تقارير

سيطرة تمهّد الطريق إلى صنعاء.. هل حانت لحظة استعادة الميناء الحيوي؟

12/04/2025, 09:37:11
المصدر : صحيفة ذا ناشيونال - ترجمة خاصة

يعتقد خبراء بأنه قد يبدأ قريبا هجوما عسكريا من قِبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لاستعادة السيطرة على ميناء حيوي من المتمردين الحوثيين.

إلا أنه لم يظهر سوى القليل من التأكيد على أن العملية ستحظى بالدعم الأمريكي المطلوب لتكون ناجحة.

ويعد ميناء الحديدة نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية إلى اليمن، ويحتوي على مرافق لتخزين النفط.

وقال خبراء إنه بعد أن شنت الولايات المتحدة غارات جوية متجددة ضد الحوثيين، تستعد الجماعات المسلحة، الداعمة للحكومة المعترف بها دوليا، للزحف على الحديدة.

وبحسب ما ورد، فقد أدت الهجمات على المدينة الساحلية إلى مقتل شخصيات حوثية بارزة وإضعاف الجماعة.

ويجري حشد نحو 80 ألف جندي، حسبما قال عبد العزيز بن صقر، مؤسس مركز الخليج للأبحاث.

لا يتم التخطيط للعمليات بشأن ميناء الحديدة فحسب، بل بالمنطقة المحيطة بها المعروفة باسم "المنطقة الخامسة" في غرب اليمن، ومحافظة تعز إلى الجنوب، حسبما قال فارع المسلمي، الزميل في مركز "تشاتام هاوس".

وسيمثل الاستيلاء على الحديدة "الأرضية" للاستيلاء على العاصمة صنعاء، التي تخضع لسيطرة الحوثيين منذ عام 2014.

وقال  عبد العزيز صقر، مؤسس مركز الخليج للأبحاث : "لقد كان الأمر دائما أنه إذا سقطت الحديدة فإن صنعاء هي التالية، نحن في مرحلة العد التنازلي لنهاية الحوثيين".

وسيطرت جماعة الحوثي على شمال اليمن في عام 2014، مما أشعل حربا أهلية، وتدخل تحالف تقوده السعودية بناء على طلب من الحكومة المعترف بها دوليا.

ومنذ عام 2023، شن الحوثيون هجمات على سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر، وهي أفعال تزعم الجماعة أنها تأتي تضامنا مع سكان غزة. ودفعت هجماتهم على الشحن الدولي إلى شن غارات أمريكية عليهم.

- مخاوف ما بعد الحرب

غير أن التحضير لاستعادة الحديدة يأتي في ظل صعوبات. وقال المسلمي إن الدعم العسكري الأمريكي غير مضمون بسبب سياسة واشنطن الخارجية "غير المتسقة" بشأن اليمن.

وأضاف: "هناك الكثير من الأوهام لدى الحكومة اليمنية بأنه سيتم تسليحهم من قِبل الولايات المتحدة، أو سيتم منحهم غطاء جويا".

كانت الولايات المتحدة مصرَّة على أنها لن تتدخل في الصراع اليمني. وتوقفت عملية السلام التي توسطت فيها السعودية، والتي سُلمت إلى الأمم المتحدة العام الماضي، بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وقالت القيادة المركزية الأمريكية إن الجنرال مايكل كوريلا، من القيادة المركزية الأمريكية، التقى الفريق صغير حمود أحمد عزيز، رئيس أركان القوات المسلحة اليمنية، هذا الأسبوع، وناقشا "الجهود الجارية ضد الحوثيين المدعومين من إيران، بما في ذلك العملية الحالية التي تهدف إلى استعادة حرية الملاحة".

وعوضا عن ذلك، من المرجح أن تهتدي القرارات الأمريكية بشأن اليمن ب "الحسابات السياسية الداخلية" لواشنطن والانعزالية أكثر فأكثر، كما قال المسلمي.

وأضاف أن أي عملية عسكرية في الحديدة ستكون صعبة "سياسيا"؛ لأنها ستخرق اتفاق ستوكهولم لعام 2018 الذي ترعاه الأمم المتحدة. ويستلزم ذلك الاتفاق من جميع أطراف النزاع الانسحاب من المدينة الساحلية، وهو ما لم يفعله الحوثيون مطلقا.

ومع ذلك، كانت هناك مخاوف من أن الحكومة المعترف بها دوليا ستفتقد إلى المشروعية في صنعاء، ولديها قدرة محدودة على الحكم هناك.

وقد كان لديها سجل حافل بعدم كفاءة حكمها في جنوب اليمن، وعجزها عن توفير الكهرباء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

واضاف بالقول: "قلقي المشروع هو حول اليوم التالي، فإذا استولوا على صنعاء، فما الذي يمكنهم تقديمه للناس بحيث يجعلونهم يشعرون بأن الأمور عادت الآن إلى طبيعتها، وهناك أمان وأمن، ووجود للقانون".

وستتفاقم هذه المخاطر بسبب الانكفاء المتزايد للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهما من أكبر المانحين في العالم لليمن، بل لقد جرى تقليص برامج المساعدات الخارجية مؤخرا.

قالت سانام فاكيل، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "تشاتام هاوس": "لم تعد الولايات المتحدة حاضرة في مجال بناء القدرات الحكومية".

وحثت فاكيل الولايات المتحدة وحلفاءها على تحويل انتباههم نحو عملية السلام في اليمن: "مع بعض الاضافات الجديدة، فلا يزال ذلك ممكنا على المدى الطويل. اليمن لديه فرصة أفضل لعملية سياسية، أكثر من ليبيا، وأكثر من سوريا".

- المصالح الروسية الزاحفة

ويضيف اتفاق الحوثيين مع موسكو وبكين، بشأن السماح لسفنهما بالإبحار عبر مضيق باب المندب دون التعرض للهجوم، مزيدا من العقبات أمام أي هجوم محتمل على الحديدة.

فمن غير المعروف ما هي شروط الاتفاق، إلا أن كلا من روسيا والصين لديهما حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، وكانت هناك محادثات بوساطة إيرانية مع روسيا لإرسال صواريخ متطورة مضادة للسفن إلى الحوثيين.

كما كانت هناك أدلة على قيام الحوثيين بتجنيد مقاتلين للانضمام إلى الحرب في أوكرانيا.

وقال المسلمي: "هذه مشكلة مسكوت عنها، حفرة مظلمة حقيقية"، ردا على سؤال من صحيفة "ذا ناشيونال"، حول الآثار المحتملة طويلة المدى لاتفاق الحوثيين مع روسيا والصين.

ومع ضعف قبضة روسيا في سوريا بسبب الإطاحة بالرئيس السابق، بشار الأسد، بدا أن موسكو مستعدة لتحويل مواردها إلى اليمن.

واضاف المسلمي أن "الخبراء الإقليميين الروس الذين كانوا متمركزين سابقا في دمشق موجودون الآن في صنعاء".

وتابع: "خسارة سوريا لن تؤدي إلا إلى زيادة قوة الوجود الروسي في اليمن".

وقال عبدالعزيز بن صقر إن "محاولات روسيا الأخيرة لفتح سفارة في عدن، مقر الحكومة المعترف بها دوليا، قيدها طلب الحرية في الحركة، الذي رفضه الجانب اليمني".

وأضاف: "أخبرتهم الحكومة أنه لا يمكنك الحصول على حرية الحركة؛ لأنهم يعرفون أن هناك نوعا من الارتباط والعلاقات والإمدادات التي تحصل".

وكذلك، من المرجح أن الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على الصين ستجعل بكين "أكثر سخاء" في اليمن، حسبما أفاد المسلمي.

تقارير

لماذا تُضخم واشنطن من قدرات الحوثيين؟

يواصل مسؤولون أمريكيون التهويل غير المسبوق لمليشيا الحوثيين وتسويقها بشكل مثير للسخرية، لم يقتصر على وصف المواجهات معها في البحر الأحمر بأنها "أعقد وأشد اشتباك بحري منذ الحرب العالمية الثانية"، بل وصل الأمر إلى الزعم بأن تلك التجربة "تُدرَس بعناية" ضمن تحضيرات الجيش الأمريكي لاحتمالات المواجهة مع الصين، في ربط غير منطقي بين مليشيا جبلية فوضوية والصين بوصفها القوة النووية والعسكرية والاقتصادية الصاعدة التي تشكل التحدي الأكبر للهيمنة الأمريكية في العالم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.