تقارير

بصفقات فردية.. فدية التحرير تنهك عائلات أسرى الحدود

11/03/2023, 08:28:29
المصدر : قناة بلقيس - حسان محمد

ما تزال "أم أحمد" -منذ ثلاثة أشهر- تجوب بيوت أقاربها الميسورين في مدينة تعز، وتناشد المغتربين من أبناء منطقتها في دول الخليج المساهمة في تقديم الدعم المادي لإنقاذ ابنها البكر، وتحريره من الأسر، بعد أن وافقت مليشيا الحوثي على تحريره مقابل الفدية.

"أحمد" واحد من آلاف الجنود الذين دفعتهم الظروف المعيشية المترتبة عن الحرب إلى الالتحاق بالألوية العسكرية التي جنَّدتها السعودية عبر سماسرة محليين، للدفاع عن حدودها الجنوبية من هجمات مليشيا الحوثي بطريقة غير نظامية، خارج إطار التنسيق مع المؤسسة العسكرية اليمنية.

- تضحيات كبيرة

ينتمي أحمد -مثل غالبية الشباب الذين اضطرتهم الحياة إلى خوض حروب نيابة عن المملكة العربية السعودية- إلى عائلات فقيرة، غامرت بالتضحية بالتحاقهم بجبهات الحدود مقابل راتب لا يتجاوز ألفي ريال سعودي؛ للمساهمة بتحسن الحالة المعيشية لها، على الرغم من القلق والخوف على مقتل أبنائها.

لم تدم الأوضاع طويلا، وأحست عائلات الجنود بصدمة كبيرة، مع إعلان مليشيا الحوثي عن العملية العسكرية، التي أسمتها "نصر من الله"، ونتج عنها مقتل وأسر المئات في الجبهات الحدودية.

ومع نهاية العام 2019، بدأت أسرة أحمد رحلة بحث شاقة عن ولدها، لمعرفة مصيره، وهل كان بين القتلى أو ما يزال في عداد الأسرى والمفقودين، وبعد مضي ما يقارب العام تفاجأت باتصاله، يخبرهم أنه متواجد في أحد السجون بصنعاء ضمن الأسرى.
لم يكن دافع مليشيا الحوثي السماح للأسرى بالاتصال بذويهم إنساني، بهدف طمأنه عائلاتهم، واتضح أن التواصل يهدف إلى إجبارهم على دفع مصاريف شهرية للأسرى، حتى لا تتحمل الجماعة نفقات بقائهم في السجون.

- الفدية أو السجن

تكبَّدت أسرة احمد، التي لا تمتلك أي مصدر للدخل، عناء المصاريف الشهرية، وغرقت بالديون، إلا أنها لم تفقد فرحتها ببقاء ابنها على قيد الحياة.
ومع الحديث عن صفقات محتملة لتبادل الأسرى، استبقت مليشيا الحوثي الأحداث وتواصلت إدارة السجن مع العائلة، منتصف العام الماضي 2022، تخيرها ما بين دفع مبلغ مالي يقدر بـ30 ألف ريال سعودي كفدية لتحريره، أو بقائه طيلة حياته في السجون.

الحديث عن إمكانية التحرير رفع الآمال بالفرج، وعودة الأسرى إلى أحضان عائلاتهم إلا أن "أم أحمد" صارت تعيش حالة من الحزن والإحباط، مع كل انتكاسه تواجهها في الفشل بجمع مال الفدية، التي تعجز الأسرة عن تدبيره، ولا تفارقها الدموع، وكأنها تشعر بذنب بقاء ولدها في الأسر؛ في حين يغادر رفاقه السجون؛ واحدا تلو الآخر.

كما هو الحال مع رفيقه الأسير "محمود"، الذي تحرر مطلع شهر فبراير الماضي، وعانق أشعة الشمس مجددا، بعد سنوات من المكوث في أقبية السجن، ليغادر صنعاء بفرحة كبيرة، وشوق لأسرته في محافظة تعز، التي بذلت جهودا مضنية للوصول إلى هذه اللحظة.

وكغيره من الأسرى، لم تكن طريق "محمود" نحو التحرر سهلة، وقاست الأسرة الكثير من الظروف والمعاناة لتوفير الفدية، واستنفدت كل خياراتها، حيث اضطرت إلى بيع نصيبه في أرضية مشارك بها مع أحد أقاربه؛ كانت كل ما استطاع الخروج به من فترة التجنيد في الحدود، بحسب ما يؤكده لـ"بلقيس".

يقول محمود: "الأرضية كانت صغيرة، ولم يكفِ ثمنها لسداد الفدية التي تقدر بـ10 ملايين ريال يمني، ولجأت العائلة إلى اقتراض مبالغ أخرى من المغتربين والأشخاص الميسورين، وبيع ما أمكن من ممتلكات".

- مغامرة قاتلة

التحق أحمد ومحمود بالتجنيد في لواء الفاتح، الذي يقوده الشيخ السلفي رداد الهاشمي في منطقة كتاف بداية العام 2018، مع مجاميع كثيرة من الشباب الذين ينتمي أغلبهم إلى محافظتي تعز وإب، مدفوعين بتأثير قصص النجاح، والمكاسب المالية لمن سبقوهم إلى الحدود، معتقدين أنها الفرصة التي لا تُضيع لتغيير قدرهم، وتحسين مستوى معيشة عائلاتهم، حيث ستمكنهم المغامرة من ادخار مبالغ مالية تكفي لتنفيذ مشاريع صغيرة، تبدأ بها حياتهم.

لم تسِر الأمور كما رسموها في مخيلتهم، وفي نهاية أغسطس من العام 2019، نفذت مليشيا الحوثي عملية عسكرية في وادي آل جبارة، وأعلنت سقوط ثلاثة ألوية عسكرية من قوات الحدود اليمنية، إلى جانب فصيل من القوات السعودية.
وأكد المتحدث العسكري باسم مليشيا الحوثي يحيى سريع، في مؤتمر صحفي، أن المعركة، التي استمرت أربعة أيام، أسفرت عن سقوط نحو خمسمائة شخص، وأسر أكثر من ألفي ضابط وجندي، إضافة إلی إحراق 15 سيارة، واغتنام مئات الآليات والمدرعات.

انتهت العملية العسكرية، وتخلت السعودية عن الجنود الذين يحاربون نيابة عنها منذ بداية العملية، ولم تقدم لهم الدعم العسكري، والإسناد الجوي لفك الحصار، الذي استمر أربعة أيام، وسط نقص في المؤن والسلاح، وتخلت عنهم مرة أخرى وهم يقبعون في الأسر، تاركة عائلاتهم يعانون الأمرين في سبيل تحريرهم، وبكل سهولة استبدلت الجنود بآخرين يمتلكون نفس الطموح وروح المغامرة.

تقارير

انهيار الدعم الدولي لليمن.. مؤشرات لفقدان الأولوية

تشهد المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن تراجعًا غير مسبوق، في ظل تقليص الأمم المتحدة خططها وتراجع مساهمات المانحين الدوليين، ما ينذر بكارثة إنسانية قد تطال الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد، لا سيما في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

تقارير

بسبب التغييرات المناخية.. موسم بلا حصاد ومزارع يدمرها الجفاف

بعيون شاخصة نحو السماء، تترقب بلهفة تشكّل السحاب، وتبتهل قلوبها تضرعًا مع صوت الرعد، ترتسم صورة المزارع اليمني وهو يعيش عامًا استثنائيًا، توسّع الجفاف فيه على حساب موسم الأمطار، وحوّل أوديتهم ومدرجاتهم إلى أراضٍ جرداء ومتصحّرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.