تقارير

"قصر حبشوش".. أبرز مَعَالم الحيَّ اليهودي في صنعاء يتحوّل إلى خرابة

25/07/2024, 09:06:14
المصدر : خاص - كريم حسن

على مقربة من البوابة الشرقية لحيّ اليهود، تظل مظاهر الخراب شاهدةً على انهيار وزوال قصر المؤرخ اليهودي اليمني "حاييم" حبشوش، تاجر الذهب والفضة الشهير، الذي عاش في الفترة ما بين 1833 ـ 1899م، وباعتباره شخصية مثقفة ومقرباً من السلطة آنذاك.

تحصّل حبشوش على مبالغ مالية كأجور؛ نظير مرافقته للرحّالة الفرنسي "جوزيف هالفي"، خلال رحلة تنقلاته بين المناطق اليمنية على مدى 23 عاماَ، وصار دليلاً ومرشداً له في توثيق النّقوش، حيث صدر لهما مؤلف مشترك، عنوانه "رؤية اليمن بين حبشوش وهاليفي".

قصره، الذي كان سابقاً أبرز معالم الحي اليهودي في صنعاء، طالته عمليات السطو والمصادرة والتخريب، بعد وفاته وهجرة أحفاده في فترات لاحقة، لم تبقَّ سوى الأطلال، ونسبة اسمه للمكان فقط.

- شخصية عبقرية

تشير عدد من المصادر التاريخية الموثوقة إلى أن حبشوش كان له دراية بمختلف المعارف، ولديه شغف بالغ في معرفة المعادن داخل الجغرافيا اليمنية، إذ يملك خبرة كشف مَوَاطن الذهب في جبال وصحاري اليمن؛ كونه مُلما بتفاصيل كثيرة.

يقول "محمد عبد الله"، الباحث في مجال التاريخ السياسي لليمن، لموقع "بلقيس": "من خلال قراءتي لمذكرات الرجل، وما كُتب عنه، واضح أنه كان مؤلفا بارعا، وعلى إلمام كامل بتفاصيل متعددة في جغرافيا وتاريخ اليمن، في فترته يعتبر أثرى تاجر من أبناء الطائفة اليهودية، قُربه من سلطة الحُكم التركية في صنعاء منحه امتيازات كثيرة، كان يمتلك وثائق تاريخية ومخطوطات مهمّة".

وحظيت معارف حبشوش باهتمام وثقة سلطات الحُكم العثماني في اليمن حينذاك، يروي الرجل، في إحدى وثائقه، أنه "تم العثور على قطعة ذهب كبيرة الحجم في جبل الضامر بمنطقة تهامة، وعندما وصلت هذه القطعة إلى يد الحاكم التركي في صنعاء طلب من حبشوش السفر إلى تهامة لمعاينة الصخور وتقييمها، وفور وصوله أمر العمّال بالحفر، واكتشف أن الجبل يحتوي على صخور كبريتية كثيفة، وليس هناك أي دليل على وجود الذهب".

يقول الناشط في الشأن الثقافي "محمد دحوان"، لموقع "بلقيس": "حبشوش رافق الرحالة الفرنسي، كدليل وكاتب لنسخ النقوش، لقد قاموا بنسخ 685 نقشاً، من 37 موقعاً سبئياً؛ أي أنهم نسخوا ما يعادل 99% من نسبة النقوش اليمنية المعروفة".

- قصة الدار

نظراً للخصوصية الثقافية والدِّينية، وحساسية موقف المجتمع اليمني تجاه أبناء الطائفة اليهودية، يلف الغموض حكاية تدمير أبرز آثارهم ومعالمهم، بالإضافة إلى مصادرة ممتلكات، والسطو عليها، بغطاء عملية بيع وشراء ليست قانونية وعادلة.

يقول الحاج "حسين القطاع" -أحد كبار السن من أبناء حي القاع- لموقع "بلقيس": "دار حبشوش قد نكع بكله، ما باقي إلا بقعته، كانوا الأولين يحكوا لنا أنه كان قصر كبير؛ لأن حبشوش شيخ اليهود، وهو شخص غني، ويملك أموالا كثيرة، بعد موته أولاده باعوا كل ما ورثوه، وساروا إسرائيل، والدار تساقط واخترب".

لكن الحقيقة تبقى غير واضحة، في غياب مصدر موثوق لتأكيدها؛ نظراً لعملية السطو التي تعرّضت لها ممتلكات اليهود، خلال فترات حكم مختلفة، أبرزها إبان حكم الأئمة لشمال الوطن، وما تلاها من عملية تهجير منظَّمة.

يقول عدد من كبار السِّن المجاورة منازلهم لدار حبشوش، لموقع "بلقيس": "الدار سقط واتهدم ما أحد اهتم به، ولا فعلوا له صيانة يحافظوا عليه، أهملوه لحد ما وصل إلى هذا الحال، ما عاد باقي منه إلا أكوام التراب، بَسْ".

وبعيداً عن صيانته وتحويله إلى معلم أثري يوثّق للأجيال حكاية فترة مهمّة في تاريخ بلادهم من زوايا مختلفة، تعرّض قصر حبشوش، في فترة حكم الأئمة، لعملية سطو ومصادرة من قِبل إحدى الأسر الهاشمية، التي ادَّعت شراءه من أحفاد حبشوش، قبل هجرتهم إلى إسرائيل، وأثبتت ذلك بالوثائق، لكنها غير كافية لإسناد صِحة البيع؛ نظراً لعوامل كثيرة كانت سائدة خلال حقبة الحكم الإمامي.

ظلت الدار بحوزتهم حتى قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، وإعلان النظام الجمهوري في اليمن، وفرار عوائل الحكم الإمامي، وعملت السلطات الثورية على تحويل جميع قصور الأئمة إلى ممتلكات عامة حتى يتسنّى لهم الاستفادة منها كمؤسسات رسمية للنِّظام الجمهوري.

وكان قصر حبشوش ضمن تلك المباني التي شملتها عملية المصادرة، وصرفه لأحد ثوار سبتمبر؛ كون أحد ولاة الإمام، يُدعى "حاكم الحزة"، هو من ادّعى شراءه سابقاً.

تقارير

تدهور مريع وعدّة سيناريوهات.. ما وراء انهيار العملة المحلية؟

دعا مجلس إدارة البنك المركزي في عدن الحكومة إلى إعادة النظر في السياسات المالية في مجال تحصيل الموارد العامة، وتخطيط الإنفاق وفقا للأولويات؛ من خلال اعتماد موازنة واقعية، مطالبا مجلس القيادة بدعمه ومساندته للقيام بواجباته باستقلالية ومهنية.

تقارير

تهاوي الريال اليمني.. ما سبب تعثر الإصلاحات الاقتصادية؟

يشهد اليمن أزمة اقتصادية خانقة، إذ يعيش اليمنيون اليوم مأساة انهيار عملتهم الوطنية، حيث تجاوز الدولار حاجز الـ2000 ريال؛ مسجلا أعلى انهيارا له في ظل تخبّط حكومي، وعجز عن إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتشابكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.