تقارير

أستاذ التاريخ اليمني المعاصر المعمري: ظلم الإمامة جعل اليمنيين يفرحون بأي تغيير

26/04/2022, 14:22:25
المصدر : خاص

بثت قناة "بلقيس" حلقة من برنامج "الشاهد" مع أستاذ التاريخ اليمني المعاصر المفكر سلطان عبدالعزيز المعمري، المناضل والمفكّر اليساري الماركسي اللينيني في اليمن، الشاهد على حقبة الستينات والسبعينات والثمانينات، التي تعرّض فيها للملاحقة والاعتقال من قِبل الأنظمة المتعاقبة، وهو اليوم أحد أبرز مؤرّخي الحركة السياسية في اليمن.

تناول اللقاء مواضيع عدة بداية التعليم وحرمان الفتاة في التعليم، وعساكر الإمام (العكفة)، ونظام الرهائن، وتعز عاصمة ومقر لحكم الإمام، وحركة الثلاياء 1955م، وقيام ثورة 26 سبتمبر، ومقاومة قبيلة بني عمر للأتراك وللإمام، ويوميات ثورة 26 سبتمبر، والانتقال إلى مدينة تعز، والالتحاق بالعمل الطلابي، وأول نقابة عمالية في اليمن، ونشأة أول تحالف يساري في اليمن.

موقع "بلقيس" ينشر نص المقابلة:

*أهلا وسهلا، أستاذ سلطان لو بدأنا من البدايات الأولى، ما الذي تتذكرونه من نشأتكم، خاصة وأنكم ولدتم في عام 1949م ومؤرخ أيضا هذا التأريخ في الوقت الذي ربما ملايين اليمنيين لا يعرفوا تواريخ ميلادهم تحديدا؟

- أنا من مواليد فبراير 49م وهذا السؤال سئلته أكثر من مرة، من أين أتيت بهذا التأريخ؟

طبعا في بلادنا الريف اليمني عموما كانت المواليد تسجل بأبرز الأحداث التاريخية، أو الأحداث الوطنية، مثل كانوا يقولوا فلان خلق يوم حرب فلسطين، فلان خلق يوم حرب الطليان، فلان خلق يوم المجاعة، وغيرها من الاحداث التاريخية، التي كانت بها تؤرخ أهل الأرياف في بلادنا، طبعا هذا التاريخ الذي اخذته أنا هو موثق في كتاب الجلالين للوالد عبده محمد المعمري، الذي تولى مشيخة القبيلة في بني عمر منذ أن كان طفلا لم يتعد السادسة عشرة من عمره، وأخذ يدون صفحات هذا الكتاب في الحواشي تواريخ مواليد كل أفراد الأسرة، فعندما عدت من الاتحاد السوفييتي في عام 75 قعدت معه من جديد وسألته، لأنه كنت أنا واخذ تأريخ ميلاد قديم 1950م الذي موجود في الجواز الذي سافرت فيه إلى الاتحاد السوفييتي، طبعا قال لي يا ابني لا.. أنت من مواليد قبل حرب فلسطين، فتح الكتاب وجدنا هذا التأريخ، الذي هو فبراير 49م.. هذا الكتاب (الجلالين) الآن مازال موجود مع أحد ابناء ابن عم هذا الشيخ وموجود فيه كل الأسرة، كل أفراد الأسرة مؤرخين من أول يوم طلع فيه الشيخ حتى آخر مولود قبل أن يتوفى.

- بداية التعليم

*في هذا السياق ما الذي تتذكره من أيام الطفولة، بدءك بالتعليم التحاقك بالمدرسة؟

- في بداياتي الأولى التحقت بكُتاب البلاد، الأسرة كلها، وهو قريب من قريتي، في قريتي بالذات اسمها "المديحيس"، في هذا الكُتاب كان في استاذ جليل -الله يرحمه الآن- الأستاذ سعيد عبدالباري الذبحاني، جاء من ذبحان قبل فترة طويلة واستقر في البلد كمدرس، وتزوج وأنجب أطفالا والآن هم كبار موجودون يمارسون وظائف معينة، وبعضهم كان في الجيش، بعد فترة من الدراسة في هذا الكُتاب جاءنا أيضا مدرس جديد إلى جانبه اسمه محمد علي الحبشي أو البكاري، ربنا يعطيه الصحة والعافية لا زال موجودا حتى هذه اللحظة، وفي عهده، طبعا في الفترة السابقة كنا فقط نتعلم القرآن، شرح القرآن، على يد هذا الاستاذ الجليل سعيد عبدالباري، مع مجيء هذا الاستاذ الجليل محمد علي البكاري، درسنا هو شخصيا اللغة العربية، الآداب، الفقه، وكثير من المواد الحديثة التي لم نكن نعلم بها قبل هذا.

* هل كان التعليم بهذه الطريقة هو السائد، بالنسبة للالتحاق هل كان ذكور واناث؟

-أبدا. كان فقط للذكور، كان ممنوع دراسة الفتيات في الأرياف، وعندنا تحديدا لم يكن مسموح بهذه العملية الدراسية للفتيات، فقط الكُتاب خاص بالأولاد.

* يعني لم يكن هناك تعليم خاص بالفتيات في المنازل من قبل الأهالي، أم أن الموضوع كان له علاقة بالبيئة والثقافة تمنع التعليم...؟

- أبدا، لم يكن موجود نهائيا، لا خاص ولا في البيوت ولا في المدارس ولا في الكتاتيب.

*بالنسبة لأبرز العلوم التي تعلمتوها، بالإضافة إلى هل كان هناك منهج معتمد، أم كان على اجتهاد المدرس؟

-هذا هو المنجهج المعتمد، هذا المدرس محمد علي البكاري هو أدخل بعض هذه الأشياء، المواد الحديثة التي لم تكن في المنهج الحكومي، لكن القرآن، الحديث، هذا كان مقرر في المنهج الحكومي.

- عساكر الإمام (العكفة)

*اثناء الطفولة ماذا تتذكر مثلا، هناك أحداث شهدتها اليوم وانتم كنتم أطفال على ما اعتقد مثلا محاولة اغتيال الإمام، عساكر الإمام، العكفى، كيف كان يتم تنفيذ هؤلاء

العكفى على الأهالي في موضوع الزكاة ومواضيع من هذه الأشياء؟

-طبعا، باعتبار أنا من أسرة مشيخية، كانت تحل علينا باستمرار عساكر الإمام، ينفذ على أي شخص بالقبيلة أولا يمر على شيخ القبيلة، وكنا. نعلم نعرف عنهم تصرفاتهم الهمجية، مثلا كان يأتي إلى الفلاح يقول يشتي "دجاجة مكعلة"، يطلب مش لحم سمين بل ويشترط، يريد "دجاجة مكعلة" كيف "دجاجة مكعلة" طبعا، بهذا اللهجة التابعة لعساكر الإمام. وبهذه الطريقة هؤلاء الجنود أو العساكر، العكفة كما يسموهم كانوا يبتزوا الفلاحين، أثناء جباية الضرائب، للدولة الإمامية،

ولهذا كان الفلاح يخشى من عساكر الإمام، ويخاف من عساكر الإمام، وكان يشكل لهم مصدر قلق أول ما يوصل عسكري حالة استنفار، خوف، ايش الذي يجهزوا له، إلى آخر هذه القضايا المزعجة للفلاح، طبعا إمكانية الفلاح معروفة يعني.. لهذا كان  هذا المظهر مظهر العكفة شيء، شيء يعني مقزز للفلاح لكن نحن في أسرة المشايخ كنا متعودين عليه، باعتبار كنا نستقبل هؤلاء باستمرار، لأن السلطة الإمامية لم تدع فترة من الفترات تمر إلا وترسل عساكر، وأحيان ترسل عساكر مع مسؤول يسمونه مسؤول جمع الضرائب معه مجموعة من العكفة هؤلاء الناس، وهذا يشكل ثقل كبير، ماديا ومعنويا، على الفلاحين.

- نظام الرهائن

*كأسر مشخية معروف إنه كان نظام الرهائن، هل كان سائدا  في المناطق الوسطى وتعز، وغيرها من المناطق مقارنة بالمناطق التي في شمال البلاد؟

- طبعا، في الحجرية تحديدا كان في حوالي سبعة مشايخ سموهم مشايخ الضمان، كل شيخ ضمان كان لا بد أن يطرح أحد أبنائه أو أحد أقربائه، من أبناء إخوانه أو أبناء عمومه، المهم أنه من إطار أسر قريبة من عائلة الشيخ المعينة، أول رهينة كان هو من أبناء عم الشيخ، ثم الرهينة الثانية أيضا الأول كان اسمه أحمد عبده عبدالرب والثاني محمد عبده عبدالرب، ثم بعد ذلك جاء سعيد ابن الشيخ، سعيد عبده محمد -يعطيه الصحة والعافية، لكن الأولين قد توفيا (أحمد ومحمد)، وسعيد عبده محمد هذا موجود الآن كرهينة، وبعده جاء أخوه أحمد عبده محمد -ربنا يعطيه الصحة والعافية- موجود ضابط عميد الآن في القوات الجوية، تقاعد قبل فترة يعني، وهكذا جاء بعدين ابن عمه، واحد اسمه عبدالملك درهم -الله يرحمه- طبعا مات نتيجة التعذيب لما اعتقل في سجن تعز، وخرج بنتيجة التعذيب ظل فترة ثم توفى.

*هؤلاء الرهائن هل كانوا يحتجزوا في مكان محدد أم أنهم مطروحين فقط؟

-كلهم كانوا في مكان للرهينة في التربة بالقربة من شبكة التربة (يسمونها)، الكل يتجمع هناك ويأكلوا على حسابهم، كان في امرأة مشهورة سموها "القشامة"، كانوا يأكلون عندها وينامون في مكان معين، وكل الصرفيات يتحملها شيخ القبيلة.

- ممنوع أنه يغادروا هذه المنطقة، ممنوعين من المغادرة لأنه سيترتب عليها ملاحقات أو أراضي..؟

-طبعا، لا يسمح لهم نهائيا، وبالتالي لا بد أن يتأتي ببديل، يمكن يسمحوا له يسافر إلى القرية لفترة معينة محددة،  ويأتي بضمين وبديل ثم يعود، وإذا قرر الشيخ أنه يغيره طبعا يرسل البديل، إما من أسرته أو من أقربائه، عيل العمومة أو عيال الإخوان.

- تعز عاصمة ومقر لحكم الإمام

*بعد اغتيال الإمام يحيى في 48م، قام الإمام أحمد بنقل عاصمة الدولة وعاصمة حكمه إلى تعز، هل تغيرت الحياة في المنطقة، أم أنها استمرت بنفس الوتيرة؟

- بالعكس، زاد الظلم أكثر، والجور أكثر، نتيجة لأهمية اللواء (لواء تعز) لهذا أعطي أهمية خاصة من قِبل الإمام أحمد، ولهذا قرر أن يكون مقره تعز، لعدة أسباب -كما قلت- أول هذه الأسباب هو أهمية تعز اقتصاديا سياسيا ثقافيا، وقربها أيضا من وجود المستعمر في عدن، يعني، ولهذا كان القرار مدروس من قِبل الإمام أحمد، وشيء آخر في هذا الاتجاه يعني أنه لم يعد الإمام أحمد يطمئن للبقاء داخل صنعاء، نتيجة لما حصل لوالده، يعني، وتقديره أنه يمكن يكون مصيره مصير والده، ولهذا قرر أن ينزل تعز، ويتخذ منها عاصمة بيد حكمه، بعد ذلك سموها العاصمة الثانية؟

- حركة الثلايا 55

*في تعز تعرض لمحاولة اغتيال، في 55م وانقلاب 55م، أو ما عرف بحركة 55، أنتم كنتم حينها أطفال، هل سمعتم شيئا عن تلك المحاولات أو وصل الموضوع إلى الريف، لأن الإمام قام بعدها بحملة انتقامية، وقام بإعدام عدد كبير ممن شاركوا في تلك الحملة؟

- كما قلت، نتيجة لأهمية تعز، ومعرفة الإمام أحمد بأهمية هذه المنطقة، كثافة سكانية، لواء الثقافة والمقاومة باستمرار منذ ما قبل الأتراك، وهذه المحافظة -أو اللواء- مشهورة بمقاومة كل غزو أو تواجد أجنبي، أو حكم ظالم مستبد، لذلك جاء الانقلاب 55 مسألة طبيعية يعني، لسببين اثنين، أولا: خلاف داخل الأسرة، ثانيا: الظلم العام الذي كان يمارسه والسياسات الجور والقهر التي كان يمارسها الإمام على المواطنين، فكان طبيعيا أن يأتي مثل هذا الانقلاب والنتيجة لأنه كما قلت الصراع داخل الأسرة تم حسم العملية عسكريا من قِبل الإمام باستخدام وحداته الموجودة وبالذات كانت مرتبة في قلعة "القاهرة".

- ثورة 26 سبتمبر

*وأنت في الثالثة عشر من عمرك وقعت ثورة السادس والعشرون من سبتمبر، هل تتذكر الأحداث، أو تتذكر كيف استقبل الناس هذا الخبر؟

- طبعا، أنا أتذكر لحظة الإعلان، قمت الصباح، نزلت من الدار، بجانب الدار حقنا كان موجود دكان، لأحد أعمامي، الذي هو أبو زوجتي، عبدالواسع غانم،
فتح الراديو وإذا به يقول "هنا صنعاء الجمهورية العربية اليمنية" ، طبعا خرجت الأطفال كلها تصيح، أنا لم أمسك نفسي طبعا، بدأت أصيح عاشت الجمهورية العربية اليمنية وظلينا نستمع البيان الأول للثورة، عمت الفرحة كل الناس، في البيوت، خارج البيوت، الرجال النساء الأطفال، كما قلت الأطفال خرجت خارج بيوتها، اللي كانوا في المدرسة -

عفوا في الكُتاب- خرجوا من الكُتاب، الكل يصيح باسم الجمهورية وكل إلى قريته، فالفرحة كانت عامة يعني؟
*هل كان الناس يدركوا معنى الجمهورية وقتها، ما معنى الجمهورية، لأنه في مناطق كثير جدا..؟
-لم يكن لديهم مفهوم ما معنى الجمهورية، لكن كان مفهوم كذا، إنه هذه  الجمهورية هي بديل للإمامة، وهذه الإمامة

غير مقبولة لديهم، يعني لدى العامة من الناس، فكان طبيعي أنه هذا البديل شيء جديد يمثل بالنسبة لهم شيئا جديدا، ولهذا هم أبدوا هذا الارتياح، والفرحة التي عمت كل الناس.

- مقاومة قبيلة بني عمر

*بالنسبة للمشايخ، أو بالنسبة للمسؤولين المحليين يعني، ما كان موقفهم؟

- بالعكس، المشايخ كانوا مؤيدين، لأنه كما قلت الجور العام الذي مارسته السلطة كان دافعا قويا للناس أن يكونوا مع أي تغيير، وبالمناسبة يعني مثلا قبيلة بني عمر تمردت أكثر من مرة على الدولة، سواء أيام الأتراك أو أيام الإمام أحمد، قصفت المنطقة خاصة أيام الأتراك بقيادة عبدالوهاب نعمان الذي كان قائم مقام التربة، في المرة الأولى نزل ومر بطريق اسمها طريق "درجة العابي"، وصل إلى المنطقة هذه، طبعا كان شيخ القبيلة يومها جدي اسمه عبدالرب محمد عبدالله عقلان المعمري، عرف مسبقا بمجيء هذه الحملة فترصدوهم عند هذه المنطقة التي اسمها "درجة العابي"، وتصدوا للحملة وقتلوا من بعض أفراد هذه الحملة وأصيب بعض المواطنين. غير  في المرة الثانية، عاد إلى التربة جهز نفسه وجهز حملة جديدة، وأخذ منحى آخر، أو طريق آخر، طريق دُبع السكْرية -منطقة اسمها السكْرية- ووقف هناك فترة، يفصل كان دبع من هذه الجهة جبل اسمه نقيل "السكْرية"، في هذا المكان أخذ يعد نفسه، وفي أحد الأيام قرر أن يصعد هذا الجبل، وبالتالي يدخل مكان غير معروف واللحظة للانطلاق في هذا المكان لم تكن معروفة لشيخ القبيلة، فصعد بالليل، بكر الصباح بدري، وصل إلى منطقة أول منطقة من مناطق بني عمر اسمها منطقة مصينعة، ومن هناك بدأ بالمدفعية يقصف قرى بني عمر، وبالذات الدار الرئيسي لشيخ بني عمر، في هذه الحملة استطاع عبدالوهاب نعمان والجنود اللي معه والعساكر اللي معه، طبعا فارق كبير، على جيش مسلح والشيخ  عبدالرب أهله وأبناؤه وأبناء العشيرة وأبناء القبيلة، وبالذت القرى التي حول قرية "الموجر"، أخرها من القرى بني سليمان وعمارين قرى ...الخ، يعني قرى عديدة من الفئات كانوا يحملون البندقية الخاصة، الشخصية، فاستطاع أن يدخل ويحتل المنطقة، طبعا قد قصف الدار -إلى الآن بقايا آثار هذا الدار، إذا صورت هذا الدار موجود صوره في الكتاب الذي أصدرته تعز الثقافة والتغيير، وتم إبادة تقريبا أكثر من تسعين بالمائة، لأنه بني عمر كانت توصف بمنطقة النخيل، أو يسموها "بلد البلح"، فأخذ عبدالوهاب نعمان وجنوده (العكفة) حقه العساكر، يقطعوا كل هذه الأشجار، لم يبقوا منها إلا القليل.

*يعني هذا كعقاب للأهالي؟

-عقاب للأهالي، ليش وقفوا مع الشيخ، لأنه هذه مش ملكية الشيخ، ملكية الأهالي.

يوميات ثورة 26 سبتمبر

*إذا عدنا لمسألة 26 سبتمبر؟

-26 سبتمبر، انطلقوا كثيرين من أبناء القبيلة، وبعضهم أصبح قائد لوحدات عسكرية، صعب أعددهم، لكن سأذكر لك بعض الأسماء، مثلا الذين لا زالوا أحياء إلى الآن: اللواء علي نصيب عبدالله، كان قائد لقوات المظلات، بعد حمود ناجي سعيد، بعد الحصار، واللواء الطيار عبدالله محمد سالم بدح، لا زال حيا -الله يعطيه الصحة والعافية- وكما هو اللواء علي نصيب لا زال أيضا حيا ولا زال هناك عشرة، طبعا الكل اتجه نحو الالتحاق بالحرس الوطني ووحدات الجيش، التي أنشئت، الذي جاء من جاء من عدن والذي طلع من الأرياف، الكل كان عنده استعداد للدفاع عن هذه الثورة، فالتحق الكل بهذه الوحدات الجديدة التي أنشئت، وأولها الحرس الوطني، في هذه الفترة كثيرين أيضا استشهدوا، وبالذات في حصار السيعين يوما.

*سنصل إلى هذا اليوم، بالمناسبة هل كان الدعم أو الانضمام أو التحاق الأهالي بشكل لمشاركة عسكرية، أم أنه كان هناك أيضا دافع يعني شاركوا بالمال شاركوا بأشكال أخرى متعددة؟

-طبيعي يعني، الدعم كان دعما معنويا سياسيا وماديا، تبرعات قامت في المنطقة سواء للصرف على هؤلاء الذي تطوعوا في الالتحاق، أو بإرسال مطابخ في لواء تعز،  وهذه العملية استمرت مش

للحظة آنية لا، استمرت هذه في كثير من المناسبات.

-الانتقال إلى مدينة تعز

*انتقلت أنت بعد قيام الثورة بسنة من القرية إلى مدينة تعز، ما سبب الانتقال وكيف وجدت تعز، هل كانت الزيارة الأولى لتعز أم أنت زرتها من قبل ذلك؟
-أنا لأول مرة دخلت تعز هي بعد الثورة في 63م، وانتقلنا على الحمير، لم يكن عندنا لا سيارات ولا طرق مشقة ومسفلتة ولا شيء، عبر الحمير وصلنا، وظلينا خلال فترة...

*مقاطعا، كم استمرت الرحلة؟

-استمرت في حدود اليوم، ثمان تسع ساعات عشر ساعات، بهذا الحدود. وظلينا على هذه الوسيلة نتنقل أثناء الإجازات إلى القرية، ذهابا وإيابا، على الحمير يعني.

- الالتحاق بالعمل الطلابي

*استاذ سلطان، تعز -يعني- في النظرة الأولى، هل شكلت، كانت مثل ما كنت تتوقعها، أم أنها مدينة عادية لا تختلف عن القرية؟
-تعز -كما قلت- كانت بالنسبة لي شيئا جديدا، وكانت زاخرة بالحرك الوطني، سواء الطلابي أو السياسي أو الثقافي، لأول مرة أعرف، ثم شاركت بشيء

اسمه العمل الطلابي، ولأول مرة أعرف أيش معنى العمل النقابي، في هذه اللحظة لحظة وصولي، تجاذبت، كادت تتجاذب الوضع السياسي في داخل تعز عدة اتجاهات، سواء طلابية أو سياسية، فكان موجود القومي، الوطني القومي الوطني، وموجود أيضا البعثي، وموجود أيضا الماركسي، وكثير من الاتجاهات السياسية..


*كلها يسار..؟

-كلها يسار، مافيش يومها بعد وجد "الإخوان المسلمين"، "الإخوان المسلمين" بعد فترة، وتحديدا كان موجود شخص، أول وصوله كان قبل الثورة صح، لكن كنشاط سياسي بدأ بعد الثورة، في 63-64 اعتقد، تحديدا هو محمد سعيد المخلافي، هذا هو أول مرشد للإخوان المسلمين في اليمن، وبالمناسبة ليس تحيزا لتعز، تعز لو تأتي تقرأ تاريخا أو ترتب المراحل السياسية التي تطور فيها العمل السياسي ستجد أنه العمل السياسي بدأ داخل هذه المحافظة، وأمناء عموم كل الأحزاب من الإخوان المسلمين إلى الشيوعيين هم من تعز، لو أعطيك -مثلا- أسماء: أول قائد للإخوان المسلمين كان هو محمد سعيد المخلافي، أول قائد شوعي كان هو عبدالغني
علي أحمد، الذي أصبح أول وزير مالية في الجمهورية العربية اليمنية، البعثيين كان أيضا كان أول زعيم لهم من "قدس"، أمين عام الناصريين من عبدالغني مطهر إلى آخر واحد إلى اللحظة هذه أمين عام كانوا كلهم معظمهم 90 % من لواء تعز، وآخر واحد هو الأستاذ عبدالله نعمان. القوميين العرب، نفس الشيء، كانوا أول زعيم لهم من هو؟

سلطان أحمد عمر "عبسي"، وآخر زعيم لهم حتى قبل موتهم ظل هو سلطان أحمد عمر. تعز، ولهذا ليس اعتباطا أنا سميت كتابي "تعز الثقافة والتغيير"، لأنه هذه ميزة خاصة بتعز، اللي هو ثقافة، ولهذا على مدى التاريخ كانت هي دائما العاصمة الثقافية للجمهورية.

- أول عمل نقابي في تعز

*تشكلت في تعز بعد الثورة أول نقابة عمالية، من ترأسها، وما هي ظروف تشكلها، وكيف شاركتم فيها وأنت ما زلتم في مرحلة الدراسة؟

-أول نقابة شكلت في تعز كانت نقابة عمال الطرقات، ومشروع مياه كندي، أول من أسسها هم الإخوان من في حركتكم من العرب، هم قادوا وأسسوا هذه الحركة، أنا لم أكن منضم لهذه الحركة، كنت في اتحاد الطلاب، في تعز نشأت منظمتين للطلاب، القاعدة كان زعيمها ناصريا -الله يرحمه- عيسى محمد سيف، واتحاد الطلاب كان زعيمهم يساريا عبدالحليم عبدالله، الاثنين من "قدس"، هذاك فقط ناصري وذاك يساري، أنا انضميت مع هذا التيار، التيار الوطني اليساري، اتحاد الطلاب اليمنيين.

*اللافت في الموضوع أنه جميع من التحقوا بهذا المجال أو بهذه النقابة، أو القطاع الطلابي والحركة الطلابية أصبحوا فاعلين في الحياة السياسية والفكرية والثقافية؟



-أكيد، ألف في المئة، وأنا سميت لك اسمين فقط، لكن هناك العشرات من الذين كانوا طلابا أصبحوا زعماء سياسيين، يعتد بهم كثيرا ومشكورين.

*هل كان الانتماء لهذه الهيئتين اليساريتين أو النقابتين اليساريتين حصرا على أبناء تعز أم أن الموضوع كان مفتوحا لأبناء المناطق الأخرى أيضا؟

-طبعا، لكل المناطق الموجودين داخل تعز، هذه أيضا ميزة ثالثة لتعز، متعددة الانتماءات فيها من كل مكان، فيها من أبناء صنعاء، من ذمار، من الجنوب، من الشرق، من الغرب، من أبناء الحديدة، من أبناء البيضاء، الآن لو تجي تشوف العائلات فلان بن فلان المحويتي، الاسم معه فقط، لكن تعال اسأله هل كنت في المحويت؟ يقول لك لا، أنا مثلا كم درست في الجامعة عندما أصبحت دكتورا، كان في عندي طلاب وطالبات، فلان بن فلان العمراني، فلان بن فلان  الذماري، فلان بن فلان ... أسألهم أقول للطالب أو الطالبة هل تعرف ذمار؟ يقول لك لا، أنا طبعا جدي كان جندي مع الإمام وجاء تعز وتزوج، لكن أنا ولدت في تعز، تربيت في تعز، وكل الأسرة حقي خلقت في تعز، والآن كلنا ندرس داخل تعز.

*هذه الحركات سواء القاعدة أو حتى اتحاد الطلاب... انتقلت لاحقا إلى صنعاء؟

- بعد كذا توسعت، وفتحت لها فروع، وأصبحت في اليمن إلى السبعينات وهي وجود تنظيمين، تنظيم يتبع الناصريين وتنظيم يتبع اليسار (الشوعيين والقوميين العرب)، وجرت محاولات توحيد الإطارين في إطار واحد، وكان من زعماء هذا التيار، تيار التوحيدي،  كثيرين من الذي درسوا بعدن وتعز، منهم - استطيع أنا أذكر لك- لا زال حيا عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، الأستاذ القانوني -خريج القانون جامعة الصداقة في الاتحاد السوفييتي- سلطان أحمد زيد العزعزي لا زال هو موجودا حاليا كان هو رئيس بعد اتحاد الخريجين، مؤسس لجنة السلم، وأحد مؤسسي التنظيم الشعبي للقوى الوطنية، الذي تولى عملية البحث والدعوة لقوى جبهة وطنية، واستطاع فعلا هذا التنظيم الشعبي للقوى الوطنية أن يوجد أول تحالف يساري داخل الجمهورية العربية اليمنية، ضم الشوعيين والناصريين والقوميين العرب، والبعثيين معا.

*أستاذ، هذا الزخم هل جاء عبر عدن، البداية كانت من عدن، أم أنها كانت من أماكن أخرى، سوا طلاب كانوا دارسين في مصر أو في العراق أو في غيرها؟

-معظم هؤلاء الذين تكلمت عنهم الذين أسسوا هذه الحركات، سواء الطلابية أو السياسية، لما تيجي تبحث عنهم وتشوف الأسماء كلهم خريجي إما مصر أو الاتحاد السوفييتي أو بيروت، هؤلاء الذي أصبحوا زعماء، لا زالوا إلى الآن، كل التنظيمات تشيد بهؤلاء الناس كمؤسسين، وداعين إلى التحاور بين هذه القوى المختلفة، لمجابهة كل الأخطار التي ألمت بالجمهورية العربية اليمنية.

*في ظل هذا الزخم السياسي الكبير، يساريين بعثيين ماركسيين اشتراكيين ناصريين إخوان مسلمين أو مستقلين، هل كان هناك صراع بين هذه المكونات، وحدة، واستقطابات حادة كشفت عن نفسها أم أن المسألة طبيعية جدا؟

-طبيعية جدا، كان أو نشأتها كان في تسابق واجتذاب تعبئة خطأ، في مسألة استقطاب الناس، وظل هذا الاستقطاب والاختلاف موجود -كما قلت قبل قليل- حتى قيام شيء اسمه "الجبهة الوطنية"، والتحالف الوطني قبله، والذي حمل اسم "التنظيم الشعبي للقوى الوطنية"، لكن قبل هذا كان في تعبئة خاطئة لا يستطيع واحد من أي تنظيم من هذا التنظيمات يسارية يمينية وطنية إخوان مسلمين وشوعيين وقوميين عرب وبعثيين ينكر هذه الحقيقة، هذه حقيقة كانت موجودة، وعانينا كثيرا منها، والحركة الوطنية عانت كثيرا منها، للأسف أقولها أيضا أنه حتى الآن رغم أن الناس توحدت وبالذات نحن اليساريين، أنه ثمانية أحزاب في الشمال والجنوب تتوحد في حزب واحد اسمه الحزب الاشتراكي اليمني الموحد، في عام 78م رغم هذا التوحيد التاريخي نجد أن بعض الأفراد لا زال مشدودا للماضي، مازال مشدودا للأسف الشديد لانتمائه الفصائلي، لم يتخلص من هذه النزعة، هذا شيء مؤلم بالنسبة لنا.

*هل تتذكر محطات، كيف كانت تتم اللقاءات الاجتماعات بالنسبة للتنظيمات هل هي كانت سرية أم معلنة، في تعز خاصة؟

- كلها كانت تنظيمات سرية، مافيش تنيظم علني أو يمارس العلنية إلا الإخوان الناصريين باعتبارهم كانوا بعد الثورة  بحماية المصريين، وبالذات نيهاز صلاح نصر، الاستخبارات المصرية داخل تعز أو في أي مدينة أخرى من مدن الجمهورية العربية اليمنية.

*هل أثر هذا على علاقتكم بالناصريين؟

-في تلك اللحظة؟

*نعم، إنهم يشتغلوا في العلن وأنتم تحت الأرض، وبالتالي أصبحوا هم الذراع القوي؟

-طبعا، هم كانوا، إذا قارنتهم بنشاط الآخرين هم الأقوى، حتى إنهم في سلطة اسمها "التواجد العسكري المصري"، أو تواجد صلاح نصر في تعز هو من تبناهم ويدعمهم ماديا ومعنويا وسياسيا وكانوا هم الأكثر تأثير، والأكثر زخما والأكثر تواجد، والأكثر قدرة مسموح لهم بالتحرك بالتجمع بالتظاهر بإلقاء الخطب الشعبية أمام الجماهير إلى آخره. طبعا بعد الثورة التيار الطلابي الآخر تحرك لكن مش كتنظيم إنه يسارع الأصل إنه طلابي. فكان طبيعيا إنه يستطيع يعمل  مظاهرات.. وأتذكر أنه أهم مظاهرة وأكبر مظاهرة قادها هذا الاتحاد كنت هي المطالبة عندما في عدوان 67م استقال عبدالناصر أو قدم استقالته، خرج الطلاب كلهم بما فيها التنظيم الناصري أو "القاعدة"، بقيادة عيسى محمد سيف، والاتحاد الطلابي بقيادة عبدالحليم عبدالله، والكل ذهبنا في هذه المسيرة إلى مقر المحافظة كان يومها وزارة التربية والتعليم حاليا، رفعنا شعارات تطالب رسالة وجهناها، ألقيت خطب من القياديين، ثم رفعت رسالة إلى المشير السلال تطالب أنه نحن سنبقى هنا حتى نسمع قرار عودة الرئيس جمال عبدالناصر عن الاستقالة، فعلا لم نغادر المكان إلا بعد ما سمعنا بعودة الرئيس جمال عبد الناصر عن الاستقالة.

*تتذكر نوعية النشاط الذي كنتم تمارسونه، هل في ذلك العمر المبكر ساهمت في استقطاب سياسيين آخرين؟

-في تلك الفترة أنا لم أشارك في استقطاب ناس، أنا استقطبت، كانت أول فترة أعرف فيها العمل السياسي...

*في 63؟

-في 63 إلى 67م أنا تنظمت حزبيا، قبلها كان نشاط طلابي..

*نشاط طلابي لكن في جزء منه سياسي؟

-طبعا كان عندي قناعة بالفكر الوطني اليساري.

*أنهيت دراستك في تعز؟

-لا، لم أنهِ الثانوية العامة، لأنه فكرت، وتحت تأثير الشعور عن الثورة والدفاع عن الجمهورية، قطعت دراستي واتجهت صوب صنعاء عبر الحديدة، وظليت فترة بسيطة في الحديدة ثم

انتقلت بالسيارة إلى صنعاء وهناك بدأت فترة العمل التنظيمي الحزبي الشبابي ثم..

*قبل ما تنتقل إلى صنعاء، السب كان قرار الأسرة بانتقالك أم هو قرار فردي؟
-قرار خاص بي أنا، اتخذته بنفسي، لكن لم تكن هناك أي معارضة من الأسرة، على الإطلاق.

تقارير

حرية التعبير لا تزال تهمة في اليمن والحوثيون في صدارة المنتهكين

في اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق الثالث من مايو من كل عام، يحتفي العالم بحرية الكلمة، بينما لا تزال الصحافة في اليمن ترزح تحت وطأة القمع والانتهاكات. فالمهنة هناك تحوّلت إلى خطر، والصحفيون إلى أهداف خلف القضبان وفي المنافي.

تقارير

هل تُنهي التغييرات الحكومية أزمة انهيار العملة في اليمن؟

بالتزامن مع استمرار تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ناقش المجلس الرئاسي اليمني في اجتماع له بالعاصمة السعودية الرياض، مستجدات الأوضاع الاقتصادية والخدمية، دون الإعلان عن اتخاذ إجراءات للحد من التدهور المتسارع للعملة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.