تقارير
دعوات لإضراب عالمي تضامناً مع غزة.. هل تتحول إلى حراك دولي منظم يتجاوز الاحتجاجات الرمزية؟
خلال الأيام الماضية، انطلقت دعوات شعبية ونقابية وطلابية في عدد من دول العالم للمشاركة في إضراب شامل، وذلك يوم أمس الاثنين، تضامناً مع المدنيين في قطاع غزة وتنديداً بحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل. تأتي هذه الدعوات في ظل صمت دولي يُعدّ في كثير من الأحيان متواطئاً أكثر منه محايداً، إذ تُعتبر وسيلة لكسر هذا الصمت والوقوف إلى جانب المظلومين في فلسطين.
تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في مقتل عشرات الآلاف – غالبيتهم من النساء والأطفال – وسط انهيار تام للمنظومة الصحية والإنسانية، ما خلف دماراً واسع النطاق وبنية تحتية مدمرة. ومع استمرار استهداف المدنيين والمرافق المدنية، تتزايد الحاجة الملحة لتحرك عالمي يدين هذه الجرائم بوضوح، خاصةً في ظل ما بدا من استئناف إسرائيل حربها على غزة، والذي يعتقد البعض أنه نال الموافقة الأمريكية، ما فسّر تزايد وحشية الهجمات مقارنة بالفترات السابقة.
صرخة حر
وصفت الإعلامية والناشطة الفلسطينية، أنسام أبو عودة، ما يشهده قطاع غزة بأنه حرب إبادة متكاملة الأركان، حيث لم يسبق أن شهد القطاع حرباً مماثلة. فقد أكدت أن كل يوم يمر بصمت العالم هو يومٌ يُفقد فيه طفل حياة أو يُهدّم منزل، ما يؤدي إلى دفن الإنسانية تحت وطأة الجرائم المتواصلة. وأضافت أن الإضراب العالمي لنصرة قطاع غزة يمثل وقفة صرخة حر ضد هذه الجرائم التي تُبيد كل شيء في القطاع، مطالبين بوقف إبادة الأطفال والكبار على حد سواء.
وأشارت إلى أن الإضراب، وإن بدا مؤقتاً، قد يكون الشرارة التي تُفتح طريقاً لمحطات قادمة تدعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في مواجهة المجازر المستمرة. كما أوضحت أن الدعوات لمشاركة إضراب شامل تحظى بتأييد دولي، سواء من الدول العربية والإسلامية أو من القوى الأوروبية والغربية، رغم أن الاستجابة لم تكن على مستوى التوقعات في بعض المدن، بسبب الضغوط الكبيرة على الشعوب المنتفضة التي تؤدي إلى كبت الضمير الإنساني.
تضحيات كبيرة
من جهته، أوضح المحامي والناشط الحقوقي اليمني، عبد الرحمن برمان، أن حركة التضامن التي يشهدها قطاع غزة في الولايات المتحدة الأمريكية تتميز بحجمها وتضحياتها الكبيرة. وذكر أن العديد من الطلاب قد تعرضوا للفصل من جامعاتهم أو اضطروا لمغادرة الولايات المتحدة، حيث أعلنت وزارة الخارجية في ولاية مشغن عن إلغاء إقامات أو فيز دراسة لأربعة طلاب. كما أفاد بأن العديد من الموظفين، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، فقدوا وظائفهم نتيجة دعمهم للجبهة الفلسطينية.
وأشار برمان إلى أن ردود الفعل كانت كبيرة جداً، حيث خرج ملايين الأمريكيين في أكثر من 1200 مدينة، ورُصدت تظاهرات ومسيرات ضخمة بلغت ذروتها في واشنطن ونيويورك، إلى جانب مدن أمريكية أخرى كشيكاغو ولوس أنجلوس. جاءت هذه المظاهرات في إطار احتجاجات ضد سياسات الرئيس ترامب، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية وطالبت بإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، ونُدت أيضاً عمليات إرسال الأسلحة لإسرائيل التي يُعتبر السلاح الأمريكي المساهم الرئيسي في قتل الأطفال.
وأضاف أن تصريحات الرئيس ترامب حول غزة، التي شُبهت بمحاولات تحويل القطاع إلى منتجع سياحي، أثارت غضب الناشطين ومنظمات المجتمع المدني الأمريكية والطلاب، مؤكدًا أن حركة التضامن في أمريكا ليست مؤقتة أو عاطفية فحسب، بل هي حركة مستمرة تتسم بالثبات والتجدد.