تقارير

مساعدات برنامج الغذاء العالمي.. هل ستحقق أهدافها في تعز؟

24/01/2024, 10:52:56
المصدر : خاص - هشام سرحان

منذ نوفمبر الماضي، جرت عملية تحديث بيانات المستفيدين الحاليين من المساعدات الغذائية، التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، التابع للأمم المتحدة، للأسر الفقيرة في مدينة تعز، التي تعد الأكثر سكاناً وفقراً وبطالة وتردياً إنسانياً على مستوى البلاد.

ورغم أن العملية على وشك الانتهاء، إلا أن الشكوك حول مدى تحقق أهدافها تختلط بمخاوف البعض المتمثلة في تقليص حجم المساعدات، وعدد المستفيدين منها.

ونفذ "الغذاء العالمي" عملية تحديث البيانات بالتعاون مع عدد من المنظمات هن الشركاء المحليين له، وبالتنسيق مع السلطة المحلية في المحافظة، التي سبق وأن ناقشت موضوع آلية جديدة لتقديم المساعدات الغذائية في تعز.

وفي منتصف نوفمبر العام 2021، عقدت قيادة السلطة المحلية في تعز اجتماعاً ترأسه المحافظ، نبيل شمسان، وناقش مع ممثل برنامج الغذاء العالمي، وعدد من المنظمات الشريكة، آليات جديدة لتقديم المعونات الغذائية، وزيادة نسبة المستفيدين منها.

- تحديث بيانات المستفيدين

ناقش اللقاء مسألة تحديث معلومات المستفيدين في المديريات الثلاث بمركز المدينة، كما نقل المركز حينها عن شمسان أن الغذاء العالمي وافق على الانتقال من آلية القسائم إلى البطائق الإلكترونية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.

وسبق تلك التحركات جدل واسع حول وجود مئات الأسماء الوهمية، وأسماء ميسورين في كشوفات المستفيدين، فضلاً عن تلاعب في إيصال المعونات، وتكرار أسماء مستفيدين، وحرمان آخرين؛ رغم حاجتهم.

ولذلك يتساءل البعض: هل جاءت عملية تحديث بيانات المستفيدين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بتعز لحل تلك الإشكاليات، التي لطالما طالب مواطنون ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بوضع حد لها، أم لتقليص أعداد المستفيدين مراعاة لمسألة نقص التمويل، التي تحدث عنها مرارا برنامج الغذاء العالمي؟

- آلية جديدة

وفي نوفمبر من العام 2023، دشن شركاء محليون لبرنامج الغذاء العالمي عملية تحديث بيانات المستفيدين في عدة مناطق، وذكرت إحدى المنظمات أنها تهدف إلى الحصول على بيانات دقيقة ومطابقة للوثائق مع إدخالها إلى النظام، مشيرة إلى ذلك سيتم بناءً على حضور المستفيد مع وثائقه إلى مراكز التحديث المعلن عنها.

ونشر نشطاء وعُقال حارات جداول مزمَّنة تحوي أسماء مراكز التحديث، وموعد حضور الأسر المستهدفة، والمقسمة إلى مجموعات، حصل موقع "بلقيس" على نسخ منها.



أم أمجد الشريحي (40 عاماً) توجهت برفقة أمجد وشقيقته وئام إلى أحد المراكز، وأثناء تسجيل بياناتها، والتدقيق في وثائقها، سألها عضو اللجنة عن أفراد عائلتها، بمن فيهم زوجها، الذي لم يحضر معها، فأخبرته أنه يعمل بالأجر اليومي في محافظة أخرى، فقام بشطبه من السجل، وتحديث بياناتها مع طفليها.

تقول أم أمجد لموقع "بلقيس": "شطب اسم زوجي جعلني أخشى من تقليص حجم المعونات الغذائية، التي كنا نتلقاها بين الحين والآخر".

وحول آلية التحديث، يرسل برنامج الأغذية العالمي، أو شركاؤه المحليون، رسالة نصية قصيرة (SMS) إلى رب الأسرة، أو يتم إبلاغه عبر اللجان المجتمعية بموعد ومكان التسجيل، ومن ثم يجب عليه الحضور مع أفراد أسرته ، وإحضار قسيمة المساعدات، التي حصل عليها سابقاً، واصطحاب وثائق تعريفية لأفراد الأسرة، أو مذكرة تعريفية من عاقل الحارة، أو شيخ المنطقة، مع إرفاقها بهوية أخرى، وجلب شخصين كمعرِّفين طبقا لدليل صادر عن "الغذاء العالمي".

وتتضمن إجراءات التحديث أخذ موافقة رب الأسرة قبل بدئها، ومعرفة خصائص الأسرة من خلال طرح الأسئلة عليه، وتسجيل بيانات السيرة الذاتية لكافة أفرادها؛ ك: الاسم، والعمر، ورقم الهوية، والهاتف، وغيره، وتحديد اسم المستلم الرئيسي، والبديل؛ بناءً على ترشيح ربّ الأسرة فردين (18 عاماً وما فوق) ليكونا مسؤولين عن استلام المساعدات، التي يقدِّمها البرنامج.

وتمر العملية بمراحل مختلفة، يذكر الدليل الصادر عن برنامج الغذاء العالمي -حصل موقع "بلقيس" على نسخة منه- أنها تأتي لضمان تسجيل الأسر الأكثر احتياجاً، والمعرضة للمجاعة، ومعرفة المستفيدين بشكل أفضل، كما يلفت إلى أنه سيتم تسجيل البيانات، وحفظها في سجل البرنامج المشفر والمحمي بالكامل، وفقاً لإجراءات حماية البيانات التابعة للأمم المتحدة.

- أهداف التحديث

وهدفت نحو تقييم احتياج أفراد الأسرة وخدمتها بشكل أفضل، من خلال المساعدة المناسبة، وضمان تزويدها بمعونات الإغاثة مرة واحدة في الدورة، والتأكد من عدم وجود سجلات متكررة، وضمان إيصال المساعدة إلى الأسر الأكثر احتياجاً، وحماية المستحقات والبيانات عن طريق البطاقة الإلكترونية، ما يمكِّن البرنامج من الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين، من خلال موارده المحدودة - حسب الدليل.
ونوَّه برنامج الغذاء العالمي بأهمية تحديث بيانات الأسر المستفيدة كاملة؛ لما لها من تأثير محتمل على مستحقاتها، كما يلفت إلى أنه سيُشكل من المعلومات المحدّثة القائمة التي سيستخدمها مستقبلاً في تقديم المعونات.



وحدد الحد الأقصى لعدد الأسر التي يمكن لشخص ما استلام المساعدات نيابة عنها ب3 أسر من ضمنها الأسرة التي ينتمي إليها الشخص، وذلك خلافاً لما كان يحدث سابقا.

يقول المواطن محمد سيف، لموقع "بلقيس": "كان بإمكان شخص واحد القيام باستلام المساعدات الخاصة بالأسر المقيمة في حي أو قرية بأكملها".

وحذَّر الغذاء العالمي من تكرار تسجيل اسم الأسرة أو الفرد المستفيد، وفي حال تبيَّن التسجيل مرّتين في قائمة المستفيدين سيتحقق البرنامج الأممي من بيانات تلك الأسرة، وسيعمل مع الشريك والمجتمع على التأكد من تسجيل الأسرة، أو الفرد مرة واحدة فقط.

موقع "بلقيس" تواصل مع مسؤولين اثنين في منظمة "كير" بتعز، فاعتذر الأول عن الرد، فيما تجاهل الآخر الأسئلة التي طُرحت عليه.

وفيما يتحدث البعض عن تكرار أسماء أسر في سجلات المساعدات الخاصة بعدد من شركاء برنامج الغذاء المحليين، يعزو نشطاء ذلك إلى غياب التنسيق بين هؤلاء الشركاء، كما يتساءل  مواطنون ونشطاء: هل سيسعى البرنامج الأممي إلى تصحيح تلك الاختلالات، التي تسببت بحرمان عشرات الأسر من المعونات.

رئيس لجنة الرَّقابة المجتمعية، هيكل عصيوران، يقول لموقع "بلقيس": "عملية التحديث معقّدة، وتم قبل فترة وجيزة إجراء عملية البصمة بحضور المستفيد الأول والبديل، وجميع أفراد الأسرة، وتم أخذ بصماتهم، وتصويرهم مع الوثائق المطلوبة"، مشيرا إلى أن "العملية تعقّدت مؤخرا أكثر  بالنسبة لبعض الأسر؛ جراء بُعد الأب، أو وفاته، أو سفره خارج المحافظة".

وبالرغم من حضور الزوجة كمستفيد بديل، وإحضار قسيمة الأسرة، التي تحمل صورة رب الأسرة الغائب، تم رفض تحديث بياناته، رغم أن بعضهم سافر للعلاج، أو إلى مكانٍ ما.
ويشير عصيوران إلى أن الاختلالات بسيطة، ونفى إمكانية تسجيل الأسماء الوهمية.

وأضاف أن "عملية التحديث جميلة إذا أسفرت عن زيادة عدد المستفيدين، ولكن  سيتم تحويلها إلى رصيد مخزني، أو تقليص عدد المستفيدين؛ بحُجة عدم توفر التمويل".   

ويرجع برنامج الغذاء العالمي عدم تلقي الجميع المساعدات، التي يقدمها، إلى نقص الموارد.

ويلفت إلى أنه سيقوم بمراجعة قوائم المستفيدين، وتحديثها بانتظام؛ لضمان استمرار وصول المساعدات الغذائية إلى الفئات الأكثر احتياجاً في جميع المناطق.

وخصص البرنامج خطا هاتفيا مجانيا لتلقي الشكاوى، ونوّه في الدليل بأن عملية التحديث مجانية، لكن المواطن عبد الله محمد (38 عاماً) يتوقع -في حديثه لموقع "بلقيس"- تجاوز بعض اشتراطات البرنامج الواردة في دليل التحديث، وتمرير بعض المخالفات عبر طُرق ملتوية.

تقارير

انهيار الدعم الدولي لليمن.. مؤشرات لفقدان الأولوية

تشهد المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن تراجعًا غير مسبوق، في ظل تقليص الأمم المتحدة خططها وتراجع مساهمات المانحين الدوليين، ما ينذر بكارثة إنسانية قد تطال الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد، لا سيما في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.