تقارير
هذا الصيف.. تجارة الثلج تنتعش في العاصمة صنعاء
أدى الارتفاع غير المسبوق لدرجات حرارة الطقس في صنعاء، خلال الصيف الجاري، إلى زيادة حجم الطلب على شراء المياه الباردة، ومكعبات الثلج من قِبل أغلبية المواطنين بشكلٍ لافت.
وشكّلت سخونة الصيف فرصة لانتعاش حركة تجارة بيع الثلج في أسواق صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، كون سكانها عجزوا عن استخدام أجهزة التبريد في منازلهم، بسبب الغياب القسري للتيار الكهربائي الرسمي مُذ أزيد من 7 سنوات، إضافة إلى ارتفاع كلفة استهلاك التيار في المحطات التجارية بصورة جنونية، في ظل ما يعانونه من أوضاع معيشية صعبة.
مواطنون من أحياء مختلفة في العاصمة أبدوا تذمّرهم من سوء حالة الطقس، الذي لم تشهده صنعاء من قَبل، مع استمرار انقطاع خدمات الحكومة عنهم.
كما تحدثوا لموقع "بلقيس": "أول مرة ترتفع درجة الحرارة هنا بهذا الشكل، حتى المطر ما نزل، حمى ورطوبة بس، لو نريد شربة ماء باردة ما معنا غير نشتري قوارير ماء ثلج، نحن مش قادرين نشغل الثلاجات في بيوتنا، الكهرباء التجاري غالية، وحالنا سيّئ".
ـ الاستفادة من المأساة
ساعد الطقس الحار على توفير فرصة دخل لبعض العاطلين، الذين حاولوا انتهازها، وانتشروا في مختلف شوارع صنعاء لبيع المياه المثلّجة.
بائع قوالب الثلج في سوق السمك بمنطقة القاع، جابر حسين، يؤكد لموقع "بلقيس": "مع هذا الجو الحار زاد بيع قوالب الثلج، الناس يحتاجوا الثلج، لأنه ما عاد يبردوا ماء في البيوت بسبب أسعار الكهرباء، أبيع في اليوم فوق 300 قالب، قيمة الواحد 4000 ريال"، ما يعادل 7 دولارات سعر الصرف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي. يبلغ طول القالب الثلجي حوالي 1.5م وعرضه 0.5م، حيث يتم تجزئته إلى مكعبات صغيرة تباع بنظام التجزئة.
من جانبه، يشير صاحب ثلاجة "القيني" للتبريد المركزي بقوله لموقع "بلقيس": "كراتين المياه، التي نبردها تضاعفت هذه الفترة، الناس يشربوا ماء كثير مع الجو الحار، لكن الفائدة تسير للديزل، لأن الجماعة رفعوا سعره".
حتى المأساة لم تستثنها مليشيا الحوثي، بل سعت لاستغلالها، عبر تحديد تسعيرة جديدة لمادة الديزل، بلغت 16 ألف ريال للشريحة الواحدة سعة 20 لترا.
ـ تردٍ لا محدود
وسط ظروف معيشية صعبة واستفحال الأزمات، تأثرت قدرات المواطنين على مواجهة هذا الطقس الذي أصبح مُكلفاً، في ظل استمرار انقطاع عملية صرف مرتبات مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، إضافة إلى انعدام المصادر البديلة للدخل.
غدت تلك المناطق تفتقد لأبسط الخدمات الأساسية بصورة لا محدودة، دون أن تتحمّل سلطات الأمر الواقع عناء المسؤولية.
انتعشت تجارة الثلج في صنعاء مع ارتفاع درجة الحرارة بمستوى قياسي لأول مرّة.
إذ تستخدم الأسر الفقيرة هذه السلعة مبردات، كونها لا تستطيع استخدام الثلاجات الكهربائية كبدائل للتبريد، بل تستخدم الثلج حلاً مناسبا وبديلاً عن أجهزة التبريد.
يقول المواطن طلال الصوفي لموقع "بلقيس": "أشتري ثلج وأبرد ماء للشرب، ما أقدر أدفع لأصحاب الكهرباء التجاري". فيما يؤكد الموظف عبد الرقيب حنداد لموقع "بلقيس": "أشتري قارورة ماء ثلج بـ250 ريالا، من أجل نشرب أنا وأسرتي، لو نستخدم الثلاجة الكهرباء غالية". وتصل تكلفة الكيلو وات 600 ريال في صنعاء.
"ناظم الوصابي" -أحد البائعين المتجولين للمياه- يقول لموقع "بلقيس": "مش كل الناس يشتروا ماء ثلج، لأنهم ما يقدروا بسبب حالتهم المادية السيئة، لكن البيع تمام في الجو هذا، أبيع 6 كراتين يومياً".
وتشهد خدمة الكهرباء انقطاعاً شاملاً عن كافة المدن الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي منذ بداية النزاع المدمّر في البلاد، إذ حُرم جميع سكان تلك المدن من الكهرباء العامة بشكل كُلي.
ـ صيف غير لطيف
لعدم هطول الأمطار على صنعاء، خلال الصيف الحالي، يبدو الطقس غير لطيف بالنسبة لسكان المدينة، حيث درجة الحرارة مرتفعة والأجواء محمّلة بالغبار والأتربة، وتعتبر حالة عدم هطول الامطار نوعاً من المعاناة على حياة المواطنين.
العامل أحمد الذماري أكد لموقع "بلقيس": "لو نزل المطر بيكون الجو ألطف من هذا، يخفض درجة الحرارة، وتقل علينا تكاليف شراء الماء الثلج".