تقارير
في يومهم العالمي.. أطفال اليمن يعيشون مآسي معقّدة
في الوقت الذي يناقش العالم متطلبات حياة أفضل للأطفال، بمناسبة اليوم العالمي للطفولة، يستذكر اليمنيون مستقبل أطفالهم البائس وعداد الموت الذي يحصد أرواحهم.
يواجه الأطفال في اليمن مآسيَ معقّدة، ففي الوقت الذي تحصد المعارك أرواح المئات منهم يبرز قتلة إضافيون من بينهم الجوع والألغام والمتفجّرات والأمراض، فلا مستقبل أمامهم في ظل غياب الحماية والحرمان من أبسط حقوقهم كالتعليم والصحة.
تتصدّر مليشيا الحوثي قائمة الأكثر انتهاكا للطفولة في اليمن، إذ تقول منظمة سام للحقوق والحريات إن مليشيا الحوثي جنّدت نحو 30 ألف طفل للقتال في صفوفها، منذ العام 2014م، فيما تؤكد منظمة إنقاذ الطفولة الدولية أنها رصدت مقتل وإصابة أكثر من 330 طفلا، منذ مطلع العام الجاري، توزّعت بين التعرّض للقصف والمشاركة في المعارك وضحايا الألغام والمتفجّرات.
- أطفال خارج السياق
يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي: "بينما العالم يحتفل اليوم في اليوم العالمي للطفولة، لأجل تسليط الضوء على الحقوق الأساسية للطفل المنصوص عليها في الاتفاقية الخاصة بالطفل، أو ميثاق باريس المتعلق بحقوق الأطفال، لكن يبدو أن أطفال اليمن خارج السياق".
وأضاف: "أطفال اليمن يواجهون اليوم تحدّيات حقيقية متعلقة بحق الحياة وبأشياء كثيرة، والتي كنا أوردناها في تقرير سام ليوم الطفولة، وهذه المرة لم نتحدث بتقريرنا عن حق الحياة وبالإصابات إلى غير ذلك، ولكن حددناها في 6 تهديدات تواجه الأطفال في اليمن".
وتابع: "من التهديدات، التي تواجه أطفال اليمن، التجنيد الإجباري، والذي يمسّ حق الحياة وحقهم بالطفولة، إضافة إلى سوء التغذية بسبب الحصار وانقطاع المرتبات والوضع الاقتصادي السيّئ، الذي انعكس بصورة سلبية على الأطفال في اليمن، وأيضا التهديد الناتج عن تردي الأوضاع الصحية، كذلك التهديد المتعلق بخطاب الكراهية، لا سيما في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، من خلال المناهج التعليمية أو المراكز الصيفية، وقد رأينا أطفالا يقتلون آباءهم وأمهاتهم، ويمجّدون الموت، ويعلون من شأن الكراهية، وأيضا التهديد المتعلق بتفشي الصدمات النفسية لدى الأطفال، وعدم الاستقرار والتشرّد، والتي لها أسباب متعددة كالنزوح والتسوّل، والهجمات العشوائية، وقصف المنازل والألغام الفردية والعنف الأسري، وغير ذلك".
وقال: "للأسف الشديد، ما إن ظلت الحرب قائمة، فإن هذه الانتهاكات ستستمر، وبما أن الانتهاكات التي ترتكب ضد الأطفال تحوّلت إلى ورقة ضغط سياسية فإنها ستستمر".
وأشار إلى أن "هؤلاء الأطفال هم ضحايا المجتمع بأكمله، وضحايا الساسة، وضحايا هذه الحرب، ولا يمكن أن ننكر بأن مليشيا الحوثي تتحمّل العبء الأكبر في الكثير من الانتهاكات بحقوق الأطفال، لكن أيضا هناك قصور من الطرف الآخر".
- دعم الأمم المتحدة للحوثي
من جهته، يقول مدير مكتب حقوق الإنسان الحكومي في أمانة العاصمة فهمي الزبيري: "تستمر الانتهاكات بحق الأطفال في اليمن، نتيجة دعم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، لمليشيا الحوثي، الأمر الذي يشجّعها على الاستمرار بانتهاكاتها بحق الاطفال".
وأضاف: "اليوم الأطفال يقتلون، فقط قبل أيام من اليوم العالمي للطفولة قتلت الطفلة رباب بعمر عامين بالصواريخ الباليستية التي أطلقتها مليشيا الحوثي، وأيضا نحو 20 طفلا توفوا في صنعاء نتيجة الأدوية المهرّبة والمنتهية الصلاحية، ولم يُفتح أي تحقيق في هذا الموضوع، بل تم إجبار الأهالي على عدم التحدث حول الموضوع".
وتابع: "اليوم الأطفال في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، بدلا من الذهاب إلى المدارس، يتم الزج بهم في جبهات القتال، والذين ينجون من الموت يذهبون للاصطفاف بحثا عن المياه النظيفة، أو للبحث عن الخدمات الأساسية، وكل ذلك وسط صمت دولي".
وأوضح أن "هناك تقصيرا من قِبل الحكومة الشرعية، لكن قبل أشهر رفعت من القائمة السوداء بالنسبة لانتهاكات الطفولة، بينما مليشيا الحوثي ما تزال تتصدّر هذه القائمة، وما زالت تتوسّع بانتهاكاتها بحق الأطفال كل يوم، وتستخدمهم بزراعة الألغام وبالأعمال العسكرية والتجنيد، ومع ذلك تذهب أموال الأمم المتحدة للمليشيا، وما تزال المكاتب الرئيسية لهذه المنظمات داخل صنعاء، وتتدفق ملايين الدولارات عبرها إلى داخل البنوك في صنعاء".
وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي تتحكم حتى بالمساعدات الإغاثية، التي من المفترض أن تتمتع بالحيادية، إذ تقوم من خلالها المليشيا بمقايضة أرباب الأسر والأهالي بالذهاب إلى الجبهات".
ويرى أن "على الحكومة الشرعية دور رئيسي في عملية إعداد برامج ومشاريع لمواجهة أعمال التطييف والتجريف التي تنتهجها مليشيا الحوثي، وتكثف أعمال التوعية، وتضغط على المجتمع الدولي بالتوقف عن دعم هذه المليشيات".
- ثماني سنوات من الحرب
من جهته، يقول المحامي والناشط الحقوقي، علي الصراري: "8 سنوات من الحرب واليوم العالمي للطفولة يأتي وما زال الطفل اليمني يعاني من الكثير من الانتهاكات، وعلى رأسها القتل والتشويه والتجنيد، وزواج القاصرات، ومنع وصول المساعدات، واستخدام المدارس في الأعمال العسكرية".
وأضاف: "الجميع -مع الأسف الشديد- لم يضع نصب عينيه اهتماماته تجاه الطفولة، وتجاه ما يحصل للأطفال في اليمن خلال فترة الحرب، ومن ضمن الآثار المترتبة على ذلك بأن الأطفال حُرموا من التعليم وخرجوا إلى سوق العمل ومارسوا أعمالا شاقة تتعارض مع أعمارهم".
وتابع: "إذا ما زرنا السجون سنجد هناك أطفالا أعمارهم دون سن الثامن عشر، ارتكبوا جرائم قتل وجرائم تتعلق باللواط، وغيرها من الجرائم الجسيمة، وهذا نتيجة للإهمال الحكومي، وإهمال المنظمات الحقوقية".