مقالات

قراءة نقدية لكتاب "الكافي" عن تاريخ اليمن من منظور اجتماعي (2-4)

08/01/2025, 07:12:56

ثانياً: الفرضية الاجتماعية بين الأسطورة المكتوبة والحقيقة المجهولة.

في الكتاب من ص "40/71"، تحدّث الكاتب بإيجاز وتركيز عن مرويات محدّثي التاريخ اليمني، من عبيد بن شرية، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، وأبو الحسن الهمداني، ونشوان بن سعيد، وحتى ابن خلدون، وبما يفيد القارئ والباحث بما قلَّ ودلَّ، وما نريد التأكيد عليه من المنظور الاجتماعي بالنسبة لهذه المرويات، التي كانت وما تزال تشغل حيزاً واسعاً من جدل التاريخ والثقافة العربية الإسلامية، وما لم يتطرق إليه صاحب الكتاب بحكم اختصاصه البعيد عن الجانب الاجتماعي، وحتى يتم التمييز بين وجود الأشياء كواقع محدود، ووجودها الآخر كخيال فني وأدبي غير محدود، وأن الفهم العلمي والموضوعي الدقيق يتوقّف على إدراك الحقائق التالية:
1) احتدم الجدل القديم الجديد حول هذه المرويات بين من يرى فيها حقائق تاريخية مطلقة غير قابلة للشك أو التشكيك، وبين من لا يرى فيها إلا مجرد أساطير وخرافات خيالية لا مكان لها من عقل أو منطق على أرض الواقع، بل ويذهب البعض إلى القول إن الحضارة والممالك اليمنية نفسها مجرد خيالات مبالغٌ فيها، كما فعل الدكتور الدغشي مؤخراً في كتابه "عن تسفيه الأقيال والقومية اليمنية".

2) إن مثل هذه المرويات ليست حكراً على التاريخ والثقافة اليمنية، بل هي سِمة بارزة وواضحة في كل الحضارات والثقافات الإنسانية العريقة من اليونان إلى الرومان، فالصينيون والهنود وغيرهم.

3) إن منهج التفكير الاجتماعي العلمي لا يرى في مثل هذا الموروث الهائل من التراث الإنساني في اليمن وغير اليمن لا حقائق موضوعية مطلقة ولا مجرد خيالات خرافية متقطعة عن الواقع، بل هي دالة خيالية افتراضية من صنع العقل والخيال الجمعي الشعبي للناس على ما كان معلوماً وصار مجهولاً أو غير معلوم حتى يعلم مرة أخرى، إنها اختزال لفلسفة الخيال الشعبي لما كان موجوداً، أو شيء منه، وإعادة سياغتها في شكل أخبار وحكايات أسطورية خيالية سهلة الحفظ والتداول عبر الأجيال "الفار رمز الخراب الذي دمر سد مأرب، وذو القرنين الذي دوخ الشرق والغرب، وأبو زيد الهلالي، والزير سالم، وأبو زيد المهلهل...الخ".

4) إن ما ينبغي التعامل معه من هذا الإرث الثقافي والحضاري اليمني والإنساني هو النظر إليه باعتباره الوجود الفني والأدبي لما هو موجود، أو كان موجودا في الواقع المحدود، واللا محدود في وجوده الآخر في الخيال الفني والأدبي الافتراضي اللا محدود، شأنه في ذلك شأن الوجود الفني في الخيال، والموازي لكل ما هو موجود في الواقع، فلكل شيء موجود في الواقع المادي له وجود آخر غير محدود في الخيال الفني والأدبي، بصرف النظر عمّا اذا كان هذا الواقع معروفا لنا أو غير معروف، فصورة الموناليزا كفن هي أرقى وأوسع وجوداً فنياً بما لا يقاس من صورتها كفتاة (موديل أو سمبل) عادية مهما بلغت من الجمال، وعمق الشخصية، فكل ما هو خيالي وفني هو دالة فنية وأدبية معنوية على ما هو واقعي وموضوعي بصورة مباشرة وغير مباشرة، فما من شيء يوجد في فراغ، ولا شيء يخلق من العدم.

5) طبقاً لرؤيتنا في نظرية الفن والأدب من منظور اجتماعي والقاضية بأن لكل شيء مادي وموضوعي محدد الكم والكيف يوازيه وجود ثقافي معنوي لا حدود له، فوجود البحر بالنسبة للصياد كواقع غير وجوده في خيال الشاعر كخيال فني، وقد يتغيّر الموضوعي أو يختفي لكن صورته الخيالية والأدبية أكثر قدرة على البقاء، كما هو حال المرويات اليمنية كوجود خيالي وفني غير مباشر لما كان موجودا من الواقع الذي ذهب.

مقالات

الإمامة والحقائق المُرَّة .. دعوة إلى مراجعة تاريخية شاملة

كم يتمنّى المرأ لو أن ما يعتمل الآن في صنعاء واليمن عموماً يكون باعثاً على النظر بعمقٍ وموضوعيةٍ في جذور الموروث الاجتماعي والثقافي لليمن بوجهٍ عام، وخصوصاً في عصور "الإمامة"، التي حكمت البلاد لما يزيد عن ألف عام، وذلك كـ"فكر" متحجرٍ، وليس مجرد "سُلطةٍ" يتداولها أصحابها من عهدٍ لآخر فحسب، ولكن شريطة أن لا يكون في هذه المراجعة، إن أردناها أن تكون بناءةً وموضوعية، ما يدعو إلى مواجهة عنصرية الموروث الإمامي البغيض بعنصريةٍ عرقية أو ثقافية مماثلة.

مقالات

"إكرام المعلم دفنه"

لا أحد يمكنه تخيُّل حجم الدّمار الذي لحق بالتعليم في اليمن؛ بسبب الانقلاب على الدولة، والحرب الممتدة والمتواصلة بلا هوادة..

مقالات

" الزوامل " في اليمن من زمن " دُق يانوس " إلى أحمد بن غودل!

شعر " الزوامل " اليمنية قديم ويعود إلى ما قبل الإسلام ، لكن أول ذكر لهذا النوع من الشعر الشعبي الحماسي الذي يشبه شعر الرجز العربي ورد في الجزء الأول من كتاب " الإكليل " للمؤرخ والعالم الموسوعي اليمني الأكبر أبو محمد الحسن الهمداني ، إذ كتب يقول :

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.