تقارير
سفير إيراني جديد في صنعاء.. تساؤلات عن أهداف طهران في اليمن؟
في خطوة تحمل دلالات سياسية وعسكرية هامة، أعلنت إيران عن تعيين علي محمد رمضاني سفيرا جديدا لها لدى مليشيا الحوثي في صنعاء، وذلك بعد نحو ثلاثة أعوام من وفاة سفيرها السابق لدى المليشيا حسن إيرلو.
هذه الخطوة تثير تساؤلات حول أهداف إيران منها وتوقيتها، خاصة في ظل جمود العملية السياسية في اليمن، وتوقف التفاهمات السعودية - الإيرانية، الأمر الذي يبدو أن إيران قد انتهت من ترتيب بيتها الداخلي بعد فترة من الاضطراب، وباتت قادرة على الالتفات إلى ملفاتها الخارجية.
يرى مراقبون أن إيران تسعى، من خلال تعزيز وجودها الدبلوماسي في صنعاء، إلى إرسال رسائل متعددة، منها تأكيد دعمها لمليشيا الحوثي، وتشجيعها على التمسك بمواقفها، والضغط على السعودية عبر ورقة اليمن، وتأكيد دورها كمؤثر أساسي في المنطقة.
- أهداف جديدة
يقول الصحفي سلمان المقرمي: "السفير الإيراني وصل إلى اليمن ليقول نحن انتصرنا، فخلال السنوات الماضية كانت أهداف إيران هي الحفاظ على بقاء مليشيا الحوثي، وإثبات وجودها".
وأضاف: "إيران اليوم لديها أهداف جديدة، بعد أن رأت نفسها أنها انتصرت في هذه الحرب، والآن بدأت مرحلة استحقاقات النصر وتداعياته".
وتابع: "إيران تؤسس لدولتها ووجودها السياسي في اليمن، بعد أن أسست وجودها العسكري والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وترى أن صنعاء وشمال اليمن أصبحا ملكا لها، ويحق لها أن تتصرف كما تريد".
وأردف: "مرحلة الاستحقاق وجني ثمار النصر، التي انتصرت فيها إيران، خلال العقود الماضية، لا سيما الحرب الأخيرة، فالإيرانيون يقولون بملء الفم إن هذه الأرض لهم وتابعة لهم، ويبنون على هذه الانتصارات على أرض الواقع السياسي".
وزاد: "قد يكون هذا الوجود طبقا للاتفاق السعودي - الإيراني برعاية صينية، وربما يخالفه، لكن الأرجح أن هذا الوجود بدون معارضة إقليمية أو محلية، فإيران تجني انتصاراتها، ولا يُقال لها شيء الآن في ظل الأوضاع الحالية محليا وإقليميا".
وقال: "الإعلان عن السفير الإيراني الجديد أتى ليقول إن الإيرانيين لديهم ما يكفي من الأوراق لفعل ما يريدونه، ولتنفيذ مخططاتهم القادمة، وتنفيذ الوضع الناتج عن التطورات الإقليمية الأخيرة، لحصد المزيد من المكاسب".
- مهام السفير الجديد
يقول الباحث المختص في الشأن الإيراني، وجدان عبدالرحمن: "فيما يتعلق بطريقة نقل السفير الإيراني إلى صنعاء، ففي السابق، في ظل منع الطيران عن صنعاء، عادة ما كان يتم تهريب كبار المسؤولين الإيرانيين عبر سفينة ماشاد، أو عبر السفن الأخرى التابعة لفيلق الحرس الثوري الإيراني، ومن هنالك عبر قوارب لمليشيا الحوثي يتم من خلالها إيصالهم إلى الداخل اليمني".
وأوضح: "بعد الهدنة، التي حصلت بين السعودية ومليشيا الحوثي، والسماح للطيران اليمني والعُماني بالهبوط في مطار صنعاء، يتم تهريب القادة عبر الطيران".
وأضاف: "في تصوري، تم نقل السفير الإيراني الجديد لدى مليشيا الحوثي في صنعاء من مسقط عاصمة عُمان إلى صنعاء، وقد يكون استخدم اسما مستعارا لكي لا يتم التعرف عليه".
وتابع: تتمثل "مهام السفير الإيراني الجديد رمضاني، في الظرف الراهن، وفي ظل ما يحدث في المنطقة، بحاجة الحرس الثوري الإيراني لأن يكون ملف مليشيا الحوثي تحت سيطرته بشكل كامل، كما كان في عهد إيرلو؛ لأن بعد مقتل إيرلو بدأت مليشيا الحوثي بالتصرف أحيانا بشكل غير منظم ومنسق، كما يريد الحرس الثوري".
وأردف: "بسبب الخلافات، في فترة إبراهيم رئيسي، ما بين حكومته وما بين الحرس الثوري الإيراني، حول إرسال السفير الذي كان يريد الحرس الثوري إرساله، وبعد رحيل رئيسي أصبح الحرس أكثر سهولة في العمل، وفرض شروطه على حكومة بزشكيان، لذلك تم تعيين شخص آخر وهو عضو فيلق القدس الإيراني، رمضاني، سفيرا لدى مليشيا الحوثي".
وزاد: "في ظل ما يجري في المنطقة، تم إرسال عضو فيلق القدس؛ ليقوم بإعطاء الأوامر لمليشيا الحوثي، خاصة بعد الأزمة التي حصلت في البحر الأحمر، وموضوع استهداف إسرائيل".
وقال: "إيران تريد أن يكون لها حضور مباشر في صنعاء، والسيطرة على مليشيا الحوثي، بشأن طريقة الرد على إسرائيل؛ لأن إيران قد تكون تنسِّق مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومليشيا الحوثي قد تعرقل هذه المفاوضات، ولذلك أرسلت سفيرها إلى صنعاء".
- استعراض إيراني
تقول الباحثة في الشأن الإيراني، أمل عالم: "إذا قارنّا بين ظروف الإعلان عن وجود سفير إيران السابق لدى مليشيا الحوثي حسن إيرلو، في صنعاء، وبين الإعلان الحالي عن وجود سفير إيراني جديد، نجد أن الكثير من السياقات تتشابه، أبرزها التوتر الحاد في العلاقات الأمريكية - الإيرانية، وارتفاع احتمالية نشوب صدام مباشر".
وأضافت: "بعد اقتحام المليشيا الموالية لإيران السفارة الأمريكية في بغداد، والرد الأمريكي على ذلك باغتيال قائد فيلق القدس آنذاك، قاسم سليماني، وتصعيد واشنطن في سياسة الضغوط على طهران، واستهداف النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان، ففي ظل تلك الأوضاع تم الإعلان عن حسن إيرلو كسفير لدى المليشيا الحوثية في صنعاء، في عام 2020، وهي محاولة إيرانية لاستعراض قوتها في اليمن، واستثمارها بشكل علني".
وتابعت: "في الوقت ذاته، يمكن قراءة الإعلان عن السفير الإيراني الجديد في ظروف مشابهة، فهناك توتر حاد جدا في العلاقات الأمريكية - الإيرانية، واحتمالات وجود صدام مباشر مع طهران عالية جدا، وهناك استهداف دقيق للنفوذ الإيراني في سوريا ولبنان، وعلى مستوى قيادات كبيرة، بالإضافة إلى اغتيال إسماعيل هنية في طهران".
وأردفت: "في المقابل، هناك أنباء عن عروض تقدَّم لإيران لعدم الرد، والتصعيد في المنطقة، وهنا مرّة أخرى إيران بحاجة إلى توظيف نفوذها في اليمن، للاستثمار في الترتيبات القادمة، والحفاظ على نفوذها الإقليمي، في المرحلة القادمة بعد انتهاء الحرب في غزة، وهذا الأمر يحتاج إلى وجود سياسي وتنسيق بعيدا عن التواجد العسكري".