تقارير
الانتقالي يتمكن من تمرير قراراته.. كيف أصبحت التعيينات في اليمن مرهونة بالنفوذ والسيطرة؟
وجهت مذكرة رسمية من مكتب رئاسة الجمهورية الحكومة بإصدار قرارات التعيين غير القانونية التي أصدرها عضو المجلس الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي؛ عيدروس الزبيدي، لشرعنتها وإعطائها غطاء رسميا.
هذه الخطوة أثارت علامات استفهام حول آليات اتخاذ القرار داخل المجلس الرئاسي؟ وما إذا كان ما فرض بالقوة أصبح الآن أساسا لقرار رئاسي؟ وهو مؤشر واضح على انتقال الشرعية في اليمن من النص القانوني إلى موازين النفوذ والسيطرة الميدانية؛ خصوصا وأن التعيينات الأخيرة التي أصدرها عيدروس الزبيدي، كانت قد أحدثت جدلا واسعا داخل مجلس القيادة، وفي الأوساط الرسمية والشعبية، واستدعى تكليف فريق قانوني بمراجعتها خلال 90 يوما.
يرى مراقبون أن ما حدث يكشف عن حجم الخلافات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ويؤكد أن المجلس يفتقر إلى آلية إلزامية لحسم النزاعات الداخلية.
ـ القرارات مررت بمقابل
يقول القيادي في المجلس الانتقالي منصور صالح: "إنفاذ قرارات عيدروس الزبيدي ليس جديدا ولا مفاجئا، وهذا ما قلته سابقا في 9 أكتوبر بأن هذه القرارات قد مررت وأجيزت وأن اللجنة القانونية المكلفة بمراجعتها قد أنهت أعمالها يوم 9 أكتوبر بشكل نهائي".
وأضاف: "هذه القرارات مررت مقابل عدم البت في القرارات الصادرة عن رئيس مجلس القيادة خلال الثلاث سنوات الماضية، وليس هناك مستجدا باستثناء أن هناك رغبة ربما في إثارة هذا الأمر".
وتابع: "الأمر حسم وانتهى بعد نقاشات وتداولات في إطار مجلس القيادة الرئاسي، والتي ارتأت بأن هذه القرارات تأتي في إطار حالة التوافق وفي إطار عملية الشراكة داخل مجلس القيادة، وإن هذه القرارات ليست بدعة، وليست خطأ، ولا اعتداء على صلاحيات أحد".
وأردف: "القرارات هي في الأساس كان يفترض أن تصدر من مجلس القيادة الرئاسي، بعضها منذ سنوات وبعضها ظلت في الأدراج وتأخر إصدارها، ما أضطر المجلس الانتقالي إلى إصدارها".
وزاد: "الرئيس عيدروس الزبيدي مارس صلاحياته كرئيس للمجلس الانتقالي الجنوبي، المفوض من قبل شعب الجنوب بإدارة وتمثيل الجنوب، وهذه القرارات كلها في إطار الجغرافية الجنوبية، وأيضا مارس صلاحياته في مجلس القيادة الرئاسي، ومارس صلاحياته في حماية حق الجنوب وحق المجلس الانتقالي في عملية الشراكة والمناصفة المنصوص عليها في اتفاق الرياض، وكذلك في إعلان نقل السلطة عند تشكيل مجلس القيادة الرئاسي".
ـ سلطة بدون قواعد
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة؛ الدكتور فيصل الحذيفي: "إن ما يدور في أروقة صناعة القرار في السلطة العليا، هو أشبه بإخضاع صراعات أطفال الحي لتحليل سياسي".
وأضاف: "نحن أمام سلطة جاءت بدون قواعد وتؤدي عملها خارج إطار القواعد، وبالتالي الكفيل هو الذي يأمر باختراق القواعد وهو الذي يأتي إلى إنهاء هذا الاختلاف على الإجراءات التي تمت".
وتابع: "نحن أمام ظاهرة جديدة، تعني أننا لا نحتاج حتى إلى لائحة لتنظيم عمل مجلس القيادة الرئاسي، لأننا سنعتبر رئيس مجلس القيادة باعتباره رئيس الجمهورية، وبالتالي الدستور ينظم عمل رئيس الجمهورية وصلاحيته، وسنعتبر السبعة الآخرون نوابا لرئيس الجمهورية، وبالتالي الدستور يبين صلاحية نائب رئيس الجمهورية سواء كان واحدا أو سبعة".
وأردف: "كذلك قانون الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية ولائحته التنفيذية ينظم الإجراءات والقواعد في إصدار القرارات، وكذلك الأمانة العامة لمجلس الوزراء والقانون ولائحته التنفيذية تنظم أداء رئيس الحكومة، ونحن الآن أطحنا بهذه القوانين عرض الحائط".
وزاد: "تم انتهاك صلاحيات مجلس الوزراء، وتم انتهاك صلاحيات مجلس الرئاسة، وتم إصدار قرارات دون صفة شرعية".
وقال: "اللجنة التي تم تكليفها بدراسة القرارات، أوضحت أن هناك قرارات لا شرعية لها، وكان المتوقع أن يتم التفاوض على إعادة إصدارها، ولكن ليس بنفس الشخوص الذين تم تعيينهم من قبل الزبيدي".
وأضاف: "كان يفترض أن يتم تعيين من المجلس الانتقالي أناس آخرين وإصدار قرارات بهم حتى يصبح في توازن ومعالجة للمشكلة، وليس بالضرورة أن يكون حتى من خارج المجلس الانتقالي، ولا من خارج الجنوب، لكن رئيس المجلس الانتقالي عيدوس الزبيدي، أطاح بالقشة التي قصمت ظهر البعير".
وتابع: "الزبيدي أطاح في بالمدير العام لهيئة أراضي وعقارات الدولة، الذي سبب له حرجا كبيرا، وهو معين بشكل قانوني، وأطاح به بشكل غير قانوني، ثم تم تعزيز المخالفة للقانون بشكل مشرعن".
وأردف: "لا نستطيع أن نخضع ما يدار في أروقة السلطة في اليمن إلى تحليل سياسي ولا إلى تحليل قانوني، لأنها تعمل خارج إطار النظم السياسية المعروفة وخارج القواعد".
وزاد: "أنا باعتقادي أن من يحكم اليمن هو الذيل وليس الرأس، وبالتالي الذيل تتحكم به جهات أخرى، لذا فإن مخالفة القواعد وانتهاك الدستور تم بإيعاز خارجي وشرعنة مخالفة القواعد أيضا تم بإيعاز خارجي".
وقال: "حتى الآن لم نجد رؤية سياسية واضحة، ولا احترام للقواعد، لا من رئيس مجلس القيادة، ولا من أعضاء مجلس القيادة، ولا من رئيس الحكومة، ولم نجد حتى حضورا للسلطة التشريعية التي ينبغي أن تمارس رقابة على مثل هذا الأداء".
وأضاف: "التفسير المحتمل لما يدور، هو أن الجميع مرتبطين بسلطات إقليمية، وهذه السلطات الإقليمية متعلقة أيضا بوكيل دولي، وهو الذي يلعب بالمشهد، ولا يهمه إن كان الأمر سليما أو غير سليم، قانونيا أو غير قانوني، دستوريا أو غير دستوري".