تقارير
ما مستقبل اليمن في ظل استمرار الصراعات الدولية على أرضه؟
تستخدم إيران الأراضي اليمنية كقاعدة لإطلاق صواريخ وطائرات مسيَّرة ضد إسرائيل، غير مبالية بالثمن الذي يدفعه اليمنيون، فحوّلت البلد إلى ساحة حرب بالوكالة، يدفع فيها الشعب الثمن الأكبر من دمه ومعيشته وأمنه ومنشآته الحيوية، حيث تهدر الموارد، وتدمّر البنية التحتية تحت شعارات "لا تسمن ولا تغني من جوع".
في ظل هذا الوضع، تبرز حاجة مّلحة لقوى سياسية يمنية ناضجة تمتلك رؤية وطنية قادرة على الخروج باليمن من هذه الورطة، فالبلاد تقف بين قوتين شريرتين، إيران التي تستخدم الحوثيين لتنفيذ أجنداتها التوسعية، والكيان الإسرائيلي الذي لا يتردد في الرد بقوة على أي تهديد.
-داعم إسرائيل والحوثي واحد
يقول الباحث في الشؤون الإنسانية والاقتصادية، الدكتور إيهاب القرشي: "قرار الأمم المتحدة بوقف أعمالها في اليمن ليس بجديد عليها، فقد علقت أعمالها من قبل أشهر، ودعمتها سبع دول عالمية في هذا القرار، بسبب استمرار الحوثي باعتقال وإخفاء الموظفين الأمميين، وموظفي المنظمات المحلية والدولية".
وأضاف: "الأمم المتحدة تعلق أعمالها اليوم؛ بسبب القصف على مطار صنعاء، وتعرض مدير منظمة الصحة العالمية وفريقه إلى الخطر، لكنها بنفس الوقت هي تعلم أين يكمن الخلل، عندما يتواجدون في مطار صنعاء في ظروف مثل هذه، قد تُفسر بطريقة أو بأخرى، أنها أيضا تماشيا مع التهيئة والإعداد لما سيحصل قادما من الحوثي، ومن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل".
وتابع: "ما يحدث في اليمن نعجز -نحن كمتابعين اقتصاديين أو سياسيين أو إنسانيين- تفسيره من النواحي السياسية، إلا أنها عبارة عن شبكة واحدة مقرونة بطرفين؛ هما إيران وإسرائيل، والداعم المجتمع الدولي مقسوم إلى قسمين".
وأردف: "لكن، لو دققنا النظر سنجد أن الولايات المتحدة ومنظمات الأمم المتحدة هي من تدعم الحوثيين، خلال عشر سنوات ماضية، أكثر من 6 مليارات دولار ما أنفقته الولايات المتحدة الأمريكية على المنظمات، وهذا ما نعلمه، والسعودية أيضا تنفق 3 مليارات على المنظمات، وما نعلمه أيضا خارج هذه الموازنة، أو الخطة، أو الوسائل، إنفاق أكثر من 13 إلى 14 مليار دولار".
وزاد: "الداعم الوحيد للحوثيين ماليا هي المنظمات الأممية، ومن خلفها الولايات المتحدة، ومن يدعم إسرائيل هي نفسها الولايات المتحدة الأمريكية، وأكبر دليل على ذلك ما حدث أمس من قصف لميدي في حجة، وهي منطقة محررة، وليست منطقة بيد الحوثيين، وهذا الأمر يفسِّر أيضا وحدة التوجّه إلى إحداث شيء لصالح الولايات المتحدة".
- إسرائيل وخلط الأوراق
يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد جميل المعمري: "بالنسبة للتصعيد المستمر، نحن نعلم أن هناك كان تهديد حوثي للملاحة الدولية، والسفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب، وتحركت القوات الدولية باسم تحالف حارس الازدهار، في البحر الأحمر، من أجل تأمين الملاحة الدولية".
وأضاف: "كانت هناك أيضا تحركات عسكرية، واجتماعات مستمرة لمجلس القيادة الرئاسي للقوات الشرعية، سواء في مأرب، أو في الساحل الغربي، أو حتى الأحزمة الأمنية، وهناك اجتماعات مكثفة لقيادات عسكرية".
وتابع: "عندما نربط هذه الأحداث بما جرى في لبنان، وما جرى في سوريا، شعرت المليشيا الحوثية أنها قربت من النهاية، وأن الدور حان عليها، وأنها ستكون هي الهدف القادم، ولذلك ما قامت به إسرائيل، خلال العشرة الأيام الماضية، هي محاولة لخلط الأوراق".
وأردف: "مليشيا الحوثي تحاول، من خلال هذا العمل العسكري، أو هذه الضربات الصاروخية، التي تمارسها ضد إسرائيل، أن تسعى إسرائيل لقصف اليمن، وتظهر هي كبطل قومي، وكبطل عربي، وأنها تقاتل إسرائيل بشكل مباشر؛ دفاعا عن الاراضي الفلسطينية، وهذا شيء مغلوط".
وزاد: "مليشيا الحوثي الآن تهرب إلى الأمام، وتهرب باتجاه الحرب مع إسرائيل؛ لأنها تخشى المواجهة مع الشرعية القادمة، وتريد أن تغلف المواجهة القادمة مع قوات الشرعية، أو مع قوات الجيش الوطني، أن هؤلاء هم عبارة عن أذناب لإسرائيل، وأنهم يقاتلون بالنيابة عن إسرائيل، وهذه هي الصورة التي تريد إسرائيل أن تضعها أمام الشعب اليمني، والشعب العربي".
وقال: "العمليات العسكرية، التي نفذت حتى هذه اللحظة، لم تكن دقيقة في استهداف القيادات الحوثية، وكانت عمليات استهداف للمنشآت الحيوية والمنشآت المدنية والموانئ والمطارات، وهذا يعني أن المليشيا الحوثية لم تتضرر بشيء، ونحن نعلم أن المليشيا تغامر، منذ أكثر من عشر سنوات، بمقدرات الشعب اليمني، ودمرت اليمن تدميرا كاملا".
وأضاف: "مليشيا الحوثي لا يهمها أن يتم تدمير اليمن، ولا يهمها شيء سوى أن تقوم بتنفيذ الأجندة الإيرانية".
- انتهاك للقوانين والأعراف
يقول المحامي والناشط الحقوقي، عبد الرحمن برمان: "استهداف المنشآت الحيوية والمدنية هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وإسرائيل هي دولة مارقة عن الشرعية الدولية، تنتهك القوانين والأعراف الدولية، منذ نشأتها".
وأضاف: "الأمم المتحدة شاركت في شرعنة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينة منذ بداية نشأتها".
وتابع: "استهداف الأعيان المدنية، أو المنشآت الحيوية، هو انتهاك جسيم للقانون الدولي، سواء كان في غزة أو في اليمن، وخصوصا البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقية جنيف في المادة 52، التي نصت على أن الأعيان المدنية لا يجوز أن تكون هدفا للهجمات".
وأردف: "كذلك المادة 53 تحظر بشكل قطعي أي هجوم على الممتلكات الضرورية للحياة وللسكان المدنيين، وأيضا المادة 25 من اتفاقية لاهاي نصت على حظر الهجوم والقصف بأي وسيلة كانت على المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية".
وزاد: "كل هذه القوانين والأعراف الدولية، إسرائيل رمت بها عرض الحائط، وتمارس الانتهاكات، منذ نشأتها حتى هذه اللحظة".