تقارير

موقع "بلقيس" يتتبّع عملية اجتياح الأدوية المهرّبة والمنتهية مخيمات النازحين في مأرب

29/09/2024, 10:43:57
المصدر : قناة بلقيس - خاص

يصرخ حفظ الله سلطان (40 عاما) بصوت عالٍ في وجه الطبيبة المناوبة في المركز الصحي المخصص للنازحين المرضى في مخيم النقيعاء -شرق محافظة مأرب، حاملا طفله بين يديه يُنازع الموت، قائلا إن طفله تناول دواء منتهيا؛ أخذه من خلف عيادة المركز الصحي.

ذهب سلطان وجلب كمية من أشرطة الأدوية من خلف عيادة المركز؛ ليُثبت أن الأدوية المنتهية مكدّسة خلف هنجر المركز الصحي، داعيا إلى جمع الأدوية وإتلافها في أماكن بعيدة عن المناطق التي تتجمّع فيها خيام النازحين.

وأشار سلطان إلى أن الأطفال يتناولون الأدوية المنتشرة داخل "كراتين" حول المركز الصحي في المخيم، بشكل مخيف.

تقول الطبيبة المناوبة، رملة جحيزة، إن الطفل الذي تناول أدوية منتهية قد يُصاب بالتسمم، وأنها تعمل على تحويله إلى مستشفى حكومي يبعد عن المخيم نحو عشرة كيلو مترات.

وأشارت إلى أن المركز لا يملك أي قدرات للتعامل مع الطوارئ والأمراض المشابهة.

وأضافت أن الأدوية المنتهية الصلاحية كثيرة في المركز الصحي.

وأوضحت أن "الأطفال يتسللون بعد إغلاق المركز، من خلال فجوات أسفل الحواجز الشبكية، ويقومون بنثر كراتين الأدوية المنتهية المجهّزة للإتلاف، وتشتيتها في المكان، في ظل عدم وجود مركبة لنقلها وإتلافها في أماكن مخصصة".

وقالت إن "ذلك أدى إلى تجمّع الكثير من الأدوية خلف المركز".

في كل يوم، تُخرج الطبيبة رملة جحيزة من بين أدراج الأدوية في المركز الصحي الوحيد في مخيم النقيعاء للنازحين أدوية منتهية الصلاحية بكميات مختلفة؛ لتضعها في سلة خُصصت للأدوية المنتهية، حيث اعتادت على تجميعها بشكل دائم، ثم نقلها إلى زاوية خلف عيادة المركز.

وأكدت أن "مكتب الصحة في المحافظة يسلّم المركز أدوية جميعها قريبة الانتهاء، ويوجّه بصرفها على المرضى قبل انتهائها".

وقالت إنها ترفع تقاريرها اليومية إلى مكتب الصحة، موضحة أن الأدوية التي تتسلمها في كل دُفعة قريبة الانتهاء.

- مصدر الأدوية

وفي ما يخص الأدوية المنتهية والفاسدة في المراكز الطبية الحكومية، قال محمد منيف -مدير مكتب الصحة في مدينة مأرب- إن الشركات الدوائية والتجار ووكلاء الشركات الدوائية يعملون على جمع ما لديهم من أدوية قريبة الانتهاء، ويقومون بالتبرّع بها لمكاتب وزارة الصحة في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، بما فيها محافظة مأرب؛ للهروب من تكاليف ورسوم الإتلاف.

وأوضح أن "في مأرب، التي تعيش وضعا استثنائيا، يكون مكتب الصحة مضطر إلى قبول تلك الأدوية؛ كونه بحاجة ماسة إلى أدوية مختلفة؛ لما تشهده مأرب من كثافة سكانية كبيرة، وشح في الدعم المقدم من قِبل المنظمات الإغاثية الدولية والإقليمية، في وقت هناك حاجة ماسة للأدوية في المراكز الطبية بمخيمات النازحين، ومختلف مناطق المحافظة".

- طنان خلال شهر

يقول منيف إن مكتب الصحة، الذي يديره، نفَّذ حملة تفتيش استمرت شهرا ونصف الشهر بهدف تصحيح الوضع الصحي في القطاع الخاص، وأنه تم خلالها ضبط كمية تقدّر بطنَين اثنين من الأدوية المنتهية والفاسدة والمهرّبة -في رفوف صيدليات ومخازن أدوية تجارية- دون معرفة الكمية التي تم بيعها مسبقا للمرضى وسكان المحافظة المزدحمة بالنازحين.

وكشفت تلك الحملة القصيرة والطارئة حجم المشكلة القاتلة التي تتربص بالمرضى والنازحين في مكان يُفترض أنه ملجأ أخير لإنقاذ حياة النازحين من أطفال ونساء وكبار السن وذوي الأمراض المُزمنة.

وأوضح منيف أنه "تم إغلاق 20 صيدلية ومخزن دواء؛ على خلفية ما تم ضبطه من أدوية منتهية وفاسدة ومهربة"، مشير إلى أن الأدوية تم إخراجها من 186 صيدلية من أصل 350  صيدلية ومخزن أدوية تعمل في مدينة مأرب.

وأضاف: "حوالي 170 صيدلية لم يتم تفتيشها حتى الآن، وهذا العدد يقارب نصف صيدليات الأدوية التي لم تصل لها فِرق التفتيش بعد".

- طرق التهريب

من جهته، يقول نائب مدير الهيئة العليا للأدوية في الحكومة المعترف بها دوليا، محمد الحماطي، إن ظاهرة تهريب الأدوية وتقليدها في اليمن اتسعت رقعتها، وانتشرت في البلاد خلال سنوات الحرب، من قِبل مهربين وتُجار.

وأضاف: "ما شجّع زيادة الأدوية المهرّبة وانتشارها هو احتياج الناس لتلك الأدوية".

وعدَّد الحماطي أسباب تهريب الأدوية وانتشارها، خلال سنوات الحرب في اليمن، منها أن بعض الشركات ترفض تصدير أدويتها إلى مناطق الحروب والصراعات، فيضطر الوكلاء والتجار والمورِّدون إلى شرائها من الأسواق الخارجية، وتهريبها إلى اليمن، بما فيها شركات أدوية الأمراض المزمنة، مثل "السكر، والصرع، والضغط"، التي اعتاد المرضى في اليمن على استخدامها.

وأوضح أن "تلك الأدوية تأتي عبر تجار محليين؛ يتم شراؤها من الأسواق المصرية، والأسواق التركية".

- بسبب الحرب

يقول المسؤول الحكومي: "حوالي 80% من شركات الأدوية لا تدخل اليمن رسميا حاليا بسبب الحرب، فيما تدخل أدويتها إلى البلاد، وتتوفر في السوق عن طريق التهريب، وبذلك نؤكد أن حوالي 85% من الأدوية المخصصة للأمراض المزمنة والصَّرع الموجودة في الأسواق المحلية حاليا هي أدوية مهرّبة".

وقال الحماطي إن "تلك الأدوية تدخل الأسواق المحلية عن طرق التهريب، وتتعرّض لسوء تخزين، وتنقل عبر البحر، ثم عبر الصحراء، وتبقى لأيام في أماكن نقل غير نافعة، مما يعرّضها للتلف كليا أو جزئيا، فيما يتعامل معها التاجر كسلعة لا بُد أن تُباع بأي طريقة".

وهناك نوع آخر من الأدوية، التي انتشرت في الأسواق المحلية، وهو الصنف المزوّر، حيث يتم تقليد أدوية شركات معروفة، لكن -بحسب الحماطي- يتم تقليد الشكل لكن المادة المكونة للدواء تختلف.

وأوضح أن "الأدوية التابعة لبعض الشركات الدوائية الخارجية عند دخولها إلى اليمن حاليا سيكون أسعارها مرتفعة جدا، فيما يوجد الصنف ذاته للشركة ذاتها (دخل عن طريق التهريب) بأقل من نصف القيمة الرسمية، وهذا بعض مما يشجّع تجار الأدوية المهرّبة، ويشجع انتشار واتساع سوقهم في البلاد".

وأكد أن "المواطن اليمني -بسبب الظروف المعيشية- يلجأ إلى المهرّب؛ نتيجة لسعره المنخفض".

وأشار الحماطي إلى أن "الحل المناسب لإيقاف عمليات تهريب الأدوية وتزييفها هو التصنيع الدوائي المحلي، بحيث يوفّر الاحتياج الدوائي للسوق المحلية". 

وبيّن أن "عدد المصانع الدوائية الموجودة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها، حتى اليوم، ستة مصانع، وحوالي عشرة مصانع في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بالإضافة إلى 350 شركة ووكيلا دوائيا تقريبا في البلاد بشكل عام".

تقارير

عائلات عاملي الإغاثة اليمنيين المختطفين لدى مليشيا الحوثي تشعر باليأس بشأن مصيرهم

تحوّل فرح عائلة أحمد اليمني باحتفالهم بزفاف ابنته إلى رعب في اليوم التالي، عندما داهمت قوات مقنّعة منزلهم في صنعاء، العاصمة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، واعتقلته.

تقارير

عودة مساعي السلام في اليمن.. نوايا جادة أم إعادة تدوير الأزمة؟

هل بالإمكان تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية بعد نحو عشر سنوات من جولات الحوار الفاشلة وجهود السلام التي كانت نتيجتها الوحيدة إطالة أمد الحرب وتعقيد فرص السلام وتعطيل الحسم العسكري؟ لعل من الأمور المحيرة في الأزمة اليمنية ذلك النفس الطويل الذي يتمتع به دعاة السلام في اليمن، فدول عظمى، وأخرى إقليمية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، تدعو إلى تحقيق السلام في البلاد، وترسل المبعوثين وتعقد اللقاءات لأجل هذا الغرض، رغم أنها جميعا تعلم أن الأزمة اليمنية لم تعد قابلة للحل السياسي، وأنه كلما طال أمد الحرب ازدادت الأوضاع تعقيدا، وازدادت معها العقبات أمام مساعي تحقيق السلام. في 19 نوفمبر الجاري، اختتم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط، التي أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ خليفة علي عيسى الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، بالإضافة إلى عقد لقاء آخر مع محمد عبد السلام، مسؤول فريق التفاوض التابع للحوثيين، في إطار الجهود الهادفة إلى دفع عملية السلام واستعراض آخر مستجدات الملف اليمني. بدوره، جدد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فالكونر، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة المؤقتة عدن، في 20 نوفمبر الجاري، تأكيد التزام بلاده بدعم جهود السلام في اليمن. - السياق الإقليمي ووهم السلام بدأت مساعي السلام في اليمن منذ ما قبل اندلاع الحرب بسنوات، وتحديدا في صيف 2011، عندما وصل أول مبعوث أممي إلى اليمن، جمال بن عمر، لكن تلك المساعي لم تحقق نتيجة تذكر، وفشلت في احتواء التوترات ومنع اندلاع الحرب، وبعد اندلاعها لم تفلح مختلف المساعي في إجبار الحوثيين على القبول بعملية السلام. وبعد كل سنوات الحرب تلك وما تخللها من مساعٍ لتحقيق السلام باءت جميعها بالفشل، وتعقد الأوضاع محليا وإقليميا، فإنه ما زال هناك من يراهن على تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية، رغم أن السياق الإقليمي بعد الحرب على قطاع غزة لا يشجع على التسوية السياسية السلمية في اليمن وإنما زادها تعقيدات إضافية إلى تعقيداتها السابقة. فإذا كانت مليشيا الحوثيين ترفض القبول بالسلام في سنوات سابقة، فكيف ستقبل به بعدما أصبحت ترى أن الأمور آلت لمصلحتها، وتعتقد أنها باتت فاعلا إقليميا بعد انخراطها ضمن المحور الإيراني خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووظفت هجماتها الرمزية على الكيان الإسرائيلي لتعزيز وضعها في الداخل اليمني. وبالتزامن مع مساعي السلام في اليمن، ظل السلاح الإيراني يتدفق للحوثيين بلا انقطاع، حتى أصبحت مناطق سيطرتهم بمنزلة قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة، تستخدم لتهديد الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر، فضلا عن تهديد بعض دول الجوار، مع توظيف القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية. وفي الوقت الذي يتشكل فيه مزاج إقليمي ودولي ضد إيران ومليشياتها في المنطقة، لكن ما يبدو حتى الآن أن هذا المزاج لا ينعكس بالضرورة على الملف اليمني، وأصبح الحديث عن السلام في اليمن والجهود التي تُبذل في هذا الجانب وكأنها صفقات ضمنية تُمنح للحوثيين بحجة "الحفاظ على التهدئة" أو "ضمان عدم توسع الحرب"، وتحول الملف اليمني من قضية حرب وسلام إلى مساحة للمساومات، وأحيانا إلى ورقة بيد لاعبين إقليميين يفضلون بقاء الوضع معلقا على أن يصل إلى مواجهة مكلفة. وليست مبالغة القول إن جهود السلام في اليمن، الإقليمية والدولية، منحت مليشيا الحوثيين مساحة واسعة للمناورة، فبدلا من أن تُعامل على حقيقتها كمليشيا انقلابية مصنفة إرهابية ومرتبطة بسياسة إيران التخريبية في المنطقة، يعاد تدويرها كطرف سياسي على أمل التفاهم معه، رغم أنها ترفض أي عملية سلام حقيقية تقوم على التنازل المتبادل أو المشاركة الفعلية في الدولة. وفي الواقع، فإن مساعي السلام التي استهلكت الوقت وأجلت الحسم العسكري، كان واضحا أنها رسخت هيمنة الحوثيين على الأرض، ومنحتهم فرصا إضافية لتعزيز قوتهم العسكرية. وكلما طال هذا التراخي، يصبح الحديث عن "حل سياسي" مجرد ترف لغوي لا مكان له في معادلة الصراع. وتكمن المشكلة الرئيسية لدعاة السلام في اليمن في غياب الإرادة والجرأة على التعامل مع الطرف الذي يعطل السلام، ولذلك تبدو تلك الجهود وكأنها تطبيع مع الأمر الواقع، والنتيجة أن مساعي السلام ستظل تدور في الحلقة نفسها: جهود لا تثمر أي نتيجة، وواقع محلي وإقليمي يفضل تأجيل مواجهة الحقيقة. وما لم يُكسر هذا النمط، ستبقى مساعي السلام مجرد عنوان تضليلي لحرب معلقة تستمد أسباب استمرارها من التواطؤ مع الحوثيين أكثر مما تستمده من الوقائع على الأرض. - لماذا التسوية السياسية مستحيلة؟ رغم أن الحرب في اليمن استنزفت الجميع، ولم يعد لدى مختلف الأطراف ما يكفي من الحماس للعودة إلى معارك واسعة كتلك التي كانت في بداية الانقلاب الحوثي وعملية "عاصفة الحزم"، إلا أن هذا الإرهاق العسكري لا يخلق بالضرورة بيئة صالحة للتسوية السياسية. فالحرب التي عجزت عن تمكين أي طرف من تحقيق أهدافه كاملة، لن يعوض فشلها باتفاق سياسي هش، يقوم على قاعدة "لا رابح ولا خاسر"، بينما الوقائع على الأرض تقول العكس، فهناك أطراف حققت مكاسب ميدانية كبيرة أو حصلت عليها عبر التنازلات، وأطراف بلا مكاسب ميدانية تُذكر، وأخرى لا تملك أي شيء أصلا، ولذا كيف يمكن إقناع من لديه مكاسب كبيرة بالتنازل ولو نسبيا لمصلحة أطراف أخرى؟ ومع هندسة التحالف السعودي الإماراتي للوضع في اليمن عسكريا وسياسيا، وتفتيت السلطة الشرعية بين أطراف متنافرة، بقيت السلطة الشرعية بمفهومها القانوني الحلقة الأضعف في معادلة الصراع، يجسد ذلك الانقسامات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، الذي يبدو عاجزا عن إدارة موقف موحد ضد مليشيا الحوثيين. كما لا يمكن إغفال أن مساعي السلام مكنت الحوثيين من أن يجعلوا كلفة السلام على خصومهم أعلى بكثير من كلفة الحرب، ذلك أنهم أعادوا تعريف أولويات المفاوضات، وحولوا القضية الوطنية إلى ملفات صغرى: فتح طريق هنا، أو صرف رواتب هناك، أو فتح مطار، أو تخفيف حصار ميناء. والعجيب في الأمر أن الأطراف الأخرى ودعاة السلام انساقوا وراء الحوثيين في تجزئة القضية الوطنية، وتغافلوا عن مسألة السلاح والسيطرة وفرض الحوثيين للأمر الواقع. وإذا توفرت إرادة سياسية حقيقية، فإن الحسم العسكري المفضي إلى سلام دائم قد يتحقق خلال أسابيع قليلة بكلفة معروفة ومحدودة نسبيا، بينما السلام القائم على التنازلات المتتابعة سيظل يراوح مكانه لسنوات، ويغذي حالة اللاحرب واللاسلم، قبل أن تنفجر الأوضاع مجددا في معركة قد تكون أشد كلفة من خوض الحسم في اللحظة الراهنة، وهي معركة قادمة لا محالة، وسيبادر الحوثيون إلى إشعالها بعد أن يراكموا مزيدا من القوة العسكرية حتى يروا أنها أصبحت كافية لخوض معركة واسعة. هذا السيناريو الأكثر احتمالا يؤكد أن أكبر عقبة أمام السلام في اليمن تتمثل في بنية مليشيا الحوثيين نفسها، فهي تحمل مشروعا عقائديا مغلقا، طائفيا وسلاليا، يرفض وجود الآخرين أصلا، فضلا عن مشاركتهم في السلطة، ولذلك فهي لا تريد تسوية دائمة، وإنما هدنة مقنعة تسمح لها بتعزيز قواتها، تمهيدا لجولة قادمة من الحرب، ستكون أشد عنفا من سابقاتها، وستجبر الآخرين على الانخراط في المعركة الحاسمة. الخلاصة، قبل أي حديث عن تسوية سياسية في اليمن، يجب الاعتراف أولا بأن "لحظة النضج" التي تجبر مختلف الأطراف على التفكير بالحل السلمي والقبول به لم تولد بعد، وهذه اللحظة لا تأتي إلا عندما تتغير معادلة القوة على الأرض، فيتراجع الطرف القوي ويصعد الطرف الضعيف، وتبدأ مرحلة الألم المتبادل التي تجعل الجميع يدرك أن الحسم مستحيل. لكن في ظل الوضع الراهن في اليمن، لا توجد مؤشرات على أن أي طرف وصل إلى هذا الإدراك، ولا توجد بيئة تدفع نحو حل وسط أو استعداد حقيقي للخروج من دائرة الحرب، فالجيوش والمليشيات متقابلة في خطوط التماس، والفاعلون الأجانب لا يرغبون في الحسم العسكري وليسوا جادين بشأن السلام الذي لا يمكن أن يتحقق تحت فوهات البنادق.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.