تقارير
"اليوم العالمي للشباب" في عدن.. هل عدنا إلى زمن وشعارات الصوت الواحد؟
بمناسبة اليوم العالمي للشباب، في عدن، أقامت وزارة الشباب والرياضة فعالية بمناسبة اليوم العالمي للشباب، فتدخَّل مسلحون تابعون للمجلس الانتقالي وأوقفوا الفعالية.
لاحقا، قال الانتقالي إنه لن يسمح بفعاليات معادية للجنوب، ومشروع استعادة الدولة، ما اعتبره البعض مؤشرا على خطورة الحالة التي بات يعيشها ويمثلها الانتقالي، وكأنَّ فعالية شبابية هي التي تمنع استعادة الدولة الجنوبية التي يطمح إليها الانتقالي.
يتشارك الانتقالي مع باقي القوى السياسية في حكومة واحدة، ويحمّل الحكومة مسؤولية توفير الخدمات في عدن، غير أنه لا يمنحها فرصة إقامة فعالية هامشية لا تقدِّم ولا تُؤخر، ويرى في ذلك عملا معاديا للجنوب، الذي يقدِّم نفسه على أنه ممثله الوحيد.
- إعطاء إشارة
يقول الكاتب والناشط السياسي محمد بالفخر: "مَن منح الانتقالي هذا الحق؛ هو يفرض نفسه على أرض الواقع بطريقة أو بأخرى؛ بطريقة السلاح وبطريقة ملشنة البلاد، وأصبح هو الحاكم الفعلي في بعض المحافظات، يتصرّف كيف ما يشاء".
وأضاف: "نحن، منذ سنة أو سنتين، رأينا كثيرا من بعض المليشيات الأمنية تقتحم بعض الوزارات، وحتى تُخرج بعض الوزراء من أماكنهم، وأيضا ما حصل في المعاشيق ومحاصرته، ورئيس الوزراء السابق حصلت له مثل هذه الأمور".
وأوضح: "لم يمنحه، ولم يقرّه أحد على ذلك، لا مواطنون، وربّما حتى بعض اتباعه العقلاء طبعا لا يقرونه على ذلك".
واعتبر ما يقوم به الانتقالي "طامة من الطوام التي تذكرنا بماضٍ سحيق".
وقال مذكِّرا: "في يوم من الأيام، أسلافهم كانوا يرفعون شعار لا صوت يعلو فوق صوت الحزب، وبالتالي كمموا كل الأفواه، وكمموا المعارضين، وهجَّروا الناس، ورحلوهم، ناهيك عن من أعدموهم وضيعوهم من الحياة كاملة"، مؤكدا أن "المشهد (الآن) يتجدد".
وأضاف: "نحن كنا في الحراك قبل الكثير من الموجودين الآن في الانتقالي، والبارزين في المشهد، وكان معظم مكونات الحراك تطالب بالقضية الجنوبية في 2008 في فعالية كانت بمناسبة 13 يناير، وكان في المنصة وجوه متعددة؛ من أفكار مختلفة، وشخصيات كبيرة؛ حزبية وسياسية من كل التوجّهات".
وأشار إلى أن "أحد القادة أتى متأخرا، وهذا المنظر لم يعجبه طبعا؛ لأن الهدف ليس القضية الجنوبية إنما الهدف مناصبهم ومكاسبهم، فأخذ ابنه الميكروفون، وصدح بأعلى صوته؛ لا حزبية بعد اليوم، لا أحزاب بعد اليوم؛ لأنه رأى وجوها متعددة في المنصة".
وأكد أن الانتقالي "لا يقبلون بالتعدد، ولا يقبلون إلا بمجموعتهم، أن تظهر على الشاشة، وهي صاحبة القضية، وهي متمسكة بالقضية، وغيرهم لا يحق له حتى الحديث عنها".
وتساءل بالفخر: "لمن نحمّل المسؤولية؟ الانتقالي يحكم عدن، ويخنقها من أقصاها إلى أقصاها، بكل التفاصيل".
وبيّن أن "هذه الفعالية ليست فعالية حزبية؛ بل فعالية أقامتها وزارة الشباب والرياضة، وهي إحدى وزارات الحكومة اليمنية التي المجلس الانتقالي مشارك فيها، ووزير هذه الوزارة من إحدى المناطق التي تشكِّل غالبية المجلس الانتقالي إن لم تكن كله".
وأضاف: "الفعالية باسم اليوم العالمي للشباب، واليوم العالمي للشباب يحتفى به في كثير من دول العالم، لماذا تمنع بهذه الطريقة؟".
وتابع: "القوات التي اقتحمت هذه القاعة ومزّقت صورة رئيس مجلس القيادة، الدكتور رشاد العليمي، هل هي خارج إطار الانتقالي؟!!".
وزاد: "معنى ذلك أن كثيرا من الأفعال تُعمل وتُجرى يتم تبريرها بأنه ليس لنا داخل فيها، وأن هناك جهة أخرى".
وتساءل: "من هي الجهة الثانية؟ وهل صدر بيان من الانتقالي يندد بمثل هذه الأعمال من بعض أفراد القوات التي تحت إمرته؟ هل تمت محاسبة أحد؟".
ولفت إلى أن "المجلس الانتقالي لم يتحمّل بيانا يهدِّي من روع أسر من تم اختطافهم، أو من تم إخفاؤهم قسرا".
وقال بالفخر: "الواقع فعلا مريض، معاناة الشعب في الجنوب من عام 67، وليست من الآن".
وأضاف: "من 67 والشعب يدفع كل فترة مجموعة من الضحايا والأزمات إلى أن وصلنا إلى هذه المرحلة، وكلها تراتبية".
وأوضح أن الانتقالي يدير عدن "بالأزمات؛ وافتعال الإشكاليات؛ حتى ينسى الناس الأحلام الوردية التي وعدهم بها".
ويرى أن البيانات، التي يصدرها الانتقالي، هي لإعطاء إشارة إلى الأطراف الأخرى (الإقليمية أو الدولية) بأنه موجود؛ حتى لا يُنتقص منه بأنه الممثل الوحيد للجنوب".
- ازدواجية عجيبة
بدوره، يقول المحامي والناشط السياسي صالح النود: "حتى نكون منصفين لا بُد أن نسمي الأمور بمسمياتها؛ ما حدث في الاحتفالية المشار إليها لا أعتقد بأن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الذي تدخَّل ومنعها".
وأضاف: "لا بُد لنا أن نكون منصفين حتى عندما نتحدّث عن أمور لنا وجهة نظر حولها".
وأوضح: "هناك مجموعة من الناشطين الذين دخلوا واقتحموا القاعة، وحدث ما حدث بعدها، وتناول الإعلام الموضوع كلا بما يراه مناسبا، أو ما يخدم أجندته".
ويرى أن "الفعالية ليست بحد ذاتها المشكلة، المشكلة أن المجلس الانتقالي الجنوبي يقع في ازدواجية عجيبة، وربما هي التي تشكِّل النقطة الأساسية في أي نقاش".
وتابع: "الحقيقة أن المجلس الانتقالي الجنوبي ما زال هو المكون الأكثر حضورا والأكثر شعبية، رغم أن هناك كثيرا من الملاحظات حول كثير من الأمور التي ربما أفرزتها المرحلة، وخاصة مرحلة الشراكة".
وزاد: "في الأشهر الأخيرة ربما بدأ هناك يتكون رأي عام بأننا لا بُد أن نخرج من هذه المحنة، ومن هذا الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب".
واستطرد: "ربما عدم وضوح الانتقالي في مواقف حقيقية جذرية تتعلق في الوضع بشكل عام هو ما وضع كثيرا من الملاحظات حول المجلس الانتقالي الجنوبي ومواقفه".
وقال: "لا أعتقد بأن مثل هذه الفعاليات هي مؤشر على أن المجلس الانتقالي الجنوبي قد بدأ يلجأ إلى مثل هذه الأساليب في التعامل مع المشكلة".
وأضاف: "المجلس الانتقالي الجنوبي أمامه على الطاولة موضوع مهم، هو كيف يتعامل مع الإشكاليات التي أفرزتها الشرعية، وهذا ربما هو الموضوع الأهم".
وبخصوص البيان الذي أصدره الانتقالي، أوضح النود: "في الحقيقة لا ندري بالتحديد ماذا يرمي إليه هذا البيان، أو عن ماذا يتحدث".
وقال: "كانت أيضا لي ملاحظة حول هذا البيان؛ لأن ما يجب مناقشته في المجلس الانتقالي الجنوبي هو كيف نتعامل مع الأمور الجوهرية التي تتعلق في علاقتنا بالشرعية، ومكانة المجلس الانتقالي الجنوبي، ومكانة الجنوب والقضية الجنوبية، وشعب الجنوب في ظل هذه الشرعية".
وأضاف: "مثل هذه البيانات عندما تكون غامضة، أو تكون ضبابية ليست واضحة، أنا لا أدري لماذا يتم صياغة مثل هذه البيانات".
وأشار إلى أن "مثل هذه البيانات بشكل عام تخلق كثيرا من الأسئلة بدلا أن تجيب عنها".
وتابع: "كنت أتمنّى أن يكون الخطاب واضحا بأن المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى، أو سيذهب اليوم بجدية في إعادة النظر في الشراكة وشكلها".
وزاد: "ولذلك اعتقد أنه لا بُد للمجلس الانتقالي الجنوبي أن يتجرأ أكثر".
ويرى أن "التحالف له دور في في المشهد، والقوى الشمالية لها دور في المشهد"، حسب اعتقاده.
وقال: "لا يمكن أن نظل نتعامل مع تعقيدات المرحلة بهذه الضبابية، وهذه المناورات التي تضع كثيرا من الأسئلة أكثر من أنها تجيب عن الأسئلة التي يتم طرحها".
وحول النص الذي ورد في الميثاق الجنوبي، واستند إليه البيان، قال النود: "لا أدري بالتحديد إلى أي بند يشير إليه البيان، لكن إذا كنا نتحدث عن الأنشطة السياسية الخارجة عن ما تم الاتفاق عليه في الميثاق الوطني الجنوبي، فنحن نتحدث عن عدم مزاولة رشاد العليمي العمل في عدن، وعدم مزاولة الأطراف الأخرى التي لا تعمل في عدن من أجل الجنوب".
وأضاف مستدركا: "أنا شخصيا وجهة نظري أنه لا مانع في التعددية، بل بالعكس نحن في في مرحلة يجب أن نقبل بأن تكون هناك وجهات نظر مختلفة داخل الجنوب، وإن كان هناك من يعتقد بأن الوحدة اليمنية هي المسار والخيار فليتقدم ويطرح وجهة نظره، والشارع هو من يحكم في الأخير".
وأشار إلى أن "شعب الجنوب ما زال إلى يومنا هذا مهملا، ويشعر بأن الكل أهمله".
ولفت إلى "أن هناك من يرى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يجب أن يتخذ خطوات حقيقية حتى نرفع من المعاناة على هذا الشعب"، حسب كلامه.
واعتبر أن "المجلس الانتقالي الجنوبي يجد نفسه في مكان صعب؛ هناك ضغط من الشارع الجنوبي".
وبرر النود منع الفعاليات بأن "هناك سخطا في الشارع الجنوبي؛ لأن الناس بدأت تتصرّف تصرّفات غير منطقية وغير عقلانية؛ لأن الحالة التي يعيشها هي حالة غير عقلانية، وأحيانا كردة فعل".
وقال: "لا بُد لنا أن نتحمّل المسؤولية كمكوِّنات سياسية وكشرعية ومجلس الانتقالي".
وأضاف: "ضغط الشارع لا تستطيع أي قوة سياسية أن تقف في وجهه".