تقارير
ما تبعات قرار نقل قوات "درع الوطن" إلى ساحل حضرموت؟
تعيش حضرموت، منذ أشهر، على وقع تطورات متصاعدة سياسيا واجتماعيا وعسكريا..
وعلى الرغم من أن هذه التطورات لا تزال تحت السيطرة، إلا أن الأزمة تبدو أكثر تعقيدا، ومرشحة للانفجار مع كل انعطافة جديدة.
الشهر الماضي كانت قوة من درع الوطن، التابعة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والمدعومة من السعودية، في طريقها من وادي حضرموت إلى معسكر قريب من مدينة المكلا مركز المحافظة، إلا أن قوة النخبة الحضرمية، القريبة من المجلس الانتقالي، منعتها.
تراجعت قوات درع الوطن إلا أن الأزمة لم تنتهِ بعد، ولا تزال التصريحات والتهديدات تتوالى من الأطراف التي تقف خلف القوتين.
لا يمكن إغفال أدوار الرياض وأبو ظبي فيما يجرى، حيث يرى البعض أن ما يجري على الساحة الحضرمية ما هو إلا واحد من مظاهر الصراع بين العاصمتين على حسم مصير حضرموت.
- تنافس إماراتي - سعودي
يقول الصحفي صلاح السقلدي: "أنا ضد إغراق المحافظة بهذه المكونات، كان يكفي طالما ونحن متفقون بأن هناك قوة نسندها ونشد من أزرها، بدلا من إنشاء مزيد من هذه المسميات"، متسائلا: "ماذا لو أتت أي جهة داخلية أو إقليمية وأرادت تشكيل قوات إضافية، أو أخرى تحت أي مسمى كان، وكان نفس المبرر، ونفس المنطق؟".
وأضاف: "لا يجادل أحد أن هناك تنافسا إماراتيا - سعوديا خصوصا في المناطق الحيوية".
وأوضح: "الإمارات -كما نعرف جميعا- اقتصادها يبنى بدرجة أساسية على مدن الموانئ، والمناطق الحرة، فهي بكل تأكيد انتشرت على طول الساحل من المهرة قبل أن تزيحها السعودية من تلك المحافظة، مرورا بحضرموت وعدن وصولا إلى الحديدة".
وتابع: "يبدو أن هناك قوة محلية تساعد على هذا التنافس (السعودي - الإماراتي)، لكنه -للأسف- تنافس سلبي"، حسب وصفه.
ويرى -معتقدا- أن "هناك مساعي -وصفها بالخبيثة- تحاول أن تنتزع حضرموت من خارطتها الجنوبية، وهناك مساع سعودية واضحة للاستئثار بحضرموت وإزاحة الجميع بمن فيهم الانتقالي والإمارات؛ حفاظا على مصالحها (السعودية) وعلى مصالح قوى كبرى (فرنسا وبريطانيا)".
وأشار إلى أن "قوات درع الوطن عدوة حتى لوزارة الدفاع التابعة للشرعية وعدة لرئاسة الأركان"، قائلا: "عندما يتم إنشاء قوة موازية لوزارة والدفاع ورئاسة الأركان يضعفها قبل أن يكون إضعافا للآخرين".
- محل أطماع
يقول الصحفي صلاح السقلدي: "ما في شك بأن حضرموت كثروة وكموقع تاريخي وهوية، تجحض الأعين باتجاهها، خصوصا الأعين في الإقليم، وليس الأحزاب التي نهبت حضرموت منذ عقود، وحتى هذه اللحظة".
وأضاف: "حضرموت، بالتالي، محل أطماع كثير من القوى، التي تكالبت عليها، ولا تزالت حتى اللحظة تحاول أن تستأثر بطاقاتها وبثرواتها، وتحاول أن تنكل بأبناء حضرموت، الذين يفترض من الجميع -خارج حضرموت وداخلها- أن يصطفوا مع هذه المحافظة الغنية بالثروات والفقيرة بشعبها وأبنائها".
وأوضح أن "البيان، الذي صدر مؤخرا، مما يسمى بقبائل حضرموت، كانت فيه نقاط تستدعي أن نقف أمامها".
وتابع: "دعا البيان إلى عدم الدعوة إلى الاحتراب، وكان يشير إلى دعوة أبناء حضرموت إلى الاصطفاف والاحتشاد نصرةً للنخبة الحضرمية"، قائلا: "أنا لا أعرف أي دعوة للاحتراب إذا كان أبناء حضرموت بطبيعتهم هم أبناء سلام، وهو أبناء محبة فيما بينهم البين، ومع الآخرين عبر التاريخ".
وأشار إلى أن "الدعوة إلى الاحتراب هي تلك الدعوة التي دعت وحشدت عشرات من الأطقم العسكرية، عشرات من المدرعات، ومئات من الجنود من خارج المحافظة، والزج بهم في عاصمة المحافظة وإلى السواحل".
وزاد: "هذه هي الدعوة إلى الاحتراب الحقيقية، أما الدعوة إلى اعتصام سلمي فهي مغالطة تماما لا يمكن على الإطلاق أن تنطلي على أحد".
واستطرد: "قبائل حضرموت أشارت إلى أن قوات النخبة الحضرمية هي قوات رسمية وأفرادها حضارم، قائلا: "طالما نحن متفقون أن أفراد النخبة من أبناء حضرموت، وأنها قوات رسمية، فلماذا يتم إنشاء قوات ومجالس نظيرة لها ومرادفة لها؟".
واعتبر أن "الأفضل والأجدى كان بأن يتم نصرة هذه القوات (النخبة)، وترتيب صفوفها، بدل أن يتم إنشاء قوات تصطدم بها وتحاربها، مثل ما يتم اليوم"، حسب تعبيره.
- "درع الوطن" من أبناء حضرموت
بدوره، يقول الناشط السياسي محمد بلفخر: "لا أدري ماذا يريد الانتقالي من الدعوة إلى الاحتشاد، يوم السبت تحديدا، هذه ثقافة جديدة مليونيات تقام يوم السبت لنصرة ما سمي بنصرة النخبة الحضرمية".
وأضاف: "هي أصلا نخبة حضرمية، ومن أبناء حضرموت، جهة أمنية تماما، القوات الأخرى -التي أشار إليها الأخ صلاح- هي قوات درع الوطن؛ أنشئت بقرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ومن أبناء حضرموت".
وأشار متسائلا: "ما الذي يضير الانتقالي؟ وكأن هذه شر عليهم، النخبة الحضرمية هي للمهام الأمنية، ودرع الوطن للمهام العسكرية، في مجالات الحدود، وفي البحار، هذه قوة أكثر فاعلية، لماذا يخافون منها؟".
وبيّن أن قوات درع الوطن "انتقلت من سيئون، أو قُرر لها موقع آخر في ساحل حضرموت، وهي جُزء من هذه البلاد الكبيرة، ما الضرر من ذلك؟ ولماذا استعطاف الناس؟".
وتابع: "الناس الذين سيأتون إلى هذه المليونيات هم على ثلاثة أقسام: أحدهم بدافع وطني، غيرة على حضرموت، وهو لا يعرف خفايا الداعين لهذه الدعوة، لكن عندما يعرف الحقيقة سيتوقف".
وزاد: "والصنف الآخر، ما تسمى المليونيات هي وسيلة من وسائل الحصول على مكسب مالي -قلَّ أو كُثر- نوع من تفريج همٍّ بالنسبة لهم، سواء في وجبة غداء أو تخزينة قات، وهم يعرفون أنهم يؤدون مُهمة".
ولفت إلى أن "الطرف الثالث فهم مجاميع منتمون لتيار الانتقالي، وهم لا يدركون ماذا قد فعل أسلافهم في حضرموت، وكيف سلّموا لهذا الفصيل، وماذا فعل بحضرموت منذ خمسين عاما"، مؤكدا أن "هذا شيء من العبث، ندور في حلقة مفرغة، ويتم التخويف".
وقال: "درع الوطن من أبناء حضرموت؛ أنشئت بقرار رسمي من الرئيس رشاد العليمي، كما أنشئت النخبة بقرار رسمي، من الرئيس عبدربه منصور هادي، ماذا يضيرهم في هذا الأمر؟".
- مدنية
وأضاف: "حضرموت بشكل عام -بمكوناتها وأحزابها وشخصياتها- تدعو إلى السلام، والأصل أنها مدنية، دائما تبحث عن كل ما يتم بالنظام المدني، وبالنظام الديمقراطي".
وبالمقاربة بما حصل في مأرب، يوضح بلفخر أن لكل منطقة خصوصياتها في التعامل، مشيرا إلى أن "مأرب منطقة محدودة في تعاملها مع الدولة، وحضرموت بلاد كبيرة ومترامية الأطراف؛ لو حصل فيها مثل ما حصل في مأرب ربما تخرج البلاد عن السيطرة وتدخل في معمعة، وهذا الذي لا يريده أبناء حضرموت، حسب ما يراه.