تقارير

كيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها؟

25/07/2024, 07:24:09

منذ ليلة السابع من أبريل من العام 2022م، لم يعد المشهد السياسي اليمني واضح المعالم، بل تدرّج نحو اندثار الصَّف الوطني، وخفوت صوت السيادة اليمنية، وذلك عبر وثيقة صدرت في القصر الملكي السعودي، مُبطلة معها عمل الدستور اليمني، ومشكلة مجلس العَار -كما يسميه الشعب اليمني هذه الأيام.

يرى مراقبون أن وثيقة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي لم تأتِ لإنقاذ البلاد من سطوة الحرب والصراع والدَّمار، بل ورقة استسلام خاضعة وخانعة لقرارات السعودية ودول الإقليم، حيث انتزعت عبْرها الشرعية وسَندها الدستوري، وجيء بمجلس رئاسي وفقا لمصالح الكفيل لا الشعب، بهدف التفاوض مع مليشيا الحوثي وتسليم البلد لها، إلى جانب تحقيق أهداف السعودية بدلا من استعادة البلد.

مليشيا الحوثي أكدت أن الاتفاق تم بينها فقط وبين السعودية، بعيدا عن الحكومة الشرعية، الأمر الذي يثير التساؤل عمّن هو صاحب القرار الوطني في الشأن اليمني؟
وكيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها طيلة هذه السنوات؟ وهل بات الصف الجمهوري مطالبا بإجراء مصالحة عاجلة لكي يستطيع استعادة سيادته الداخلية والخارجية؟

- محطات متشابكة ومتشعبة

يقول المحامي والناشط الحقوقي، توفيق الحميدي: "إن الأزمة اليمنية الحديثة -على وجه الخصوص- بدأت من انقلاب مليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية".

وأضاف، في حديثه لـ برنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس": "كان هناك أمل من قِبل القوى السياسية والمجتمع اليمني أن يعاد الأمر إلى نصابه، وكان هناك تصفيق وترحيب كبيرين، بتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي استند للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي رحّب بهذا التدخل في قراره الشهير 2216".

وتابع: "لكن -على ما يبدو- الأمور لم تذهب وفق رغبة اليمنيين، وأن هنالك أجندة خاصة لقوى التحالف داخل الأراضي اليمنية، لذا بدأ مفهوم السيادة يُنتقص تدريجيا حتى تلاشى".

وأوضح: "السيادة كمفهوم قانوني تعني قدرة الدولة والسلطة الحاكمة على تسيير وتنفيذ القرارات، والقوانين في الأراضي والأقاليم، وإصدار القرارات دون تدخل من جهة خارجية، ودون أي عوائق من قوة خارجية".

وأشار إلى أن "الحكومة اليمنية مرَّت بمحطات كبرى، لاحظ خلالها اليمنيون تلاشي هذه السيادة، حتى وصلنا إلى أبريل 2022م، بدءا بما حدث في سقطرى، واعتراض رئيس الوزراء حينها، أحمد عبيد بن دغر، على التواجد الإماراتي، وتدخلت السعودية باتفاق ما، ثم فجأة أُقيل بن دغر، وأحيل إلى التحقيق".

وقال: "ثم مضت الأمور بمحطات متشابكة ومتشعّبة، منها منع الرئيس من العودة إلى عدن، ثم الصدامات بين القوات الإماراتية والانتقالي من جهة، ومع الرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى، ثم ضرب قوات الجيش بالطيران، ثم اتفاق الرياض1، واتفاق الرياض2، حتى وصلنا إلى أبريل 2022م، الذي كان بمثابة المسمار الذي دُق في نعش الشرعية الدستورية".

وأضاف: "في أبريل 2022م، خرجت لنا صيغة سياسية لا علاقة لها بالدستور، ووثيقة أصبحت أعلى من الدستور اليمني نفسه، حيث حددت بكل وضوح أن مجلس القيادة الحالي وظيفته الأساسية هي التفاوض مع مليشيا الحوثي وتوقيع اتفاقية سلام، وليس تحرير الأراضي اليمنية، أو استعادة الجمهورية، بل واعتبرت هذه الوثيقة أي نص دستوري أو قانوني يتعارض معها فهو باطل".

وتابع: "أصبحت لدينا وثيقة صِيغت بليل، بدون إجماع يمني، وأصبحت أعلى من الدستور، فقبل بها اليمنيون، لعلَّ وعسى تتحول العملية إلى شرعية نضالية، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، في قرارات البنك المركزي، التي من خلال إلغائها أبيدت الشرعية، وظهر أمامنا مجلس لا حول له ولا قوة، لا مدعوم دستوريا ولا شعبيا ولا قانونيا، وأصبح أشبه بالدُّمى تحرِّكه الأجندة الخارجية، للأسف الشديد".

- تحالف لسلب القرار اليمني

يقول الصحفي عبدالعزيز المجيدي: "ما حدث مؤخرا، من إلغاء قرارات البنك، هو ناجم عن اتفاق سعودي - حوثي، بصورة واضحة، والسعودية تحدّثت نيابة عن الشرعية، التي اجتمعت في الرياض ليلا بحضور السفيرين السعودي والإماراتي، وقررت إلغاء القرارات".

وأضاف، في حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس": "المبعوث الأممي، غداة الاجتماع، خرج وأعلن نص الاتفاق الذي تحدث عن مسألة إلغاء القرارات الخاصة بالبنك المركزي، إضافة إلى أنه ذهب بعيدا لمنح مليشيا الحوثي مكاسب إضافية تتعلق بمسألة توسيع عدد رحلات الطيران، وما إلى ذلك".

وأوضح: "هذه الأمور ناجمة عن حالة الارتهان التام للقرار السيادي اليمني".

وتابع: "ربما قرارات البنك المركزي كانت جريئة إلى حد كبير، وكانت المرة الأولى التي تحاول من خلالها الشرعية استعادة زمام المبادرة في الملف الاقتصادي والنَّقدي، بعد سيطرة مليشيا الحوثي على مجريات العملية الاقتصادية من خلال فرض عُملة خاصة بها، وفرض حالة انفصال تام على المستوى الاقتصادي، وما نجم عنه من ضرب للعُملة في مناطق سيطرة الحكومة".

وأردف: "كان هناك شكل من أشكال الهيمنة الحوثية إلى حد كبير، فجاءت قرارات البنك المركزي لتحاول قطع هذه اليد، ولتحاول إعادة ترتيب النشاط المصرفي داخل البلاد بما يؤدي -على الأقل- إلى الضغط على المليشيا للتراجع عن عملية الانفضال النّقدي، وعن قصف المنشآت النفطية:.

وزاد: "كانت قرارات شجاعة وجريئة، وكان يفترض على مجلس القيادة الرئاسي أن يستخدمها من أجل الضغط على المليشيا، بإسناد من التحالف بقيادة السعودية، الذي جاء لمساعدة اليمنيين، وليس لسلبهم قرارهم، والتحدّث بالنيابة عنهم".

وقال: "للأسف، الدول التي يفترض أنها جاءت لإسناد اليمنيين جاءت لتسلبهم قرارهم، وهذا الأمر جرى تباعا منذ بداية الحرب، ولم يحدث بصورة مفاجئة بين عشية وضحاها".

وأضاف: "وللأسف، كانت النخبة اليمنية تقدّم نفسها -إلى حد كبير- باعتبارها وكيلة بلا مسؤولية، حتى حيال مصالح بلدها، ووصل الحد إلى أن التحالف يتدخّل في مسألة تعيين مسؤولين في الشرعية وإقالتهم".

- نتيجة طبيعية

يقول رئيس تحرير صحيفة عدن الغد، فتحي بن لزرق: "إن ما حدث هو نتيجة طبيعية وتلقائية لمسار حرب اختل منذ العام 2016م، إخراج الشرعية من عدن، وحالة الانقلاب التي جرت 2019، وتعدد المشاريع، وتضارب الرؤى، وانقسام التحالف فيما بينه".

وأضاف: "ذهابنا إلى صراعاتنا الداخلية المتعددة، طوال السنوات الماضية، أنتج -بلا شك- حالة اللا دولة، واللا مؤسسات، واللا شرعية".

وأوضح: "الرئيس، الذي ظل معزولا لسنوات طويلة منذ تحرير عدن، والوضع السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري، الذي عاشته المناطق المحررة، هما اللذان أوصلانا إلى ما وصلنا إليه اليوم".

وتابع: "النتيجة المنطقية هي أن تصل الحكومة الشرعية إلى الوضع الحالي، وأن نصل جميعا إلى حالتي الضعف والتفكك التي نعيشها".

وأردف: "كان يفترض أن توجّه الحرب، خلال السنوات الماضية، ضد مليشيا الحوثي، وأن تتخذ كافة القرارات ضد هذه المليشيا، في الاتجاه الصحيح، وتطبيقها تطبيقا حقيقيا بما يضر المليشيا".

وزاد: "قرارات البنك، التي صدرت قبل أسابيع، كان يفترض أن تصدر في العام 2015م، بعد انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة بأشهر قليلة، لكنها أُخرت، ودخلت الحالة اليمنية ضمن حالة الصراعات السياسية الدولية، وحينما تحرّكت الحكومة باتجاه الحديدة تدخل المجتمع الدولي، وعلى رأسه أمريكا، التي تحارب الحوثي اليوم".

وقال: "نحن أمام مشهد مصالح الدول، سواء كانت دول التحالف، أو الدول الغربية، فهي مصالح أولى من مصالح اليمنيين، وتضارب هذه المصالح أضر البلد بشكل كبير جدا".

وأضاف: :كل دولة تبحث عن مصالحها، وتراعي مصالحها في المقام الأول، وهذا ليس بالغريب، لكن السؤال الأهم هو: ماذا عن دور الحكومة الشرعية والقوى السياسية، التي تمثل الشرعية اليوم؟، وكان يفترض أن هذه القوى يكون لها أجندة وتوجّهات سياسية، ولها مبادئ وقيم، ترفض أن تُبتلع من قِبل مليشيا الحوثي".

تقارير

انتهاكات واختطافات في صنعاء وعدن.. نماذج ممنهجة لغياب الدولة

تواصل قبائل أبين اعتصامها في مدينة زنجبار - مركز المحافظة؛ للمطالبة بالكشف عن مصير المخفي قسرا المقدم علي عشال الجعدني، منذ منتصف يونيو الماضي، عقب اختطافه في عدن من قِبل قيادات وجنود في المجلس الانتقالي.

تقارير

إلى متى سيظل المجتمع صامتا ومستلبا أمام انتهاكات مليشيا الحوثي؟

في المحاكم التابعة لمليشيا الحوثي قانون غير معلن ولا مكتوب، لكنه أكثر تأثيرا من كل القوانين والشرائع المكتوبة، هذا القانون هو أداة مليشيا الحوثي للسيطرة على المجتمع والتنكيل به، وأن الولاء للمليشيا هو مفتاح البراءة ومعيارها الوحيد.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.