تقارير

عملة معدنية جديدة.. مواطنون يمنيون يخشون الرجوع إلى زمن "الطبلوني"

01/04/2024, 21:06:15
المصدر : قناة بلقيس - خاص

بعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود بين البنكين المركزيين في صنعاء وعدن، وزاد التصعيد في الإجراءات فيما بينهما، عاش المواطنون حالة من الإحباط والقلق والخوف من أن تزيد أمورهم المعيشية تعقيدا، بسبب صعوبات التحويلات المالية بين المحافظات التابعة للحكومة الشرعية والتابعة لمليشيا الحوثي.

وفيما تسير الأمور بين البنكين نحو التهدئة من ناحية إلغاء الإجراءات العقابية للمصارف والبنوك فيما يخص التحويلات المالية بين المحافظات، عادت الأوضاع إلى مرحلة التصعيد والحرب الاقتصادية بين المركزين الماليين في صنعاء وعدن، بعد صك بنك صنعاء العملة المعدنية فئة 100 ريال، وتحذيرات مركزي عدن من التعامل بها.

- أزمة تحويلات

قرابة الأسبوع، أصيب أغلب المصارف اليمنية وأكبرها بالشلل، وتوقفت التحويلات المالية، ليجد المواطنون أنفسهم عالقين في أزمة اقتصادية جديدة، تمس حياتهم بشكل مباشر، وتمنعهم من دعم بعضهم بما تيسّر من إمكانيات.   
ياسمين الذبحاني ليست إلا واحدة من آلاف الناس الذين حاولوا إرسال حوالات طارئة لدعم أقاربهم واصطدموا بإجراءات إغلاق تحويلات المصارف، بما يشبه العقاب الجماعي للناس، والممارسات غير المدروسة، التي تضر بمصالح الكل.
وخلال أيام الإغلاق، فشلت الذبحاني في محاولة إرسال حوالة مالية من تعز إلى والدتها المريضة في صنعاء، على الرغم من أنها حاولت لدى العديد من محلات الصرافة، واضطرت أخيرا إلى إرسالها بالطريقة القديمة مع أحد سائقي الباصات الذين يقومون برحلات بين المحافظتين.   

- تاريخ الصراع

بدأ الصرع بين المركزين الماليين في صنعاء وعدن مع تأسيس بنك عدن شبكة التحويلات المالية الموحُدة، التي كان بنك صنعاء قد سبقه في هذا الإجراء، بهدف الرقابة على حركة الأموال، وضبط عملية التداول.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن الشبكة الموحّدة إجراء قانوني لن يؤثر على حركة التحويلات، ولن يمس مصالح الناس والمصارف، لكنها سيمنح بنك عدن الشرعي القدرة على متابعة حركة الأموال في محلات الصرافة، وتتبّع حركتها، مما يمكّنه من وضع حد للمضاربات التي تسببت في انهيار العُملة، وعمليات تهريب وغسيل الأموال.

غير أن الأوضاع انفجرت بعد توجيهات البنك المركزي في عدن بإيقاف التعامل مع بنك التضامن، وبنك اليمن والكويت، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، ومصرف اليمن والبحرين الشامل، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، وعدد من شركات الصرافة الأخرى؛ ردا على انصياع هذه البنوك لتوجيهات مركزي صنعاء بمنع التعامل مع شركتي القطيبي  والبسيري، وشركات أخرى منضوية في إطار الشبكة الموحّدة.

يؤكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، أن التصعيد بين بنكي عدن وصنعاء تراجع نتيجة لجهود جمعية البنوك وجمعيتي الصرافين في صنعاء وعدن ولجنة البنوك، التي قامت بتقريب وجهات النظر، وطرح حلول للإجراءات التي أثّرت على التحويلات المالية، وأداء البنوك، وشركات الصرافة.

يقول نصر لـ"بلقيس": "انتهت عملية التصعيد بالتراجع عن الإجراءات الأخيرة، وإلغاء البنك المركزي في صنعاء التوجيه بعدم التعامل مع الشبكة الموحّدة التي أنشأها البنك المركزي في عدن نهاية فبراير الماضي، وإلغاء مركزي عدن التوجيه بعدم التعامل مع البنوك والشركات المصرفية المعاقبة".

- عودة التصعيد

ما أن استبشر الناس بتراجع حِدة الحرب الاقتصادية بين البنكين، وعودة الأمور إلى طبيعتها، حتى تصاعدت المواجهة من جديد، بإعلان الحوثيين صك عملة معدنية فئة 100 ريال، وطرحها للتداول من تأريخ 31 مارس الماضي.
الخطوة التي قابلها البنك المركزي في عدن بالرفض، والتحذير من التعامل معها، باعتبارها صادرة عن جهة غير شرعية، وستزيد من تعقيد معاملات المواطنين، وتقضي على أي جهود تحاول الإبقاء على ما هو قائم من تبادل للسلع والخدمات بين مختلف المحافظات.


واعتبر البنك العملة المزورة وسيلة لنهب الأصول المالية للمؤسسات المالية والمصرفية والتجارية والمواطنين بواسطة وسيلة تبادل غير قانونية، وإجراء يهدف إلى التصعيد والتعقيد، مؤكداً أنه سيمارس حقه القانوني باتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن حماية العملة الوطنية، ومدّخرات المواطنين، والنظام المصرفي، والنشاط الاقتصادي من الآثار المدمّرة لأي إجراء غير مسؤول.
وعلى الرغم من التبعات الاقتصادية لصك العملة الجديدة، إلا أن الناس واجهوا العملية بالتهكم والسخرية من الحلول غير الواقعية لمعالجة مشكلة العملة التالفة، حول كيفية حملها، والتعامل معها مستقبلا.

- تداعيات سلبية

رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اعتبر الخطوة المنفردة من قِبل الحوثيبن تصعيدا جديدا نحو مزيد من الانقسام النقدي، والصراع في القطاع المصرفي اليمني.
وأكد نصر أن التبعات السلبية تعتمد على القرارات، التي سيتخذها البنك المركزي اليمني في عدن، والمؤسسات المالية الدولية والنظام المالي العالمي، وعلى حجم الكمية النقدية المطبوعة التي قد تساهم في تدحرج سعر الريال نحو الهبوط مقابل الدولار في مناطق سيطرة الحوثيين، لاسيما أنها ستفتح الشهية لمزيد من الإصدارات لمواجهة النفقات.


ويتفق معه الكثير من خبراء الاقتصاد، الذين يرون صك العملة يعمّق الانقسام النقدي، ويُدخل الوضع المالي والنقدي في حلقة مفرغة، ستقود إلى تدهور سعر صرف الريال في صنعاء، وانهيار القيمة الحقيقية لثروات الأفراد والتجار والشركات المخزنة بالريال.

ويعتقدون أن طباعة العملة سيشكِّل ألغاما في طريق توحيد الاقتصاد الوطني، وسينقل الوضع الاقتصادي الراهن من حالة شبه الاستقرار، إلى حالة التقلبات والاضطرابات، وسينعكس سلبا على قرارات المؤسسات والشركات التجارية والاستثمارية.

ومع عودة التوترات بين البنكين، يخشى محمد الضلعي العودة إلى الأيام الماضية، التي وجد فيها نفسه عاجزا عن إرسال حوالة مالية من المهرة إلى عمران، لزوجته التي كانت في مرحلة ولادة، ويعود اليمنيون إلى عصر "الطبلوني"، وهو الشخص الذي كان ينقل الرسائل والتحويلات بين المغتربين في السعودية وذويهم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.