تقارير
سنوات من المعاناة والإهمال.. من ينصف جرحى تعز؟
بشكل يومي يواصل جرحى تعز افتراش الأرصفة، وقطع شوارع المدينة، للمطالبة بصرف مستحقاتهم، وإنهاء معاناتهم، وسط استمرار تجاهل السلطات المحلية في المدينة أوضاعهم، خصوصا مبتوري الأطراف منهم، بسبب الحرب.
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه اللجنة الطبية لجرحى الحرب في تعز تسلّمها دفعة مالية من إجمالي ما تم التوجيه به من قِبل نائب رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء قبل عامين.
وتتهم رابطة جرحى تعز البنك المركزي والسلطات المحلية بمحاولة نهب نصف المبلغ الذي وجّه بصرفه رئيس الوزراء لمعالجة جرحى تعز، المقدر بـ575 ألف دولار و750 مليون ريال يمني.
إذ تقول اللجنة أن باقي المبلغ المقدر ب577 ألف دولار لم يتم تسلمه حتى اللحظة، ويريد البنك مصارفته بسعر الصرف السابق لديه، وهو ما ترفضه اللجنة.
وأوضح مسؤولون في اللجنة لبلقيس أن المبلغ المستلم لن يكفي لتغطية كل احتياجات جرحى تعز، سواء أكانوا في الداخل أم في الخارج، خصوصا مع انخفاض سعر قيمة العملة إلى مستويات غير مسبوقة.
ويصف عدد من الجرحى، في حديث لهم مع "بلقيس"، تعامل السلطات الحكومية مع قضيتهم بالأمر المخزي والمعيب، عندما وجدوا أنفسهم بعد كل هذه المعاناة، وفي ظل هذه المرحلة الفارقة، واقفين أمام العبثية في تعاملات البنك المركزي، وما يتكشف من فساد وأعمال نهب وعبث يطال المال العام وموارد الدولة، وانهيار العملة، وتدهور الاقتصاد.
وأوضحت الرابطة أنه بقدر ما تكشفه هذه الألآعيب من فساد وعنجهية، فإنها تنوّه بما يكشفه ذلك من واقع مأساوي وصورة مفزعة لحجم الخلل الذي يضرب مسار الشرعية وأداءها العام، خاصة فيما يتعلق بمسؤولياتها تجاه المعركة الوطنية، الذي بات يأخذ شكلا من النكران التام لتضحيات الأبطال، وهذا النزيف الذي يسقي تربة اليمن، ويغذي صمودها في مواجهة أحقر مليشيا سلالية.
وأشارت إلى أن لهذا الخذلان والإهمال الحكومي انعكاسات خطيرة على وضع الجرحى، سواء في الداخل -الذين توقف العلاج عنهم بشكل تام بينهم قرابة 2900 جريح بحاجة لتدخل طبي عاجل- أو الجرحى الذين هم بحاجة ماسة للسفر من أجل العلاج في الخارج، وعددهم يزيد عن 320 جريحا، بالإضافة إلى جرحى الخارج الذي يقاسون صنوف العذاب الجسدي والنفسي، في ظل انسداد الأمل بتدخل الحكومة لإنقاذهم، والعمل على تسليم المخصصات المحتجزة لاستكمال علاجهم.
وتدعو الرابطة الحكومة الشرعية إلى الكف عن الإمعان بمضاعفة معاناة جرحى تعز الأبطال، ووضع حد لألآعيب نائب مدير البنك المركزي ولوبي الفساد التابع له، وسرعة إطلاق المستحقات المتأخرة بحسب توجيه نائب رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء دون مماطلة أو تأخير.
كما تطالب الحكومة بتخصيص ميزانية ثابتة لجرحى تعز، تضع حلولا جذرية لمعاناتهم، وتكون قادرة على استيعاب كافة التطورات مع استمرار المعركة ضد مليشيا الحوثي الارهابية، وازدياد اعداد الجرحى كل يوم.
ويشير بعض الحقوقيين في تعز إلى أن قضية جرحى تعز ما تزال قضية حيّة منذ بداية الحرب، وأنها لم تغلق بعد بسبب استمرار الصراع الذي يسقط معه الضحايا والجرحى بشكل مستمر.
ويضيف الحقوقيون، في أحاديث متفرّقه لهم مع "بلقيس" إلى أن "الأسلحة، وخصوصاً الألغام، ما زالت تخلّف ضحايا وجرحى بشكل شبه يومي"، مستنكرين المعاملة السيِّئة التي تجري من قِبل الحكومة الشرعية تجاه قضايا الجرحى.
ويؤكدون أن "الشرعية، ومنذ خمس سنوات، لم تقم بواجباتها الدستورية على النحو المطلوب تجاه جرحى تعز، وذلك من خلال توفير الرعاية الصحية لهم".
وتؤكد المصادر أن جرحى المحافظة المتواجدين في الخارج يعانون الأمرَّين "نتيجة عدم الرعاية الصحية لهم من قِبل الشرعية".
وبشأن ما إذا كان هناك تقصير من قِبل لجان الجرحى بهذا الخصوص، تفيد المصادر أن المسؤولين عن ملف الجرحى في تعز "لم يقوموا بواجباتهم، ولم يتحمّلوا المسؤولية الكاملة".
وعن الخطوات التي سيُقدم عليها الجرحى، يفيد مسؤولون في رابطة جرحى تعز، ماهر، أن "الخطوات التي سيُقدم عليها الجرحى -في حال لم تتحقق مطالبهم- هي مواصلة التصعيد وإغلاق المكاتب الإيرادية في المحافظة".
ويؤكدون أن "جرحى تعز سيستمرون في تصعيدهم حتى حلّ مشاكلهم بشكل جذري وكامل"، منتقدين تجاهل السلطة المحلية والقيادة العسكرية مطالب هؤلاء الجرحى.