعتقالات التي تنفذها مليشيا الحوثيين في مناطق سيطرتها مخاوفها من انتفاضة شعبية تطيح بسلطتها، وهو ما يعكس هشاشة تلك المليشيا رغم أنها تدعي مجابهة القوى الكبرى وتحالفات عربية ودولية، كالتحالف العربي بقيادة السعودية والتحالف الدولي في البحر الأحمر (أسبيدس)، فضلا عن مواجهة الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي.

تقارير

في ظل تآكل حضور الشرعية مع تعدد مراكز القوى.. هل تتحول حضرموت إلى ساحة صراع مفتوحة؟

صورة ضبابية تحيط بالمشهد الحضرمي حتى بالنسبة لأبنائه أنفسهم، لا ملامح واضحة لمستقبل المحافظة، ولا يقين في مساراتها السياسية أو الأمنية، بعد أن تحولت هذه المحافظة من موجة احتجاجات ومطالب شعبية، وتحسّن للخدمات، إلى ميدان مفتوح لصراع المشاريع التي تتزاحم على أنقاض الدولة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.