تقارير
وديعة سعودية بمليار دولار.. أين ذهبت وعود المليارات الثلاثة؟
وديعة مالية جديدة مقدارها مليار دولار أعلنت السعودية عن تقديمها لليمن، وهي جزء من ثلاثة مليارات دولار كانت السعودية والإمارات قد تعهدتا بها عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في الرياض، مطلع أبريل من العام الماضي.
توقع اليمنيون أن الوديعة السعودية الإماراتية ستقدم مباشرة دون تأخير كإجراء إسعافي للاقتصاد الوطني الذي شهد تدهورا، ولا يحتمل المزيد من التأخير، لكن -للأسف- دخلت عملية تسليمها بإجراءات مطولة ومعقدة لا تزال ممتدة حتى اليوم.
حتى الآن لا تزال المعلومات متضاربة حول إيداع المليار دولار، التي تم الإعلان عنه مؤخرا في البنك المركزي، أم أنه لا يزال أمامه الدخول بإجراءات تتطلب الوفاء بتعهدات الإصلاحات الاقتصادية الحكومية؟
على كل حال، تفاعلت السوق اليمنية مع الإعلان عن تقديم جزء من الوديعة المعلنة مع أنباء عن تحسن سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية الأخرى، فيما لم تتضح الصورة هل هذه الأموال، التي تعهدت بها الدولتان بتقديمها لليمن هي مساعدات مالية أم أنها قروض على اليمنيين، سدادها مستقبلا، وربما بفوائد؟
- تعويض عن إيرادات النفط
يقول الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح: "إن المليار دولار، التي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية الثلاثاء، كان هو الرقم الوحيد الذي أعلنت عنه المملكة رسميا على أنه تم إيداعه إلى البنك المركزي اليمني، وهي كالوديعة التي جرت في العام 2018م، عندما كانت مقدرة بـملياري دولار".
وأضاف: "المعايير، التي اتخذتها السعودية في هذه الوديعة الحالية، تختلف عن المعايير الحكومية والاحتياجات التي يتطلبها الاقتصاد اليمني، كون هذه الوديعة جاءت في ظرف حرج للغاية، وفي ظل تزايد الضغوطات الاقتصادية على الحكومة، خصوصا وأن تصدير النفط الخام من ميناء الضبة توقف لأول مرة منذ أربعة أشهر، الأمر الذي كلف الخزينة العامة للدولة نحو مليار دولار، بحسب تصريحات رئيس الوزراء، معين عبدالملك".
وتابع: "عقب تصريح رئيس الوزراء حول حجم خسائر توقف تصدير النفط الخام بسبب ضربات الحوثيين على الموانئ النفطية، التي قال إنها بلغت مليار دولا، أعلنت السعودية مباشرة أنه سيتم منح اليمن وديعة مالية للبنك المركزي بمليار دولار".
وقال: "نلاحظ أن هذه الوديعة وكأنها جاءت تعويضا للحكومة الشرعية عن توقف تصدير النفط، كون السعودية لم تساعد الحكومة في حماية مواردها النفطية والغازية، وعدم مساعدتها في تفعيل الصادرات:.
وأضاف: الوديعة السعودية ستعمل على تكوين احتياطي للنقد الأجنبي، وللعملة الصعبة في السوق المركزي".
وأفاد بأن "الوديعة ليست حلا للمشكلات والتحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني، خصوصا بعد الهجمات التي تعرض لها الاقتصاد في حضرموت وشبوة، والتي أثرت على الخزينة العامة للدولة".
وأوضح أن "الحكومة اليوم بحاجة لحشد كافة الموارد الداخلية والخارجية، وكافة أوجه الدعم لتوفير أدنى الاحتياجات، لتقدم التزاماتها تجاه المواطنين، وتجاه رواتب الموظفين، والإنفاق على الخدمات الأساسية، وإن لم تحصل على هذه الوديعة لكانت مصادر البلاد من النقد الأجنبي تبدو شبه متوقفة، كون عائدات تصدير النفط الخام هي المصدر الوحيد".
- ترحيل المشكلة
من جهته، يقول المحلل السياسي، علي العبسي: "إن الحكومة والمجلس الرئاسي مطالبون بإدارة الوديعة السعودية إدارة مختلفة عمًا تم في الودائع السابقة، فالهدف من هذه الوديعة اليوم هو تمويل شراء المواد الغذائية الأساسية والأدوية لليمنيين، وتوفيرها في الأسواق، والحرص على عدم وجود أزمات أو اختراقات".
وأضاف: "الوديعة السعودية لن تحل المشكلة الاقتصادية وإنما سترحلها، فتسليم الرواتب وتوفير المواد الأساسية تم ترحيلها عن طريق الوديعة، لكنها لن تحل المشكلة الأساسية المتمثلة بتراجع إيرادات الحكومة؛ ليس فقط الإيرادات النفطية".
وأشار إلى أن "كل مكون وطرف في الحكومة يحتفظ بإيرادات المناطق الواقعة تحت سيطرته، ولا يتم توريدها إلى خزينة الدولة في البنك المركزي، ولهذا الحكومة لا تجد ما تنفقه".
واعتبر أن "الوديعة قد تكون بمثابة مسكِّن مرحلي لمدة أشهر فقط، وليس علاجا أبدا، فمعالجة المشكلة تحتاج إلى تدخل حكومي جاد".
ويرى أنه "لا علاقة للوديعة بالمفاوضات الجارية بين السعودية ومليشيا الحوثي، وإنما تأتي نتيجة لوصول خزينة الحكومة إلى آخرها، وكان الوضع سيصل إلى مرحلة أسوأ، مما قد يفاقم النقم الشعبي على الحكومة والمجلس الرئاسي وعلى التحالف، ولهذا تم استباق الغضب الشعبي، والفشل الحكومي، بهذه الوديعة".
وأشار إلى أن "الخلافات بين المكونات داخل الطرف الحكومي فاقمت من تدهور الوضع الاقتصادي، وعملت على إفشال الشرعية، حيث ليس هناك أي برنامج مشترك بينها، أو حتى أهداف رئيسية على مسألة وطن وسيادة وجمهورية".
وقال: "لا نتوقع من مجلس القيادة الرئاسي أن يقدم شيئا كبيرا، فمنذ نحو 10 أشهر ما يزال غارقا في حل الخلافات بين مكوناته وأعضائه التي ليس لها حل".