تقارير
ما وراء التحشيد العسكري لمليشيا الحوثي في جبهات مأرب والجوف وشبوة؟
تدشن مليشيا الحوثي حملات تحشيد قسرية جديدة في محافظات مأرب والجوف وشبوة، من خلال عمليات إرسال تعزيزات واسعة للمقاتلين الحوثيين من عدة مناطق في محيط العاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرتها، يشرف عليها قادة من المليشيا، التي ما انكفأت تحيك خيوط الدمار للبلاد.
بحسب المصادر، فإن مليشيا الحوثي أجبرت مشايخ الطوق الأمني لصنعاء على الدفع بمجنَّدين جدد، بهدف إرسالهم إلى الجبهات، وهددت باعتقال وتفجير منازل من يتقاعسون عن المشاركة الفاعلة في حملة التحشيد القسرية.
ونقلت المليشيا أسلحة ومعدات عسكرية، متوسطة وثقيلة، لتعزيز قدرات عناصرها القتالية في محافظات مأرب، وشبوة، والجوف، في الوقت الذي تفتعل حربا أخرى على البحر الأحمر، مستغلة القضية الفلسطينية في إشعال فتيل الحرب مرة أخرى، في جبهات هذه المحافظات، بالرغم من مواصلة قوات الجيش الوطني الالتزام بوقف إطلاق النار من طرف واحد، في كافة الجبهات الرئيسية.
- جماعة تعيش على الحروب
يقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات، مراد العريفي: "من حيث المبدأ، فإن مليشيا الحوثي هي جماعة عسكرية؛ تجد نفسها في الحرب أكثر مما تجد نفسها في السلم، ولذلك هي تصنع الأزمات تباعا في اليمن، وذهبت في مغامرات عسكرية كثيرة، بدءا من نشأتها عام 2004م، إلى اليوم الذي تشن فيه هجمات مستمرة على السفن في البحر الأحمر".
وأضاف: "مليشيا الحوثي تجد في الحرب ضالتها، وغالبا ما توظف الحرب في الكثير من الملفات، التي عادت عليها، سواء من حيث المجهود الحربي، أو من حيث التحشيد، وأيضا من حيث فرض نفسها على اليمنيين، على اعتبار أنها اليوم، من خلال الحرب الأخيرة، التي وظفتها، تخوض حربا مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي لطالما رفعت هذا الشعار، بأنها تحارب أمريكا وإسرائيل، وأن هدفها الأسمى هو تحرير القدس".
وتابع: "ملف الحرب هو الملف الذي يمكن أن نجد فيه مليشيا الحوثي أكثر مما نجدها في أي ملف آخر".
وأردف: "عندما توقفت الحرب في اليمن، وشهدنا على الأقل شبه هدنة عسكرية، خلال الفترة الماضية، وجدنا أن الرأي العام يطالب من مليشيا الحوثي في كثير من الملفات، سواء ملف الرواتب، أو ملف الخدمات".
وزاد: "المليشيا، التي فرضت على اليمنيين الكثير من الإتاوات والضرائب، ولا تدفع لهم بالمقابل شيئا، دائما ما تقفز إلى الأمام وتهرب إلى الأمام من خلال هذه المعارك العسكرية، ولذلك هي اليوم، كما شنت هجماتها على السفن التجارية في البحر، ستفتح أيضا ملفا عسكريا آخر تجاه مأرب، وهذا ما لوحظ مؤخرا، من خلال التحشيد العسكري".
وقال: "صحيح أن هناك تحشيدا للمليشيا، لكن لا نستطيع أن نصفه بأنه لعمليات عسكرية، فممكن أن تذهب باتجاه آخر؛ لأن -باعتقادي- مليشيا الحوثي ليست لها القدرة الكافية على أن تذهب في خطين متوازيين من العمليات العسكرية في البحر الأحمر، والداخل اليمني".
- هدف أكبر بكلفة أقل
يقول الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، العميد عبدالرحمن الربيعي: "إن توجّه مليشيا الحوثي نحو التحشيد إلى جبهات مأرب وشبوة والجوف ليس غريبا على الإطلاق؛ لأن البلد والحكومة والمليشيا في حالة حرب، باستثناء الهدنة التي حصلت مطلع العام 2022م، ومن ثم ما تسمى بالهدنة المطولة وغير المعلنة، وهذا يعني أن الحرب مفتوحة".
وأضاف: "ما نراه اليوم من تحشيد للمليشيا باتجاه مأرب وشبوة يأتي لما تمثله هاتان المحافظتان الحيويتان من أهمية سياسية وعسكرية واقتصادية".
وتابع: "وفق قراءتي وتقديراتي، أرى أن التحشيد في مديرية بيحان - إحدى أكبر مديريات شبوة ومفتاحها- وأيضا التحشيد في شمال شرق مأرب، أي في محافظة الجوف، الغرض منه أن المليشيا تخطط لعملية عسكرية هدف أكبر بكلفة أقل، وهذا في حال كانت هناك حرب، وقُدر لها أن تنشب في أي لحظة، وهو أمر وارد جدا".
وأردف: "هذه المعركة قد تكون مغايرة لما سبقتها من معارك، خصوصا معركة مأرب 2020 - 2021م، التي استمرت قرابة 18 شهرا، ولم تحقق فيها المليشيا أي إنجاز سوى أنها خسرت كل عتادها وقواها البشرية، ولا تزال آثار تلك المعركة إلى اليوم".
وزاد: "تخطط مليشيا الحوثي للهجوم على مأرب من اتجاهين، الاتجاه الأول عبر بيحان وشبوة، بغرض الوصول إلى ميناءي النشيمة وبلحاف، فيما الاتجاه الآخر قد يأتي عن طريق الجوف - الجداف - اللبنات - العلم، للوصول إلى صافر، والابتعاد عن مدينة مأرب، لما فيها من كتلة سكانية هائلة، بنحو 2 مليون ونصف نسمة، وبنحو 700 ألف مسلّح، وستكون الحرب فيها خاسرة 100%".
وقال: "حتى المعركة، التي أقرأها وأتصور كيفيّتها، بإذن الله ستكون خاسرة، بدليل أن الهجمات، التي بدأت قبل ثلاثة أيام في مديرية بيحان، جميعها تم وأدها وصدّها، وإلحاق خسائر كبيرة بالمليشيا".
وأضاف: "مسألة محاربة الأمريكي - البريطاني - الصهيوني هذه مجرد فزاعة، فالحرب قائمة في اليمن، منذ تسع سنوات، قبل أن تأتي أمريكا وبريطانيا، وفي الوقت نفسه هل الطريق إلى فلسطين وغزة عبر الجوف ومأرب وبيحان؟".
- تعبير عسكري فقط
يقول الخبير العسكري الموالي لمليشيا الحوثي، عزيز راشد: "التعزيزات الحوثية تأتي على اعتبار أن الأراضي اليمنية مستهدفة من قِبل تحالف العدوان الأمريكي - البريطاني - الصهيوني".
وأضاف: "نحن في نهاية العام، وأي تحرك عسكري للقوات المسلحة، وإن كانت غير متجهة للعمل العسكري المباشر، أو لمواجهة أي مكونات عسكرية متواجدة على الأرض".
وتابع: "لن يكون هناك تصادم، إلا إذا كان هناك اتفاق سياسي بيننا وبين المكونات الأخرى، لذا فإن هذا العمل ليس موجها للاستهلاك العسكري المباشر، بل هو تعبير عسكري فقط، ضمن إدارة المنطقة الثالثة، كما هي موجودة في كل الأماكن للطرف الآخر".
وأردف: "لا يوجد صدام حتى هذه اللحظة، ولا نستبق الأحداث، وهناك اتفاقات ضمنية بيننا وبين الأطراف الأخرى، وفق ما توصلنا إليه مع الوسيط العماني".
وزاد: "لدينا عدو مشترك، وهو العدو الأمريكي - الصهيوني، ويجب علينا أن نتجه صوب هذا العدو، وأي تحريك للورقة الداخلية يعتبر إضعافا للقوة الداخلية".