تقارير
لماذا تصر مليشيا الحوثي على إخفاء مصير محمد قحطان حتى الآن؟
تسعة أعوام طويلة مرّت على اختطاف السياسي محمد قحطان على يد مليشيا الحوثي دون أن تسمح لعائلته بالتواصل معه، أو أن تقدم معلومات عن حالته.
طوال هذه السنوات، تتحاشى مليشيا الحوثي تماما تقديم أي معلومات تخص السياسي محمد قحطان، وتعتبره موضوعا معقدا يناقش ضمن ملف الأسرى، حتى وبعد إدراجهم على شخصيات مشمولة بقرار مجلس الأمن 2216؛ القاضي بالإفراج عن وزير الدفاع الأسبق، اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي، وقائد اللواء مئة وتسعة عشر مشاة، اللواء فيصل رجب، ومحمد قحطان.
مليشيا الحوثي أفرجت، العام الماضي، عن العسكريين الثلاثة، ورفضت الإفراج عن المدني الوحيد بينهم، وهو السياسي محمد قحطان.
- جريمة جسيمة
يقول مدير مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة فهمي الزبيري: "إن قضية السياسي السبعيني محمد قحطان هي جريمة جسيمة ترتكبها مليشيا الحوثي لأكثر من تسع سنوات".
وأضاف: "لا يوجد أي حديث عنه، ولم يتم الإفصاح عن مصيره، أو عن حالته الصحية، أو التواصل مع أقاربه وأسرته، أو مع أولاده، وهذه جريمة ضد الإنسانية، جريمة جسيمة تخالف القواعد والقوانين الدولية والمواثيق، التي تؤكد على جريمة الإخفاء القسري".
وتابع: "الأمم المتحدة أفردت اتفاقية خاصة لهذه الجريمة؛ لأنها جريمة تعادل ربما موضوع القتل، وربما أشد منه".
وأردف: "ربما لو قتل الشخص يكون مصيره معروفا، والتبعات التي تترتب عليه معروفة، أما موضوع الإخفاء القسري فهي جريمة لا تستهدف فقط الشخص الضحية أو أسرته، وإنما تتجاوز هذا الموضوع إلى عملية إرهاب للمجتمع بشكل عام".
وزاد: "بالنسبة لقضية محمد قحطان، فمليشيا الحوثي تستهدف المجتمع بشكل عام بعملية إرهاب وحشي؛ بأن من يعارضها، ومن يخالف معتقداتها الخاطئة، وأفكارها، سيكون مصيره مثل هذا".
وقال: "ثلاثة مبعوثين أمميين عجزوا وفشلوا عن إقناع، أو الضغط على هذه المليشيا، للإفصاح عن السياسي محمد قحطان، وهذا يعد تدهورا وتراجعا في موضوع تنفيذ القرارات الأممية، التي شملت أيضا السياسي محمد قحطان".
-قضية إنسانية
يقول نجل السياسي المختطف محمد قحطان، زيد قحطان: "لم نعد نمتلك الكثير من الخيارات، حتى أحيانا حاولنا نخاطب الجميع دعونا نتواصل، ولن نخبر أحدا أننا تواصلنا، ولكن لا أستطيع أن أقول إننا فعلا توصلنا لهذا الاتفاق السري، الذي عرض على بعض الأطراف".
وأضاف: "قلت لهم خلونا نتواصل، والموضوع تكتموا عليه تماما، ولن أخبر أحدا فيه، ولكن، للأسف، تسع سنوات ونحن نردد ونعيد ونكرر قضية والدنا قضية إنسانية بحتة، ليس لنا علاقة في الأمور السياسية والمنازعات والمهاترات السياسية، نحن أسرة محمد قحطان نطالب بالكشف عن مصيره على الأقل حتى يطمئن قلبنا، وحتى نعرف إلى من نتوجه، وكيف نمشي ونتحرك؟".
وتابع: "أكثر لحظة هي في الاتفاق الأخير، ولكن لا أخفيك، تقريبا سنويا، ينعاد الشريط مرة كل مرة في المفاوضات السياسية، سواء في الكويت، أو ستوكهولم، وغيرهما، دائما يعطى لنا الأمان نكون متأملين بشكل أكبر، ونصدّق في نفس الوقت لكن الاتفاق الأخير بخروج الصبيحي وناصر منصور وغيرهما من المشمولين بالقرار أعطانا دفعة أمل كبيرة للأمانة".
وأردف: :كنا منتظرين تنفيذ الشق الثاني من الاتفاق، وهو التواصل مع الوالد، ومن ثم تبادل الأسرى ما بين الطرفين، لكن يبدو أن الأمور لم تمشِ كما هو متفق عليه، وحصل تنازعت ومهاترات لا أرى أن لها داعيا؛ هي قضية إنسانية، هو اتصال هاتفي، يعني كبر الموضوع أكثر مما ينبغي".
- معاناة مركبة
يقول الصحفي المفرج عنه من سجون الحوثيين، هشام طرموم: "إن قضية السياسي محمد قحطان هي قضية كل يمني حر، وكل حر في هذا العالم".
وأضاف: "قضية الأستاذ محمد قحطان قضية إنسانية لا بُد أن يتم التعامل معها قضية ببُعدها الإنساني، كما أنها قضية وطنية بامتياز".
وتابع: "يجب على القوى الوطنية والحكومة الشرعية وكافة الأحزاب والمكونات أن تتحول هذه القضية إلى أولوية في أدبيتها، وفي سياساتها وفي كل المحافل الدولية".
وزاد: "يجب أن تكون قضية الأستاذ محمد قحطان حاضرة، وأن تتحول إلى حراكا شعبيا من أجل الضغط، حتى إنقاذه من السجون".
وأردف: "مليشيا الحوثي تصرفاتها طائشة وغير مسؤولة، وإلا لماذا تخفي السياسي محمد قحطان، وتعمل على إعاقة إجراء وإقامة مفاوضات، وتتهرب من تنفيذ التزاماتها التي وقّعت عليها في الاتفاق الذي أبرم في إبريل من عام 2023م؟".
وأشار إلى أن "هذه الالتزامات ملزمة لهذه المليشيات بأن تسمح بزيارة محمد قحطان، وأن تفصح عن مصيره، وهذا ليس مطلبا للأسف الشديد".
وقال: "أنا أستمع إلى حديث نجل محمد قحطان اليوم؛ هذه الأسرة تعاني معاناة شديدة جدا، هي لا تعرف أين والدها، هي لا تعرف أين قريبها".
وأضاف: "هذه معاناة مركبة، والجريمة التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق محمد قحطان وبحق المخفيين والمختطفين جرائم مركبة، جرائم إخفاء، جرائم يشترك في معاناتها المختطف والقريب والمُحب والصديق".