تقارير
"مشاكل صحية مجهولة في اليمن".. ما الذي يكتشفه الجرَّاحون في المرضى؟
بمحض الصدفة، وبعيداً عن صحة تقارير التشخيص العلاجي للحالات المرضية، التي تحتاج إلى تدخل جراحي بصورة طارئة، يتفاجأ أطباء الجراحة -عند القيام بإجراء العمليات الجراحية- باكتشاف إصابات وأعراض إضافية في جسد المريض، تستدعي إزالتها واستئصالها بالتزامن مع الإجراءات الجراحية للعملية الأساسية.
حيث يواجه الكثير من أخصائي الجراحة العديد من التشوّهات والعيوب الصحية الغامضة داخل أجسام المرضى، بالرغم من اختلاف المشاكل الصحية التي يعانون منها، ونتيجةً للتشخيص الطبي غير الدقيق، الذي حوّل المريض إلى حقل لاكتساب خبرات طبية واسعة، لم يستفد منها المعالجون بشكل جيّد؛ نظراً لوجود جملة من العوامل السلبية في القطاع الصحي اليمني.
- أعراض ثانوية
حالات مرضية كثيرة تعاني من إصابات وأعراض صحية غير مفهومة الأسباب لدى الأطباء، الذين يجهلون معرفتها إلا بعد قيامهم بإجراء التدخلات الجراحية، إذ يخضع المريض لأكثر من عملية ثانوية، غير العملية الجراحية المُقرة بالتشخيص.
يقول "عبدالرحمن القطاع" -طبيب جراحة الكُلى والمسالك البولية- لموقع "بلقيس": "عندما نُجري عملية جراحية، نصادف وجود أكثر من مشكلة صحية عند بعض الحالات تتطلب إزالتها؛ لأنها من أهم أسباب الألم للمريض، بدون أن يكون قد تم تشخيصها ومعرفتها من قبل، نكتشفها أثناء إجراء العملية الأساسية للمريض".
وأضاف: "معظم المرضى، الذين لم يعرفوا تلك الإصابات، نخبرهم، ونُطلع أقاربهم على كل هذه المشاكل الصحية، التي كانت سببا في معاناتهم، وظلت فترة مجهولة بلا أي تشخيص طبِّي يمكِّن من اكتشافها سابقاً".
تقول والدة المريضة "غدير ناشر"، لموقع "بلقيس": "أسعفت ابنتي إلى المستشفى، وقرروا لها عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية، لكن الطبيب أخبرني بعد العملية بأن ابنتي كانت مصابة بكيس دهني، وتمت إزالته مع الزائدة، وحالتها ليست مقلقة أبداً".
تبقى بعض المشاكل الصحية مجهولة، لم يتعرَّف عليها الأطباء إلا لحظة التدخلات العلاجية بالجراحة، فيما تداعيات ضررها على حياة المريض تكمن في خطورة تطورها، وقدرة تحمّل جسم المريض.
تقول "ابتهال القباطي" -مساعدة طبيب جراحة- لموقع "بلقيس": "المرضى، الذين يأتون لإجراء عمليات البواسير، نكتشف أن معظمهم لديهم تشوّهات في المستقيم، والبعض عندهم مشاكل صحية أخرى لم يعرفوها من قبل، يتم إجراء العملية لهم، ومن ثم القيام بجراحة الإصابات الموجودة".
- عدم التشخيص الدقيق
لعلَّ أبرز أزمة يعيشها القطاع الصحي اليمني هي عدم دِقة التشخيص الطبِّي، وافتقاد الكوادر الطبية الخبرات اللازمة، وعدم توفّر أجهزة الفحص الحديثة، التي قد تساعد على تحديد نوعية المشكلة الصحية، والطريقة العلاجية المناسبة لمعالجة المريض.
يقول الناشط الصحي "أصيل زيد"، لموقع "بلقيس": "المشكلة الرئيسية هي غياب التشخيص، وعدم اكتشاف المرض، المسألة كلها تخضع لتخمينات الطبيب، لا كوادر صحية، ولا أجهزة فحص مناسبة، لذلك في أوقات كثيرة عند إجراء العملية الجراحية يكتشف الطبيب أن المريض يعاني من مشاكل صحية أخرى؛ لأن التشخيص قبل العملية لم يحددها، وبالمصادفة يتعرّف عليها أطباء الجراحة".
وتؤدي هذه الآلية العشوائية إلى مضاعفة الكُلفة، وزيادة قيمة الفواتير العلاجية، التي تتحمّلها عوائل المرضى في ظل ظروف معيشية بالغة الصعوبة، إذ يصل إجمالي تكلفة العملية الجراحية لحالة مرضية واحدة مليوني ريال تقريبا (ما يعادل 4 آلاف دولار أمريكي سعر الصرف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي).
يقول أقارب بعض المرضى لموقع "بلقيس": "تحملنا مبالغ مالية مقابل أجور عمليات غير المتفق عليها؛ لأن التشخيص لم يكشف الأعراض التي تظهر عند المريض وقت إجراء العملية".
وأضافوا: "طبيب الجراحة يضيف أجرته لفاتورة العلاج، ونحن نسدد المستشفى، لو شخّصوا حالة المريض بشكل صحيح سيكون الوضع مختلفا، والتقارير الطبية دقيقة".
وأوضحوا أن "عدم توفّر معدات فحص طبِّي حديثة، وهجرة الكوادر المؤهلة، وغياب الخبرة الكاملة عند الطواقم الصحية الجديدة، من أهم عوائق التشخيص السليم".
- أكثرها باطنية
برغم أن علامات الإصابات باطنية غير ظاهرة، وتصنّف جراحياً ضمن العمليات الصغرى والمتوسطة عند حدوث أي تدخل جراحي لأغراض صحية أخرى، إلا أنها تتواجد بصُور متعددة ومتنوّعة، باختلاف ملازمتها لأكثر من عارض صحي.
يقول الطبيب "مصطفى الصلوي"، لموقع "بلقيس": "أعراض صحية مخفية توجد عند الرجال والنساء، وحتى الأطفال، منها تشوّهات خلقية، والبعض نتيجة إصابة معيّنة، أبرزها انسداد وشقوق داخلية، أو أكياس لحمية، دهنية، مائية، وحالات نادرة".
تمثل هذه المشاكل الصحية المختفية فرصةً ربحية لطبيب الجراحة؛ كون معالجتها تأتي خارج سياق الاتفاق على إجراءات جراحية محددة، بل تضاعف أجوره نظير العمليات الإضافية.