مقالات

الخروج من شرنقة التكوين

05/02/2023, 05:52:24

يا لكَ من أحمق إنْ أصررتَ أن تحيا بوجهٍ واحد فقط.. وعليك أن تحتمل تبعات هذا الإصرار، وتداعيات هذا الموقف الناشز. فهي مغامرة غير محمودة العواقب.. بل هي جريمة لا تُغتفر، وربّ الكعبة!

لقد اخترت أن تتبع خُطى أبيك الكادح الزاهد.. أو أن تمتثل لتعاليم الفكر الذي ارتشفته -قطرةً قطرة- منذ أن توهَّج في عينيك، لأول مرة، نورٌ من طبيعةٍ أخرى، غير تلك التي سادت في وعيك والوجدان، في كنف الطفولة ثم المراهقة (الفكرية قبل العُمرية).

بدأ النور قَبَساً خاطفاً، قبل أن يستحيل ضوءاً ساطعاً، ويتوهَّج لمعاناً دفاقاً في ليلة خريفية كالحة الظلمة.

قرأتُ يوماً عبارةً تحكي عن الوقت والجهد والمال الذي يسفحه الأهل في تعليمك أبجد الكلام.. ثم يسفكونه -العمر كله- لتعليمك الامتناع عن الكلام، يساعدهم في ذلك أشخاص وأطراف وجهات ومؤسسات عديدة، في المدرسة والجامعة والجامع والحكومة والمعارضة والإعلام والسوق والحارة والحزب!

...

إنْ لم أقرأ، أعجز عن المشي..

وإنْ لم أكتب، أعجز عن التنفس..

وإنْ لم أبك، أعجز عن الابتسام..

وإنْ لم أصمت، أعجز عن التأمل..

وإنْ لم أتأمل، أعجز عن العشق..

غير أنني عجزت عن هذه الحالات الخمس، ذات ليلة لم يُطل فيها وجه القمر، إنما أطلَّت عصا المارشال!

وقد مضى وقتٌ طويل لم تكتب فيه حرفاً واحداً بالقلم.. وحين شرعتَ اليوم في الكتابة، اكتشفتَ -ويا للهول- كيف ساء خطُّ يدك على نحو مهول. وقد صرت سيئ الحظ أيضاً بعد أن كنت سيئ الخط فحسب.

إن التوقف عن الكتابة يغدو -في بعض الأحيان- كالتوقف عن النبض.. وتزداد الصورة قتامة، والمشهد فداحة، حين يقترن التوقف عن الكتابة بالتوقف عن القراءة. فيا لها من مأسأة!.. وكأنَّ "شيئاً يموت داخل الإنسان وهو ما يزال حياً" بحسب العظيم أفلاطون.

لذا، قرَّرتَ اليوم أن تستعيد ممارسة طقوسك في الكتابة، وفي القراءة أيضاً.

...

حين ترتقي مشاعرك الإنسانية إلى تخوم الملكوت، تعجز عن إنتاج الكلام.

حينها يغدو الكلام ضرباً من إهانة المشاعر، ولوناً من امتهان الذات.

واللغة تتبدَّى في أبهى تجلّياتها، حين تتأجَّج في خلجات النفس البشرية، بمنأى عن ربقة الحبر وكهنوت الورقة.

ولا أنبل من تعاطي هذه اللغة، لحظتئذٍ، بمشاركة نديم السماء: الموسيقى.

وكثيرة هي الدلالات التي يحملها، أو يعكسها، الكثير من المفردات أو العبارات المستخدمة في قاموس اللغة اليومية، على نحو بنّاء أو هدّام - لا فرق. وهي مفردات وعبارات لا تغيب البتة عن قاموسك اللغوي اليومي الدارج الخاص.. وبالتالي تغدو دلالاتها محفورة بالأزميل في لوح الوعي وصلصال الوجدان، كمثل تلك القائلة: "اتّق ِ شرَّ من أحسنتَ اليه".

وقد صرت تضعها على حائط مكتبك وباب منزلك، وبالأمس وضعتها في وصيتك!

ولك مع هذه المقولة تجارب شتى، يدعو بعضها إلى البكاء، فيما يبث بعضها فيك روح التماسك ورباطة الجأش، معجونةً بإحساس غامر بالتسامح والغفران.

"اتّق ِ شرَّ من أحسنتَ اليه".. ولكن لا تقطع حبل الخير والإحسان إلى الجميع، حتى خصومك.. فالخير هو ديدن المرء، لا يحتاج منك لكي تؤديه إلى تخطيط أو قرار. إنه الفطرة، وما دونها محض إثرة.

مقالات

اليمنيون في الشتات.. أسئلة ومتاهات (4-4)

كلما ذهبت إلى بلدٍ يقصده اليمنيون؛ إمَّا هرباً من جحيم الحرب في بلادهم، أو للحصول على التطبيب الذي يفقدونه في وطنهم، تتسع أمام ناظري حدود المأساة التي يكابدها اليوم اليمن، والممتدة منذ نحو عشر سنوات.

مقالات

السلام مع ذيل الكلب!

منذ سنوات طويلة، ونحن نقرأ أو نسمع عن السلام في اليمن، وعن تسوية سياسية، وعن حوار عبثي، وعن رحلات مكوكية، بين العواصم التي تخوض معاركها على الأرض اليمنية، والضحايا هم اليمنيون فقط.

مقالات

عن الأحكام التي تسبق الجريمة

أظن أن النفس البشرية، حتى في أشد حالات نزوعها نحو الشر والجريمة، تبحث في الغالب عن مبررات لأفعالها، ومنها تلك الأحكام الذاتية التي يطلقها الإنسان على غيره، قبل أن يرتكب في حقهم جرما معينا، وهذه الأحكام غالباً لا تمت للقيم الإنسانية بصِلة

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.