ضربات إسرائيل غير المسبوقة ضد حزب الله.. ما الآثار المتوقعة على المنطقة بما فيها اليمن؟

أيام مفصلية تمر بها المنطقة، في الشهر الحادي عشر من العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث بدا التفاتها إلى الجبهة الشمالية مع لبنان أكثر قسوة مما كان متوقعا، بناءً على مُعطيات تدخّل حزب الله اللبناني المحدود.  

خلال الأيام القليلة الماضية، تعرّض حزب الله لحرب اجتثاث طالت قياداته الرئيسية، سيكون لها تأثير مباشر على معادلة القوّة في المنطقة بشكل عام.  

إعلان مقتل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بشكل رسمي يكون قد ختم أكثر من ستة عقود عاش نصفها الثاني زعيما لحزب الله، الذي تحرّك -خلال فترة قيادته- من مربع المقاومة الموجّهة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة عام 2006م، التي خاض فيها حربا شرسة مع العدوان الإسرائيلي وانتصر بها، وحاز على تعاطف الشعوب العربية، ثم تحوّل تحولا كاملا إلى مربّع المشاركة في الحروب الداخلية، وإسناد أنظمة الاستبداد، خاصة في سوريا واليمن، من خلال دفع مقاتليه إلى قتال السوريين، أو حتى إرسال خبرائه لتدريب الحوثيين.  

- سطوة معلوماتية  

يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي: "منذ أن نفذت إسرائيل هذه الضربة، كانت على يقين -من خلال تصريحات مسؤوليها وقياداتها العسكرية- بأن هذه الضربة استهدفت مقر القيادة المركزية لحزب الله، وكان الحديث غير قطعي عن أن زعيم الحزب حسن نصر الله من ضمن قتلى هذا الهجوم".  

وأضاف: "في صبيحة اليوم التالي، أكد الجيش الإسرائيلي أن حسن نصر الله أغتيل في هذا الهجوم".  

وتابع: "بلا شك أن إيران وحزب الله كانا على علم بأن حسن نصر الله أغتيل في هذا الهجوم، وهو هجوم كبير جدا، اُستخدمت فيها أسلحة -كما يقول الإسرائيليون- لأول مرّة، وذات قوة تدميرية هائلة، وكانت هدفها أن تصل إلى أعماق الأرض، لكي تحقق أهدافها، لذلك لم يمنحوا زعيم الحزب شرف إعلان الشهادة من قِبل الحزب بأن زعيمه استشهد".  

وأردف: "إعلان حزب الله أن زعيمه استشهد جاء بعد أن أكد الجيش الإسرائيلي بشكل قطعي أن حسن نصر الله أغتيل، وهذا يعني أن إسرائيل لم تكتفِ بالحصول على المعلومات التي أوصلتها إلى الهدف، بل كان لديها معطيات جعلتها على يقين بأن حسن نصر الله اغتيل".  

وزاد: "هذا يشير إلى السطوة المعلوماتية الاستخباراتية التي يتمتع بها الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالجسم القيادي لحزب الله".

واستطرد: "وعندما نتحدث عن إمكانية الوصول لأهداف ثمينة من وزن زعيم حزب الله، هذا يعني أن المسألة بُنيت على تقديرات استخباراتية، ومُعطيات ميدانية، وتتبّع دقيق لتحرّكات زعيم حزب الله إلى أن تم استهدافه بتلك الطريقة البشعة".  

وقال: "هذه المعلومات لا يمكن أن تأتي من عناصر عاديين، ولا من التقنية وحدها، وإنما من تظافر عاملين؛ عامل التقنية، وهذا العامل توفّر على مدى سنوات، وعامل العنصر البشري، وهو هنا ليس عاديا، وإنما لازم أن يكون في مستوى قيادي يسمح له بالوصول إلى هذه المعلومات الثمينة، وتزويدها الكيان الصهيوني".  

وأضاف: "الكثير من المعلقين الحصيفين والمتتبعين للشأن العام، ومجريات الأحداث في المنطقة، كانوا يقولون إن الكيان الصهيوني إذا فكر بالدخول في حرب مع حزب الله، فإن الحرب على غزة ستكون نُزهة بالنسبة لهذا الكيان، وأنه سيغرق في لبنان".  

وتابع: "اليوم، أنا أرى بأم عيني، أن إسرائيل تتنزه في لبنان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذا التنزه وفّرته حالة الاسترخاء التي جاءت على خلاف التوقّعات بشأن حزب الله وتماسكه وقدرة قياداته على التموضع والاختباء".  

وأردف: "نحن أمام عدو صهيوني يعتبر على رأس قائمة أعداء الأمتين الإسلامية والعربية، ووجود الكيان الصهيوني في فلسطين هو الذي ولَّد كل هذه المآسي، ومنح الحلف، الذي يتواجد فيه الشيعة بشكل كبير جدا في المنطقة، أن يثخنوا بهذه الأمة، ويسببوا لها كل هذا الأذى، ويدخلوا بلدان المسلمين في حروب طاحنة، ويتسببوا بهذه الهجرات".  

وزاد: "القوى العالمية الكبرى، التي يهيمن عليها الصهاينة في كل الأحوال، هم وراء هذه الهندسة الغريبة للمنطقة". 

- إيران تخذل مليشياتها  

يقول الكاتب والمحلل السوري، مضر الأسعد: "في البداية، لا بُد لي أن أزف البشرى والتهاني للأمتين العربية والإسلامية في نفوق الإرهابي حسن نصر الله، ومن معه من مرتزقة وعملاء إيران في المنطقة العربية".  

وأضاف: "حزب الله استهلك نفسه إعلاميا وأمنيا وسياسيا وعسكريا، خلال السنوات الأخيرة، وخاصة أن حالة الاسترخاء قد أصابت الحزب، ومناصري الحزب داخل لبنان".  

وتابع: "كان هناك نوع من التشتت، الذي أصاب حزب الله في السنوات الأخيرة، حيث أرسل مجموعات كبيرة من مقاتليه إلى سوريا، حيث يتواجد أكثر من 15 ألف مقاتل في سوريا، وخاصة كتيبة الرضوان، العصب الرئيسي لحزب الله، تتواجد في دمشق وجنوب دمشق، بالإضافة إلى إرساله المرتزقة إلى اليمن والعراق والبحرين ودول الخليج العربي، من أجل نشر الفتن والدسائس والفوضى والإرهاب والاغتيالات، الأمر الذي كان له تأثير على بنيان حزب الله".  

وأردف: "ازدادت حِدة الكُره وعدم التقبل والقبول من قِبل الشعب اللبناني، الذي يعتبر هو الحاضنة الأساسية الموجودة لحزب الله في لبنان، حتى الشيعة -في الفترة الأخيرة- قد ضجروا من تصرفات حزب الله، وكذلك بقية القوميات والطوائف من المسيحيين والمسلمين السنة، وبقية مكوِّنات وطوائف الشعب اللبناني".  

وزاد: "حزب الله -بتكوينه السياسي، والعسكري والأمني- أصبح عالة حتى على إيران، بسبب الضغط الدولي، فإيران لديها ملفات كبيرة وهامة بالنسبة للأمن القومي في إيران، لذلك تم التخلي عن هذا الحزب مباشرة، وتم إعطاء الإحداثيات إلى إسرائيل وأمريكا، من قِبل بعض القيادات الإيرانية، من أجل التقرّب من أمريكا؛ لأن إيران لديها ملفات، وبحاجة إلى الغرب، وإلى أمريكا وإسرائيل، حيث لديها الملف النووي والحصار الاقتصادي، والأموال المجمّدة في البنوك الأمريكية والأوروبية".  

وقال: "إيران لا تعتبر إسرائيل عدوها الأول، بل دول الخليج العربي، فهي أرادت كسب إسرائيل من خلال إعطائها بعض ما كانت تطلبه إسرائيل، فهي التي أعطت إحداثيات مقتل الكثير من القيادات العسكرية الإيرانية داخل سوريا، وكذلك ضرب السفارة الإيرانية، وقتل قاسم سليماني، وعدد من القيادات، خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى مقتل الرئيس الإيراني".