تقارير
ما الرَّسائل المتبادلة عبر عمليات القصف وتدمير المنشآت المدنية اليمنية؟
قصف إسرائيلي جديد استهدف مطار صنعاء، ودمّر آخر طائرات الخطوط الجوية اليمنية، التي كانت تُستخدم لنقل المسافرين والحُجاج.
هذه الضربة سبقتها عمليات مماثلة، لا تبدو ذات أهمية وقيمة عسكرية مباشرة، بل تعكس حاجة إسرائيلية لتقديم مادة مصوَّرة للرَّد، بعد استهداف مليشيا الحوثي مطار بن غوريون.
ما يجري لا يُوحي بصراع كبير، أو معركة وشيكة، بل باستخدام محسوب لأدوات محدودة التأثير، فإسرائيل تختار اليمن كخصم منخفض الكلفة يمكن ضربه دون صعوبة دبلوماسية أو عسكرية تذكر، ومليشيا الحوثي بدورها تحاول حصد مكاسب سياسية من المشاركة الرمزية في صراع لا يملكون أدواته.. أما المدنيون اليمنيون فيدفعون الثمن وحدهم.
في اليمن، بنية تحتية تدمَّر، ومرافق حيوية تتوقَّف، وأمل بالحد الأدنى من الحياة يتبدد بصمت، ولا يكترث له أحد!!
- عقليات متشابهة
يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي: "المسألة هي سجال، فالكيان الصهيوني حاليا لديه فائض قوة، وأعتقد أنه ينبغي أن يرد على الهجمات المتتالية من جانب مليشيا الحوثيين، وهو يدرك أن القيمة الإستراتيجية لضرباته لمطار صنعاء ليست بتلك الكلفة العالية، ولكن في النهاية هي تلحق أذى وتراكم الأذى والخسائر التي يتكبدها الشعب اليمني؛ نتيجة لهذه الغارات".
وأضاف: "السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو أنه عندما ضربت ثلاث طائرات تابعة لأسطول الخطوط الجوية اليمنية، كان يفترض أن مليشيا الحوثي لديها إحداثيات ولديها خبر بأن هناك طائرات معادية تتجه صوب اليمن، وستنفذ غارات على أهداف هي تعرف ماهية هذه الأهداف، فمطار صنعاء لم يضرب لأول مرة".
وتابع: "كان على الأقل ينبغي أن تحرر هذه الطائرات، وتعود إلى عدن، تتصرف بشكل يعطي انطباعا بأنها فعلا حريصة على مقدرات الشعب اليمني، وعلى أن هذه الطائرات تمثل اليوم الحل الوحيد تقريبا لليمنيين، لكي يخرجوا ويعودوا من وإلى صنعاء، أو من وإلى اليمن".
وأردف: "اليوم، نحن أمام كارثة حقيقية أمام أولئك الذين لديهم جدول فيما يتعلق بالرحلات، وخصوصا حجاج بيت الله الحرام، الذين سيواجهون صعوبة في الوصول إلى مكة المكرمة عبر الطريق البري، بعد أن كانوا قد هيأوا أنفسهم على أنهم سيتوجهون لأداء الفريضة عبر طيران اليمنية".
وزاد: "هناك عبث في الحقيقة، وهناك سُوء تقدير، وهناك حالة من عدم الاكتراث بمصالح الشعب اليمني تمارسه مليشيا الحوثي، وهي في الحقيقة تشابهت العقليات الصهيونية والعقليات الحوثية؛ كلاهما ينطلقان من أنانية واحدة، ومن تقدير متشابه للذات، وهناك غلو في تقدير الذات، بحيث إن أي شيء يمكن أن يهون في خدمة مصالح الإسرائيليين، أو في خدمة مصالح هذه الفئة التي تتحكم حاليا في صنعاء".
وقال: "الصهيونية والحوثية لديهما نفس الدوافع، ونفس الرغبة في ممارسة الأعمال الإجرامية متوفرة لدى الطرفين".
وأضاف: "على سبيل المثال، الحوثيون دمّروا منزلا في 'برط العنان' وفيه امرأة وأولادها؛ فقط لأنهم على خلاف مع صاحب المنزل، وهو شيخ من المشايخ، يعني أعمال إجرامية لا يمكن أن يتصوّرها عقل".
- ممارسة الدّور
يقول المحلل العسكري، العميد عبد الرحمن الربيعي: "نحن عندما نشاهد هذه الكومة من الخردة لمخلفات الطائرة التي قصفت يوم أمس شيء مؤسف، لكن عندما نتحدث ونقول منشآت مدنية لا ننسى تصريح المبعوث الأممي أمس، هانس غروندبرغ، قال تبادل الضربات فيما بين الحوثيين وإسرائيل، فالحوثيون يستهدفون مطار بن غوريون وصرحوا علنا بذلك".
وأضاف: "صحيح أنه عدو إسرائيلي، وهذا لا غبار عليه، لكن في المواءمة فهو فعل ورد فعل، لكن الأمر المستغرب أنه كيف للحوثيين في المرة السابقة عندما دُمرت الطائرات الثلاث التي كانت في المطار، كان هناك إنذار قبل ست ساعات، أن المطار سيقصف".
وتابع: "الشيء المؤسف اليوم، والمخجل في نفس الوقت، أنه قبل أسابيع أعلنت دولة الكيان الصهيوني الإسرائيلي تحذيرا بأنها ستضرب مطار صنعاء، فكيف بالحوثيين أن يسيروا الرحلات، وهم يدركون ويعرفون حق المعرفة أن إسرائيل ممكن تهاجم في أي لحظة، وأن إسرائيل أعطت تبريرا للعالم كله بأنها أنذرتهم".
وأردف: "عندما نقول ليش يضربون مطار صنعاء، سيقول العالم كما قال المبعوث الأممي أمس، هانس غروندبرغ: لماذا يستهدفون مطار بن غوريون؟".
وزاد: "أنا هنا لا أدافع عن مطار بن غوريون إطلاقا، وكنا نتمنى من الحوثيين أن يدمروا مطار بن غوريون، وكل مطارات إسرائيل، ما عندنا مشكلة، فإسرائيل بلد غاشم بلد محتل لأرض غير أرضها، وتمارس الجرائم البشعة في حق شعب محتل، وتعمل كل الجرائم".
وقال: "لكن لماذا هذا الإسفاف وهذه الأخطاء الجسيمة، التي ترتكب تحت مبررات لا تقدم في أمر القضية الفلسطينية ولا تؤخر، وتقصف اليمن، وكل يوم نخسر من المنشآت ليس إلا لسبب واحد فقط، وهو أن الحوثيين يمارسون الدور بدلا عن إيران، وخصوصا فيما يتعلق الآن بتعثر أو تقدم المفاوضات فيما بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية".