تقارير

عمّها المناضل النعمان.. طبيبة ومعالجة نفسية على رصيف التشرّد

19/06/2021, 18:46:43

قناة بلقيس - حسان محمد

بوجه يسكنه الحزن والألم، ودموع محبوسة بين الجفون تريد أن تتحرر،  كانت الطبيبة وهيبة النّعمان تحكي ماساتها مع مالك المنزل، الذي يسعى إلى طردها من شقتها في شارع 'تعز' بالعاصمة صنعاء.
الخمسينية وهيبة النّعمان، ابنة أخ المناضل السبتمبري عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول)، تجد نفسها تقترب من التشرّد مع بناتها، بعد أن استنفدت كل السُّبل للبقاء في المنزل، واستنجدت بكثير من القيادات السياسية في حكومة صنعاء دون جدوى.

*الرفع الظالم أو الإخلاء

لم تتوقّف النّعمان عن سداد الإيجار منذ اندلاع الحرب، التي رافقها انقطاع مرتبات الموظفين، وسعت جاهدة للإيفاء شهرياً بما عليها، إلا أن صاحب المنزل قرر رفع الإيجار من 30 ألف ريال إلى 70 ألف ريال دفعة واحدة، دون مراعاة الظروف التي تعيشها كموظفة حكومية، بحسب ما تؤكد لـ"بلقيس".

أصرَّ مالك المنزل على قراره، وجعلها وعائلتها بين خِيارين إما القبول بالإيجار الجديد أو إخلاء البيت، وتأجيره لشخص آخر، مستغلاً الطلب المتزايد على منازل الإيجار في صنعاء، التي ارتفعت فيها الإيجارات وأسعار العقارات إلى 100%، بحسب تقرير “مؤشرات الاقتصاد في اليمن”، الصادر عن 'مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي'.

التقرير يشير إلى أن أسعار وإيجار العقارات شهدت ارتفاعات كبيرة، وصلت إلى 100% في صنعاء وإب، و50% في تعز وعدن، فيما تجاوزت أسعار العقارات 213% في حضرموت، و650% في مأرب.

*نكران الجميل
بعد عقود من العمل الإنساني، وتقديم الرِّعاية الطبية والدّعم النفسي لأبناء المجتمع، من خلال وظيفتها في هيئة مستشفى 'الثورة' العام، ومستشفى 'الأمل' في صنعاء، لم تجد طبيبة المُخ والأعصاب من يمد لها يد العون، ويحميها وأسرتها من الطَّرد من المنزل، ويقف إلى جانبها في مِحنتها.

ومن جهة حكومية إلى أخرى، تنقلت الدكتورة النّعمان بحثاً عن العدالة والدّعم، ومناشدة قيادات الدّولة والشخصيات المؤثرة في صنعاء، لإيقاف غطرسة صاحب المنزل الذي مارس كثيراً من الأساليب لطردهم من السّكن، ووصل الحال إلى لحام باب المنزل لمنعهم من الدّخول.
توقعت النّعمان أن يكون القضاء أكثر إنصافاً ورأفة، خاصةً أن القضاة يعرفون جيداً أوضاع موظّفي الدّولة، الذين يعانون الأمرَّين نتيجةً لانقطاع المرتبات، إلا أن النتيجة كانت أكثر ألماً وأشد وطأة.

وقررت محكمة 'جنوب شرق الأمانة'، مطلع الشهر الجاري، تنفيذ حكم الإخلاء الإجباري للأسرة من منزلهم في 'حارة معاذ' الكائنة في 'جولة تعز'، وأعطت مُذكرة القائم بأعمال رئيس المحكمة الصلاحية لمنفذي الحُكم بالاستعانة بالحماية الأمنية الكافية، من أفراد الشرطة القضائية والشرطة النسائية.

*قصور قانوني

المحامي عبدالله الوجيه يقول لـ"بلقيس": "قضية الدكتورة النّعمان كغيرها من قضايا المستأجرين، التي انتشرت كثيراً في المحاكم خلال سنوات الحرب، تنتهي غالباً بطرد المستأجر، نظراً للقصور في القانون الذي يقف مع المالك، ولم يراعِ الأوضاع الاستثنائية كالحروب وغيرها".

ويضيف: "يجب استصدار قانون يراعي حالات الطوارئ، ويحفظ للمستأجر كرامته، وحقه في السكن حتى يتعافى وضع البلاد، ويتمكّن من السداد".
ويرى الوجيه أن الأفضل للمستأجر أن يلجأ إلى الحلول الودِّية، والتفاهم مع مالك المنزل، مادام لا يمتلك الحماية القانونية.

ويعطي قانون 'المؤجر والمستأجر' رقم "22" للعام 2006، في المادة "91" الحق للمؤجر بطلب إخلاء العين المؤجّرة حتى قبل انتهاء فترة العقد، وتحكم المحكمة لصالحه إذا لم يفِ المستأجر بالأُجرة المستحقّة عليه لمدة ثلاثة شهور متتالية خلال 30 يوماً من تكليفه بالوفاء، أو إذا تكرر امتناعه أو تأخّره عن الوفاء بالأُجرة المستحقّة أكثر من مرّة في السنة الواحدة، ولا يكون غيابه أو إقفاله للعين المؤجّرة مبرراً لتأخير دفع الأجرة.

*توجيهات جوفاء

وزارة الداخلية التابعة لجماعة الحوثي، وسلطات أمانة العاصمة، أصدرتا -في وقت سابق- توجيهات وتعميمات بمنع رفع الإيجارات على المواطنين، والحيلولة دون طرد أو ابتزاز المستأجرين، مُراعاة للظروف التي تمرّ بها البلاد من حرب وحصار، تسببا في انقطاع المرتّبات، وتدهور المستوى المعيشي بوجه عام، إلا أن تلك التوجيهات لم تنفّذ، وبقى المستأجرون تحت رحمة مالكي البيوت.

تقول النعمان: "لا نحتاج إلى رحمة أو شفقة من أحد، وعلى من يحكم أن يتعامل كدولة، ويلتزم بتسليم مرتبات الموظفين التي تعد حقوقاً مشروعة، وعندها نستطيع أن نستأجر منازل بديلة، ونحن رافعي الرأس، ولن يعيش الموظّف في ذلّ وامتهان المؤجر".
وتؤكد النعمان، التي لم يشفع لها عملها الإنساني بدون راتب، أو تاريخ عائلتها النضالي، أنها صارت على حافة التشرّد، ولم تستطع أن تحصل على مسكن بديل بسبب شحة شقق الإيجار، وزيادة الطلب عليها، علاوةً على أسعارها الخيالية، وشروط مالكيها الذين صاروا يطلبون مقدماً يصل إلى إيجار عامٍ كاملٍ.

تقارير

عائلات عاملي الإغاثة اليمنيين المختطفين لدى مليشيا الحوثي تشعر باليأس بشأن مصيرهم

تحوّل فرح عائلة أحمد اليمني باحتفالهم بزفاف ابنته إلى رعب في اليوم التالي، عندما داهمت قوات مقنّعة منزلهم في صنعاء، العاصمة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، واعتقلته.

تقارير

عودة مساعي السلام في اليمن.. نوايا جادة أم إعادة تدوير الأزمة؟

هل بالإمكان تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية بعد نحو عشر سنوات من جولات الحوار الفاشلة وجهود السلام التي كانت نتيجتها الوحيدة إطالة أمد الحرب وتعقيد فرص السلام وتعطيل الحسم العسكري؟ لعل من الأمور المحيرة في الأزمة اليمنية ذلك النفس الطويل الذي يتمتع به دعاة السلام في اليمن، فدول عظمى، وأخرى إقليمية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، تدعو إلى تحقيق السلام في البلاد، وترسل المبعوثين وتعقد اللقاءات لأجل هذا الغرض، رغم أنها جميعا تعلم أن الأزمة اليمنية لم تعد قابلة للحل السياسي، وأنه كلما طال أمد الحرب ازدادت الأوضاع تعقيدا، وازدادت معها العقبات أمام مساعي تحقيق السلام. في 19 نوفمبر الجاري، اختتم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط، التي أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ خليفة علي عيسى الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، بالإضافة إلى عقد لقاء آخر مع محمد عبد السلام، مسؤول فريق التفاوض التابع للحوثيين، في إطار الجهود الهادفة إلى دفع عملية السلام واستعراض آخر مستجدات الملف اليمني. بدوره، جدد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فالكونر، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة المؤقتة عدن، في 20 نوفمبر الجاري، تأكيد التزام بلاده بدعم جهود السلام في اليمن. - السياق الإقليمي ووهم السلام بدأت مساعي السلام في اليمن منذ ما قبل اندلاع الحرب بسنوات، وتحديدا في صيف 2011، عندما وصل أول مبعوث أممي إلى اليمن، جمال بن عمر، لكن تلك المساعي لم تحقق نتيجة تذكر، وفشلت في احتواء التوترات ومنع اندلاع الحرب، وبعد اندلاعها لم تفلح مختلف المساعي في إجبار الحوثيين على القبول بعملية السلام. وبعد كل سنوات الحرب تلك وما تخللها من مساعٍ لتحقيق السلام باءت جميعها بالفشل، وتعقد الأوضاع محليا وإقليميا، فإنه ما زال هناك من يراهن على تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية، رغم أن السياق الإقليمي بعد الحرب على قطاع غزة لا يشجع على التسوية السياسية السلمية في اليمن وإنما زادها تعقيدات إضافية إلى تعقيداتها السابقة. فإذا كانت مليشيا الحوثيين ترفض القبول بالسلام في سنوات سابقة، فكيف ستقبل به بعدما أصبحت ترى أن الأمور آلت لمصلحتها، وتعتقد أنها باتت فاعلا إقليميا بعد انخراطها ضمن المحور الإيراني خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووظفت هجماتها الرمزية على الكيان الإسرائيلي لتعزيز وضعها في الداخل اليمني. وبالتزامن مع مساعي السلام في اليمن، ظل السلاح الإيراني يتدفق للحوثيين بلا انقطاع، حتى أصبحت مناطق سيطرتهم بمنزلة قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة، تستخدم لتهديد الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر، فضلا عن تهديد بعض دول الجوار، مع توظيف القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية. وفي الوقت الذي يتشكل فيه مزاج إقليمي ودولي ضد إيران ومليشياتها في المنطقة، لكن ما يبدو حتى الآن أن هذا المزاج لا ينعكس بالضرورة على الملف اليمني، وأصبح الحديث عن السلام في اليمن والجهود التي تُبذل في هذا الجانب وكأنها صفقات ضمنية تُمنح للحوثيين بحجة "الحفاظ على التهدئة" أو "ضمان عدم توسع الحرب"، وتحول الملف اليمني من قضية حرب وسلام إلى مساحة للمساومات، وأحيانا إلى ورقة بيد لاعبين إقليميين يفضلون بقاء الوضع معلقا على أن يصل إلى مواجهة مكلفة. وليست مبالغة القول إن جهود السلام في اليمن، الإقليمية والدولية، منحت مليشيا الحوثيين مساحة واسعة للمناورة، فبدلا من أن تُعامل على حقيقتها كمليشيا انقلابية مصنفة إرهابية ومرتبطة بسياسة إيران التخريبية في المنطقة، يعاد تدويرها كطرف سياسي على أمل التفاهم معه، رغم أنها ترفض أي عملية سلام حقيقية تقوم على التنازل المتبادل أو المشاركة الفعلية في الدولة. وفي الواقع، فإن مساعي السلام التي استهلكت الوقت وأجلت الحسم العسكري، كان واضحا أنها رسخت هيمنة الحوثيين على الأرض، ومنحتهم فرصا إضافية لتعزيز قوتهم العسكرية. وكلما طال هذا التراخي، يصبح الحديث عن "حل سياسي" مجرد ترف لغوي لا مكان له في معادلة الصراع. وتكمن المشكلة الرئيسية لدعاة السلام في اليمن في غياب الإرادة والجرأة على التعامل مع الطرف الذي يعطل السلام، ولذلك تبدو تلك الجهود وكأنها تطبيع مع الأمر الواقع، والنتيجة أن مساعي السلام ستظل تدور في الحلقة نفسها: جهود لا تثمر أي نتيجة، وواقع محلي وإقليمي يفضل تأجيل مواجهة الحقيقة. وما لم يُكسر هذا النمط، ستبقى مساعي السلام مجرد عنوان تضليلي لحرب معلقة تستمد أسباب استمرارها من التواطؤ مع الحوثيين أكثر مما تستمده من الوقائع على الأرض. - لماذا التسوية السياسية مستحيلة؟ رغم أن الحرب في اليمن استنزفت الجميع، ولم يعد لدى مختلف الأطراف ما يكفي من الحماس للعودة إلى معارك واسعة كتلك التي كانت في بداية الانقلاب الحوثي وعملية "عاصفة الحزم"، إلا أن هذا الإرهاق العسكري لا يخلق بالضرورة بيئة صالحة للتسوية السياسية. فالحرب التي عجزت عن تمكين أي طرف من تحقيق أهدافه كاملة، لن يعوض فشلها باتفاق سياسي هش، يقوم على قاعدة "لا رابح ولا خاسر"، بينما الوقائع على الأرض تقول العكس، فهناك أطراف حققت مكاسب ميدانية كبيرة أو حصلت عليها عبر التنازلات، وأطراف بلا مكاسب ميدانية تُذكر، وأخرى لا تملك أي شيء أصلا، ولذا كيف يمكن إقناع من لديه مكاسب كبيرة بالتنازل ولو نسبيا لمصلحة أطراف أخرى؟ ومع هندسة التحالف السعودي الإماراتي للوضع في اليمن عسكريا وسياسيا، وتفتيت السلطة الشرعية بين أطراف متنافرة، بقيت السلطة الشرعية بمفهومها القانوني الحلقة الأضعف في معادلة الصراع، يجسد ذلك الانقسامات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، الذي يبدو عاجزا عن إدارة موقف موحد ضد مليشيا الحوثيين. كما لا يمكن إغفال أن مساعي السلام مكنت الحوثيين من أن يجعلوا كلفة السلام على خصومهم أعلى بكثير من كلفة الحرب، ذلك أنهم أعادوا تعريف أولويات المفاوضات، وحولوا القضية الوطنية إلى ملفات صغرى: فتح طريق هنا، أو صرف رواتب هناك، أو فتح مطار، أو تخفيف حصار ميناء. والعجيب في الأمر أن الأطراف الأخرى ودعاة السلام انساقوا وراء الحوثيين في تجزئة القضية الوطنية، وتغافلوا عن مسألة السلاح والسيطرة وفرض الحوثيين للأمر الواقع. وإذا توفرت إرادة سياسية حقيقية، فإن الحسم العسكري المفضي إلى سلام دائم قد يتحقق خلال أسابيع قليلة بكلفة معروفة ومحدودة نسبيا، بينما السلام القائم على التنازلات المتتابعة سيظل يراوح مكانه لسنوات، ويغذي حالة اللاحرب واللاسلم، قبل أن تنفجر الأوضاع مجددا في معركة قد تكون أشد كلفة من خوض الحسم في اللحظة الراهنة، وهي معركة قادمة لا محالة، وسيبادر الحوثيون إلى إشعالها بعد أن يراكموا مزيدا من القوة العسكرية حتى يروا أنها أصبحت كافية لخوض معركة واسعة. هذا السيناريو الأكثر احتمالا يؤكد أن أكبر عقبة أمام السلام في اليمن تتمثل في بنية مليشيا الحوثيين نفسها، فهي تحمل مشروعا عقائديا مغلقا، طائفيا وسلاليا، يرفض وجود الآخرين أصلا، فضلا عن مشاركتهم في السلطة، ولذلك فهي لا تريد تسوية دائمة، وإنما هدنة مقنعة تسمح لها بتعزيز قواتها، تمهيدا لجولة قادمة من الحرب، ستكون أشد عنفا من سابقاتها، وستجبر الآخرين على الانخراط في المعركة الحاسمة. الخلاصة، قبل أي حديث عن تسوية سياسية في اليمن، يجب الاعتراف أولا بأن "لحظة النضج" التي تجبر مختلف الأطراف على التفكير بالحل السلمي والقبول به لم تولد بعد، وهذه اللحظة لا تأتي إلا عندما تتغير معادلة القوة على الأرض، فيتراجع الطرف القوي ويصعد الطرف الضعيف، وتبدأ مرحلة الألم المتبادل التي تجعل الجميع يدرك أن الحسم مستحيل. لكن في ظل الوضع الراهن في اليمن، لا توجد مؤشرات على أن أي طرف وصل إلى هذا الإدراك، ولا توجد بيئة تدفع نحو حل وسط أو استعداد حقيقي للخروج من دائرة الحرب، فالجيوش والمليشيات متقابلة في خطوط التماس، والفاعلون الأجانب لا يرغبون في الحسم العسكري وليسوا جادين بشأن السلام الذي لا يمكن أن يتحقق تحت فوهات البنادق.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.