تقارير
ما وراء زيارة رشاد العليمي لـمحافظة حضرموت؟
تثير زيارة الرئيس رشاد العليمي إلى حضرموت، برفقة وفد سعودي، العديد من التساؤلات والتكهنات حول الأهداف والنتائج المحتملة لهذه الزيارة المهمة، في سياق التطورات السياسية الأخيرة في المنطقة، وخصوصا في حضرموت؛ عقب تشكيل مجلس حضرموت الوطني.
تتجلى أهمية زيارة العليمي بإشارة واضحة لاهتمام السعودية بتعزيز الزخم، وتأييد المجلس الحضرمي الجديد، الذي أثار انزعاج المجلس الانتقالي، الذي كان يتوقع أن يلعب دورا مهما في الساحة الحضرمية، بعد أن أصبح المجلس الحضرمي يهدد مصالحه ونفوذه في المنطقة.
- واقع جديد
يقول المحلل السياسي، ياسين التميمي: "زيارة الرئيس العليمي لمحافظة حضرموت كان قد أعلن عنها قبل عدة أشهر، لكنها تأجلت ربما نتيجة تصعيد المجلس الانتقالي في المحافظة، والذي يمثل النفوذ الإماراتي".
وأضاف: "يبدو أنه وضِع للمجلس الانتقالي حد لا يجب تجاوزه، من خلال ظهور مجلس حضرموت الوطني".
وأشار إلى أن "هذه الزيارة واحدة من النتائج المهمة لمشاورات الرياض الحضرمية، التي أنتجت واقعا جديدا".
وتابع: "سمعنا كثيرا أعضاء وناشطي المجلس الانتقالي وهم يتحدثون عن قوى الأمر الواقع، واليوم اللاعب الخارجي الذي أنتج كل قوى الأمر الواقع، التي نراها على الساحة اليمنية، أنتج قوة أمر واقع جديدة تصطدم سياسيا وعسكريا وجيوسياسية مع الانتقالي، ومع غيره من المكونات، وتتخادم إلى حد ما مع السلطة الشرعية".
وأوضح: "حضرموت اليوم بعد المجلس الحضرمي الوطني تختلف تماما عن حضرموت السابقة، وهناك تحديات وضعت أمام المجلس الانتقالي دفعته للتصرف بشكل عشوائي وجنوني:.
ويرى أن "ذهاب عيدروس الزبيدي إلى لندن، بترتيب من دولة الإمارات، كان بهدف تكسير القيود الكبيرة، التي وضعت حوله في الرياض، بعد أن وجد نفسه وفرج البحسني خارج المشاورات الحضرمية في الرياض، والتي مثلت للزبيدي والبحسني ضربة معنوية كبيرة".
وزاد: "عقد المشاورات الحضرمية بدون فرج البحسني، الذي انضم مؤخرا للمجلس الانتقالي، أمر بحد ذاته يزعج الانتقالي ومن يدعمه، وعندما تأتي نتائج هذه المشاورات متعاكسة تماما مع مشاريع الانتقالي السياسية، فهذا يعني أن تطورا مهما قد حدث".
وبيّن: "السعودية يبدو وكأنها حريصة على تمكين مجلس حضرموت الوطني كما مكنت المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي الآن ربما في طريقها إلى تأمين مسار سياسي".
ويرى أن "مجلس حضرموت الوطني اختصر الطريق، ولم يتبع الخطوات طويلة الأمد التي قطعها المجلس الانتقالي، واضطر معها أن يخوض جولات حرب عبثية في عدن، ويدمر عدن، ويغلقها أمام الناس، ويحولها إلى ساحة من العبث والفوضى، وكل ذلك بأسلحة قُدمت له من التحالف".
وأضاف: "يمكن القول بأن نخبة حضرموت انضمت إلى هذا المجلس، والقيادات الحضرمية التابعة للمجلس الانتقالي خرجت، وليس أمامها خيار إلا أن تكون جزءا من مجلس حضرموت، أو أن تكون خارجه، لكن دون أن يكون لها أي معنى أو تأثير على الساحة الحضرمية".
وذكر: "الوثيقة السياسية والحقوقية الحضرمية تحدثت عن أن الساحة الحضرمية تحتمل التنوع السياسي، لكن في النهاية مجلس حضرموت الوطني وجد لكي يكون هو المؤثر السياسي الأوحد، والرافعة السياسية للمشروع الحضرمي، وغيرها من المسميات".
وأكد: "من الصعب القول إن المجلس الانتقالي ليس له وجود في المكلا، ففرج البحسني الذي انضم للانتقالي بتوجيهات من الإمارات له أتباع، وهناك عناصر أمنية تنشط في المكلا، وعناصر أيضا تتبع المشروع الإماراتي، قامت بالأمس وستقوم غدا بتمزيق صور الرئيس رشاد العليمي، لكن هذا الأمر سينتهي في نهاية المطاف، وسترفع الأعلام، وسيفرض المجلس الحضرمي نفوذه السياسي والعسكري والأمني، وستصبح حضرموت ساحة حصرية له".
واستطرد: "المشروع الحضرمي هو مشروع باتجاه التفكيك، لكن المشروع الانفصالي الذي كان يتبناه المجلس الانتقالي، الذي وصِف بأنه الرافعة السياسية للمشروع الانفصالي، لم يعد يستند إلى نفس الرؤية السابقة، ولم تعد تتوفر له الإمكانيات الميدانية، بعد خروج حضرموت من المعادلة بشكل كامل".
وزاد: "الرئيس رشاد العليمي يعطي انطباعا أن المجلس الحضرمي مدعوم بشكل كبير جدا من المملكة العربية السعودية، وهذه الزيارة تمنحه الشرعية من قِبل رئيس المجلس الرئاسي".
وأشار إلى أن "ستكون هناك مجموعة من الفعاليات والافتتاحات ووضع حجر الأساس في حضرموت، كما رأينا عبدربه منصور هادي عندما ذهب إلى المهرة لوضع حجر الأساس ليغطي على الوجود العسكري السعودي هناك".
واعتبر أن "المجلس الانتقالي، اليوم، عاد ليضع رهانه كله بيد مليشيا الحوثي، ويتمنى أن تعطى الشمال للحوثيين ويصبحوا قوة أمر واقع كي يتمكن من تحقيق حلمه بفصل الجنوب عن الشمال، لكن هذه الأمنيات لم تعد متاحة الآن، فحضرموت أصبحت خارج اللعبة، ولم تعد جزءا من مشروعه، وأصبح الانتقالي يواجه عقبات حقيقية، وضعت أمامه".
ولفت إلى أن "اليمن لم يكن بحاجة لا لمجلس انتقالي، ولا لمجلس حضرموت الوطني، ولا لقوات الساحل الغربي، وإنما بحاجة لدولة مدعومة من التحالف بإخلاص، تصل إلى أهدافها المعلنة، دحر الانقلاب، وإعادة اليمن إلى المسار السلمي، التعايش المشترك بين المكونات اليمنية، وخروج اليمن إلى بر الأمان".
وأضاف: "لكن -للأسف- دخلنا بدوامة من العبث؛ نتيجة للأنانية التي ترى أن مصالح الدول الإقليمية، التي تتدخل في الساحة اليمنية، تتقدم على مصالح الشعب اليمني، مع فارق أن الشعب اليمني أعلى كتلة سكانية في شبه الجزيرة العربية، وأن الألم والخسائر، التي يتكبدها كل يوم، مردودها سيكون سلبيا على مستقبل المنطقة، وليس فقط على مستقبل اليمن".
وتابع: "نتمنى أن تكون السعودية تهدف إلى إعادة الأمور إلى نصابها، ودعم مخرجات الحوار الوطني، التي تذهب إلى فكرة إقامة دولة يمنية اتحادية متعددة الأقاليم، بحيث إن كل إقليم يأخذ حقه في ممارسة صلاحيته في إدارة شأنه الداخلي، ويبقى الالتقاء مع المصلحة اليمنية العليا من خلال الشؤون السياسية الخارجية والدفاع".
وقال: "لا أستطيع أن أتصور بأن المنطقة ممكن أن تنعم بالأمان واليمن ينزف، فاليمن اليوم ساحة مفتوحة، وهناك أكثر من دولة بدأت تتدخل في الساحة اليمنية، وزادت الأمر تعقيدا، فإيران تدخلت بقوة، وخلقت كل هذه التعقيدات أمام السعودية في الساحة اليمنية".
وأكد: "في حال استمرت الأمور بهذا العبث، الذي نراه اليوم، هذا يعني بأن هناك دولا أخرى ستدخل إلى الساحة اليمنية، وستزيد الأمور تعقيدا، ووحده الشعب اليمني من سيدفع الثمن، وأن الشعب لن يستمر بالصمت طويلا، وهو ينظر للعابثين بشؤونه، فبلا شك أن لديه أيضا خياراته الخاصة، التي ستجعله يتصرف في الوقت المناسب لإيقاف هذا العبث".
- مشروع خاص
يقول عضو الهيئة التأسيسية لمجلس حضرموت الوطني، الشيخ جمعان بن سعد: "زيارة الرئيس العليمي كان مقررا لها قبل بضعة أشهر، لكن لظروف معينة تم تأجيلها أكثر من مرة، حتى جاء الوقت المناسب الآن، خصوصا بعد إعلان تشكيل المجلس الحضرمي، وهي زيارة خير لحضرموت سيتم خلالها افتتاح عدد من المشاريع التنموية في المحافظة، بالتعاون مع البرنامج السعودي".
وأوضح: "زيارة العليمي لها علاقة بدعم المجلس الحضرمي الوطني، والعليمي قد التقى بالوفد الحضرمي في الرياض، وأكد أنه مع تطلعات أبناء حضرموت، ومع ما يراه الحضارم مناسبا لهم، ومع أي كيان سياسي يمثلهم، ويمثل متطلباتهم ومشاريعهم السياسية والخدمية".
وأضاف: "نحن في حضرموت لا يعنينا مسألة الغضب أو الفرح من أي جهة كانت، سواء كان المجلس الانتقالي أو غيره من المكونات أو الأحزاب، فنحن سلكنا طريقنا، وما قمنا به هو مشروع خاص بنا نحن الحضارم، ولسنا في إطار الجنوب، أو أي جهة أخرى".
وتابع: "سنسعى مع دول التحالف العربي لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المبادرة الخليجية، ونريد الاستعجال بإعلان إقليم حضرموت، وأن نحكم أنفسنا بأنفسنا، وفق ما يتناسب ويتفق مع مخرجات الحوار الوطني، التي أقرت أن تكون للأقاليم الحرية المطلقة في إدارة شؤونها اقتصاديا وأمنيا وعسكريا".
وأشار إلى أن "حضرموت ستكون النواة الأولى والنموذج التنموي، الذي ستقتدي به باقي المحافظات اليمنية".
وأكد: "المكونات الحضرمية بكافة مسمياتها ستبقى كما هي، وأن جميعها رحبت بتشكيل هذا المجلس، ليكون هو الرافعة والإطار الجامع لها، وستكون ممثلة تمثيلا جيدا فيه، بما يتناسب مع أحجامها وتاريخ نضالها مع حضرموت".
وبيّن: "حضرموت ستقبل بالشراكة وفق مخرجات الحوار الوطني، مع تصحيح أي قصور فيها، ولا يمكن أن تقبل بأن تكون تابعة، ولا تقبل بأن يتم الحديث باسمها، فلسنا قصَّر، ونحن قادرون على الحديث عن أنفسنا بشكل جيد، ونستطيع أن نفاوض عن أنفسنا بشكل جيد".
وفي حديثه عن اللواء فرج البحسني، قال: "البحسني أعلن عن موقفه وتوجهه مع المجلس الانتقالي، ونحن نرحب به كمواطن حضرمي، له ما لنا وعليه ما علينا، وبعد تعيينه نائبا لرئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، هذا يعني لم يعد ممثلا سياسيا لحضرموت في المجلس الرئاسي، ونحن نقول لمجلس القيادة الرئاسي، والأشقاء في التحالف، بأن مقعد حضرموت في المجلس الرئاسي أصبح شاغرا، ويحتاج لأن يشغله شخصية حضرمية وطنية، ومجلس حضرموت الوطني سيكون له دور فاعل في هذا الصدد".