تقارير

مليارات معلقة .. الحوالات المنسية استثمارات خفية لشركات الصرافة

08/02/2023, 18:53:27

ما يزال صوت صخرة الحوالات المنسية المتدحرجة، يتردد صداه في أنحاء اليمن، ويثير كثير من التساؤلات بين الناس الذين يعيشون حالة صدمة من الفضيحة المالية لشركات ومحلات الصرافة، والمبالغ المالية الضخمة المنسية، ويأمل الكثير منهم في الوقت ذاته أن يظهر اسمه في كشوفات التحويلات أو الروابط التي عممتها بعض الشركات.

الفضيحة بدأت بتصريح أحد مهندسي الشبكات، عن الحوالات المنسية في شركة الامتياز للصرافة ،التي لا يتجاوز عمرها سوى سنوات قليلة، لكن مقدار الأموال المعلقة فيها منذ العام 2019 حتى شهر يوليو من العام 2022، تجاوز 2 مليار و46 مليون ريال يمني، وسرعان ما نشرت العديد من الشركات كشوفات مشابهة وسط ذهول كبير أوساط المواطنين.

جاءت بوقتها

عبدالسلام الجوفي احد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم محظوظين من الفضيحة المالية، حيث ساقت إليه أربع حوالات منسية، تتراوح ما بين 100 إلى 150 دولار أمريكي منذ العام 2019، لدى شركتي صرافة. 

تجاوزت فرحة الجوفي بالحوالات المالية، مشاعر السخط على الشركات التي أخفت أمواله أربع سنوات، وكادت أن تخفيها إلى الأبد، لولا خروج القضية عن سيطرة تلك الشركات لكنه يرى أنها جاءت في وقتها، كما يقول لـ"بلقيس".

وعن سبب عدم استلام ماله طول هذه الفترة، يعتقد الجوفي أن الحوالات أُرسلت خلال فترة بقائه في قريته في محافظة الجوف، التي لا توجد فيها تغطية لشبكات الاتصال، أو أن الشركة لم ترسل إشعار نهائيا.

ما حدث مع الجوفي، يتنافى بشكل كامل مع ما أوردته جمعية الصرافين اليمنيين، التي أكدت أن شبكات التحويل المالية ملزمة وفقا لتعليمات البنك المركزي اليمني بالمنشور رقم (6) لسنة 2021م، إشعار كلاً من مرسل الحوالة والمستفيد عبر إرسال رسائل نصية  بشكل دوري، كل 30 يوما من تاريخ الإرسال.

وأكدت أن البنك المركزي، أصدر مؤخرا تعليمات إلى جميع مقدمي خدمات الحوالات المحلية من الشبكات والبنوك، بأنه يجب عليهم القيام بإرسال رسائل هاتف نصية (SMS) لأطراف الحوالات غير المدفوعة، وبشكل أسبوعي.  

 قضية طبيعية 

ترددت بعض الشركات المالية في نشر كشوفات أو روابط الحصول على الأموال المخفية، كبنك الكريمي، الذي نفى أحد المدراء الماليين فيه لـ"بلقيس" وجود حوالات منسية، مبررا ذلك بحرص البنك على فتح حسابات مالية للمستفيدين، يتم توريد الأموال إليها في حال تأخر صاحبها عن استلامها.

وأمام توالي نشر مزيدا من الشركات للحوالات المنسية، خوفا على سمعتها في السوق، اضطرت الشركات الأخرى، ومنها بنك الكريمي إلى القيام بالشيء ذاته، وأرسلت رسائل الإشعارات إلى المستفيدين، إلا أنها لم تفصح عن كامل الأموال المخفية، واكتفت بالمبالغ المعلقة خلال السنوات الأخيرة.

وعلى الرغم من توصيفه للقطاع المصرفي بالعشوائي، الذي يفتقد إلى الآلية الواضحة للتعامل مع أموال الحوالات، لإيصالها إلى أصحابها أو إعادتها، يرى رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، أن القضية أخذت أكبر من حجمها، على الرغم من أن الأمر طبيعي، ويحدث في كثير من الدول، فالبعض يرسل حوالة ثم يتوفى، أو لا يستطيع استلامها لأي أسباب.

ويقول مصطفى في حديثه لـ"بلقيس": المشكلة في اليمن، أن سوق المال غير منظم، وانتشرت شركات التحويلات المالية بأعداد مهولة في كل المحافظات، في ظل غياب الضوابط والضمانات، أو حسابات رسمية مرتبطة بالرقم الوطني.

خيانة أمانة

الصحفي الاقتصادي احمد المليكي، يرى أن الشركات لها دور في حرمان أصحاب الحوالات من الوصول إلى أموالهم طول هذه السنوات، لأنهم يعلمون أن قسم كبير من الزبائن لا تصل إشعارات التحويل إلى هواتفهم، ومع هذا لم يعيدوا إرسال إشعار آخر، وأرادوا بقاء هذه الأموال لديهم، واعتبروها جزء من رأس مال شركاتهم.

وبحسب المليكي، ما حصل يعد خيانة للأمانة، فلم يكن مالكي شركات الصرافة، لينشروا الكشوفات أو الروابط لو لم تحصل الفضيحة، وما يزال بعض الصرافين يحاولون وضع عراقيل أمام استرجاع الناس أموالهم.

وفي حين، يعتقد المليكي أن من حق أصحاب الحوالات الحصول على أرباح، كونها مرت عليها سنوات، واستفاد منها مالكي شركات محلات الصرافة خلال التداول، يؤكد مصطفى أنه على الرغم من استفادة الشركات من الأموال في التبادلات والمشاريع، وتكوين رأس المال، إلا أنها تعد حسابات جارية ولا تدر الأرباح علاوة على أنها حوالات مؤقتة. 

لا يتوقف الناس عن الكلام عن الحوالات المالية في كل نقاشاتهم، إلا  أنهم غالبا ما يطرحون على بعضهم أسئلة لا يجدون عليها الإجابة،  كيف يمكن لشخص أن ينسى مبالغ ضخمة بالعملات الأجنبية لسنوات، ولماذا لا تخبر الشركات زبائنهم بالحوالات المنسية عندما يذهبون لاستلام حوالات أخرى.    

تقارير

العملة اليمنية تواصل الانهيار والحكومة تائهة بين العجز والتآمر

تتهاوى العملة الوطنية، ومعها تغيب الحلول الحكومية، وكأن الحكومة فقدت البوصلة، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الواحد، اليوم، وفي مشهد صادم للشارع، 2500 ريال للبيع، فيما قفزت قيمة الريال السعودي الواحد مقابل الريال اليمني، إلى 657 للبيع وهي أدنى قيمة للعملة الوطنية في تاريخها.

تقارير

اقتصاد اليمن يترنح.. الريال يفقد قيمته في ظل عقوبات متصاعدة وجولة حرب منتظرة

يتواصل الانهيار الاقتصادي في اليمن مع تفاقم الأزمات المتداخلة والمركبة والعقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن على النظام المالي في اليمن، الأمر الذي انعكس على كل مناحي الحياة واستقرار الأوضاع في اليمن بالتوازي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومن ثم تفاقم المعاناة المعيشية للسكان.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.