تقارير
في ذكرى الانقلاب.. تصاعد حِدة الغليان الشعبي
أجرت مليشيا الحوثي تحضيرات مكثفة، ترافقت مع تجهيزات بالغة الكُلفة، استعداداً للاحتفاء بمناسبة مرور 9 سنة لانقلابها، على السلطات الشرعية، واحتلال عاصمة البلاد، وفرض السيطرة بقوّة السلاح.
وتنفق مليارات الرِّيالات لإحياء فعاليات مناسبتها الخاصة من الأموال التي تنهبها من الموارد العامة للدولة بصورة يومية مستمرة، إضافةً إلى أعمال الجبايات الواسعة على كافة الأنشطة التجارية المختلفة، وكذلك عملية نهب المواطنين بذريعة توفير جُزء من الخدَمات الأساسية.
بينما السكان المحليون في المدن والمناطق، الخاضعة لسيطرة الحوثي، يواجهون صلف وغطرسة المليشيا بعدد من مظاهر السخط والاحتقان والغليان، التي تتزايد حِدتها من فترة إلى أخرى بشكلٍ لا محدود.
- انكسار حاجز الخوف
لم تعد عضلات القوّة للمليشيا ولا دعايتها الحربية الزائفة قادرة على إسكات الناس وإخضاعهم، خلال هذه المناسبة، كما كانت عليه حالة الخوف وشدة بطش الكهنوت في الأعوام السابقة.
كما أن انكشاف أمر الجماعة على كافة المستويات جعلها محل ضعف وأصابها بعجز جزئي عن مواجهة هذا التمدد الشعبي الساخط.
يؤكد الناشط المجتمعي عبد القادر الشاطر، في حديثٍ لموقع "بلقيس": "الناس طال صبرهم على هذه الجماعة، أصبحت أعمالها مفضوحة في مضاعفة المعاناة، أظن الجميع تخطوا حاجز الخوف، وسيذهبون إلى المطالبة بحقوقهم المنهوبة، منذ سنوات، لا بُد أن يكسر هذا القيد، ينهبون إيرادات الدولة، ويصرفون أموالا طائلة على احتفالاتهم".
تواجه مليشيا الحوثي حملات ضغط شعبية تطالبها بصرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، كما تدعوها إلى وقف نزيف الدَّم اليمني، وعدم ممارسة أعمالها العدائية، التي أنتجت حالة التشظِّي والانقسام.
عدد من أبناء الأحياء المتفرِّقة في صنعاء قالوا لموقع "بلقيس": "يجب أن نستعيد حقوقنا المنهوبة، ننتزعها منهم، ولا نسكت عن الظلم بعد الآن، هذه حركة إمامية غاشمة، لا يهمها مصلحة الوطن والمواطن، تعيد إنشاء نظام الحكم السلالي، تستهدف مقدرات الشعب، وتهمش الثوابت الوطنية، وتحتفل بمناسباتها الخاصة كوسيلة للقهر".
تحل الذّكرى التاسعة لنكبة اليمنيين بأوضاع معيشية بائسة، فيما يتخلّق أسلوب تحدٍ لتخطِّي حاجز الخوف، وتوسيع قاعدة الضغط الشعبي ضد الحركة الباغية.
- مظاهر سخط
تزامناً مع احتفالات مليشيا الحوثي بذكرى يوم نكبة اليمنيين، تزايدت حالة الغليان الشعبي بصورة لافتة، حيث تدرَّجت مظاهر السخط في أوساط المجتمع المحلي لأنماط واسعة، كحالة لمقاومة ناعمة متعددة النِّطاق، تبرز لأول مرة منذ سيطرة الانقلابيين على السلطة في 21 أيلول/ سبتمبر 2014.
يقول الناشط السياسي محمد عبدالله لموقع "بلقيس": "المجتمع غاضب وغير خائف من القمع، تولّدت لديه حالة عداء كبيرة للانقلاب، تتمثل بمجموعة من المظاهر؛ مثل السخط والاحتقان. وتصاعد غليان الشارع، ارتفاع سقف المطالب الشعبية وحملات الاحتجاج الواسعة في وسائل التواصل الاجتماعي، رفضاً لكل ممارسات وسياسات الحوثي، لا بُد أن تتهيأ الظروف لمقاومة هذا المشروع، خلال المرحلة القادمة".
وأكد ناشطون محليون أن "احتفالات الانقلابيين في مناسباتهم الخاصة دليل واضح لاستفزاز المجتمع، وكذلك إيصال رسائل خادعة للداخل، على أساس أنهم ما زالوا أقوياء عسكرياً، ولديهم القدرة على قمع أي حركة تمرّد، لكنهم في أضعف حالاتهم في الوقت الحالي، وبدون غطاء قانوني وسياسي وأخلاقي".
وخلافاً لحالة الصمت في الفترة السابقة، توسَّعت حالة السخط الشعبي في أحاديث الناس ونقاشاتهم، في الأماكن العامة والمجالس الخاصة، وكذلك في باصات الأجرة التي تتحوَّل أحاديث الرّكاب إلى حلقات نقاشية موجَّهة ضد هذه الجماعة السلالية.
- استحواذ ونهب
غير الحرب، هناك كثير من الدوافع المباشرة، التي أدت إلى تنامي الغليان الشعبي بشكلٍ حاد، حيث استحوذت مليشيا الحوثي على كل موارد الدولة، وحوَّلت إيراداتها العامة إلى وعاء مالي خاص بها، من أجل تمويل أعمال مشروعها المرفوض شعبياً.
يقول الناشط الحقوقي عبد الرؤوف غالب لموقع "بلقيس": "أسقطوا حقوق الموظفين وصادروها، كما استحوذوا على جميع الموارد، الناس يعيشون أوضاعا سيئة جداً، والحوثي وظَّف المال العام في خدمة مشروعه، يُنفق مليارات على احتفالات ليس لها أي قيمة وطنية، ومرتّبات الموظَّفين صادرها".
تحتفل الجماعة الطائفية بذكرى انقلابها من قُوت اليمنيين، بعد الفشل الذّريع لقوات التَّحالف العربي، وتراخي الحكومة الشرعية المشتٍَتة عن إسقاط المشروع الانقلابي، لكن تبقى المراهنة الوحيدة في مواجهة ودحر المليشيا الكهنوتية على المواطنين في مناطق سيطرة الانقلابيين.