تقارير
هل لا يزال مجلس القيادة الرئاسي قادرًا على إدارة البلاد وإنهاء الانقلاب؟
الاجتماع الأخير لمجلس القيادة الرئاسي في الرياض لم يكن عاديًّا، حيث تقول المصادر إنه شهد تجاذباتٍ حادَّة وتوتُّرًا في المواقف، عقب إبطال اللجنة القانونية القرارات الأخيرة التي أصدرها عضو المجلس الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي.
وأوضحت المصادر أن النتائج المقدَّمة من اللجنة أثارت الخلاف، إلى جانب توتُّراتٍ أخرى بشأن قرارات تعييناتٍ عسكرية أصدرها أعضاء المجلس عبد الرحمن المحرمي وطارق صالح وعيدروس الزبيدي، وهذه التعيينات تمت في ألويةٍ تابعةٍ لهم، ولا تخضع لوزارة الدفاع.
الاجتماع الأخير كشف عمقَ الانقسام داخل أعلى سلطةٍ في البلاد، وأعاد سؤالًا عمره ثلاث سنواتٍ إلى الواجهة: هل لا يزال مجلس القيادة الرئاسي قادرًا على إدارة البلاد وإنهاء الانقلاب، أم أن الخلافات باتت تهدِّد بقاءه؟
-المجلس ماضٍ في طريقه
يقول المحلِّل السياسي الدكتور ثابت الأحمدي: "المجلس الرئاسي يواصل جلساته الاعتيادية التي يعقدها كلَّ مرة، وصحيح أن هناك تباينات، لكن لا أستطيع أن أقول إن هناك نزاعات كما ربما يضخِّمها الإعلام".
وأضاف: "هناك بالتأكيد تباينات، وهي انحدارٌ للتباينات السابقة؛ فالمجلس حين تشكَّل في بنيته الأولى وفي لحظاته الأولى لم يكونوا متفقين تمام الاتفاق، وربما كان يجمعهم الحوثي فقط، ومختلفين على كثيرٍ من الآليات وكثيرٍ من الوسائل والطرائق التي من الممكن أن تؤدِّي إلى وضع حدٍّ حاسمٍ وحازمٍ مع المليشيا الحوثية".
وتابع: "تطرأ بين الفينة والأخرى بعض التباينات وبعض الخلافات، وتطرأ فعلًا بعض الشقاقات بين الفريق الواحد وتُحلّ، وهذه ليست المرة الأولى التي يجتمع فيها المجلس ويحلحل بعض مشاكله الداخلية، فقد سبقه أكثر من اجتماعٍ لحلحلة المشاكل الداخلية، ولوضع الإستراتيجية النهائية أيضًا لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب".
وأردف: "المجلس ماضٍ في طريقه ووفق لائحة قرار الحكم، ووفق المرجعية الخليجية، برعاية الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وهو يدرك تمام الإدراك حجم التحديات الواقعة في الوقت الحالي على اليمن وعلى المنطقة بشكلٍ عام".
وزاد: "اللجنة القانونية اجتمعت بالرئيس، ولا ندري حتى الآن ما هو التقرير النهائي، لم أقرأ أنا حتى الآن التقرير النهائي للجنة، وقادم الأيام ستنبئنا بكل الحقائق".
-حالة من التوافق
يقول القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح: "اللجنة لم تصدر أي إلغاءٍ بحق قرارات الرئيس الزبيدي، ولا حتى بالنسبة لقراراتٍ أخرى، ولم تكن تصدر عنها أي قرارات؛ لأنها في الأساس لم تتسلَّم أي قرارات".
وأضاف: "اللجنة بدأت ربما عملها منذ ثلاثة أسابيع، ولم تتمكَّن من أي قرارات، إنما اتفقت على وضع مبادئ عامةٍ للعمل، ومنها إصدار أو الاتفاق على مبدأ إلغاء أي قراراتٍ مخالفةٍ لقرار نقل السلطة، بمعنى أن أي قرارات سواء كانت صادرة عن الرئيس الزبيدي أو أعضاء آخرين أو حتى عن الرئيس الدكتور رشاد العليمي".
وتابع: "ما تم التوافق عليه هو تسويةٌ شاملة، وإقرار كل القرارات الصادرة عن الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، وكذلك عدم البتِّ فيما تبقَّى من قراراتٍ سابقةٍ صادرةٍ عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والتأكيد على الالتزام بالضوابط المنظِّمة لعمل مجلس القيادة لاحقًا".
وأردف: "فيما يتعلق بالقرارات الصادرة من الرئيس الزبيدي ربما تم التوافق عليها وتم تسويتها وإيجاد المخارج القانونية".
وزاد: "تم التوافق فيما يتعلَّق بالقرارات التي أصدرها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، وكذلك عدم البتِّ في القرارات التي صدرت خلال السنوات الثلاث الماضية من قِبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بمعنى أنه يمكننا القول إنه تم تصفير العداد، وسيكون من الآن هناك توافق داخل مجلس القيادة الرئاسي".
يذكر أنه منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022 ليكون بديلاً توافقياً لإنهاء الانقسام ومواجهة الحوثيين، لم يتمكّن المجلس من أداء دوره كما كان مأمولاً. فبدلاً من توحيد القوى المناهضة للانقلاب، تحوّل إلى ساحة صراع نفوذ بين مكوّناته المتعارضة سياسيًا وعسكريًا، كلٌّ منها يدير مناطق سيطرته بمعزل عن الدولة.
ورغم رعاية السعودية المستمرة لمسار التفاهمات، فإنّ غياب رؤية موحدة وتضارب الصلاحيات بين الأعضاء عطّل القرارات المصيرية، وأضعف الثقة في قدرة المجلس على إدارة البلاد أو إعادة بناء مؤسساتها المنهارة.
وتكشف الأزمات المتكررة، كخلافات التعيينات الأخيرة، عن أزمة بنيوية في بنية المجلس ذاته، الذي نشأ بتوازن هشّ يفتقر لقيادة مركزية فاعلة، ما يجعله اليوم أقرب إلى مظلة شكلية تُدار من الخارج أكثر مما هو سلطة قادرة على إنهاء الانقلاب أو إدارة الدولة.