تقارير
ما الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة وأمريكا في اليمن؟
في إحاطته لمجلس الأمن، أمس الأربعاء، جدد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، دعوته للأطراف اليمنية إلى البناء على التقدّم الذي أحرزته حتى الآن، واتخاذ خطوات حاسمة تقود إلى حل سلمي شامل.
المبعوث الأممي قال في إحاطته إنه واصل العمل مع الأطراف اليمنية والمتحاورين الإقليميين للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وبدء عملية سياسية، مشيرا إلى أن التضارب وعدم اتساق السياسات المالية والاقتصادية في مختلف أنحاء البلاد أثّرا بشدة على المواطنين، داعيا إلى سرعة الإفراج عن جميع المختطفين والمحتجزين تعسفا.
من جهتها، دعت الأمم المتحدة إلى إلغاء القيود على حرية التنقل، ووصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في اليمن.
يقول المحرر في مركز صنعاء للدراسات، مراد العريفي: "إن المبعوث الأممي يريد أن يبني على التراجع الحاصل في مسألة التفاوض السعودي - الحوثي، خلال الفترة الماضية، خصوصا وأن هذه المفاوضات، خلال هذه الفترة، تشهد تراجعا على اعتبار أن مليشيا الحوثي حتى الآن ترفض مسألة التوقيع مع مجلس القيادة الرئاسي، وهو شرط السعودي".
وأضاف: "المبعوث الأممي، خلال الفترة الماضية، ابتعد قليلا عن مسار التفاوض السعودي - الحوثي، وهو ما جعله يتحدث كثيرا، خلال هذه الفترة، مع أطراف يمنية؛ بينها المجلس الرئاسي وقيادات حوثية".
وأوضح: "تحرّكات المبعوث الأممي هي محاولة منه لمسك زمام الأمور، وربما المجتمع الدولي يرفض أن تذهب السعودية إلى اتفاق ثنائي مع مليشيا الحوثي، وهو اتفاق بطبيعة الحال يقفز على مصالح اليمنيين ومطالبهم".
وتابع: "الجهود الأممية تذهب بعيدا عن الجهود السعودية، فالجهود السعودية تركز على مليشيا الحوثي، بينما الأمم المتحدة تحاول ضم أطرافا سياسية مختلفة إلى طاولة التفاوض، خصوصا وأننا شاهدنا اليوم حديثا صريحا من المبعوث الأممي؛ وهو يقول إن أي اتفاق يهدف إلى المضي بأن تكون العملية السياسية بعيدة عن الأمم المتحدة سيكون عملية سلام منقوصة، ولا يحقق الشراكة السياسية ولا يؤمن مستقبلا آمنا لليمن".
ولفت: "تصريحات المبعوث الأممي تشير إلى أن السعودية تركز على مطالب الطرفين في مسائل معينة لا تشمل جميع اليمنيين، خصوصا مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي وبقية الأطراف اليمنية، وهذه تعد أحد تعقيدات العملية السياسية في اليمن".
وقال: "أنا أتفق مع ما قاله المبعوث الأممي، إن العملية السياسية يجب أن تكون برعاية أممية؛ باعتبارها الراعي الرسمي لأي عملية تفاوض بين الأطراف منذ 8 سنوات، والخروج عن هذا المسار قد يدفع بقية الأطراف إلى أنها تنتهج مسارات أخرى، ويذهب كل طرف على حِدة لتحقيق أهدافه ومصالحه، خصوصا وأن مشكلة اليمن ليست مقتصرة على طرف معين، وإنما مرتبطة بجميع الأطراف".
من جهته، يقول الكاتب الصحفي محمد المياحي: "المبعوث الأمريكي والمبعوث الأممي لا يملكان شيئا سوى القيام بوظيفة العلاقات العامة".
وأضاف: "منذ قدوم الرئيس الأمريكي بايدن والملف اليمني من ضمن أولوياته، ويبدو جادا في ذلك، ليس من أجل اليمن وإنما من أجل أن أمريكا التي لا تريد بقاء أي حرب في أي مكان إلا بالزمان والمكان التي تريده هي".
وأوضح: "عندما تكون هناك حرب خارج المسار الأمريكي، تسارع واشنطن لتقديم وساطات، ليس لأجل وضح حل للحرب، وإنما لإثبات حضورها المتلاشي".
وتابع: "أمريكا يتراجع نفوذها تدريجيا في المنطقة، وتتحفظ بدور شكلي فقط، وسمعنا تصريحات المبعوث الأمريكي ليندركينج، وحتى المبعوث الأممي هو مبعوث أمريكي من قبل تعيين ليندركينج".
ولفت: "غاية أمريكا هو تجميد الحرب فقط بسلام أو بدون سلام، هي تقول إنها تبحث عن سلام، لكن لا يبدو أن لديها تصورا لنوعية السلام الذي تريده، والأطراف يتفاعلون معها لمجرد الأموال، وحديث أن اليمنيين سيقررون مستقبلهم".
ويرى أن "أمريكا لا تملك قدرة على أن تفرض رؤية معينة، ومليشيا الحوثي استفادت كثيرا من مبعوثها، ومن رؤية بايدن لكيفية إنهاء الصراع في اليمن، فما الذي تملكه أمريكا من أدوات ضغط حقيقية لكي تثبت سلاما؛ باعتبارها دولة عظمى ودولة فاعلة؟".
وزاد: "بايدن يريد تجميد الصراع في اليمن؛ لكي يتفرّغ للصراع مع روسيا، ويريد قمع الصعود الصيني، وعلينا أن نشاهد كيف تنظر أمريكا للصراعات في جميع أنحاء العالم، وكيف تنظر إلى الصراع في اليمن".
واعتقد: "تنظر أمريكا للصراع في اليمن كمشكلة هامشية يجب التخلص منها فقط، وليس حلها، ولا يهمها إذا كان ذلك سيؤسس لدولة يمنية أم لا، وهل يصب في صالح احترام الحريات والمبادئ التي تنادي بها أم لا".
وأشار إلى أن "أخطر ما في الأمر أن المبعوث الأممي والرؤية الأمريكية يرغبان بوضع حل دون مراعاة طبيعة الصراع، ولا يهمها من الظالم، ومن المظلوم".
وقال: "لاحظنا مؤخرا ظهور حكم الأقليات، ومساعي لتقسيم اليمن إلى كنتونات، يريدون من المليشيات أن تتعايش مع الحكومة، ولا يدري المرء كيف يمكن أن يفضي هذا إلى مستقبل حقيقي".
وأضاف: "الأمريكيون لا يمتلكون تصورا دقيقا وجذريا للسلام، بل على العكس يعملون على تضليل طبيعة الصراع، والنظر له على أنه صراع صبياني، ولا ينظرون إلى المشكلة التاريخية، ولا إلى جذور الحل، وأننا أمام جماعة خارجة عن كل المبادئ التي تؤسس لدولة، ولا تلتزم بها، فقط كل ما يريدونه هو تجميد الحرب بأي طريقة كانت".