تقارير

معالجة التالف أم تمويل الحرب؟ ما الهدف الحقيقي وراء سكّ الحوثيين العملة الجديدة؟

19/07/2025, 09:28:07

قبل أيام، أعلن البنك المركزي في صنعاء عن سك عملة معدنية من فئة خمسين ريالًا، وطرح أوراق نقدية جديدة من فئة مئتي ريال للتداول، مبررًا الخطوة بأنها تهدف إلى استبدال الأوراق التالفة.

في المقابل، أدان البنك المركزي في عدن هذه الخطوة، واعتبرها محاولة لتغطية العجز المالي وتمويل العمليات العسكرية لجماعة الحوثي، مؤكدًا أن العملات المطروحة "مزوّرة" وغير قانونية.

- استبدال التالف

يقول الصحفي والمحلل الاقتصادي رشيد الحداد: "ما قام به البنك المركزي لا يُعد إصدار عملة جديدة، بل هو مجرد استبدال لفئة نقدية تالفة بأخرى جديدة، لها نفس القيمة الاسمية".

وأوضح: "هناك فئة 50 ريالًا معدنية، كانت متداولة منذ فترة طويلة، وتمت إعادة سكها بعد أن أصبحت الأوراق النقدية من نفس الفئة ممزقة وتالفة". 

وتابع: "كذلك فئة 200 ريال طُبعت من جديد بنفس الشكل والمقاسات التي كانت عليه قبل عام 2016، عندما بدأ البنك المركزي في عدن بطباعة كميات جديدة من العملة الورقية".

وأكد: "هذا الإجراء ليس كما رُوّج له على أنه إصدار نقدي جديد أو محاولة لفصل اقتصادي". 

وأشار إلى أن "هذا استبدال لفئات متداولة ومهترئة تعذّر تداولها"، مرجعًا المشكلة إلى أن "هناك من يتعامل مع الملف النقدي برؤية سياسية بحتة، ويغيب عنه البُعد الفني والإداري".

وأردف: "البنك المركزي في صنعاء يتعامل مع النقد وفق رؤية واضحة، يحاول من خلالها الحفاظ على الكتلة النقدية المتاحة، دون التسبب بتضخم أو انهيار لسعر الصرف، كما حدث في المناطق الأخرى". 

وزاد: "بالعكس، صنعاء لا تزال تحافظ على سعر صرف ثابت منذ 2017، رغم ظروف الحرب والحصار".

واستطرد: "المواطن في صنعاء يعاني من تدهور الورقة النقدية واهترائها، ويضطر في بعض الأحيان إلى رفض استلام فئات نقدية ممزقة، ما يعرقل المعاملات اليومية، لذلك كان لا بُد من حل عملي، وقد جاء هذا الإجراء للاستجابة لحاجة السوق، وليس لغايات سياسية أو اقتصادية كما يحاول البعض الترويج له".

وشدد على أن "هناك خلط متعمد بين سك العملة المعدنية وطباعة عملة ورقية جديدة؛ الأولى إجراء داخلي محدود لم يُحدث أي تغيير في الكتلة النقدية أو في قيمة العملة، بينما الثانية تُعد من أدوات السياسة النقدية، وتخضع لمعايير مختلفة تمامًا".

واعتبر أن "الأطراف التي تعارض هذا الإجراء تنطلق من موقف سياسي، وليس من قراءة اقتصادية علمية؛ هم يعتبرون أن كل ما يصدر عن صنعاء مرفوض مسبقًا، بصرف النظر عن مضمونه أو أثره"، مؤكدا أن "هذا خطأ".

وختم قائلًا: "الحرب الاقتصادية هي التي أنتجت هذا الواقع المنقسم، حيث توجد سلطتان نقديتان، واحدة في عدن والأخرى في صنعاء".

وأضاف: "لكن رغم ذلك، ما زال المواطن في صنعاء يحصل على خدمات أساسية بسعر صرف ثابت، وهذا يدل على أن السياسة النقدية هناك ليست ارتجالية، بل مدروسة".

- تكريس الانقسام النقدي

يقول الصحفي والمحلل الاقتصادي محمد الجماعي: "رشيد الحداد من صنعاء يتحدث من منظور مواطن مغلوب على أمره أمام سلطة أمر واقع، لا كمحلل محايد".

وأضاف: "الحوثيون لم يستبدلوا عملة تالفة فقط، بل قاموا بخطوة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية خطيرة".

وأوضح: "ما جرى لا يمكن فصله عن سياق الحرب الاقتصادية والمالية، وهو امتداد لمسار طويل من الاستقلال المالي عن الحكومة الشرعية".

وأكد: "البنك المركزي في صنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، لا يمكن اعتباره مؤسسة مستقلة؛ هو يتبع جماعة سياسية مسلحة، قراراتها لا تخضع للرقابة أو الشفافية، وبالتالي ما جرى هو استكمال لفصل اقتصادي بدأ منذ سنوات".

واعتبر: "الحديث عن استقرار الصرف في صنعاء مضلل"، مبينًا: "هذا الاستقرار ناتج عن غياب السيولة ووقف التداول، وليس عن سياسة نقدية ناجحة".

وتساءل متعجبًا: "ما قيمة أن يبقى السعر ثابتًا إذا لم يستطع المواطن أصلاً الحصول على الدولار أو التعامل به بحُرية؟".

واستطرد: "الحوثيون يديرون اقتصادًا مغلقًا، مفصولًا عن النظام المصرفي اليمني الرسمي، ويعتمدون على الجبايات والإتاوات كموارد أساسية".

ويرى أن "سك عملة جديدة يعني تعميق هذا الفصل، وتثبيت كيان اقتصادي موازٍ".

وأوضح: "تسويق الموضوع على أنه مجرد مسألة فنية يخفي الحقيقة السياسية، الجماعة تريد تكريس الانقسام، وفرض واقع جديد يصعب التراجع عنه لاحقًا"، مؤكدا: "هذه ليست خطوة إدارية بريئة."

وقال: "البنك المركزي في عدن ارتكب أخطاءً، نعم. لكن الحوثيين يذهبون بالأزمة إلى مستويات أخطر".

وأضاف: "نحن أمام واقع فيه سلطتان نقديتان، وإصدار عملة جديدة من أي طرف دون توافق وطني يعني انهيار ما تبقى من الثقة بالعملة اليمنية".

وختم قائلًا: "لا يمكن معالجة هذه القضية بمعزل عن السياسة؛ سك العملة هو سلوك سياسي بامتياز، يعكس إرادة فرض أمر واقع لا يُبنى عليه استقرار حقيقي، بل مزيد من الانقسام والفقر".

تقارير

كيف يمكن تجاوز الازدواجية في السلطة الشرعية لتحقيق مصلحة اليمن؟

كلٌّ من الحكومة الشرعية في اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي، يعملان كرأسين لجسد واحد، مما يخلق تضاربًا في القرار وشللاً في الحركة، وهذا التباين لا يعطّل فقط المساعي نحو مشروع وطني موحد، بل يؤدي أيضًا إلى تحويل المؤسسات الحكومية إلى مجرد أدوات للنفوذ والصراعات الشخصية، بدلًا من أن تكون ركائز لبناء الدولة وخدمة مواطنيها.

تقارير

لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد.. هل تنقذ الريال اليمني أم تُضاف إلى أدوات تسكين الأزمة؟

أطلقت الحكومة اليمنية مؤخرًا لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد في العاصمة المؤقتة عدن، في محاولة جديدة لاحتواء الفوضى النقدية والمصرفية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات. وتأتي هذه الخطوة عقب تأخير وصفه مراقبون بـ”غير المبرر”، رغم التدهور المستمر في سعر صرف العملة المحلية، وتزايد عمليات الاستيراد غير المنظم التي أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني وأرهقت خزينة الدولة.

تقارير

ضحايا الصمت القاتل: اختناقات متصاعدة وسط غياب معايير السلامة

في أحد أيام أبريل الماضي بقرية "المعزبة" التابعة لمديرية السبرة في محافظة إب اليمنية، تحولت مهمة روتينية داخل بئر إلى فاجعة إنسانية: سبعة أفراد من عائلة واحدة نزلوا للعمل في عمق البئر، ولم يصعد منهم سوى واحد، أما الستة الآخرون، فقد لفظوا أنفاسهم الأخيرة اختناقًا بعد أن ملأ غاز سام ناتج عن مولد كهربائي الفضاء الضيق، دون أن يمنحهم فرصة للهروب أو حتى طلب النجدة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.