تقارير
كيف حول الدعم الخارجي بعض القيادات اليمنية إلى وكلاء لأجندات متضاربة؟
يكرّس مجلس القيادة الرئاسي اليمني نفسه كسلطات متعددة، ويتوزع أعضائه بين الرياض وأبو ظبي، حيث منطقة الراحة، بعيدا عن أزمات اليمنيين في الداخل.
مؤخرا، زار رئيس الوزراء اليمني الإمارات، وهناك في أبو ظبي التقى مسؤولين يمنيين، بشكل منفرد، وكل في مكتبه الخاص، حيث التقى عضوي مجلس الرئاسة عيدروس الزبيدي، وأبو زرعة المحرمي، وقبلهما التقى في الرياض بعضو مجلس الرئاسة طارق صالح.
يعاني اليمنيون من تأخر المرتبات وانقطاع الخدمات وتراكم الأعباء، فيما يخوض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي؛ مرثونا طويلا من سباق النفوذ وصراع المصالح، وأصبح كل قائد في السلطة له دولته الصغيرة الخاصة، ويتصرف باستقلالية عن المؤسسات والعمل المشترك.
دور الإقليم
يقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني، إن هذه الاجتماعات التي تعقد في الرياض أو أبو ظبي، ليس جديدا، فنحن كيمنيين تعودنا على هذا المسار، الذي تدفع به دول التحالف منذ أن بدأت الأزمة في اليمن.
وأضاف: أتصور أن ما يحصل اليوم في اليمن، هو انعكاس للتطورات الإقليمية، والصراع الإقليمي الحاد في المنطقة، والذي أثر بشكل كبير على الملف اليمني، وظهرت هذه التشظيات بشكل كبير، لا سيما مع تعاظم النفوذ السعودي في الإقليم، ولعبها أدوارا مهمة.
وتابع: اليمن يخضع للوصاية المباشرة لدول التحالف، ولديها قواعد في كل المواقع الاستراتيجية المهمة في اليمن، ولديها أدوات تمرر أجندتها من خلالها على الأرض، وبالتالي من الصعب الحديث عن شرعية ذات سيادة مستقلة.
وأردف: حتى اليمنيون أصبحوا يتعاملون مع الشرعية، على أنها امتداد لدول التحالف ولأجندات دول التحالف، وأي سياسة الآن في اليمن تتحمل مسؤوليتها دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وزاد: أقصد بهذه السياسات، هذا التردي في الخدمات والاقتصاد، والإشكالات الأمنية.
وقال: القادة في اليمن ليس لديهم القدرة على مواجهة هذا التغول الكبير لدول التحالف، فالمجلس الرئاسي يتشكل من أدوات لدول التحالف، وفيه ميليشيات وكتائب أمنية تتبع هذه الدول، وهي أنشأتها لتؤدي هذا الدور.
وأضاف: ليس من المتوقع أن تتمرد هذه الميليشيات عن دول التحالف، وتتحول في يوم ما للعمل لصالح السيادة الوطنية، والقضايا الوطنية.
وتابع: هناك خلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات، وهذا ينعكس أيضا على أدواتهما في الأرض، فما يحصل اليوم من الصوت العالي الذي يرفعه عيدروس الزبيدي، في وجه العليمي، والخلافات الكبيرة ومن ثم التطاول على الدولة اليمنية، والقرارات المجحفة في هذا السياق، هي تعكس حالة الخلافات الحادة بين طرفي دول التحالف.
تراخي واعتياد
يقول مدير تحرير يمن فيوتشر، نشوان العثماني، إن ما يحدث هو تراخي وكأنه اعتياد أمام قادة الدولة، وخاصة في جهازيها التنفيذي والتشريعي، وهي حالة غريبة بالنسبة لمؤسسات دولة أن تقيم في دول أخرى، ولعله مشهد غير مسبوق في البيئة.
وأضاف: هذه الدول الإقليمية التي تدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، كما لو أنها هي التي توفر هذه المساحة، لأننا كنا نشهد قيادات تظل في الداخل لفترات طويلة، وما أن عينوا في المجلس أصبح تواجدهم في الخارج للعديد من المرات، وأصبحوا يلقون في الخارج.
وتابع: هذه حالة غير طبيعية أن يلتقي مسؤولي الدولة خارج البلد، ومهم جدا أن ينقد، حتى يمكن القول معه أن لا معنى للدولة على الإطلاق ولا يمكن أن يعول عليها إلا بتواجد كل هذه القيادات في الداخل وأن يكون لها قرار، وأن تكون كل القواسم المشتركة مع الداعمين واضحة المعالم بما يلبي استعادة الدولة وخدمة الناس.
وأردف: القوى داخل الشرعية الكل له دويلة وله إقليم وله جيش، وتشظي البلد إلى العديد من المكونات والإمارات إذا صح التعبير، وبالتالي المشهد الواضح معه أن اليوم المواطنين لا يعولون إلا على وحدة الصف الجمهوري، الذي يبدو الحديث عنه أنه نوع من المفارقة التي لا تشبه الواقع الراهن.
وزاد: هذا ملاحظ منذ أيام الرئيس هادي، أنه ما أن يستتب الأمر في الأروقة الحكومية تحت هذه المنظومة، حتى تتفجر خلافات غريبة وعجيبة، لا نعرف لها سببا ولا مبررا، ولا أظن أن الخارج مسؤولا بالكامل، لكنه مسؤولا بدرجة أساسية بلا شك، لأن الفرقاء اليمنيين هم من وفروا هذه الثغرات.
نهج هادي
يقول الصحفي عبدالجبار الجريري، من المؤاخذات الكبيرة التي أخذت على شرعية الرئيس هادي، أن هذه الشرعية قضت معظم وقتها خارج البلاد، وبالتالي لم تقدم أي حلول أو معالجات للأزمات اليمنية المختلفة.
وأضاف: عندما نقلت السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي، تفاءل الناس بالخير، وأن المجلس لن يمضي على نفس النهج والطريق الذي مضت عليه شرعية الرئيس هادي، لكن مع الأسف أن المجلس الرئاسي، يتضح يوما بعد آخر أنه يمضي على نفس الخطوات وفي نفس المسار الذي أودى بشرعية هادي إلى اتخاذ قرارات كارثية أدت إلى انتهاك سيادة البلاد وتمزيق اللحمة الوطنية داخل اليمن.
وتابع: هذه الاجتماعات التي نراها سواء في الرياض أو قي أبو ظبي، يراد لها أن تكون روتينية أو أنها تكون جادة، لكن في المعنى السياسي أو الجيو سياسي، لا يمكن أن تقدم أي حلول أو معالجات للأزمات اليمنية سواء السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية.
وأردف: عندما تم تشكيل المجلس الرئاسي، كانت هناك إشكاليات موجودة، خاصة من قبل المجلس الانتقالي، وهذه الإشكاليات هل تم حلها اليوم؟ أو تم على الأقل ضبطها نسبيا سواء من قبل المجلس الانتقالي أو من بعض الشركاء على الساحة؟
وزاد: يمكن لنا أن نقول، إن ما يسمى اليوم بظاهرة الحكم عن بعد، هي ظاهرة استثنائية في تاريخ اليمن، وأعتقد أنها غير مسبوقة لا في التاريخ اليمني القديم ولا في التاريخ الحديث.