تقارير
في ذكرى ثورة سبتمبر.. لماذا تخشى مليشيا الحوثي الاحتفالات الشعبية؟
بعد عشرة أعوام من سيطرتها على صنعاء، بدت مليشيا الحوثي هذا العام أكثر عنفا في التعامل مع احتفالات اليمنيين بذكرى ثورة ال26 من سبتمبر.
استبقت المليشيا الاحتفالات بشن حملة تحريضية وإرهاب كل من يفكّر بالاحتفال، مع اتهامهم بأنهم جزء من خطة كبرى تستهدف الجماعة، ثم منعت التجمعات في المدن، واعتقلت كل من يرفع علم الجمهورية، أو يشعل النار؛ احتفاءً بالثورة.
وذهبت إلى أقصى القرى النائية؛ بحثا عن أطفال قاموا بالاحتفال، أو أشخاص احتفوا على مواقع التواصل الاجتماعي.
- منع الاستفزاز والشغب
يقول الصحفي طالب الحسني: "الحقيقة لم نرَ أي مشهد على الإطلاق، ولم نرَ محتفلين بعيد 26 سبتمبر غير الاحتفال الرسمي والشعبي الذي أقيم في التحرير، ككل عام".
وأضاف: "الأحزاب السياسية دعت إلى هذا الاحتفال، حزب المؤتمر الشعبي العام كذلك دعا إلى هذا الاحتفال، ولذلك كان الانتشار الأمني الذي تم الحديث عنه".
وتابع: "الوجود الأمني كان لمنع أي نوع من الاستفزاز، ومنع أي نوع من الشغب، ولكنها في الحقيقه لم تحصل".
وأشار: "كانت هناك احتياطات؛ نظرا لأن هناك دعوات وتحركات كشفتها قوات الأمن والمخابرات، خلال الأيام الماضية، ومن ذلك جاءت الاعتقالات".
وأوضح: "الاعتقالات هي اعتقالات محدودة لبعض الشخصيات في إطار التحقيق ليس إلا".
وقال: "اعتقد أن المسألة انتهت، وكنا نتوقع ربما -نتيجة التحريض المستمر- أن يحصل نوع من الخروج مساءً، السادس والعشرين، ويحصل فيه نوع من استفزاز قوى الأمن، ولكن في الحقيقة هذا لم يحصل، وبالتالي الأمور تمت بالطريقة التي ربما لم يكن أحد يتوقعها".
وأضاف: "هناك دعوات حتى من مسلحين ظهروا في فيديوهات، وهناك جهة داعمة لهم، هي بالوضوح جهة طارق صالح وعمار صالح".
وتابع: "وهناك مبالغ مالية دُفعت لبعض الأشخاص من أجل الاحتفال".
واستدرك: "لكن الاحتفال يجب أن يكون في ساحة عامة، في منطقة عامة تُحددها الدولة، وكذلك هناك احتفال رسمي وشعبي".
وأوضح: "مسألة استخدام ثورة 26 سبتمبر كمحطة للتحريض دائما هي تأخذ مسارين؛ المسار الأول محاولة إظهار أن حكومة صنعاء نقيض الثورة، ولا تريدها، وليست معها، على الرغم أن الثورة ليست جامدة، ليست صنما، الثورة هي أهداف، هي مسيرة تتغيّر، تتحقق فيها منجزات، هي صراع، في الوقت نفسه، مع طرف خارجي لا يريد أن تنهض اليمن".
وتابع: "الأمر الآخر، أن المسار الآخر محاولة استخدام الحماس الشعبي والوطني عند البعض بشكل عفوي في إطار مؤامرة ليست عفوية في إطار مؤامرة تحريضية الغرض منها الإضرار بأولئك الذين يتم إخراجهم أولا بطريقة عفوية، وهذا ما كشفته قوات الأمن والمخابرات، وكان الانتشار الأمني لمحاولة إجهاض هذه المؤامرة".
وزاد: "هذا الانتشار الأمني؛ لأن هناك محاولة لإخراج أفراد محدودين من الأشخاص للاستفزاز، ثم استهداف هؤلاء الذين يخرجون".
وأكد: "الانتشار الأمني كان لمحاولة حماية هؤلاء الذين كانوا سيخرجون كضحايا لمحاولة استهدافهم من قِبل عصابات وأفراد، يريدون الإيقاع بهؤلاء".
ولفت إلى أن "هناك انقساما، لكن هذا الانقسام أظهر -خلال الفترة الماضية- أن الشعبية تزداد بالنسبة لصنعاء (الخاضعة لمليشيا الحوثي)".
ويرى الحسني أن "هذه الشعبية تستمد قوتها من أحزاب سياسية، ومن مجتمع، ومن قبائل".
وبيّن: "قبائل اليمن -خولان وسنحان وحاشد وبكيل- تعتقد أنها هي جزء رئيسي في الثورة (الحوثية)، وكانت جزءا رئيسيا في حماية الثورة، وكانت جزءا رئيسيا في مواجهة العدوان على الثورة وحمايتها من الإجهاض، وهي جزء رئيسي من مكتسباتها، ولهذا هي حاضرة بالحشود والتجمّعات"، حسب قراءته.
وقال نافياً: "ليس هناك مخاوف؛ المخاوف كانت سابقا من التحالفات الكبيرة العسكرية والسياسية والاجتماعية ومحاولة التحريض؛ لكن هذه فشلت وانتهت إلى فشل كبير جدا".
- جماعة دخيلة
بدوره، يقول الصحفي أحمد شوقي: أعتقد أن المليشيات، من خلال هذا السلوك، تعبِّر عن حالة خوف شديد من يوم 26 سبتمبر، من العلَم الوطني، الذي يرمز إليه 26 سبتمبر، من الشعب الذي يريد أن يحتفل ب26 سبتمبر، من الجمهورية التي قام من أجلها 26 سبتمبر، كل هذه الأمور، وكل هذه الرمزيات".
وأضاف: "كل هذه المدلولات تستفز الحوثيين، وتخيفهم وترهبهم، وتشعرهم بأنهم بالفعل جماعة دخيلة، وجسم فيروسي غريب على هذا المجتمع، وأن المجتمع الآن يريد أن يلفظهم، وهذه مسألة حقيقية أصبحت واضحة".
وتابع: "الحديث عن احتفال رسمي وشعبي هذا كذب مفضوح، الاحتفال هو احتفال عسكري في ظل انتشار أمني كثيف جدا مع مجموعة من عناصر المليشيات الذين يحملون عِصيَّ، يعني من أجل قمع أي احتفال شعبي".
وأوضح: "المليشيات احتفلت بلا شعب؛ لأنها تخاف من مواجهة الشعب، وتخاف من خروج الشعب، ومن تجمع المواطنين من أجل الاحتفال بهذه المناسبة؛ لأنها تعرف أنها نقيضة ل26 سبتمبر ولمشروع الجمهورية؛ لأهدافها ونضالها".
واستطرد: "المليشيات الآن هي في حالة رعب ورهاب؛ لأنها تعرف أنها بلا شرعية، وتعرف أنها تمثل المشروع الإمامي، وتعرف أن الشعب أصبح يدرك يوما فآخر حقيقتها المزرية مع الأسف".
وأشار إلى أن "المليشيات تحشد -من خلال ما تسميه جمعة نصرة غزة- المواطنين والموظفين والعمال، وتقسر الناس، وتجبرهم، بالألوف، على الاحتشاد في هذه المناسبات، ولا تخشى القلاقل الأمنية، ولا تخشى مثل هذه الادعاءات".
وتابع: "لو كانت بالفعل لديها معلومات استخباراتية -كما تقول- فهي ستعرف أين مصادر هذه التهديدات، التي تتحدث عنها، وسوف تستطيع تأمين الاحتفال، وليس إلغائه، لكنها ألغته؛ لأنها تعرف أن هناك حالة رفض عامة، وأن استدعاء شعار سبتمبر بحد ذاته من قِبل المواطنين يشكِّل تهديدا وجوديا لها؛ لأنها بلا شرعية وطنية".
وأكد أن "المليشيات تحتفل بالمولد النبوي بهذا الشكل المبالغ فيه؛ لأنها تعتبر أن شرعيتها مستمدة من السماء، وليس من الأرض، وتعتبر أن شرعيتها وفقا للمفاهيم المضللة للولاية والإمامة، وما إلى ذلك من الخزعبلات".
وقال: "ليس لدينا مخاوف، ولا لسنا مهددين؛ لأننا نعرف أننا نمثل شعبنا، وندافع عن قضية شعبنا، بينما في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي مجرد منشور صغير أو كلمة صغيرة تصيبهم بالرهاب، والرعب الشديد".
وأضاف: " الحوثيون تسببوا في زيادة تعميق الشرخ الاجتماعي، وبالتالي هم مسؤولون عن ما يحدث الآن من حالة انقسام؛ وليس ثورة فبراير، أو حتى المشاكل التي حضرت مع ثورة فبراير".