تقارير

جرائم الابتزاز الإلكتروني.. ما هي طرق المواجهة؟

06/11/2022, 07:42:54
المصدر : خاص

ازدادت جرائم الابتزاز الإلكتروني، التي تتعرّض لها الفتيات في اليمن، عبر التهديد بنشر صور في منصات التواصل الاجتماعي، سواء كانت هذه الصور حقيقية أم مفبركة، فضلا عن كونه أصبح من السهل اختراق الأجهزة كالتلفون واللاب توب والآيباد، التي عادة ما تحتفظ فيها الفتيات بصور خاصة.

قد تفقد الفتاة تلفونها أو ذاكرتها الخاصة، أو تنسى إيميلها مفتوحا في مقهى انترنت، أو يتعرّض جهازها، الذي تحتفظ فيه صورها، للاختراق، فتتلقى رسالة تهددها بنشر صورتها، قد لا تكون صورة خادشة، لكن قهر المجتمع ونظرته تجعل من العادي عيبا وتقف في صف المبتز ضد الضحية دون أن تدرك فداحة ما يحدث.

عندما تتعرض الفتاة للابتزاز الإلكتروني سرعان ما تجد نفسها أمام خيارات صعبة، إما الانصياع للمبتز والرضوخ لطلباته، أو الوقوف في مواجهة الأسرة والمجتمع، أو اللجوء إلى الانتحار، حيث ما تعرّضت له الناشطة المجتمعية سارة علوان، من ضغط وإرهاب نفسي وابتزاز، دفعها إلى محاولة الانتحار، الأمر الذي يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة حول مخاطر التعرّض لجريمة الابتزاز الإلكتروني، وكيف السبيل لمواجهتها؟

-زغياب الثّقة

تقول أستاذة القانون الخاص في جامعة تعز - رئيسة مركز تنمية المرأة والطفل، سوسن صالح: "إن الجميع يعرف الناشطة المجتمعية سارة علوان، وهي فتاة في العشرينات من عمرها، تعمل بكل جهد لمساعدة الآخرين، وما تعرّضت له من جريمة ابتزاز إلكتروني شيء محزن، وهذه الجريمة ليست سارة وحدها التي واجهتها، وإنما هناك الكثير من النساء والفتيات اللواتي واجهنها".

وأضافت: "لكن -للأسف- هناك صمت حول هذه الجريمة، التي أصبحت ظاهرة، وذلك لعدة أسباب، منها الخوف وعدم الثقة باللجوء إلى الجهات المختصة، وما حصل لسارة علوان أشعل ثورة في تعز وخارج تعز للمطالبة بضرورة وجود قانون يحمي الجميع من الابتزاز الإلكتروني، كون الابتزاز لا يستهدف النساء فقط وإنما النساء بنسبة أكبر، وخصوصا العاملات في حقوق الإنسان".

وأشارت إلى أن "هناك حوادث مشابهة تعرّضت لها ناشطات حقوقيات في مأرب، خاصة ما تعرّضت له الحقوقيات في مؤسسة 'إنف' للحماية الإنسانية".

وقالت: "الأجهزة الأمنية في تعز شغالة في موضوع جرائم الابتزاز الإلكتروني والمخدرات تقريبا من قِبل حادثة سارة، وأيضا المجتمع المدني شغال في جانب التوعية بمخاطر الابتزاز الإلكتروني على الفرد والمجتمع، وكيفية مواجهتها، فنحن في مركز تنمية المرأة والطفل سبق لنا وأن عملنا مع شرطة تعز ورشات عمل حول التوعية في جرائم الابتزاز الإلكتروني والمخدرات".

وأضافت: "ومن خلال معرفتي بالعاملين في إدارة البحث الجنائي بتعز عن قرب، فإنهم يولوا اهتماما كبيرا لمثل هذه الجرائم، ولكن يجب أن تكون هناك ثقة بين البحث الجنائي والمواطن، التي هي معدومة حاليا -للأسف الشديد- لدى المجتمع، حيث إن هناك الكثير من النساء يتخوفن من اللجوء إلى البحث الجنائي، خوفا من السمعة".

وأشارت إلى أنه "يجب على كل امرأة أو فتاة تتعرّض للابتزاز الإلكتروني بأن تكون لها علاقة وطيدة مع أسرتها ومع الجهات المعنية، والإبلاغ وعدم السكوت".  

وأوضحت أن "الأسرة لها دور كبير في حماية ابنتها من الابتزاز، ولا بُد أن تكون هناك علاقة حميمة بين الأسرة والفتاة، والأفضل للبنت أن تلجأ إلى أسرتها أقرب من اللجوء إلى صديقة، وعلى الأسرة أن تدرك مهما كانت نسبة الغلط أن تحتوي البنت، وتعطيها الأمان".

وتابعت: "نحن طالبنا، ومازلنا نطالب، بوجود تشريعات وقوانين خاصة بالابتزاز، لا سيما الإلكتروني، الذي يعد من الجرائم التي يواجهها العصر، بينما السلطة التشريعية في اليمن متوقفة منذ ظهور هذه الجرائم في مجتمعنا اليمني إلى اليوم".

وأردفت: "كذلك يجب تحديث النصوص التشريعية في قانون الجرائم والعقوبات اليمني، التي تتحدث عن عقوبة المبتز، نص المادة 254، ونص المادة 313، التي تنص على الحبس الذي لا يزيد عن خمس سنوات أو دفع غرامة، علما بأن الغرامة في القانون اليمني لا تنقص عن 100 ريال ولا تزيد عن 70 ألف ريال، وهذا أصبح مشجعا للمبتزين".

- الصمت سمة النساء السائدة

من جهتها، تقول الكاتبة والباحثة الأكاديمية سبأ حمزة: "إن الصمت هو السمة السائدة في جميع قصص النساء، سواء كانت قصص تحرش أو ابتزاز أو عنف أسري ومجتمعي، لأن المرأة في مجتمعنا -بشكل عام- مرتبطة بالعار والشرف، لذا قبلما تتكلم عن شيء تفكر بنفسها وأسرتها ومجتمعها، وكل الناس الذين ممكن أن يتضرروا في حال تكلمت، فتلجأ إلى الصمت، والصمت قاتل، لأن غالبية حالات الصمت تؤدي إلى حالات اكتئاب شديدة، أو كما فعلت سارة، التي لم تطلق الرصاصة على نفسها، وإنما على المجتمع الذي يخذل المرأة قبل المبتز".

وأضافت: "إذا عرفت الفتاة أنها في حال لم تستطع مواجهة الأسرة، فإنها ستستطيع مواجهة المجتمع، وستتلقى دعما من جهات أمنية وحقوقية فستتكلم، لذا غياب الجهات الآمنة قبل الأمنية هي أحد أسباب انتشار الصمت لدى النساء والفتيات".

وأشارت إلى أن "سارة وأسرتها لجأوا للجهات الأمنية، لكن الجميع يعرف بأن الجهاز الأمني غالبا هم رجال، وأول ما تصل البنت تشتكي، يقول لها كيف وصلت الصور هذه إلى المبتز؟ وأكيد ما وصلت الصور إليه إلا وهي تستاهل، وإنها بنت مش تمام، وينظرون للمرأة بأنها دائما المسؤولة عن أي فعل يحصل لها".

وأضافت: "هناك تعاطف من قِبل المجتمع مع قضية سارة، ربما كونها قامت بجميع الإجراءات، مع أنني لاحظت الكثير من التعليقات التي تلوم سارة، وتنتقد قيام النساء والفتيات بالتصوير وحفظ صورهن في فلاشات، أو أجهزة، حتى انتقدوا ثقة البنت بصديقاتها".

- قراصنة الأعراض في اليمن

في هذا السياق، يقول الكاتب الصحفي مبارك الباشا: "تتبعت -من خلال تحقيقي الصحفي الذي يحمل عنوان قراصنة الأعراض في اليمن- قضايا ابتزاز إلكتروني لـ20 امرأة في 4 محافظات يمنية (صنعاء والحديدة وتعز وعدن)، ووجدت أن أكثر من نصف عدد هؤلاء الضحايا تعرضن للعنف الأسري والمجتمعي، إثر معرفة أسرهن والمجتمع بتعرّضهن للابتزاز". 

وأضاف: "تبيّن لي -من خلال التحقيق- أن هناك شبكات منظمة تقف خلف عمليات الابتزاز الإلكتروني وهناك أشخاص يمارسون الابتزاز بشكل فردي".

وأوضح أن "هناك حالة من غياب الوعي باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لدى الفتيات، اللاتي تعرضن للابتزاز، وهذا الأمر جعلهن أكثر عرضة للتعرّض للابتزاز من قِبل المبتزين".

وقال: "أكثر من نصف الفتيات، التي تتبعنا قضاياها، رضخن للمبتزين، في بداية الأمر خشية من معرفة أسرهن بهذا الأمر، لأن أسرهن غير متفهمة، والبعض منهن لجأن لمواجهة الأمر بشكل فردي والاستعانة بالصديقات، والبعض منهن لجأن للأجهزة الأمنية، وهن اللاتي غالبيتهن لم تحل مشاكلهن بسبب غياب التشريعات القانونية المتخصصة في الجرائم الإلكترونية".

وأضاف: "من خلال الخبراء والمصادر التي توصلنا إليها، هناك بعض التوصيات لضحايا الابتزاز الإلكتروني، وهي: على الضحايا عدم الاستجابة للمبتزين بأي شكل من الأشكال، والإسراع في إبلاغ الجهات الأمنية، أو الاستعانة بالأسرة، وعلى الأسرة عدم معاملة الضحية كمذنب، وأيضا تنمية الوعي الرقمي للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وتفعيل أدوات الحماية الرقمية".

- ظاهرة يواجهها العالم

من جهته، يقول الناشط في الحقوق الرقمية، فهمي الباحث: "عندما نتحدث عن ظاهرة الابتزاز بشكل عام، فهي ظاهرة يواجهها العالم أجمع وليس اليمن، وكذلك الابتزاز الإلكتروني الذي يستخدم الإلكترونيات والأجهزة الحديثة، لممارسة ضغوطات بطريقة غير شرعية على الضحايا، لأغراض عديدة قد تكون سياسية أحيانا".

وأوضح أن "ظاهرة الابتزاز الإلكتروني بدأت تظهر في اليمن -خلال الأعوام الأخيرة- بشكل ملحوظ، وذلك بسبب انتشار الإنترنت، وزيادة عدد المستخدمين، والإقبال على السوشال ميديا دون وجود خلفية واضحة، فتجد ناس لأول مرّة يستخدم الإنترنت يدخل على منصات التواصل الاجتماعي دون أن يكون لديه حتى أي خلفية لاستخدام تقنية الأجهزة، وهذا ضاعف من مستوى عدم الإدراك بالمخاطر التي سيواجهها المستخدم".

وأضاف: "في اليمن هناك عصابات بدأت تنتشر، وتستخدم الذباب الإلكتروني، واعتقد بأنها تراهن بأفعالها وبجاحتها أحيانا على ضعف الجهات الأمنية وغياب القوانين المتعلقة بالجريمة الإلكترونية بشكل عام".

وتابع: "أكثر شيء يستطيع أن يقوم به المستهدفون هو أن يقوموا بحماية أنفسهم، من خلال زيادة مستوى الوعي لديهم، وهذه مصادر الحماية متوفرة في الإنترنت، وكل منصة توفر دروسا ومراجع حول كيفية مكافحة الابتزاز والجريمة الإلكترونية، وهناك دورات مجانية في الأمن الرقمي تقام أونلاين".

وأردف: "في المقابل، مهما كان لديك من وعي، فالخطأ وارد والتقنيات تتقدم، وكما يقال التكنولوجيا وجدت لتخترق، ومن الطبيعي جدا أن تكون يوما ما أنت أو غيرك ضحية لمثل هذه الأشياء، بسبب أخطاء تقنية، أو قد تكون أنت السبب الرئيس فيما حدث لك، فقد يستغل القراصنة ثغرة في أحد التطبيقات على الجوال لاختراق جهازك، أو أن يسرقوا جهازك".

وزاد: "ينبغي أن تكون الأسرة والمجتمع متكاتفين إلى جانب الضحية، فغالبية من تعاملنا معهم، سواء من ذكور أو إناث، نكتشف أن لديهم خوفا من أقرب الناس لهم، من الأسرة نفسها".

تقارير

مكبّ الضباب.. قنبلة بيئية موقوتة في قلب تعز

في المدخل الجنوبي الغربي لمدينة تعز، وتحديدًا في منطقة الضباب، تعيش عشرات العائلات ظروفًا بيئية قاسية. إذْ تحيط بهم المخلفات والانبعاثات الضارة والروائح الكريهة من موقع لتجميع النفايات، ما حوّل حياتهم إلى معاناة يومية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.